الثلاثاء، 13 جمادى الأولى 1447هـ| 2025/11/04م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • كٌن أول من يعلق!

بسم الله الرحمن الرحيم

 

لا تبرحوا جبل الرماة... والنصر قادم بإذن الله

 

إنّ ما قامت به غزة ليس مجرّد مواجهة عسكرية أو ردّ فعل محدود، بل هو زلزال أصاب كيان يهود في عمقه، ونقطة تحوّل مفصلية كشفت عجزه، وأربكت حلفاءه، وأسقطت هيبته المزعومة. لقد فجّر مجاهدو غزة معركة الأمة كلّها، وأثبتوا أن العدو أوهن من بيت العنكبوت، رغم ترسانة السلاح والدعم الغربي والغطاء العربي الخائن.

 

لقد هزّت غزة هذا الكيان المهزوز، ووضعته أمام حقيقة مُرّة: لا أمن ولا بقاء له، مهما زيّنه ترامب أو أنعشه أعوانه في الأنظمة التابعة. ولعل الهدف الحقيقي من كلّ هذه الخطط والمفاوضات ووقف إطلاق النار ليس إلا محاولة يائسة لإنقاذ كيان يحتضر، واسترجاع الأسرى من أيدي المقاومة، وتفكيكها عبر نزع سلاحها. لكنهم صُدموا بأن قرار المقاومة ينبع من مصدر قوة، وأن تسليم السلاح وهمٌ لا يتحقق.

 

ففي الوقت الذي ظنّ فيه طغاة الأرض، وعلى رأسهم ترامب ورجالاته، أن خطتهم الشيطانية ستمضي كما رُسمت، جاء المجاهدون بالأسرى لا في لحظة ضعف، بل من منطلق قوة واقتدار، بثقة المنتصر لا الخائف، وبعزة الثابت لا المساوم. جاءوا يسلمون الأسرى وهم مرفوعو الرأس، ليُرهبوا العدو وكيانه، ويؤكدوا أن القرار بأيديهم لا بأيدي المساومين ولا العملاء.

 

كانت رسالة مدوية لنتنياهو وترامب وأعوانهم: نحن من نقرر متى تبدأ المعركة ومتى تهدأ، نحن من نمسك الأرض والسلاح، ونحن من نقطع يد الخيانة، ونحاسب كل من خان أو تآمر أو دلّ العدو على ثغورنا. فالسلاح ليس للمساومة ولا للتفاوض، بل أمانة نحمله حتى إقامة الدين وتحرير الأرض، والأسرى أمانة لا يساوم عليهم إلا خائن فخروج المجاهدين بهذه القوة قلب الطاولة على رؤوسهم. كانت خطتهم منذ البداية محبوكة: هدنة مؤقتة، ووعود بالسلام، وترتيبات سياسية ظاهرها الإنسانية، وباطنها الخداع والمكر. أرادوا أسر قادة القسام واستعادة الأسرى بأي ثمن، ثم الانقضاض مجدداً على غزة، وفرض نزع سلاح المقاومة وإنهاء دورها للأبد، وفق خطة "ترامب الجديدة" عبر عملائه في السلطة، ومن خلفها العرب المطبّعون.

 

إن غزة لم تخضع، بل قدّمت أروع ملحمة، زلزلت كيان يهود، ومرّغت أنفه في التراب، وأرغمته على الانكفاء، وكشفت هشاشته العسكرية، وتفككه السياسي، وفضحت أعوانه من الأنظمة الخائنة، التي لم تُقدم لغزة إلا الخذلان والتآمر.

 

نعم إن غزة أنهكت كيان يهود وكشفته، وأعطت الأمة درساً أن هذا الكيان يمكن كسره بل اقتلاعه، بشرط أن تتدخل الأمة من خارج غزة، من ثكنات الجيوش، من جبهات الرجال الذين بايعوا الله على الجهاد في سبيله. فخروجهم بهذه القوة كذلك رسالة للأمة (هذا هو الثبات الحقيقي، فلا تضيّعوه بخذلان أو حياد، بل انصروهم بالفعل لا بالكلام، واخلعوا الأنظمة التي تكبل جيوشكم وتخنق عزيمتكم، فإن الأمر بيدكم، وقد آن أوان الحسم).

 

نعم فكيان يهود اليوم يترنح، لكنه لن يسقط إلا بضربة الأمة لا بضربات استنزاف مؤقتة، بل بهجمة قاضية، فما جرى في غزة، وإن توقف مؤقتاً، فهو فسحة لتعبئة الصفوف وتوحيد الكلمة، واستنهاض باقي الأمة لتعلم أن دورها لم يأتِ بعد، وأنه إن كانت غزة رأس الحربة، فإن جسم الأمة هو من يُوجّه الطعنة القاتلة.

 

وكأن لسان حالهم يقول: أيها المجاهدون لا تبرحوا جبل الرماة ولا تغرّنّكم قشور السياسة، فالمعركة لم تنتهِ، والعدو يتربص، والمؤامرة قائمة، والفرصة لا تعوّض. ولتعلموا أن مجاهدي غزة، بحمد الله، لم يعتدوا على أحدٍ من أمة الإسلام، ولم يظلموا مسلماً، ولم يبيعوا دينهم ولا قضايا أمتهم، بل حملوا سلاحهم في وجه عدو الأمة الأول، ووقفوا في الثغر الذي تخلى عنه الحكام والجيوش.

 

ولعل هذا هو سر هيبتهم وثباتهم ورباطة جأشهم، فالله لا يُسلم من صدق في نيته، وأخلص في جهاده، وعلم أن المعركة مع يهود هي معركة أمة، وليست معركة حدود أو رايات حزبية. ومن صدق مع الله صدقه الله، ومن لم يظلم الخلق نُصر بإذن الله. ﴿إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾.

 

نعم، هذا هو الفهم العميق لما يجري؛ فكيان يهود اليوم يعيش نهاياته السياسية والعسكرية والنفسية، مهما حاول ترامب وأمثاله من طغاة الغرب الكافر إنعاشه وتلميعه عبر الخطط والمفاوضات والصفقات المشبوهة.

 

لقد فقد الكيان ردعه، وسقطت هيبته، وظهرت هشاشته أمام مقاومة صغيرة محاصرة، لا تملك الطائرات ولا البارجات، ومع هذا هزّت أركانه، وأذلّت جيشه، وكشفت ضعفه أمام العالم. وإن ما نراه اليوم ليس حرباً تقليدية، بل صراع وجود لا صراع حدود، صراع بين أمة الإسلام وبين مشروع استعماري زرعه الغرب لتفتيت الأمة ومنع وحدتها.

 

فلتتحرك جيوش الأمة لذلك، ونقول لها: أما آن لقلوبكم أن تتحرك؟ أما آن لسيوفكم أن تُغمد في صدور الأعداء، لا أن تُشهر في وجوه إخوتكم؟

 

يا جيوش الأمة، إن غزة اليوم تناديكم لا بالنحيب، بل بنداء العزّة والكرامة. أعداؤكم أعلنوا الحرب جهاراً نهاراً، وقتلوا نساءكم وأطفالكم، وهدّموا بيوت إخوانكم، ومع هذا ما زال الحكام يصفّقون للمهانة، ويتآمرون في الغرف السوداء، وها هو ترامب - راعيهم الأكبر - يتوعّد بإبادة غزة لأنها أفشلت خطته القذرة، وكشفت مؤامرته على الأسرى، وفوّتت عليه فرصة تلميع كيان يهود من جديد.

 

فيا جيوش الأمة: إنها فرصتكم، فها هو كيان يهود ينكث العهود ويذبح أهلكم، وها هو ترامب يهدد بإبادة غزة، كفى صمتاً، كفى تردداً، كفى خدمة لأعداء الله! أمامكم فرصة تاريخية أن تخلعوا أنظمة الخيانة، أن تبايعوا خليفة للمسلمين، أن تسيروا تحت راية واحدة لتحرير فلسطين، وكل بلاد الإسلام المحتلة.

 

والله إنكم إن فعلتم، فلن تكون غزة وحدها، بل ستكون الأمة كلها خلفكم، وستكون الملحمة الكبرى قد بدأت، وسيزول الكيان، ويبدأ عصر الخلافة من جديد. ﴿قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ

 

فطوبى لهم، وطوبى لكل من سيسير على دربهم حتى نبلغ النصر الكامل باقتلاع كيان يهود، وإقامة الخلافة التي توحد الأمة وتحرر مسرى نبيها ﷺ. ﴿وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيباً﴾.

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

عبد المحمود العامري – ولاية اليمن

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع