الأربعاء، 16 ربيع الثاني 1447هـ| 2025/10/08م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • كٌن أول من يعلق!

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

ترامب ونفاقه لحكام الخزي والعار

 

 

في خضم مأساة غزة، وبينما تتساقط الأرواح البريئة تحت القصف والحصار، يخرج ترامب ليثني على مواقف حكام العرب؛ على ذلهم وسكوتهم عن دماء أبناء المسلمين.

 

الحقيقة الواضحة لكل ذي بصيرة، أن ما يصفه ترامب ليس سوى خنوع، وتفريط أخلاقي، وخيانة لدماء الأمة وكرامتها. فترامب لم يُخفِ يوماً عداءه للإسلام ولا ازدراءه لقضايا المسلمين، وهو الذي نقل سفارة بلاده إلى القدس متحدياً العالم أجمع، ومع ذلك ما زال يجد بين حكامنا من يفتح له الأبواب، ويستمع له بانصياع، ويطبق سياساته، وكأنها أوامر نافذة لا تحتمل النقاش!

 

فكيف لا ينافقهم بالثناء والمديح، وهو يرى أنهم أكبر داعم لمشروعه، وأخلص أداة لحماية مصالحه ومصالح يهود في المنطقة؟ إن هؤلاء الحكام يتحركون بدافع الخوف على عروشهم، لا من أجل كرامة شعوبهم، ويعتبرون الولاء لواشنطن الضمانة الوحيدة لبقائهم في السلطة. لذلك فإن مواقفهم في حرب غزة لم تكن يوماً صادرة عن مشاعر حية، أو حتى عن حسٍّ إنساني، بل جاءت من حسابات ضيقة وحرص مَرَضيّ على إرضاء واشنطن.

 

ويعرف ترامب جيداً أن هذه المواقف المخزية لا تعبّر عن شعوب المنطقة، وإنما تعكس عزلة الحكام عن أمّتهم. فالشعوب، رغم جراحها، ما زالت تهتف لفلسطين، وتبكي شهداء غزة، وتعتبر القضية الفلسطينية معيار الكرامة والسيادة.

 

إن ثناء ترامب ليس أكثر من نفاق سياسي على خيانة الأمة؛ على الصمت المخزي تجاه جرائم الاحتلال، وعلى المشاركة في حصار غزة، وعلى الترويج لما يسمى بالتطبيع. يريد أن يقول لهم: أحسنتم، فقد ساندتم مشروعي، وكنتم خير وكلاء لمصالح واشنطن وتل أبيب.

 

إنها وصمة عار تاريخية ستُذكر حين تُكتب فصول هذه المرحلة من تاريخ الأمة. فمهما حاول ترامب أن يمنح هؤلاء شرعية عبر مديحه، فإن الشرعية الحقيقية ليست في كلمات رئيس أمريكي، ولا في صفقات عسكرية، وإنما هي في وجدان الأمة، لأن الشعوب الإسلامية ما زالت ترفض الذل والعار، وترى أن هؤلاء الحكام مجرّد عابرين على الكراسي، بينما تبقى القضية الفلسطينية أعمق من أن تُطمَس أو تُباع.

 

إن أمتنا اليوم أمام لحظة اختيار كبرى: بين حكام يهرولون نحو العدو ليكسبوا ودّ ترامب، وبين شعوب تدرك أن الكرامة لا تُشترى ولا تُباع. ومهما طال ليل الخيانة، فإن شمس الوعي ستشرق بإذن الله، وستبقى فلسطين بوصلة الأمة وامتحانها الحقيقي.

 

 

إن ما يقوم به ترامب من مديح لحكام العار، ليس سوى محاولة لشرعنة خياناتهم، ومنحهم شهادة رضا أمريكي. لكن تبقى هذه الشهادة ساقطة أمام محكمة التاريخ، وأمام إحساس الأمة الحي. فدماء أطفال غزة أقدس من عروش حكام الذل، ودموع أمهاتهم أصدق من خطابات هؤلاء الحكام الخونة.

 

لقد آن للأمة أن تستفيق، وتدرك أن معركتها ليست فقط مع الاحتلال، بل مع الأنظمة التي جعلت من نفسها جدار حماية وغطاءً لجرائمه وغطرسته. إن الأمة التي أنجبت صلاح الدين لن تعدم من يعيد لها شرفها وكرامتها.

 

فمهما طال ليل الخيانة، فإن الفجر قادم بإذن الله، يحمل بين طياته جيلاً لا يساوم، ولا يبيع قضيته. فليهنأ ترامب بمديحه، وليفرح الحكام بشهادته الزائفة، أمّا الشعوب فهي صاحبة القول الفصل، وهي التي ستحفظ لفلسطين حقها، وللأمة كرامتها، وللتاريخ صفحاته المشرقة، و"إن غداً لناظره لقريب".

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

مؤنس حميد – ولاية العراق

 

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع