الجمعة، 11 ربيع الثاني 1447هـ| 2025/10/03م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الجامعة الهادمة

 

في زمن تتفجّر فيه المآسي، واستُبيحت فيه الدماءُ والأعراضُ والمقدَّساتُ، كان المنتظر من جامعة الدول العربية أن تكون ناصراً لقضايا الأمة، وسنداً للمظلوم، وصوتاً يعكس عمق الانتماء للعقيدة والدين والتاريخ المشترك. لكن مع الأسف لم نرَ منها إلا ما يجعلها جديرةً بلقب "الجامعة الهادمة"؛ هادمة المروءة، هادمة الدين، هادمة الكرامة...

 

كيف لمؤسسة يفترضُ فيها أن تمثّل الأُمّةَ أن تُصمّتَ أو تتواطأ، أو تكتفي ببياناتٍ باردةٍ، بينما تتكرّرُ الإبادات وتُرفع راياتُ الصليب والصهيونية فوق أجساد أطفالنا؟! ما يجري اليوم لم يعد مجرد إخفاق سياسي، بل هو خيانةٌ صريحةٌ لأمانة الدين. قال الله تعالى: ﴿وَإِنِ استَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ﴾، فأين النُّصرة؟ وأين قطع العلاقات؟ وأين المقاطعة؟

 

بل على العكس، نشهد تطبيعاً ومواقفَ مخزيةً مع أعداءِ الله، ثم يُطلب منا انتظارُ بيانٍ موحّدٍ من هؤلاء الأنامِ! بيانُهم لا يُسمن ولا يغني من جوع؛ لأنه لا ينبع من عقيدةٍ ولا من خوفٍ من الله، بل من حسابات العروش، ورضا المستعمر، وحماية المصالح.

 

مَن يخذل دينَه يخذله الله. وحين يتخلّى الحكّام عن شرع الله ونصرة المستضعفين، فلا خيرَ يُرتجى منهم، ولا عِزَّةَ تُنتظرُ على أيديهم. فالهادمون لا يقيمون بناءً؛ فالجامعة باتت اليوم تُغطّي على خيانة الأنظمة، وتمنح الشرعية للصمت والخذلان. لقد جعلونا شعوباً متفرّقةً وأنظمةً متصارعةً على الخضوع والاستسلام.

 

أيها المسلمون، لا تعولوا على الجامعة الهادمة؛ فالموقف اليوم هو موقفُ شعوبٍ حيةٍ وقلوبٍ مؤمنةٍ تُدركُ أن الله هو الناصر والمعين، لا مجلسَ الأمن ولا الجامعةَ العربية. لا بدّ لهذا الليل أن ينجلي، وسيحاسب التاريخ، بل قبل ذلك الله سبحانه، كل من يقف متفرّجاً على دماء المسلمين وهي تُراق وهو يملك القرار ولم يتخذه: صوتاً يرفعه أو سيفاً يضرب به.

 

التاريخ لا يرحم، والدين لا يسكت، والله لا يغفل. سكوتُ الجامعة الهادمة عن الحقّ وتخاذلُ حكّامها عن نصرة إخوتنا المستضعفين سيُكتب في صحائفهم: إنهم باعوا القدس، وتخلّوا عن غزة، وصمتوا على المجازر، وساهموا في وأدِ الأمة تحت ستار الشرعية والمصالح الوطنية.

 

لكننا أبناء هذه الأمة، أبناء "لا إله إلا الله، محمد رسول الله"؛ من خان سيُحاكم غداً وإن طال الزمان. الأمة وإن مرضت فهي لا تموت: ﴿إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾.

 

لتسقط بياناتُهم، ولتُكسر قممُهم، ليُكتب على جدرانِ الأمة بحروفٍ من نار: إنْ خَذَلَنا الحكّامُ فلنُخَذِلْ الخذلانَ، ولنقم بواجبنا نحن المسلمين؛ لا نُساوم على دمٍ ولا على عقيدةٍ ولا على كرامةٍ.

 

﴿وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

مؤنس حميد – ولاية العراق

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع