- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
حريق سنترال رمسيس دليل على الفساد
في 2025/7/7م بدأ موسم الحرائق السنوي في مصر متأخراً، فقد اعتاد أهل الكنانة في حزيران/يونيو من كل عام على سلسلة من الحرائق "مجهولة المصدر" عادة في مبان حكومية، ولكن ما من أحد يجهل أنها مجرد تستر على الفساد والسرقة قبل بداية موسم المراجعة والجرد السنوي، فقد أصبح الفساد أمرا لا يخفى في ظل منظومة بعيدة عن الإسلام، لكن هذه السنة كان افتتاح الموسم بحريق سنترال رمسيس وهو أهم مركز للبنية التحتية للاتصالات في مصر، حيث اشتعلت النار في الطابق السابع من المبنى الذي يضم غرف معدات الاتصالات ثم انتقل إلى الطوابق الأخرى، وقد أدى ذلك إلى وفاة 4 موظفين وإصابة 27 آخرين. وإلى جانب تقديرات أولية للخسائر بملايين الجنيهات، فإن الخسائر لا تقتصر على أجهزة الاتصالات فقط بل شملت:
• انخفاض مستوى الاتصال في مصر إلى نحو 62% من المعدل الطبيعي
• تعطل خدمات الإنترنت والهواتف الأرضية والمحمولة في القاهرة ومحافظات عدة
• تأثر الخدمات المصرفية الرقمية بما في ذلك بطاقات الائتمان وأجهزة الصراف الآلي والمعاملات الإلكترونية
• تعطل خدمات الأرقام الهاتفية الطارئة مثل الإسعاف والرعاية العاجلة بشكل مؤقت تكرر
• تعليق التداول في البورصة المصرية يوم الثلاثاء بسبب الصعوبات التقنية
• تأثر بعض الرحلات الجوية في مطار القاهرة الدولي بسبب العطل في شبكات الاتصالات
وقد بين هذا الحادث مدى سوء الإدارة في مصر حيث اتضح أن سنترال رمسيس يعالج 40% من حركة الاتصالات المحلية والدولية ما يجعل المنظومة معتمدة على نقطة فشل واحدة، وقد رأينا نتيجة ذلك، بالإضافة إلى أن الخطر الناتج من تركيز البنية التحتية يبقى حتى في حالة اتخاذ الإجراءات المناسبة لحفظ المبنى، فما بالكم ونحن نتحدث عن مبنى متهالك بني سنة 1927 واستمرت الدولة بالاعتماد عليه حتى هذه اللحظة! بل إنهم لم يكلفوا أنفسهم إعادة تأهيل المبنى، فقد اتضح أن من أكبر أسباب توسع الحريق هو غياب تحديثات كافية في أنظمة الإطفاء وتبريد الكابلات. ونتيجة كل هذا الإهمال فإن أي شعلة في هذا المبنى تؤدي إلى حريق يحصد الأرواح ويرجع مستوى الاتصالات عقودا إلى الوراء، وقد حدث ذلك بالرغم من وجود بدائل، فبحسب الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات فإن مصر لديها شبكة من 1676 سنترالاً ولكن الدولة لم تضع أي جهد في إعادة هيكلة المنظومة وهذا ليس بغريب، فمن عادة النظام تجاهل المشكلات حتى تقع الخسائر في المال والأرواح وكأنهم ليسوا بمسئولين عنهم أمام الله متجاهلين قول رسول الله ﷺ: «مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللهُ رَعِيَّةً يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ إِلَّا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ».
وأما جهود الدولة في التعامل مع الأزمة فهي مسألة أخرى وباب آخر للتقصير في رعاية شؤون الناس؛ فقد استغرقت استعادة الخدمات الأساسية مثل الإسعاف أو البنوك أكثر من 24 ساعة، مشيرا إلى غياب أي خطة طوارئ، وبالرغم من جهود رجال الإطفاء إلا أن طبيعة المبنى وسوء التخطيط تسببا في تجدد الحريق يوم الخميس 10 تموز/يوليو، ثم تجدد مجددا في الجانب الخلفي للمبنى ولكن لم تذكر التقارير تاريخا محددا ولكن وضحت أن السبب:
• بقاء "نار تحت الرماد" في أجزاء من المبنى لم يتم تبريدها بالكامل
• تسريبات كهربائية نتيجة وصول مياه الإطفاء إلى مكونات حساسة
• إضعاف الحريق الأول لعوازل الكابلات الداخلية ما جعلها عرضة لشرر كهربائي
• صعوبة تبريد الكابلات المدفونة داخل الجدران والتي يصعب الوصول إليها
ما يؤكد عدم استعداد المبنى لأي حالة طوارئ.
وبعد أن ظهر قدر الإهمال في مجال لا يُستغنى عنه مثل خدمة الاتصالات، فيجب أن تكون استجابة الحكومة هي الاعتذار والتحقيق مع المسئولين والوعود بالإصلاح، ولكن ليس هذا حال النظام في أرض الكنانة، فقد خرج المسئولون بتصريحات اعتبرها أهل مصر أنها استفزازية مثل تصريح وزير الاتصالات عمرو طلعت "كفاية الإنترنت زادت بعد الحريق"! ورئيس الوزراء مصطفى مدبولي "لو هبيعه أحرقه ليه؟"، متحدثا عن إشاعة بيع المبنى بدون ذكر تفاصيل عن إصلاحات هيكلية أو مستقبل المبنى، فأثارت هذه التصريحات غضب المصريين، وبهذا يكون الفشل في التعامل السياسي مع الموقف هو التتويج لسلسلة من الإهمال والفساد، فلا أحد في مصر يخاف من حساب، وهم أصلا جزء من نظام عميل صنعه الغرب ليستبدله بنظام الحكم في الإسلام وهو الخلافة، فلم يحدث أبدا في ظل الخلافة أن يتكرر سنويا مشهد إتلاف أجهزة الدولة ليتستر على الفساد، في مشهد يدرك الجميع حقيقته ولا يملك أحد إيقافه إلا باقتلاع هذا النظام الفاسد من جذوره وإعادة الإسلام إلى الحكم، ولا أحد يعمل على ذلك في عصرنا إلا حزب التحرير الذي يعمل لاستئناف الحياة الإسلامية من جديد بعدلها ورعايتها وحفظها لأمن الناس وأمانهم وممتلكاتهم في ظل الإسلام ودولته التي تقضي على الفساد وتنظف أجواء البلاد؛ دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عبد الرحمن شاكر – ولاية مصر