الأحد، 01 رجب 1447هـ| 2025/12/21م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

شرح مواد النظام الإقتصادي في الإسلام- شرح المادة ( 155 ) ح31

  • نشر في نظام الحكم
  • قيم الموضوع
    (0 أصوات)
  • قراءة: 2072 مرات

 

نص المادة 155:

(يجوز أن تكون الأجرة حسب منفعة العمل، وأن تكون حسب منفعة العامل، ولا تكون حسب معلومات الأجير، أو شهاداته العلمية، ولا توجد ترقيات للموظفين، بل يعطون جميع ما يستحقونه من أجر سواء أكان على العمل أم على العامل)

دليل هذه المادة هو التعريف الشرعي للإجارة، لأن التعريف الشرعي كالقاعدة الشرعية أحكام شرعية استنبطها المجتهدون من مجموعة أدلة شرعية صحيحة، وباجتهاد صحيح، لذلك فالتعريف هوحكم شرعي، ويكون دليلا على المسألة التي انطبق عليها.

والتعريف الشرعي للإجارة هو أنها ((عقد على المنفعة بعوض)).

والمنفعة إما منفعة العمل الذي يقوم به كالمهندس والطبيب، وإما منفعة الشخص نفسه كالخادم.

فهذان النوعان من المنافع هما اللذان يجري عليهما العقد، وما عداهما لا يصح أن يجعل العقد مسلطا عليه.

أما العقد في إجارة الأجير، فهو إما أن يكون على منفعة العمل الذي  يقوم به الأجير، وإما أن يرد على منفعة الأجير نفسه، فإذا ورد العقد على منفعة العمل، كان المعقود عليه هو المنفعة التي تحصل من العمل، كاستئجار أرباب الحرف والمصانع لأعمال معينة، وكاستئجار الصباغ والحداد والنجار، وإن ورد العقد على منفعة الشخص، كان المعقود عليه هو منفعة الشخص، كاستئجار الخدمة والعمال.

وهذا الأجير إما أن يعمل للفرد فقط مدة معلومة، كمن يشتغل في معمل أو بستان  أو مزرعة لأحد الناس بأجره معينة، أو كموظفي الحكومة في جميع مصالحها، وإما أن يعمل عملا معينا لجميع الناس بأجرة معينة عما يعمل، كالنجار والخياط والحذاء ومن شاكلهم، والأول هو الأجير الخاص والثاني هو الأجير المشتراك او الأجير العام.

ومن هنا لا يسلط العقد على منفعة المعلومات التي لدى الشخص، ولا على منفعة الشهادات، بل يسلط على منفعة الأجير، لأنه كثيرا ممن يحمل الشهادات العليا، ليس لديه مهارة حامل الخبرة، ولا منفعته، فمن الظلم أن تقدر المنفعة في الشهادات، ولا تقدر بالمنفعة الحقيقية للأجير، إما منفعة شخصه وإما منفعة عمله، والأجرة إنما تكون مقابل هذه المنفعة التي سلط عليها العقد، ولهذا فإن ما يسمى بدرجات الموظفين، أي ما يقدر من أجر للموظفين لا يكون حسب الشهادة، ولا حسب المعلومات، وإنما تكون حسب الشخص نفسه، إذا كان يقوم بعمله بجسمه كالخادم، أو حسب منفعة عمله، إن كان يقوم به بعلمه وخبرته كالمهندس، ولا يكون غير ذلك، لأن هذا هو المنطبق على التعريف الشرعي.

والعقود في الشرع  تسلط على ثلاث منافع، منفعة الشخص نفسه،  أو منفعة العمل الذي يقوم به، أو منفعة الأعيان، كأن تستأجر سيارة من مكاتب تأجير السيارات.

ففي منفعة الأعيان لا يدخل فيه بحث الأجير، إذ لا علاقة له به، بل العلاقة في العين المستأجرة، ولا بد في إجارة الأجير من تحديد العمل، وتحديد المدة، وتحديد الأجرة وتحديد الجهد، ولا بد من بيان نوع العمل، حتى لا يكون مجهولا، لأن الإجارة على المجهول فاسدة، ولا بد من تحديد مدة العمل، مياومة أو مشاهرة أو مسانهة، ولا بد من تحديد أجرة العامل، عن أبن مسعود رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: (إذا استأجر أحدكم أجيرا فليعلمه أجره)، فلا يجوز أن يطلب من العامل أن يبذل جهدا إلا بقدر طاقته المعتادة، وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا أمرتكم بأمر فأتوا به ما استطعتم)، وبما أن الجهد لا يمكن ضبطه بمعيار حقيقي، كان تحديد ساعات العمل ضبطا للجهد، ويحدد معها نوع العمل كحفر أرض صلبة أو رخوة، أو طرق حديد أو قطع حجارة أو سوق سيارة، أو عمل في منجم فإنه يبين الجهد.

أما بالنسبة للزيادات السنوية التي تعطى للموظف حسب درجات مقررة، فإنه لا وجود لها في الإسلام، لأن الأجير يعطى أجره المسمى مدة الإجارة، وعند إبرام العقد، فزيادة أجرته أثناء المدة غير واردة، فهو إنما استؤجر بأجر معلوم مدة معلومة فلا يستحق أية زيادة، وأما الزيادات الموجودة في نظام الحكومات اليوم فهي من النظام الرأسمالي الفاسد وهي خداع، فإنهم لا يقدرون درجة الموظف تقديرا صحيحا،  فيعطونه إياها ناقصة، ثم يزيدونها سنويا، ثم بعد عدة سنوات يصل نهاية هذه الدرجة، ويعتبرون ذلك زيادة سنوية.

أما الإسلام فإنه يعطيه أجرته التي يستحقها من أول يوم يبدأ فيه العمل حسب السوق، أي يعطى آخر ما يسمى بالدرجة رأسا، فلا تحصل هناك زيادات سنوية.

وأما الزيادات التي يجيزها الشرع فهي العقود الجديدة وبأجر جديد وليس زيادات سنوية.

وإلى حلقة قادمة ومادة أخرى من مواد النظام الاقتصادي في الإسلام نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أبو الصادق

إقرأ المزيد...

نصائح للآباء والأمهات

  • نشر في من حضارتنا
  • قيم الموضوع
    (0 أصوات)
  • قراءة: 1587 مرات


السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته :
حياكم الله من إذاعة المكتب الإعلامي لحزب التحرير


ويتجدد اللقاء بكم في حلقة جديدة من حلقات نصائح للآباء والأبناء ،،

يقول رب العزة : الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) ويقول أيضاً جل وعلا في محكم تنزيله :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ )


نعم ،، فكما نحرَصُ على سعادة أبنائنا ومستقبلهم في الدنيا يجب أن نكون أكثر حرصا على نجاتهم من نار جهنم وسعادتهم في الآخرة، فليس من المعقول أن نربي ونعلم ونتعب ونكد ثم نلقي بأولادنا في نار جهنم ونحن لا ندري أوربما ندري ونغمض أعيننا تجاهلاً أو استخفافاً أوتهاوناً .


إننا إذا أحسنا تربية الأبناء صنعنا منهم شخصيات إسلامية متميزة تطبق الإسلام وتحمله الى العالم لتكسب عز الدارين ونعود كما كنا الأمة الأولى في العالم ( خير أمة أُخرجت للناس).

ومما يجب أن تلاحظه أخي المسلم وأختي المسلمة مصدر القيم والعادات والمفاهيم والسلوك لابنك او ابنتك ،،وهي هذه الأيام متعددة ومعظمها فاسد مُفسد ،، بما فيه من وسائل الإعلام والمدرسة والجامعة والأصحاب والنظام الحاكم وفيما ينفذ من أنظمة وقوانين.

فمثلاً الأصحاب والأصدقاء يشكلون رافداً أساسياُ لتلك القيم والمفاهيم لذلك وجب على الآباء أن يهتموا برعاية أبنائهم رعاية حقيقية تمكنهم من معرفة من يخالطون ويصاحبون، وإلي أين يغدون ويروحون ؟ وإلي أي الأماكن يذهبون، والواجب عليهم أن يوجهوهم إلي اختيار الرفقة الصالحة ليكتسبوا منها كل خلق كريم، وأدب رفيع، وعادة فاضلة، وكذلك يجنبوهم رفاق السوء، حتى لا يقعوا في حبائل غيهم، وشباك ضلالهم وانحرافهم.


ولقد حذر القرآن الكريم المسلمين من رفقاء السوء، قال تعالى: { وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا ( الفرقان )


والرسول الكريم نبَّه إلى أهمية اختيار الرفيق، فقال صلى الله عليه وسلم :( الرجل علي دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل) ( الترمذي ) وقال: (مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك، ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك (يعطيك)، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحًا خبيثة) ( متفق عليه )


ولذلك فان الأصدقاء إما أن يكونوا رفقاء سوء وبمرافقتهم يكون الهلاك والدمار للإنسان أو أصدقاء خير وصلاح يخافون الله ويشجعون ويعينون على طريق الخير والصلاح ومعهم ستكون الراحة والحب بعيدا عن مصالح الدنيا التي باتت تغلب على أي صداقة دنيوية أخرى.

كذلك على الوالدين متابعة المناهج المدرسية لأولادهم ومشاركتهم وإبداء الراي بها والاطلاع على الأفكار التي تعطى للطلبة ومعالجة ما يتناقض مع الإسلام في ذلك وهي كثيرة في المناهج التعليمية منها الدعوة الى الديمقراطية وتقبل الآخرين وحقوق الانسان واحترام الدستور والقانون والشرعية الدولية والولاء للوطنية والقومية وترك الولاء للإسلام وغير ذلك وهذه تحتاج الى متابعة وتوضيح للأبناء حتى لا ينحرفوا إلى شخصيات علمانية بعيدة عن الإسلام .

ولا تبتعد وسائل الإعلام بوسائله المختلفة من فضائيات وما تنشره من إسفاف وفساد وهوس ،، ومن صحف وكتب وانترنت عن المناهج في ذلك ،، ولو أن تأثيرها ربما يكون أقوى وأسرع وأشد تأثيراً ، فواجبكم أيها الآباء الانتباه والتيقظ لما يراه أبناؤكم وللمواقع التي يرتادونها على الإنترنت ومواقع الدردشة الفارغة التي تضيع الوقت بما لا يفيد أبداً ، وسلحوهم بسلاح العقيدة الصحيحة القوية الراسخة التي تجعلهم يميزون بين الحلال والحرام وجعله مقياساً لأعمالهم وأساساً لسلوكهم ،وأوجدوا لهم البديل لتك الوسائل المفسدة ،.

فكما ترون إننا نعيش في تناقض كبير، فالأسرة المسلمة تحرَصُ على غرس القيم والمفاهيم الإسلامية في نفوس أبنائها، ولكن ما أن يخرجوا الى المجتمع حتى يجدوا قيماً متناقضة ًمعها، قيمٌ علمانية تفصل الدين عن الحياة، فما هو واجب الوالدين في هذه الحالة ؟


عليهما تكثيف جهودهما في بيان مفاسد القيم والمفاهيم المغلوطة التي يتعرض لها الأولاد في المدرسة أو وسائل الإعلام المختلفة، والتكرار على مسامعهم بمناقضة هذه القيم للإسلام كما ذكرنا ، هذا من ناحية،، ومن ناحية اخرى فلا يجوز للوالدين حصر أنفسهما داخل جدان البيت وإقناع أنفسهما بعدم القدرة على تغيير المجتمع، لأن ذلك سيؤدي بنا جميعا آباءً وأبناءً إلى الضياع . وجب علينا آباءٌ وأمهات العملَ لاستئناف الحياة الإسلامية وتغيير الأنظمة الحاكمة الى نظام حكم إسلامي حتى نحمي أنفسنا وأولادنا من التناقضات والصراعات والشقاء في الدنيا والآخرة، قال تعالى "وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا ".

وأنت ايها الابن لم أجد لك اليوم أفضل من موعظة لقمان لابنه ،، حيث قال تعالى وهو أصدق القائلين :
وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ {*} وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ {*} وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ {* } يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ {* } يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ " لقمان


في هذه الآيات يعظ لقمان ابنه عدة مواعظ أولها أن نهاه عن الشرك بالله واعتبره ظلما ويؤدي إلى النار .
كما وعظ ابنه ببر والديه وشكرهما وذكره بتضحيات والدته ليستثير عاطفة البنوة نحو والديه فتساعده هذه العاطفة على برهما وشكرهما.
كما وعظه بتقديم الشكر لله تعالى وشكر والديه والشكر يقتضي الطاعة، وربط ذلك بكون الله خلقه وخلق غريزة النوع في والديه فسعيا الى انجابه والاهتمام به واستثنى حالة لا يجوز فيها طاعة الوالدين وذلك اذا جاهداه على الشرك بالله ، اذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، الا ان ذلك لا يجوز ان يمنع الولد من مصاحبة الوالدين في الدنيا بالمعروف.

كما وعظه بالارتباط بالمؤمنين الذي يتبعون سبيل الله ويرجعون في سلوكهم الى دين الله، فالارتباط على أساس العقيدة الاسلامية المنبثق عنها شريعة تنظم الحياة وتعالج مشاكلها هو الارتباط الصحيح، وما عداه من روابط باطلة.

كما اهتم لقمان بعقيدة ابنه فعلمه ان يعتقد ان مآله الى الله الذي لا يغيب عنه شيء حتى لو كان هذا الشيء حبة صغيةر كحبة خردل موضوعة داخل صخرة كانت في الارض او في السماء، وان يعتقد ان الله واسع القدرة فهو القادر على الاتيان بهذه الحبة الصغيرة من مكانها فهو لطيف خبير، كما أمره باقامة الصلاة ذلك أنها عمود الدين وأول ما يسأل عنها العبد يوم القيامة، فاذا صلحت صلح سائر عمله وإذا فسدت فسد سائر عمله .

وفي أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر والصبر على ما يترتب على القيام بالفرض حتى لو أدّى إلى الأذى والاضطهاد فيجب أن يوطن نفسه على ذلك ويصبر على ما يجده حتى يكون من أولي العزم وأصحاب الإرادة القوية. وهذا الصبر لا يتأتى بالشرح والتوضيح النظري ولكنه يأتي بالتربية والسلوك العملي .

هذا ما أردنا أن نهمس في إذنكم اليوم أيها الآباء وأيها الأبناء ،، عساها تجد أذناً واعية منكم ،، وإلى لقاء آخر في حلقة جديدة من تلك النصائح .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أعدتها : مسلمة

إقرأ المزيد...

نفائس الثمرات- من مصائبكم الكبرى

  • نشر في من السّنة الشريفة
  • قيم الموضوع
    (0 أصوات)
  • قراءة: 1342 مرات

 

يا أيها المسلمون ، إن من مصائبكم الكبرى أن يتولى أمركم حكام صم بكم عمي فهم لا يعقلون، ومن المصائب الأخرى أن يجد هؤلاء الحكام من يصفق لهم من الناس {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ}!


إن هؤلاء الحكام يستخفون بكم، أيها المسلمون، ويردونكم المهالك، فإن أطعتموهم حق عليكم قوله صلى الله عليه وسلم «إِنَّهُ سَتَكُونُ بَعْدِي أُمَرَاءُ مَنْ صَدَّقَهُمْ بِكَذِبِهِمْ وَأَعَانَهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُ وَلَيْسَ بِوَارِدٍ عَلَيَّ الْحَوْضَ وَمَنْ لَمْ يُصَدِّقْهُمْ بِكَذِبِهِمْ وَلَمْ يُعِنْهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ فَهُوَ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ وَهُوَ وَارِدٌ عَلَيَّ الْحَوْضَ» أخرجه النسائي من طريق كعب بن عُجرة.

إقرأ المزيد...

إضاءات على تاريخ الدولة الإسلامية- الدولة الأموية ج1

  • نشر في مع التاريخ
  • قيم الموضوع
    (0 أصوات)
  • قراءة: 2002 مرات


إن من يتصدى لكتابة إضاءة، أو إضاءات على الخلافة الأموية لن يغيب عن باله أن يبين كيف تأسست هذه الدولة.


لقد تأسست هذه الخلافة، بعد تنازل الحسن بن علي رضي الله عنه عن الخلافة لمعاوية بن أبي سفيان عام الجماعة عام 41هـ الموافق 663م بعد صراع دامٍ ومؤسف بين المسلمين، ليس هنا مجال تفصيله.


لقد تنازل الحسن بن علي رضي الله عنه عن الخلافة لمعاوية، استجابة لمساعي أهل الخير، ورغبة منه في جمع الكلمة، وتوحيد الصفوف، وحقن الدماء، ولقد ضرب رضي الله عنه بعمله هذا مثالاً رائعا على الإيثار ونكران الذات.


إذن لقد أصبح معاوية خليفة، فأخذ يضمد الجراح، ويسترضي معارضيه من أعيان الأمة، فقد دان له الجميع بالطاعة، هذا وقد حصرت الخلافة بعد معاوية في بني أمية، في سابقة لم يعهدها المسلمون في عهد الخلفاء الراشدين، وقد تعاقب على حكم هذه الدولة ثلاثة عشر خليفة، مدة تزيد عن تسعين عاماً ولقد أظهر الأمويون مقدرة كبيرة على حسن إدارة الدولة وتسيير الجيوش لفتح بلاد جديدة ومن بين الثلاثة عشر خليفة كان ثمانية خلفاء رجال دولة من الطراز الأول وقد عرف هؤلاء الخلفاء من يولون من الرجال الذين كانوا يعتبرون بحق أيضا رجال دولة من الطراز الأول فخليفة كمعاوية ومروان وعبد الملك والوليد وسليمان وعمر بن عبد العزيز وهشام ومروان بن محمد لم يعجزهم أن يختاروا رجال دولة عظاما، كعمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة وزياد والحجاج ومحمد بن القاسم وقتيبة بن مسلم وموسى بن نصير وعقبة بن نافع وطارق بن زياد ورجاء بن حيوة، ومسلمة بن عبد الملك، ونصر بن سيار والمهلب بن أبي صفرة وغيرهم وغيرهم، ولقد قام جميع من ذكرت بما يمليه عليه عمله سواء أكان خليفة، أم والياً أم أميرا للجند، أم قاضياً، ولقد ترك كل منهم بصمات وبصمات على تاريخ الدولة الأموية والمسلمين جميعاً، بل والعالم كله ولن أستطيع في هذه الإضاءة إيفاء بني أمية حقهم في كل شيء ولهذا فإنني سأبين كم كان دورهم عظيماً في استقرار الدولة، وعلو شأنها، وفي تحقيق فرض الجهاد، وغير ذلك من الأعمال التي تحققت على أكتاف رجالاتهم العظام، وبخاصة أن الفترة التي حكمتها الدولة الأموية تعتبر فترة قصيرة نسبياً بالمقارنة مع انجازاتها العظيمة في ميداني الفتح وصهر الشعوب التي حكمتها في بوتقة الإسلام.


لقد أمضى خلفاؤها العظام الذين اشتهروا بعلو الهمة، والدأب العظيم بعزيمة لا تعرف الكلل، أمضوا عهودهم في الفتح، والقضاء على الثورات الداخلية، فهذا معاوية مثلاً والذي أمضى قبل توليه الخلافة عشرين عاماً والياً على الشام، عرف كيف يوجه الجيوش لفتح بعض مناطق الشرق، وفي تسيير الجيوش صيفاً وشتاءً، لحرب الروم الذين سولت لهم أنفسهم خلال انشغال المسلمين عنهم بالصراع الداخلي، بالاعتداء على الثغور وبمهاجمة بعض سواحل الشام فينهض معاوية بكل همة ونشاط يتصدى للأعداء، فيرسل الجيوش ويرسل الأسطول للسيطرة على بعض الجزر وليجعل الأسطول الإسلامي مهيمناً على مياه وسواحل البحر المتوسط بل ويرسل الجيوش لفتح القسطنطينية وبها عدد لا بأس به من الصحابة وعلى رأسهم أبي أيوب الأنصاري وعبد الله بن الزبير وغيرهما، ولكن الله لم يشأ أن تفتح القسطنطينية في ذلك العهد وقد ادخر هذا الفضل وهذا المجد للسلطان محمد الفاتح وللجيش العثماني سنة 857هـ الموافق 1453م.


وخليفة كمروان بن الحكم، يتولى الخلافة وقد هاجت الفتن وماجت، ولم يتبق لدى الأمويين إلا الأجزاء الجنوبية من الشام فينهض مروان ويوحد بهذه القوة الصغيرة أجزاء واسعة من الدولة إذ ضم سائر الشام ثم مصر ثم يترك المهمة لولده عبد الملك الذي وحد العراق وبلاد فارس وخراسان ثم الجزيرة العربية وتصبح الدولة موحدة هادئة ويترك الأمر لولده الوليد بن عبد الملك وقد تولى دولة آمنة بيت مالها يفيض بالمال والخير وقد عرف الوليد كيف يستغل كل ما كان لديه لتحقيق فتح بلاد شاسعة شرقاً وغرباً فقد تحقق في عهده فتح مناطق شاسعة في خراسان وبلاد ما وراء النهر كالتركستان وبلاد السند كما وصل الجيش الإسلامي لحدود الصين ولم يعد الجيش الإسلامي إلى قواعده إلا بعد أن فرض الجزية والخضوع على الصين كما تم إكمال فتح بلاد المغرب الأقصى والأندلس. وخليفة كسليمان عرف كيف يختار خليفة بعده ألا وهو عمر بن عبد العزيز في وقت كانت تحتاج فيه الدولة إلى فترة من الهدوء والأمن لاستيعاب البلاد المفتوحة وتسكن خواطر أهلها ويحكم هذا الخليفة سنتين وبضعة أشهر حكماًً أعتبر ولا يزال مثالاً وقدوة في العدل إذ لم يترك فرصة لثائر أو ناقم أو مهزوم للتمرد أو للعبث أو للثأر من الهزيمة فسكنت الشيعة والخوارج حتى إن ملوك الكفر أعجبوا بعدله فاعتنق بعضهم الإسلام ودخلت رعاياهم في الإسلام دون إراقة قطرة دم واحدة.


أيها السادة: لم يكن إصرار عدد من الخلفاء على الفتح ورفعة شأن هذا الدين بأقل من إصرار عدد من الولاة والقادة فهذا الحجاج بن يوسف بعد أن خيم الأمن على الدولة وقد كان والياً على العراق يرسل الجيش تلو الجيش لفتح بلاد الأفغان والترك والسند وهذا محمد بن القاسم الذي لم يتجاوز السبعة عشر ربيعاً يحقق رغبة الحجاج بفتح بلاد السند وما فعله قتيبة بن مسلم الباهلي في جهاده في بلاد التركستان الغربية والشرقية وفرض الخضوع والجزية على ملوك الصين لم يكن بأقل مما فعله ابن القاسم وهذا عمرو بن العاص وموسى بن نصير وغيرهما ممن تولوا ولاية مصر ثم المغرب لم يقصروا في توجيه الجيوش لفتح بقية بلاد المغرب ثم الأندلس.


أيها السادة: إن تاريخكم عظيم وإن الأعمال العظام التي تحققت لم تتحقق بمحض الصدفة ولا بضربة حظ وإنما بتخطيط عظيم وإقدام منقطع النظير فهذا عقبة بن نافع فقد جاهد وجاهد في بلاد المغرب يصل المحيط الأطلسي ثم يدخله بجواده قاطعاً بضعة أمتار قائلاً: والله يا رب لو أعلم أن بلاداً خلف هذا البحر لخضته جهاداًَ في سبيلك وهذا شيخ المجاهدين موسى بن نصير يرسم خطة لفتح أوروبا كلها بادئاً بها من جهة المغرب ليتمكن بعد ذلك للوصول للقسطنطينية لفتحها بعد أن امتنعت هذه المدينة عن الفتح مرات ومرات وهذا طارق بن زياد ذلك الفتى البربري يوجهه موسى لفتح الأندلس فيعبر المضيق بكل همة ونشاط ويصمم هو وجنوده على الاستشهاد أو النصر فيحرق السفن لقطع تفكيره وتفكير جنده عن العودة للبر المغربي ويخطب خطبة لا تزال تتردد في أفواه من خلفه: (أيها المسلمون البحر من ورائكم والعدو أمامكم وليس أمامكم والله إلا الجد والصبر واعلموا أنكم في هذه الجزيرة (يعني جزيرة الأندلس) أضيع من الأيتام على مآدب اللئام وليس لكم إلا ما تستخلصونه سواعدكم وسيوفكم) يرقبه جنوده الذين لم يكونوا أقل منه صبراً أو جلداً ويمضي بهم لفتح غرب الأندلس بعد موقعة وادي لكة ثم يعبر شيخ المجاهدين المضيق ويفتح الأندلس من الشرق والوسط ليلتقي القائدان في طليطلة ليكتمل فتح أغلب الأندلس في زمن قياسي لقد فعلها طارق وجنوده فكأنه بايعوا أنفسهم على الموت ففازوا بفتح الأندلس وقد فعلها قبلهم عقبة بن نافع عندما قطع البربر عليه خط الرجعة إلى القيروان فخطب في جنوده قائلا: من يبايعني على الموت فبايعه سبعمائة على الموت ليتولوا مجابهة جيش البربر وليمكنوا سائر الجيش الإسلامي من النجاة بسلوكه طريق آخر إلى القيروان فيحقق الله غرض عقبة وأصحابه فيستشهدون عن آخرهم ويسلم سائر الجيش الإسلامي من الفناء بوصوله سالماً إلى القيروان هذه فعال أجدادكم جهاد وتضحية، صبر ومصابرة، حزم وعزم فيحققون أعمالاً هائلة في زمن قياسي.


أيها السادة: لقد تركت الدولة الأموية كما قلنا بصمات وبصمات على التاريخ البشري فلقد أنقدت شعوبا بأكملها من عبادة العباد إلى عباد رب العباد فالشعب الهندي والشعب التركي والشعب البربري والشعب الأفغاني وغيرهم والذين أصبحوا فيما بعد جنوداً أوفياء من جنود الإسلام وفي سابقة لم تتكرر في التاريخ البشري أصبحت هذه الشعوب الأعجمية حاملة رايات الإسلام فالسلاجقة الأتراك، والأتراك العثمانيون، والشعب الكردي كل هؤلاء حملوا راية الإسلام وبقوا ينافحون عن أرض الإسلام بل وتمت على أيديهم أعمال جليلة لا يزال بكتب عنها بكل فخر واعتزاز ولا ننسى الشعب البربري على رغم حداثة اعتناقه الإسلام يحمل راية الإسلام بقيادة طارق بن زياد لفتح الأندلس.


إن هذا كله لم يتحقق إلا عند المسلمين ولهذا فمهمتنا أيها السادة مهمة جليلة وشريفة، وهل من عمل أشرف من إنقاذ الناس من الظلمات إلى النور؟ فيا شباب الإسلام لقد ظهر في هذا العصر الفساد في البحر والبر وعلا الباطل وانتفش فمن يذل الباطل إلا أنتم؟ ومن يستأصل الشر من الأرض إلا أنتم؟ ومن ينقذ البشرية إلا أنتم؟ هذا قدركم والله إن هذا لشرف عظيم فأعيدوا أيها الشباب للإسلام عزه وأعيدوا للبشرية بسمتها إنها تناديكم أن يا شباب الإسلام نحن نعول على الله ثم عليكم أن تعلوا راية الحق وتنقذونا من الظلمات إلى النور، ألستم أحفاد الصحابة والتابعين، ألستم أحفاد موسى بن نصير وعقبة وطارق وقتيبة وصلاح الدين ومحمد الفاتح من أولى بكم لنشر الخير؟ من يتصدى لهذه الصعاب إلا أنتم فكونوا عند حسن ظن البشرية بكم.


فاللهم أمددنا بمدد من عندك واجمع شملنا في دولة الخلافة الراشدة لننقذ بها البلاد والعباد من الظلمات إلى النور وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

إقرأ المزيد...
الاشتراك في هذه خدمة RSS

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع