الأحد، 01 رجب 1447هـ| 2025/12/21م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

إضاءات على تاريخ الدولة الإسلامية- الدولة الأموية ج1

  • نشر في مع التاريخ
  • قيم الموضوع
    (0 أصوات)
  • قراءة: 2002 مرات


إن من يتصدى لكتابة إضاءة، أو إضاءات على الخلافة الأموية لن يغيب عن باله أن يبين كيف تأسست هذه الدولة.


لقد تأسست هذه الخلافة، بعد تنازل الحسن بن علي رضي الله عنه عن الخلافة لمعاوية بن أبي سفيان عام الجماعة عام 41هـ الموافق 663م بعد صراع دامٍ ومؤسف بين المسلمين، ليس هنا مجال تفصيله.


لقد تنازل الحسن بن علي رضي الله عنه عن الخلافة لمعاوية، استجابة لمساعي أهل الخير، ورغبة منه في جمع الكلمة، وتوحيد الصفوف، وحقن الدماء، ولقد ضرب رضي الله عنه بعمله هذا مثالاً رائعا على الإيثار ونكران الذات.


إذن لقد أصبح معاوية خليفة، فأخذ يضمد الجراح، ويسترضي معارضيه من أعيان الأمة، فقد دان له الجميع بالطاعة، هذا وقد حصرت الخلافة بعد معاوية في بني أمية، في سابقة لم يعهدها المسلمون في عهد الخلفاء الراشدين، وقد تعاقب على حكم هذه الدولة ثلاثة عشر خليفة، مدة تزيد عن تسعين عاماً ولقد أظهر الأمويون مقدرة كبيرة على حسن إدارة الدولة وتسيير الجيوش لفتح بلاد جديدة ومن بين الثلاثة عشر خليفة كان ثمانية خلفاء رجال دولة من الطراز الأول وقد عرف هؤلاء الخلفاء من يولون من الرجال الذين كانوا يعتبرون بحق أيضا رجال دولة من الطراز الأول فخليفة كمعاوية ومروان وعبد الملك والوليد وسليمان وعمر بن عبد العزيز وهشام ومروان بن محمد لم يعجزهم أن يختاروا رجال دولة عظاما، كعمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة وزياد والحجاج ومحمد بن القاسم وقتيبة بن مسلم وموسى بن نصير وعقبة بن نافع وطارق بن زياد ورجاء بن حيوة، ومسلمة بن عبد الملك، ونصر بن سيار والمهلب بن أبي صفرة وغيرهم وغيرهم، ولقد قام جميع من ذكرت بما يمليه عليه عمله سواء أكان خليفة، أم والياً أم أميرا للجند، أم قاضياً، ولقد ترك كل منهم بصمات وبصمات على تاريخ الدولة الأموية والمسلمين جميعاً، بل والعالم كله ولن أستطيع في هذه الإضاءة إيفاء بني أمية حقهم في كل شيء ولهذا فإنني سأبين كم كان دورهم عظيماً في استقرار الدولة، وعلو شأنها، وفي تحقيق فرض الجهاد، وغير ذلك من الأعمال التي تحققت على أكتاف رجالاتهم العظام، وبخاصة أن الفترة التي حكمتها الدولة الأموية تعتبر فترة قصيرة نسبياً بالمقارنة مع انجازاتها العظيمة في ميداني الفتح وصهر الشعوب التي حكمتها في بوتقة الإسلام.


لقد أمضى خلفاؤها العظام الذين اشتهروا بعلو الهمة، والدأب العظيم بعزيمة لا تعرف الكلل، أمضوا عهودهم في الفتح، والقضاء على الثورات الداخلية، فهذا معاوية مثلاً والذي أمضى قبل توليه الخلافة عشرين عاماً والياً على الشام، عرف كيف يوجه الجيوش لفتح بعض مناطق الشرق، وفي تسيير الجيوش صيفاً وشتاءً، لحرب الروم الذين سولت لهم أنفسهم خلال انشغال المسلمين عنهم بالصراع الداخلي، بالاعتداء على الثغور وبمهاجمة بعض سواحل الشام فينهض معاوية بكل همة ونشاط يتصدى للأعداء، فيرسل الجيوش ويرسل الأسطول للسيطرة على بعض الجزر وليجعل الأسطول الإسلامي مهيمناً على مياه وسواحل البحر المتوسط بل ويرسل الجيوش لفتح القسطنطينية وبها عدد لا بأس به من الصحابة وعلى رأسهم أبي أيوب الأنصاري وعبد الله بن الزبير وغيرهما، ولكن الله لم يشأ أن تفتح القسطنطينية في ذلك العهد وقد ادخر هذا الفضل وهذا المجد للسلطان محمد الفاتح وللجيش العثماني سنة 857هـ الموافق 1453م.


وخليفة كمروان بن الحكم، يتولى الخلافة وقد هاجت الفتن وماجت، ولم يتبق لدى الأمويين إلا الأجزاء الجنوبية من الشام فينهض مروان ويوحد بهذه القوة الصغيرة أجزاء واسعة من الدولة إذ ضم سائر الشام ثم مصر ثم يترك المهمة لولده عبد الملك الذي وحد العراق وبلاد فارس وخراسان ثم الجزيرة العربية وتصبح الدولة موحدة هادئة ويترك الأمر لولده الوليد بن عبد الملك وقد تولى دولة آمنة بيت مالها يفيض بالمال والخير وقد عرف الوليد كيف يستغل كل ما كان لديه لتحقيق فتح بلاد شاسعة شرقاً وغرباً فقد تحقق في عهده فتح مناطق شاسعة في خراسان وبلاد ما وراء النهر كالتركستان وبلاد السند كما وصل الجيش الإسلامي لحدود الصين ولم يعد الجيش الإسلامي إلى قواعده إلا بعد أن فرض الجزية والخضوع على الصين كما تم إكمال فتح بلاد المغرب الأقصى والأندلس. وخليفة كسليمان عرف كيف يختار خليفة بعده ألا وهو عمر بن عبد العزيز في وقت كانت تحتاج فيه الدولة إلى فترة من الهدوء والأمن لاستيعاب البلاد المفتوحة وتسكن خواطر أهلها ويحكم هذا الخليفة سنتين وبضعة أشهر حكماًً أعتبر ولا يزال مثالاً وقدوة في العدل إذ لم يترك فرصة لثائر أو ناقم أو مهزوم للتمرد أو للعبث أو للثأر من الهزيمة فسكنت الشيعة والخوارج حتى إن ملوك الكفر أعجبوا بعدله فاعتنق بعضهم الإسلام ودخلت رعاياهم في الإسلام دون إراقة قطرة دم واحدة.


أيها السادة: لم يكن إصرار عدد من الخلفاء على الفتح ورفعة شأن هذا الدين بأقل من إصرار عدد من الولاة والقادة فهذا الحجاج بن يوسف بعد أن خيم الأمن على الدولة وقد كان والياً على العراق يرسل الجيش تلو الجيش لفتح بلاد الأفغان والترك والسند وهذا محمد بن القاسم الذي لم يتجاوز السبعة عشر ربيعاً يحقق رغبة الحجاج بفتح بلاد السند وما فعله قتيبة بن مسلم الباهلي في جهاده في بلاد التركستان الغربية والشرقية وفرض الخضوع والجزية على ملوك الصين لم يكن بأقل مما فعله ابن القاسم وهذا عمرو بن العاص وموسى بن نصير وغيرهما ممن تولوا ولاية مصر ثم المغرب لم يقصروا في توجيه الجيوش لفتح بقية بلاد المغرب ثم الأندلس.


أيها السادة: إن تاريخكم عظيم وإن الأعمال العظام التي تحققت لم تتحقق بمحض الصدفة ولا بضربة حظ وإنما بتخطيط عظيم وإقدام منقطع النظير فهذا عقبة بن نافع فقد جاهد وجاهد في بلاد المغرب يصل المحيط الأطلسي ثم يدخله بجواده قاطعاً بضعة أمتار قائلاً: والله يا رب لو أعلم أن بلاداً خلف هذا البحر لخضته جهاداًَ في سبيلك وهذا شيخ المجاهدين موسى بن نصير يرسم خطة لفتح أوروبا كلها بادئاً بها من جهة المغرب ليتمكن بعد ذلك للوصول للقسطنطينية لفتحها بعد أن امتنعت هذه المدينة عن الفتح مرات ومرات وهذا طارق بن زياد ذلك الفتى البربري يوجهه موسى لفتح الأندلس فيعبر المضيق بكل همة ونشاط ويصمم هو وجنوده على الاستشهاد أو النصر فيحرق السفن لقطع تفكيره وتفكير جنده عن العودة للبر المغربي ويخطب خطبة لا تزال تتردد في أفواه من خلفه: (أيها المسلمون البحر من ورائكم والعدو أمامكم وليس أمامكم والله إلا الجد والصبر واعلموا أنكم في هذه الجزيرة (يعني جزيرة الأندلس) أضيع من الأيتام على مآدب اللئام وليس لكم إلا ما تستخلصونه سواعدكم وسيوفكم) يرقبه جنوده الذين لم يكونوا أقل منه صبراً أو جلداً ويمضي بهم لفتح غرب الأندلس بعد موقعة وادي لكة ثم يعبر شيخ المجاهدين المضيق ويفتح الأندلس من الشرق والوسط ليلتقي القائدان في طليطلة ليكتمل فتح أغلب الأندلس في زمن قياسي لقد فعلها طارق وجنوده فكأنه بايعوا أنفسهم على الموت ففازوا بفتح الأندلس وقد فعلها قبلهم عقبة بن نافع عندما قطع البربر عليه خط الرجعة إلى القيروان فخطب في جنوده قائلا: من يبايعني على الموت فبايعه سبعمائة على الموت ليتولوا مجابهة جيش البربر وليمكنوا سائر الجيش الإسلامي من النجاة بسلوكه طريق آخر إلى القيروان فيحقق الله غرض عقبة وأصحابه فيستشهدون عن آخرهم ويسلم سائر الجيش الإسلامي من الفناء بوصوله سالماً إلى القيروان هذه فعال أجدادكم جهاد وتضحية، صبر ومصابرة، حزم وعزم فيحققون أعمالاً هائلة في زمن قياسي.


أيها السادة: لقد تركت الدولة الأموية كما قلنا بصمات وبصمات على التاريخ البشري فلقد أنقدت شعوبا بأكملها من عبادة العباد إلى عباد رب العباد فالشعب الهندي والشعب التركي والشعب البربري والشعب الأفغاني وغيرهم والذين أصبحوا فيما بعد جنوداً أوفياء من جنود الإسلام وفي سابقة لم تتكرر في التاريخ البشري أصبحت هذه الشعوب الأعجمية حاملة رايات الإسلام فالسلاجقة الأتراك، والأتراك العثمانيون، والشعب الكردي كل هؤلاء حملوا راية الإسلام وبقوا ينافحون عن أرض الإسلام بل وتمت على أيديهم أعمال جليلة لا يزال بكتب عنها بكل فخر واعتزاز ولا ننسى الشعب البربري على رغم حداثة اعتناقه الإسلام يحمل راية الإسلام بقيادة طارق بن زياد لفتح الأندلس.


إن هذا كله لم يتحقق إلا عند المسلمين ولهذا فمهمتنا أيها السادة مهمة جليلة وشريفة، وهل من عمل أشرف من إنقاذ الناس من الظلمات إلى النور؟ فيا شباب الإسلام لقد ظهر في هذا العصر الفساد في البحر والبر وعلا الباطل وانتفش فمن يذل الباطل إلا أنتم؟ ومن يستأصل الشر من الأرض إلا أنتم؟ ومن ينقذ البشرية إلا أنتم؟ هذا قدركم والله إن هذا لشرف عظيم فأعيدوا أيها الشباب للإسلام عزه وأعيدوا للبشرية بسمتها إنها تناديكم أن يا شباب الإسلام نحن نعول على الله ثم عليكم أن تعلوا راية الحق وتنقذونا من الظلمات إلى النور، ألستم أحفاد الصحابة والتابعين، ألستم أحفاد موسى بن نصير وعقبة وطارق وقتيبة وصلاح الدين ومحمد الفاتح من أولى بكم لنشر الخير؟ من يتصدى لهذه الصعاب إلا أنتم فكونوا عند حسن ظن البشرية بكم.


فاللهم أمددنا بمدد من عندك واجمع شملنا في دولة الخلافة الراشدة لننقذ بها البلاد والعباد من الظلمات إلى النور وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

إقرأ المزيد...

نفائس الثمرات- متى لا يؤمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر ؟

  • نشر في من السّنة الشريفة
  • قيم الموضوع
    (0 أصوات)
  • قراءة: 814 مرات

 حدثنا سلمة بن شبيب ، قال : حدثنا الخليل بن يزيد ، قال : حدثنا الزبير بن عيسى أبو الحميدي ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، رضي الله عنها ، قالت : « قلت : يا رسول الله ، متى لا يؤمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر ؟ ، قال : " إذا كان البخل في خياركم ، والعلم في رذالكم ، والإدهان في قرائكم ، والملك في صغاركم "

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لابن أبي الدنيا

 

 

وَصَلِّ اللَّهُمَّ عَلَىْ سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ وَعَلَىْ آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ

وَالسَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ

 

إقرأ المزيد...

قصص وعبر- عام الرمادة

  • نشر في الثقافي
  • قيم الموضوع
    (0 أصوات)
  • قراءة: 1080 مرات

 

الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على سيّدنا محمدٍ المبعوثِ رحمةً للعالمين

وبعد ..

نرحّبُّ بكم من استوديو البث المباشر ونلتقي وإياكم والحلقة الأخيرة من قصصِ الصحابةِ والتابعين، لنأخذَ مواقفَ ونعتبرَ منها.

ولقاؤُنا  لهذا اليوم هو كيف كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه في عام الرمادة

 

 

إن  الفاروق رضي الله عنه فرق الله به بين الحق و الباطل ، كان إسلامه فتحاً وهجرته جهراً وخلافته عدلاً، جمع الفاروق بين الشدة و الرحمة وبين العدل و التسامح ، فتح الفتوح ونشر الإسلام وسيرته خالدة في ذاكرة كل مسلم.

 

لقد ابتلي عمر رضي الله عنه بابتلاءات كثيرة، وامتحن بامتحانات عسيرة، نجح فيها كلها، توجت باستشهاده رضي الله عنه، تصديقاً لقول نبينا صلى الله عليه وسلم: "أشدُّ الناس بلاءً الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، ويُبتلى الرجل على قدر دينه".

في عام الرمادة ( العام الذي أصيب فيه المسلمون بالقحط و الجوع ) بدأت هذه المجاعة من أواخر عام 17هـ إلى أول سنة 18هـ، واستمرت لمدة تسعة أشهر.

وقال الحافظ ابن كثير: "وقد روينا أن عمر عسَّ المدينة ذات ليلة عام الرمادة، فلم يجد أحداً يضحك، ولا يتحدث الناس في منازلهم على العادة، ولم ير سائلاً يسأل، فسأل عن سبب ذلك، فقيل له: يا أمير المؤمنين، إن السؤَّال سألوا فلم يعطوا، فقطعوا السؤال، والناس في هم وضيق فهم لا يتحدثون ولا يضحكون"...  ولقوله صلى الله عليه وسلم كذلك: "إن الله إذا حب عبداً ابتلاه".

  كان رضي الله عنه لا يأكل إلا الخبز والزيت حتى اسود جلده ويقول:  بئسَ الوالي إن شبعتُ والناسُ جياع.

 

وفي عام الرمادة كان يدعو الله ويقول: اللهم لا تهلكنا بالسنين وارفع عنا البلاء... وقد طلب الغوث من عمرو بن العاص  ومن والي الشام معاوية بن أبي سفيان ووالي العراق سعد بن أبي وقاص فجاءه المدد حتى ارتاح الناس وذهب عنهم الخطر.

 

كان عمر رضي الله عنه  لا يكتفي أن عماله يوزعون الطعام على الناس، بل كان يحمل بنفسه الأطعمة ويوزعها على ذوي الحاجة، بل رفض عمر أن يأكل اللحم في عام الرمادة حتى إن بطنه كان يقرقر من تناول الزيت.

 

مستمعينا الكرام هكذا كان حال عمر في عام الرمادة، لا يأكل اللحم، واقتصر على أكل الخبز والزيت حتى اسود جسمه.

 

دين الإسلام يهتم بالإنسان ورعاية شؤونه، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ فَالْإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالْمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا وَالْخَادِمُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ قَالَ فَسَمِعْتُ هَؤُلَاءِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَحْسِبُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَالرَّجُلُ فِي مَالِ أَبِيهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ} فهذا واجب الرعوية الذي يميز الأمة الإسلامية بعظمة القيم التي تؤمن بها وتعمل بها، فكان منه قول الرسول صلى الله عليه وسلم (... وَأَيُّمَا أَهْلُ عَرْصَةٍ أَصْبَحَ فِيهِمُ امْرُؤٌ جَائِعٌ، فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُمْ ذِمَّةُ اللَّهِ تَعَالَى) وقال عليه الصلاة والسلام: ( ما آمن بي من بات شبعانا وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم به)،
وقد أوجب الإسلام علينا حفظ هذه الأحكام وقيمها، وجعل وجود السلطان واجباً لرعاية شؤون الأمة ليحفظ لها حقوقها الشرعية، ويسد حاجاتها الأساسية كلها، عَن سَلَمَة ابْن عُبَيْد الله بْن محصن عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ أَصْبَحَ آمِناً فِي سِرْبِه ، مُعَافى فِي بَدَنِهِ ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيا بِحَذَافِيْرِهَا)،
ومن أهم أسس الإسلام توفير الحاجات الأساسية من المأكل والملبس والمسكن لكل فرد من أفراد الرعية مسلمين وغير مسلمين مع توفيرالأمن والتطبيب والتعليم مجانا للجميع .

 

أما لو نظرنا إلى دول الضرار وحكامها  التي ابتلي بها المسلمون اليوم، فإنها لا تعطي مسألة توفير الحاجات الأساسية قيمة، لأنها أصلاً لا تعطي الإنسان قيمة، فالسودان يجوع سكانه، والصومال يشهدون القحط والجوع، وآخرون يعيشون على المعونات الأجنبية التي أصبحوا لا يستغنون عنها معتبرين الأجنبي هو مطعمهم ومسقيهم... فلا حول ولا قوة إلا بالله...هذا الضياع والجوع كله  و بلاد المسلمين كلها أرض خصبة واسعة، ومياه وفيرة، وعقول كبيرة، وسواعد عاملة، ولكنها تعجز عن توفير الغذاء في أوقات السلم فكيف توفرها في أوقات الحروب والكوارث الطبيعية؟

إن الحل يكمن في تطبيق الإسلام، وإعادته إلى معترك الحياة، وتنصيب خليفة يسوسنا بشرع الله، يطبق حكم الأراضي، ويوظف الإنتاج الوفير خير توظيف لمصلحة الأمة، ويزيد من إنتاج الأمة زراعياً وحيوانياً وصناعياً، لتستغني عن غيرها، ويصيح غيرها محتاجاً لها.. اللهم آمين

 

 

ولعل في قصتنا هذه عبرة  وهي التي جسدها عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما قال : واللـــه لو ان شاة عثرت بارض العراق لكنت مسؤولا عنها ولخشيت ان يحاسبني الله عليها يوم القيامة.

 

واللهَ أسألُ أن يحفظ علينا ديننا، وأن يجنبنا الفتن، ما ظهر منها وما بطن، والكوارث، والزلازل، والمحن، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم وبارك على إمام الهدى، وخاتم الأنبياء، وعلى آله وأصحابه الأوفياء .

 

إقرأ المزيد...

شرح مواد النظام الاقتصادي في الإسلام- شرح المادة  (154) ح30

  • نشر في النظام الاقتصادي
  • قيم الموضوع
    (0 أصوات)
  • قراءة: 1702 مرات

 

    وبه نستعين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

شرح لمواد الدستور المتعلقة بالنظام الاقتصادي في الإسلام

من مشروع  دستور دولة الخلافة (من منشورات حزب التحرير).

(ح30)

شرح المادة 154

نص المادة 154:

(الموظفون عند الأفراد والشركات كالموظفين عند الدولة في جميع الحقوق والواجبات، وكل من يعمل بأجر هو موظف، مهما اختلف نوع العمل أو العامل، وإذا اختلف الأجير والمستأجر على الأجرة، يحكم أجر المثل، أما إذا اختلفوا على غيرها فيحكم عقد الإجارة على حسب أحكام الشرع.)

    تبين هذه المادة: الموظف أجير، والشرع الإسلامي  يعني بالأجير،  كل إنسان يشتغل بأجرة،  سواء أكان المستأجر فردا أو شركة أو دولة، فالأجير يشمل العامل في نوع من أنواع العمل، بلا فرق في الحكم الشرعي بين أجير الأفراد مهما دنا، وأجير الدولة وما علا، حسب أحكام الشرع فكل واحد منهم عامل، وتجري عليهم أحكام العمل، وتجري عليهم أحكام الإجارة.

    فالذي يعمل لغيره  في الزراعة أجير، والخادم أجير، وعمال المصانع أجراء، والمحاسبون عند التجار أجراء، ويطلق عليهم أيضا موظفون، لأن الموظف هو الذي يعمل بأجر مهما اختلف نوع العمل أو العامل.

   أما إذا اختلف الأجير والمستأجر على الأجر، يحكم أًجْر المثل، لأن الإجارة عقد على المنفعة بعوض، ويشترط لانعقاد الإجارة أهلية العاقدين، ورضاهما، ويشترط أن تكون الأجرة معلومة وليست مجهولة، لقوله صلى الله عليه وسلم (إذا استأجر أحدكم أجيرا فليعلمه أجره) رواه الدارقطني عن ابن مسعود، ولما رواه أحمد عن أبي سعيد (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن استئجار الأجير حتى تبين له أجره)، إلا أنه إذا لم تكن الأجرة معلومة انعقدت الإجارة وصحت، ويرجع عند الاختلاف في مقدارها الى أجر المثل، قياسا على المهر، وذلك لما روى النسائي والترمذي وقال حسن صحيح، عن ابن مسعود أنه سئل عن رجل تزوج امرأة، ولم يفرض لها صداقا، ولم يدخل بها حتى مات، فقال ابن مسعود لها مثل صداق نسائها، لا وكس ولا شطط، وعليها العدة، ولها الميراث، فقام معقل بن سنان الأشجعي فقال: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بروع بنت واشق إمرأة منا مثل الذي قضيت، ففرح بها ابن مسعود، ومعنى قوله: لها صداق نسائها أي مهر مثل مهر نسائها، فأوجب الشرع عند الإختلاف على المهر مهر المثل. ولما كان عوضا لازما يترتب على عقد النكاح، فإنه يقاس عليه، كل عوض لازم يترتب على عقد، بغض النظر عن مقابل هذا العوض، أكان مالا كالبيع أم منفعة أم جهدا كالإجارة، أم نحلة كما في عقد النكاح، وعليه فإنه يحكم فيه بأجر المثل في حالة عدم تسمية الأجر في العقد أو في حالة الإختلاف على الأجر.

    فالأجرة قسمان: الأجر المسمى، وأجر المثل، أما الأجر المسمى فيشترط في اعتباره رضا العاقدين عليه، فإذا رضي العاقدان بأجرة معينة، كانت هذه هي الأجر المسمى، ولا يجبر المستأجر على دفع أكثر منها، كما لا يجبر الأجير على أخذ أقل منها، بل هي الأجرة الواجبة شرعا.

    أما أجر المثل، فهو أجر مثل العمل، ومثل العامل، إذا كان عقد الإجارة قد ورد على منفعة العمل، ويكون أجر المثل، أجر مثل العامل فقط إذا كان عقد الإجارة ورد على منفعة الشخص.

   والذي يقدر أجر المثل عند الإختلاف إنما هم ذوو الخبرة في تعيين الأجرة، وليست الدولة ولا عرف أهل البلد، على أساس المنفعة، سواء أكانت منفعة العامل أم منفعة العمل لأن عقد الإجارة وارد على المنفعة، فتكون هي الأساس الذي يقوم عليه تقدير الأجرة، فلا تقدر الأجرة بإنتاج الأجير، ولا بأدنى حد لمستوى عيشه بين جماعته، فلا دخل للأجير بهذين الأمرين، فإذا جرى الاختلاف على تقدير قيمة المنفعة التي قدرها الخبراء، فلا يجوز أن تقدر بالبينة او الحجة، بل يكتفي برأي الخبراء فحسب. لأنهم قد نظروا الى الشخص المماثل لذلك الأجير ولذلك العمل، ونظروا إلى الزمان والمكان بالنسبة للأجرة، لأنها تتفاوت بتفاوت العمل والعامل والزمان والمكان.

   أما إذا اختلف الأجير والمستأجر على غير الأجرة، فيرجع إلى العقد ويحكم على حسب أحكام الشرع وما فيه من مواد كانا قد اتفقا عليها عند العقد.

 وإلى حلقة قادمة ومادة أخرى من مواد النظام الاقتصادي في الإسلام نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أبو الصادق

إقرأ المزيد...
الاشتراك في هذه خدمة RSS

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع