الخميس، 26 ربيع الأول 1447هـ| 2025/09/18م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

السودان... خيرات غزيرة وأطماع مستمرة

 

 

الحمد لله، الذي وهب السودان من الخيرات ما جعله من أغنى بلدان أفريقيا، طبيعةً وثروةً. فالسودان بلد غني بما حباه الله من موارد طبيعية قلّ أن تجتمع في بقعة واحدة؛ من الذهب والمعادن النادرة، إلى المياه العذبة، والأراضي الزراعية المسطحة الواسعة، إلى جانب ثروة حيوانية ضخمة، وبترول يُعد من أجود أنواع النفط على مستوى العالم.

 

لكن، ورغم هذا الثراء، فإن واقع السودان لا يعكس هذه النِعَم. بل إن هذه الخيرات نفسها تحوّلت إلى مصدر بلاء ومعاناة، بسبب الأطماع الدولية والصراعات الداخلية.

 

ثروات الجنوب بوابة للتقسيم

 

لم يكن انفصال جنوب السودان عام 2011 وليد صدفة، بل كان نتيجة مباشرة لاكتشاف ثروات ضخمة في تلك المناطق. فمنذ أن ظهرت مؤشرات وجود النفط والذهب والمعادن هناك، بدأت القوى الكبرى - وعلى رأسها الدول الاستعمارية القديمة - تُخطط لكيفية الاستفادة من هذه الموارد البكر.

 

فدُفِعت البلاد إلى حروب أهلية طويلة، ثم صُدّرت إليها النزاعات الطائفية والعرقية، تحت شعارات "الحرية والاستقلال"، بينما الهدف الحقيقي كان السيطرة على الثروات وتمزيق وحدة البلاد.

 

وفقاً لتقرير صادر عن مجموعة الأزمات الدولية (International Crisis Group)، فإن اكتشاف النفط في الجنوب خلال الثمانينات والتسعينات ساهم بشكل مباشر في تعميق الصراع بين الشمال والجنوب، والذي انتهى بانفصال الجنوب عام 2011.

 

الموقع الجغرافي نعمة ونقمة

 

السودان لا يتميز فقط بثرواته، بل أيضاً بموقعه الجغرافي الاستراتيجي، حيث يربط بين الدول العربية وأفريقيا، ويشرف على البحر الأحمر، ويجاور تسع دول. هذا الموقع جعله محط أنظار القوى الإقليمية والدولية، التي ترى فيه بوابة عبور لمصالحها، أو ساحة صراع لتصفية الحسابات.

 

وهكذا أصبح السودان محاصراً بالأطماع من كل جهة، فيما شعبه يدفع ثمن هذه الصراعات المتكررة.

 

في تقرير لـمركز الدراسات الاستراتيجية الأفريقية (Africa Center for Strategic Studies)، وُصف السودان بأنه "نقطة محورية في التوازن الجيوسياسي لمنطقة القرن الأفريقي"، ما يجعله عرضة لصراعات النفوذ الإقليمي والدولي.

 

أمة مستهدفة وصمت مؤسف

 

ما يحدث في السودان ليس حالة استثنائية، بل هو جزء من مشهد أوسع يستهدف الأمة الإسلامية كلها؛ فالعراق، وسوريا، ولبنان، وفلسطين، واليمن، وليبيا... كلها دول غنية بثرواتها، لكنها ممزقة بسبب التدخلات الخارجية والصراعات الداخلية.

 

وقد نبّهنا الله تعالى إلى هذه الحقيقة في قوله سبحانه: ﴿قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ﴾.

 

لكن المؤلم في المشهد كله، أن كل هذا يحدث في ظل صمتٍ عربي وإسلامي، بل أحياناً بمشاركة أو تواطؤ من بعض الأنظمة المحلية، التي فقدت البوصلة، وانشغلت بالمصالح الضيقة عن قضايا الأمة الكبرى.

 

وفي الختام، فإن السودان بلد عظيم بإمكاناته وثرواته، لكنه يمر بمحنة تستوجب وقفة صادقة من أبنائه أولاً، ثم من الأمة كلها. فحماية هذه الخيرات ليست فقط مسؤولية سياسية أو اقتصادية، بل هي واجب شرعي وأخلاقي.

 

وها هو السودان يتعرض الآن لمؤامرة فصل دارفور وهي تمثل الخطوة الثانية لتمزيق السودان إلى دويلات.

 

وإنه لا خلاص إلا بالوعي على هذه المخططات والوقوف صفا واحد والتخلص من التبعية التي لم تجلب للأمة إلا التمزق والتراجع. وذلك بالرجوع إلى حبل الله المتين، الذي يوحد الأمة كلها تحت مظلة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، وما ذلك على الله بعزيز.

 

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

هويدا عثمان (أم معاذ) – ولاية السودان

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع