الخميس، 26 ربيع الأول 1447هـ| 2025/09/18م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

هجوم كيان يهود على قطر

لا تجوز قراءته بمعزل عن سياسة أمريكا بالمنطقة

 

هجوم الكيان على قطر لا تجوز قراءته بمعزل عن سياسة أمريكا واستراتيجياتها الاستعمارية بالمنطقة، فأمريكا هي من يحتل مركز الصدارة على مستوى الموقف الدولي، وعليه فهي صاحبة السطوة والهيمنة السياسية عالميا، فهي صاحبة النظام الدولي أنظمة ومؤسسات وأجهزة، فهي من صممته ووضعت أسسه بعد الحرب العالمية الثانية، والعالم اليوم يسير بحسب قانونها، فأمريكا حتى الساعة هي الدولة الأولى في رسم السياسة الدولية والموقف الدولي، وهي المسيطرة دوليا على الأحداث السياسية الكبرى، فلا تقع ولا تنفذ إلا وفق مشاريعها أو تُجَيِّرُها لمصلحتها.

 

ولتكريس سيطرتها على الموقف الدولي وتأمين استمرار هيمنتها الجيوستراتيجية تعتمد أمريكا بشكل رئيسي على القوة الصلبة؛ قوتها العسكرية، عبر قياداتها العسكرية التي تغطي جغرافية العالم (شمال أمريكا، جنوب أمريكا، أوروبا، أفريقيا، الشرق الأوسط "البلاد الإسلامية"، آسيا المحيط الهندي-المحيط الهادي). وغاية هذه القيادات العسكرية هي تأمين وتحقيق مصالح أمريكا وتنفيذ مشاريعها الجيوستراتيجية الاستعمارية عبر العالم.

 

ومن هذه القيادات القيادة العسكرية الأمريكية الوسطى، وتعرف أيضا باسم القيادة المركزية الأمريكية "سنتكوم"، وهي إحدى أهم القيادات العسكرية الموحدة التابعة لوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون).

 

تأسست عام 1983 ويقع مقرها في قاعدة ماكديل الجوية بولاية فلوريدا، ومجال فعلها هي الجغرافية الإسلامية (من مصر غرباً إلى باكستان شرقاً، ومن كازاخستان شمالاً حتى اليمن جنوباً)، وتنتشر قواعدها ووحداتها في عدد من دول المنطقة. ووفقا للبنتاغون تغطي منطقة عمليات سنتكوم نحو 6.5 ملايين كيلومتر مربع، يسكنها أكثر من 560 مليون نسمة (من أبناء الإسلام)، وتغطي سنتكوم الجغرافية الإسلامية التي تتقاطع فيها 3 قارات وممرات بحرية تجارية حيوية عالمية، إضافة إلى ممرات طيران وخطوط أنابيب وطرق برية، وفيها أكثر من 70% من احتياطيات النفط في العالم. فالحديث هنا عن بلادنا الإسلامية كأخطر منطقة حيوية جيوستراتيجية بالنسبة لأمريكا الاستعمارية.

 

وتعد القواعد العسكرية الأمريكية الموجودة في دول الخليج من أهم القواعد التابعة لسنتكوم، أبرزها قاعدة العديد الجوية في قطر، التي تعد مقرا للمجموعة 319 الاستكشافية الجوية التي تضم قاذفات ومقاتلات وطائرات استطلاعية، إضافة لعدد من الدبابات ووحدات الدعم العسكري.

 

والذي طرأ واستجد جيوستراتيجيا هو ضم أمريكا لكيان يهود للدول التابعة للقيادة العسكرية الوسطى الأمريكية، ففي عام 2021 أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية نقل الكيان من نطاق القيادة الأوروبية إلى القيادة الوسطى وأعلنت وزارة الدفاع الأمريكية دخول الكيان رسميا ضمن نطاق سنتكوم، وأكدت أن "إسرائيل شريك استراتيجي رائد بالنسبة للولايات المتحدة"، وقالت وزارة الدفاع الأمريكية إن "الانفراج بين إسرائيل وجيرانها العرب في أعقاب اتفاقيات أبراهام وفّر فرصة استراتيجية للبلاد لتوحيد الشركاء الأساسيين في مواجهة الأخطار المشتركة في الشرق الأوسط". وهذا التغيير جاء بعد اتفاقيات أبراهام والتطبيع بين الكيان وعدد من دويلات المنطقة لدمجه في المنطقة.

 

هذه هي الساحة الجيوستراتيجية وهذا هو الوضع الاستراتيجي الذي يتحرك ضمنه كيان يهود، وهذه الساحة والوضع رهن وقيد لمشاريع ومصالح أمريكا، فالكيان كان وما زال خاضعا للقيادة العسكرية الأمريكية، بالأمس كانت قيادتها الموجهة لأوروبا واليوم هي القيادة الوسطى الموجهة للجغرافية الإسلامية.

 

ما يعني أن كل حركة يهود سواء في غزة أو لبنان أو إيران أو اليمن أو البحر الأحمر أو سوريا أو قطر هي تحت الإشراف الفعلي للقيادة الوسطى الأمريكية خدمة لمشاريع أمريكا ومصالحها، ومن تلك المصالح تأمين الكيان القاعدة أداة أمريكا الجيوستراتيجية في قلب الجغرافية الإسلامية، وإعادة تأهيله بعد أن زلزلته عملية طوفان الأقصى.

 

فانتفى جيوستراتيجيا وعمليا أن يكون الكيان الحقير خاضعا للقيادة الوسطى الأمريكية، عطفا على كون شريان حياته اقتصاديا وعسكريا وأمنيا بيد أمريكا، ثم يتحرك كذئب منفرد، بل هو حقيقة جرذ من قطيع جرذان الإقليم مع أنظمة الوظيفة الاستعمارية رهن لإشارة من أمريكا.

 

فترامب هو من يريد اقتطاع غزة وجعلها ريفيرا لمصلحة الرأسمالية الأمريكية الموالية له، يكون هو المستثمر الأكبر في عقاراتها ومشاريعها، ولم يطرح ترامب ضم غزة لكيان يهود الحقير علما أنه هو من صرح سابقا أن مساحة الكيان صغيرة. فحرب غزة وإبادة أهلها الهدف الذي ما انفك ترامب يكرره هو طرد أو قتل أهلها وامتلاكها كغنيمة حرب أمريكية وليست كغنيمة ليهود، بمعنى أن كيان يهود أداة عسكرية في مشاريع أمريكا لتحقيق مصالحها الاستراتيجية. فحرب غزة هدفها النهائي من تصميم أمريكي وأداة تحقيقها كيان يهود وكيانات الوظيفة الاستعمارية.

 

وكذلك ضرب دويلة قطر، تلاها مباشرة إرسال ترامب لمبعوثه الخاص ستيف ويتكوف إلى قطر، ومن أهداف الزيارة تعزيز التعاون الأمني بين قطر وأمريكا، أي توظيف الضربة لمزيد من النفوذ الاستعماري الأمريكي بقطر والإقليم. عطفا على خلط الأوراق للتعمية على إبادة غزة الدائرة وتشتيت الأنظار، وكذلك تمديد عمر فخ المفاوضات التي لا تنتهي (تعثرت، توقفت، استؤنفت...) لشراء الوقت لاستمرار إبادة غزة، فهدن أمريكا السامة ومفاوضاتها التي لا تنتهي هي سياسة أمريكا في تدوير إبادة غزة وشراء الوقت لاستمرارها، فأمريكا هي من قوضت كل المشاريع لوقف إبادة غزة واستخدمت الفيتو مرارا في مجلس أمنها الدولي للاعتراض على وقفها.

 

وكذلك ينظر للهجمات التي يقوم بها كيان يهود على الشام، فهدفها توفير الغطاء لتحريك مفاوضات إدارة أحمد الشرع للانخراط في اتفاقيات أبراهام الأمريكية الرامية لدمج الكيان في المنطقة عبر التطبيع الشامل، ثم تحطيم قوة الشام العسكرية مغبة أن تسقط في أيدٍ أمينة، ثم ارتماء إدارة الشرع في أحضان أمريكا طلبا لحل أزمتها مع يهود وفي ذلك إبقاء الشام تحت الاستعمار الأمريكي. فما يجري في الشام هو سياسة أمريكية يديرها المبعوث الخاص الأمريكي توم باراك، وكيان يهود هو أداة من أدوات التنفيذ المتعددة.

 

وكذلك اليمن والضربات والضربات المضادة، هي جزء من الفوضى الخلاقة الأمريكية في البحر الأحمر الممر المائي الجيوستراتيجي للتجارة العالمية، فالحوثيون وكيان يهود أدوات لإيجاد تلك الحالة من التوتر الحرج التي تضمن لأمريكا تكثيف وجودها العسكري للتحكم في هذا الممر، كجزء من الاستراتيجية الكبرى في مواجهة الصين (التحكم في الطرق الجيوستراتيجية للتجارة العالمية ومنها الممرات المائية)، وكيان يهود هنا كذلك مجرد أداة تنفيذ في المشروع والاستراتيجية الأمريكية.

 

وما جرى ويجري في لبنان من تصفية لحزب إيران هو كذلك هدف أمريكي، بعدما قضت أمريكا حاجتها منه، بعدما أصبحت الرئاسة والحكومة والعساكر في لبنان في قبضتها، فأمريكا هي من تملي على لبنان اليوم نزع ما تبقى من سلاح في يد حزب إيران بعدما تمت تصفية قيادته السياسية والعسكرية، وكيان يهود كذلك في هذه هو أداة تنفيذ لمشروع وسياسة أمريكية خاصة بلبنان.

 

فكيان يهود الحقير انتفى وامتنع أن يتحرك بمعزل عن الاستراتيجية الأمريكية وأهدافها ومصالحها في المنطقة، فهو قاعدة أمريكا في قلب الجغرافية الإسلامية، تُقَوِيه وتُنَمِّيه كقاعدة لخدمة مشاريعها ومصالحها، وتفرض اتفاقيات أبراهام للتطبيع على المجموع لدمج الكيان الحقير دمجا تاما في الإقليم، خدمة للاستراتيجية الأمريكية الكبرى في حربها الحضارية الصليبية الوجودية ضد الإسلام وأمته، كجبهة عسكرية متقدمة في الحرب الصليبية الدامية الدائرة وغزة اليوم ساحتها عطفا على سوريا ولبنان واليمن...، وفي حربها الباردة ضد الصين بوصف الكيان معبرها الرئيسي لتجارتها من الهند (معمل أمريكا البديل) صوب أوروبا وباقي العالم.

 

فكيان يهود حاجة، وسياسة، وقاعدة، وأداة لأمريكا لخدمة مشاريعها وتحقيق أهدافها واستراتيجيتها.

 

فكيان يهود وكيانات الوظيفة الاستعمارية المستباحة صنوان في خدمة المستعمر الأمريكي، في حربه للإسلام وأمته، فشغل أنظمة الاستعمار هو حماية وتأمين كيان الاستعمار كيان يهود لتحقيق الغلبة للاستعمار.

 

يا أبناء الإسلام: لا تلفتنكم الأداة "كيان يهود" عن حقيق الفاعل صاحب الأداة "أمريكا" وأهدافها الاستعمارية الخبيثة السامة! ﴿وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾.

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

مناجي محمد

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع