- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
2025-08-30
جراند: من “ليلة الإحساس” إلى “معركة الجدل” في طرابلس
في ليلةٍ وضحاها، وقبل يومٍ واحد من إحياء فعاليات “ليلة الإحساس” في معرض رشيد كرامي الدّولي، شهدت مدينة طرابلس انقلابًا مفاجئًا. وتحرّك كلّ من حزب “التحرير” و”الغيورين” على غزة والدّين لمنع إقامة الحفل في المدينة، وربطوا ذلك بالإبادة في غزة من جهة، والحفاظ على الشعائر الدينية من جهةٍ ثانية. ونفذوا مسيرات في عددٍ من الشوارع رفضًا لحفل “الفسق والفجور” الذي سيُحييه الفنانان محمّد فضل شاكر وصلاح الكردي، وذلك في صرحٍ لم يشهد فعاليات فنّية أو حتّى ثقافية صاخبة منذ أعوام، بسبب التدهور الاقتصاديّ و”العين” التي تُجهض أيّة محاولة لإحياء أيّ مرفق في المدينة.
ولم يكن “حزب التحرير” وحده من تحدّث عن الحفل أو “المهزلة” كما وصفه، لكنّه كان من بادر إلى التحرّك ميدانيًا لإلغائه. وفي السياق ذاته، أصدرت “هيئة علماء المسلمين في لبنان” بيانًا انتقدت فيه الحفل، معتبرة أنّه مخالف للأحكام الشرعية والقيم الإسلامية، ولا ينسجم مع هوّية مدينة العلم والعلماء، ويتنافى مع واجب التضامن الأخوي والإنساني مع غزة “الصابرة والمجاهدة في وجه المشروع الصهيوني التوسعي في المنطقة كلّها”.
وبعد إعلان الشبّان المعتصمين أمس، تنفيذ اعتصام عند الساعة السادسة مساءً (اليوم) أمام المعرض لمنع إحياء الحفل، تُشير المعطيات إلى أنّ البطاقات قد بيعت بالكامل، وأنّ مرتادي الحفل ليسوا من طرابلس فحسب، بل من مناطق شمالية مختلفة، وحتّى من بيروت، وقد تردّدوا في القدوم إلى المدينة. في المقابل، يُواصل منظمو الحفل التحضيرات ويُشجعون المواطنين على الحضور، معلنين ثقتهم بدور القوى الأمنية والجيش اللبناني. من جهةٍ أخرى، يُؤكّد مصدر أمني لـ “لبنان الكبير” أنّ الأمن ممسوك في طرابلس، ويقول: “لا خوف على مرتادي الحفل أو الفنانين، والقوى الأمنية موجودة وتُتابع التفاصيل من كثب، والاحتفال لم يُلغَ وسيتمّ وسط إجراءات أمنية مشدّدة”.
وفي حين يتخوّف البعض من أنْ تكون هناك محاولات لإثارة الفتنة في المدينة، يستبعد مصدر مطّلع على الملفات الأمنية في الشمال أنْ تكون التحرّكات مقصودة أو غير بريئة. ومع ذلك، لا يستبعد المصدر استغلال هذه التحرّكات لتحقيق مآرب سياسية وأمنية. ويقول لـ “لبنان الكبير”: “أنا أعرف الشيخ أحمد الشمالي الذي تحدّث باسم حزب التحرير، وهو شخص معنيّ بقضايا الموقوفين الإسلاميين، وله مواقف مشرّفة في هذا الشأن. ومن خلال خبرتي، أرى أنّ الحميّة الدينية هي التي دفعت الشبّاب إلى التظاهر، لكنّني أدعوهم إلى التفكير بعقل ومنطق، فالمدينة لا تقتصر على هوّية واحدة، بل هي رمز التنوّع وتقبّل الآخر. وأعتقد أنّ بعض التصريحات كان نابعًا عن جهلٍ بالأمور، وهي فورة بسيطة لن تتوسع، ولكنّني أخشى استغلال هذه الفعاليات لزجّ المدينة مجدّدًا بسيناريوهات غير محمود العواقب”.
في الواقع، انقسم الطرابلسيّون بيْن مؤيّد ومعارض للحفل. وتُشير أوساط طرابلسية إلى أنّ الاعتصامات “لا تُمثّل طرابلس التي تُحبّ الفنان فضل شاكر ونجله”، وترى أنّ المناطق الأخرى تنعّمت بمهرجانات “طويلة عريضة”، بينما لا تشهد المدينة أيّ مهرجان أو دعم. وتُضيف: “طرابلس منبع الفنانين والممثلين المبدعين، مثل وليد توفيق، أو صلاح تيزاني “أبو سليم” الأسطورة وغيرهما، لكنّ من يتحجّج اليوم بغزة، كان عليه إسنادها في الحرب عسكريًا، لكنّه لم يُحاول حتّى، فكيف يُريد دعمها بمنع الحفل؟ وكيف يصمت عن الحفلات التي تحدث في مطاعم طرابلس ومنتجعاتها الكبرى؟ ومن يُحرّك أو يدعم هذه العقلية المتحجّرة التي لا تُشبه أهالي المدينة؟”.
في حين يرى المعارضون أنّ نصرة غزة من “قلعة المسلمين” واجب ديني وإنساني، ويعتبرون أنّ أيّ تجاوز للمعايير الدينية فيها هو مخطّط يهدف إلى فرض قيم تتعارض مع هوّيتها، مثل الشذوذ، قضايا الجندر، والزواج المدني وغيرها.
المصدر: جراند