الإثنين، 03 جمادى الثانية 1447هـ| 2025/11/24م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • كٌن أول من يعلق!

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

ترامب يقلب الحقيقة

 

 

يبدو أنّ الإدارة الأمريكية، تحاول أن تصنع مشاهدَ سياسيةً مُعلَّبة، تُسوَّق على أنها إعادة توزيع للأدوار في المنطقة. ومن هذه المشاهد محاولتها إظهار ابن سلمان وكأنّه صاحب القرار الأول، وأنها تتلقّى منه الإشارات وتُنفِّذ. وهذا ما لا يصدّقه عاقل؛ فالقوة في العلاقات الدولية لا تُباع بالصور، ولا تُشترى بالتجميل الإعلامي، بل يحسم وزنُها على طاولة المصالح.

 

إنّ ما يجري اليوم ليس إلا فصلاً جديداً من فصول إعادة تشكيل المنطقة عبر أدواتٍ محلية تُلبس القرارَ الأمريكي ثوباً عربياً. لكن تبقى الحقيقة الناصعة بأنّ من لا يملك أوراقَ القوة لا يستطيع أن يصنع قراراً. فمهما حاول الإعلام أن يصنعَ رموزاً من ورق، فإنّ الواقع يعرّي الجميع، ويكشف أنّ الأدوار التي تُمنح بلا سيادة تزول، وأن الهيبة التي تُشترى بالدولار تنتهي بانتهاء الصفقة.

 

إنّ هذه المساحة التي يغطيها الإعلام ليست أكثر من ديكور سياسي يُراد به الإيحاءُ بوجود استقلالية، وأن المنطقة تتحرك بإرادتها، لا وفق إملاءات البيت الأبيض. إنها محاولة من واشنطن لتشويه الحقائق، ورسم صورة لابن سلمان بأنه صاحب قرار، وأنّ ترامب لا يفعل إلا ما يُمليه الحاكم الشاب.

 

ومن المعروف أنّ أمريكا لا تبني سياستها على العواطف، بل على النفوذ والمصالح والسلاح، وأنّ ترامب أكثر الرؤساء صراحةً؛ لا يُخفي أنّ علاقته مع الرياض علاقةُ بيعٍ وشراء، وأنّ كلمات الود التي يوجّهها ليست أكثر من فواتير سياسية مدفوعة الثمن. لذا، فالمشهد - مهما بدا مغلَّفاً بصورة قرار سعودي - يبقى القرار الحقيقي يُصنع في واشنطن، ويأتي التنفيذ من عواصم عربية لا تعرف إلا الإذعان والخضوع.

 

وتبقى الحقيقة حاضرة في هذا البيت من الشعر: حيّاكَ الذي لا ترجُو تحيّته ... لولا الدراهمُ ما حيّاك إنسانُ!

 

فليست المسألة احتراماً، بل حساباتُ طرفٍ يُملي وطرفٍ لا يملك إلا الامتثال.

 

ولكي نفهم حجم الهوّة بين اليوم والأمس، يومَ ما كان عليه أجدادُنا، يكفينا أن نعود إلى لحظاتٍ من تاريخ الأمة المشرِّف؛ يومَ كانت الهيبة تُصنع في الميدان لا في مكاتب السفراء، ويوم كان القرار يصدر من قلوب رجالٍ لا تنحني لفواتير تُدفَع ولا لصفقاتٍ تُبرَم.

 

كان الخلفاء والقادة - من عمر بن الخطاب إلى صلاح الدين، ومن المعتصم إلى نور الدين زنكي، إلى يوسف بن تاشفين - رجالاً إذا قالوا فعلوا، وإذا وعدوا أوفوا، وإذا صرخ مظلومٌ في أطراف الأمة وصلت صرخته إلى دار الخلافة، دارِ العز والمنعة والقوة، فتتحرك الجيوش قبل أن تتحرك الأقلام. أولئك كانوا صانعي قرار لا منفذين، وكانوا يكتبون التاريخ لا يجلسون على هامشه.

 

يبكي الشرق فرساناً له سلفوا ... ويغرق الغرب في دمعٍ له شانُ

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

مؤنس حميد – ولاية العراق

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع