الأربعاء، 11 رجب 1447هـ| 2025/12/31م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

عرائس الشيطان: حكام يحركهم الغرب... وخلافة تتهيأ للنهوض

 

 

في ظلال ليل طويل، تتمايل دمى على مسرح السياسة، لا تنطق من تلقاء نفسها، ولا تتحرك إلا بإشارة خفية من يد لا تُرى؛ هم ليسوا قادة، بل عرائس معلقة بخيوط مشدودة من عواصم الغرب، ترقص حين يصفق الشيطان الأكبر، وتصمت حين يطلب منها الخضوع. تدّعي الحكمة، وتظهر السيادة، لكنها في حقيقتها مستأجرة، معدومة القرار، مرهونة الإرادة للشيطان الأكبر؛ أمريكا، التي تسحق الشعوب وتنهب الثروات باسم الحرية.

 

أمريكا لم تعد ترسل جيوشا، بل ترسل شروطا، وقروضا، وتوصيات، وأوامر. أما حكام المسلمين، فما هم إلا منفذون، أدوات تنفيذ لخطة أكبر من حدودهم. إلا أن الأكثر إيلاما هو أن أمريكا لا تتحكم بالحكام فقط، بل تمسك برقاب الشعوب من خلالهم، فالحاكم مجرد موظف تتحكم فيه شرعيته الدولية باعتبار أن أمريكا تملك التأثير الأكبر على المؤسسات الدولية (مثل الأمم المتحدة، صندوق النقد، مجلس الأمن)، فمتى ما أرادت، تبدأ حملات تشويه ضد الحاكم فتنعته بالديكتاتور والقمعي والفاسد، وهكذا، فتسحب منه الشرعية تدريجيا، وتعزله دوليا.

 

ناهيك عن تهديده بالعقوبات أو تجميد الأرصدة أو وقف الدعم الدولي، فالاقتصاد هو نقطة ضعف الأنظمة في بلادنا لأنها هشة ومعتمدة على الخارج، ومن ثم تستخدم أمريكا أقذر أدواتها في إحداث الفوضى، فهي تملك نفوذا على الإعلام والنخب والمنظمات، وحتى الأجهزة الأمنية، فمتى أرادت تفجّر أزمة داخلية أو مظاهرات أو تشجع انقلابا عسكريا ثم تبدأ بتلميع ودعم بديل له، فتلوح بدعم شخصية أخرى ربما من الجيش أو المعارضة أو من داخل العائلة الحاكمة، عندها يشعر الحاكم أن وجوده صار مهددا، فيسرع بالطاعة وتقديم تنازلات أو ضخ أموال طائلة لأمريكا التي تعتمد هذا الأسلوب لإدراكها أن الحاكم حين يُهدَّد، يسخِّر الدولة كلها لحماية كرسيه؛ فيقمع الشعب، ويرفع الأسعار، ويحول الإعلام لبوق غربي، ويطبّع مع الاحتلال ويشيطن كل من يعارضه، وهكذا، تصبح الشعوب رهائن لابتزاز خارجي، وأدوات لحماية النظام، وليس العكس.

 

فسيسي مصر جاء بانقلاب، ويعيش على دعم الغرب. صمت مطبق أمام الاحتلال، وتطبيع فعلي معه... أما ابن سلمان السعودية فأخرج كيان يهود من الظل إلى العلن، وصار أكثر المتحمسين للتطبيع معه، تحت ذريعة التحول والانفتاح... كذلك الأمر مع ابن زايد حاكم الإمارات عراب الثورات المضادة، داعم الانقلابات، وممول حملات تشويه كل فكر تحرري... وطامتنا الكبرى عبد الله الثاني ملك الأردن حليف أمن الاحتلال في السر والعلن، والتنسيق الأمني لا يتوقف... وليس أخيرا بل أكثرهم حداثة أحمد الشرع رئيس سوريا فهو رئيس بلا سيادة، تديره واشنطن وتبقيه في الحكم ما دام يحافظ على أمن يهود، لا قرار له، ولا مشروع، سوى تنفيذ الأوامر وتثبيت الأمر الواقع كما تريده أمريكا.

قد يتساءل القارئ: لماذا لا تسقط أمريكا رغم أزماتها؟

 

سؤال جوابه كمن غرس السهم بيده في قلبه وتركه ينزف ليتغذى عليه مصاص دماء طفيلي، بمعنى موسع: رغم ما تعانيه أمريكا من أزمات اقتصادية، وانقسام سياسي، وتفكك اجتماعي، فإنها لا تسقط لأنها تتغذى علينا؛ نفطنا بالدولار يبقي عملتها مهيمنة، واحتياطاتنا النقدية تمول ديونها، وصفقات أسلحتنا تنعش مصانعها، وتبعية حكامنا تمنحها شرعية في كل محفل.

 

باختصار نحن من نبقي الشيطان الأكبر على قيد الحياة يتحكم فينا ويقتلنا ويقبض ثمن قتلنا منا، وإن تسبب في دمار بلد ما، فعلينا أن نعيد بناءه، هل أدركتم إلى أي درجة من الاستغباء والذل الذي وصلنا إليه من أجل ثلة من طواغيت علينا ودمى بيد شيطان أعور عاجز؟!

 

إن الخلاص لن يأتي من داخل الأنظمة، بل من خارجها؛ من مشروع منافس لها يعيد السيادة، ويجمع الأمة، ويقف ندا للهيمنة الغربية؛ ألا وهو مشروع الخلافة كنظام عالمي عادل، لا شعارا تاريخيا، فهو الوحيد القادر على وضع حد لهذا الشيطان وقطع جميع الموارد التي تغذيه، فتعيده إلى وضعه الطبيعي كأي دولة أخرى لها كما عليها، مجردة من كل أدوات الهيمنة.

 

إن من أوجب الواجبات اليوم علينا هو فضح حكامنا وإسقاطهم، والعمل على إقامة دولة الخلافة لتأسيس حكم إسلامي حقيقي يعلن ولاءه للأمة لا للغرب، ويحكم بشرع الله لا بقوانين الاستعمار، قال الله تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُواْ أَوْلِيَاء الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً﴾، إنها خارطة طريق، تقسم العالم إلى قسمين لا ثالث لهما: من يقاتل في سبيل الله، ومن يقاتل في سبيل الطاغوت. وكل نظام يحارب الإسلام، أو يحاصر الدعوة، أو يطبع مع الاحتلال، فهو من أولياء الشيطان، وإن لبس قناع الوطنية أو الحداثة.

 

وتختم الآية بعبارة تزرع اليقين بقوة المؤمنين مقابل كيد الشيطان الضعيف، لأنهم يملكون عقيدة ثابتة راسخة.

 

أما نحن، فأمامنا مشروع عظيم يتهيأ للنهوض؛ خلافة راشدة على منهاج النبوة تجمع الأمة، وتكسر القيد، وترد المظالم، وتحمل الإسلام نورا وعدلا للعالم. فمن لم يكن لها كان عليها.

 

﴿وَاللهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ

 

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

منال أم عبيدة

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع