- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
كيف يتحقق وعد الله بإقامة الخلافة؟
قال تعالى: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾.
وعد صادق من الله، لا يتخلف، لكنه مشروط، فما هي الشروط؟ وما هو هذا الوعد العظيم؟
أولاً: الإيمان: ليس إيماناً نظرياً، بل هو الإيمان الصادق والجازم الذي يستقر في القلب ويُترجم إلى عمل وسلوك في الحياة اليومية، نعم إنه إيمانٌ عميق يملأ القلب، ويقود الذين آمنوا إلى إدراك الغاية من الاستخلاف، فالإيمان بفكرة الاستخلاف في الأرض هو إحياء مبادئ العقيدة الصحيحة وبضرورة تحكيم شرع الله، الذي أنزله على سيدنا محمد ﷺ لينظم شئون حياتنا، ورفض كل أنظمة الكفر، والإذعان التام لحكم الله، بلا مواربة أو تبرير للواقع، إيمانٌ يصنع رجالا أقوياء لا يبررون الواقع بل يسعون لتغييره.
ثانياً: العمل الصالح: فالعمل الصالح لا يقتصر على الصلاة والصيام والعبادات الفردية فقط، بل يشمل:
- العمل لإقامة الدين في واقع الحياة.
- التفاعل مع قضايا الأمة، والعمل لإقامة الدولة التي تطبّق الإسلام شاملا كاملا في واقع الحياة من نظام حكم ونظام اقتصادي ونظام اجتماعي وسياسة التعليم ونظام العقوبات، بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكشف أنظمة الجور والعمالة، فالوعد الرباني سيتحقق للذين آمنوا وعملوا الصالحات وليس للقاعدين والمبررين والمنتظرين الحلول الجاهزة من أعداء الدين الذين لا يريدون أن يتمكن الدين في واقع الحياة.
إذاً إن تحقق الشرطان، فإن وعد الله سيتحقق حتماً:
1. الاستخلاف في الأرض: أن يكون الحكم والسيادة للمسلمين، فتُكسر هيمنة الغرب، وتعود الأمة أمة عزيزة قوية، تهدي البشرية.
2. التمكين للدين: أن يُطبق الإسلام بكل أحكامه، فتُقام الحدود، وتُرد الحقوق، ويُرفع الظلم، وتعود العدالة، ويحمل الإسلام للعالم ليحرر البشرية من ظلمات الرأسمالية، ويُحكم بكتاب الله لا بالدساتير الوضعية.
3. تبديل الأمن بعد الخوف: نعم إنه من أعظم ثمار التمكين في الأرض أن يتحول خوف المسلمين إلى أمن، وهذا لا يتحقق إلا بإقامة العدل، وتطبيق شرع الله، وبناء دولة قوية مهابة، ترهب أعداء الله، وتُحصِّن الأمة من كيد يهود والمستعمرين.
هذا الأمن يشمل:
- الأمن الداخلي: بالشعور بالسكينة والعدالة والاستقرار.
- الأمن الخارجي: بامتلاك أدوات الردع والقوة، التي تصون هيبة الأمة وتحمي بيضتها، وتقوم الأمه بمهام الدعوة والشهادة على الناس.
لكن لماذا يمنح الله هذا التمكين للمؤمنين؟ قال تعالى: ﴿يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً﴾ أي أن التمكين ليس غاية دنيوية بحتة بل واجب لتحقيق غاية عظيمة:
إقامة العبودية الخالصة لله في العقيدة والسلوك والحكم. فالريادة والسلطان في الإسلام وظيفة شرعية، تُسخَّر لإعلاء كلمة الله ونشر الإسلام إلى كل بقاع الأرض وإخراج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، وتكون العبودية كلها لله وعدم الإشراك بالله، ثم وضح الله في الآية: ﴿وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ وهنا تحذير واضح: أن من كفر بعد التمكين، أو حاد عن شروطه، يُسلب منه هذا الفضل، ويُوصَف بالفسق. وهو ما وقع للأمم السابقة التي مكنها الله ثم زاغت عن أمره، إذاً آية الاستخلاف ليست وعداً عشوائياً، بل سُنَّة ربانية محكومة بشروط، إذا التزمنا بها جاء النصر والتمكين، وإذا خالفناها، طال الذل والهوان والعياذ بالله، فالخلافة ليست حلماً، بل هي وعدٌ ربانيٌّ لا بد أن يتحقق.
فشمّروا لها، وكونوا من رجالها، فالعاقبة للمتقين.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
إسلام الإدريسي – ولاية اليمن



