- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
النهضة على أساس الإسلام الطريق الحق لبعث الأمة من جديد
في خضم ما تعانيه الأمة الإسلامية اليوم من انحطاط وتشتت، تتجدد الحاجة للعودة إلى الطريق الذي رسمه الوحي، طريق النهضة الحقيقية التي لا يمكن أن تتحقق إلا بالتمسك بالإسلام كمنهج حياة شامل. حيث إن المسلمين اليوم ممتهَنون يتحكَّم بهم حكام رويبضات قسَّموا بلادهم وحكموهم بالحديد والنار وساموهم سوء العذاب، لاحقوا أشرافهم واعتقلوا الصادقين ومن يعمل لنصرة الدين، وجعلوا البلاد مسرحاً لدول الكفر، ينهبون أموال الملكية العامة ويستفيد منها أعداء الإسلام والمسلمين! كذلك صار المسلمون أرقاماً تتلى بين قتلى ومشردين، وصُنِّفوا باسم العالم الثالث، وتحكَّم بهم صندوق النقد الدولي وشرعة الطاغوت المتحدة تحت قيادة رأس الكفر أمريكا، ولم يبقَ لهم محل بين الأمم والدول، في حين كانت دولتهم هي الدولة الأولى في العالم قرونا مديدة. فالقانون هو ما تقول به دولتهم والقرار هو ما تريده؛ فصاروا إلى مزق وأشلاء وإبادة جماعية، وما يحصل في غزة هاشم حالياً خير دليل، وكذلك حدود وحروب وتقاطع وتباغض وأوكار للتآمر، تنازعتهم قوميات بغيضة ووطنيات منحطَّة...
ولو تكلمنا باختصار عن أسباب ذلك وأثره على الأمة وما يجب علينا:
أولاً: جذور الانحطاط
لقد شهدت الأمة الإسلامية في أواخر عهد الخلافة العثمانية تراجعاً كبيراً في مختلف المجالات، نتيجة إهمالها للغة القرآن وإغلاق باب الاجتهاد، ما أدى إلى عجزها عن مواكبة المتغيرات واستنباط الحلول للمستجدات. وحدث التمزق والضياع، وحدث لها أسوأ حالات التفكك والضعف...الخ
أما حين كانت الأمة في ظل الخلافة، فقد سادت الدنيا، وكانت مثالاً للعدل والعزة، لا تظلم في كنفها ذمّة، ولا ينام الخليفة وفي الأرض مظلوم لا يُنصف. انتشر الإسلام من الصين شرقاً حتى المحيط الأطلسي غرباً، وخضعت له رقاب الجبابرة من ملوك الأرض.
ثانياً: محاولات النهضة الفاشلة
ظهرت حركات عديدة تسعى لنهضة الأمة، إلا أن معظمها لم تنجح بسبب تبنيها أفكاراً مستوردة من الغرب، مثل القومية العربية والتركية، والوطنيات...الخ، والتي زرعها الاستعمار في جسدها لتفتيتها. كما أن هذه الحركات لم تنطلق من عقيدة الأمة وثقافتها الإسلامية، ما أدى إلى فشلها في تحقيق النهضة المنشودة. فعاشت عقوداً طويلة تحت حكم هذه الأنظمة الرأسمالية والديمقراطية والعسكرية والملكية، فلم تجنِ منها إلا الضعف والتبعية، والفساد والضياع، والشتات والانقسام. فصارت بلاد المسلمين مرتعاً للتدخلات الأجنبية، وثرواتهم نهباً لدوائر الاستعمار، ودماؤهم تسفك على مرأى ومسمع العالم دون رادع.
ثالثاً: الطريق الصحيح للنهضة
النهضة الحقيقية لا تكون إلا بالعودة إلى الإسلام بوصفه منهج حياة، وإقامة دولة الخلافة التي تطبق الشريعة الإسلامية في جميع مناحي الحياة. هذه الدولة ليست حلماً بعيد المنال، بل هي فريضة شرعية وحقيقة تاريخية استمرت لقرون، وكانت نموذجاً في العدل والازدهار. فالخلافة ليست مجرد نظام حكم تاريخي، بل هي فريضة عظيمة وتاج الفروض التي لا تستقيم حياة الأمة من دونها، ولا تقام أحكام الإسلام كاملة إلا بها. إنها النظام الذي ارتضاه الله لعباده ليحكم فيهم بشرعه، وليقودهم بقيادة راشدة موحدة، تطبق الإسلام في جميع النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتعليمية وسائر شؤون الحياة في الداخل وتقوم بنشره إلى الخارج بالدعوة والجهاد.
رابعاً: دور الأمة في تحقيق النهضة
على الأمة الإسلامية أن تعي أهمية العمل لإقامة الخلافة، وأن تسعى لإيجاد رأي عام منبثق عن وعي عام، يدفعها للتحرك مع العاملين المخلصين لإقامة هذه الدولة. فالخلافة هي وعد الله سبحانه وبشرى رسوله ﷺ، وهي تاج الفروض التي يجب على الأمة السعي لتحقيقها، فاليوم صار الحديث عن الخلافة بأنه مشروع نهضة حقيقية، وأصبح مطلباً واسعاً يتجدد في قلوب شباب الأمة. ولهذا اشتد عداء الغرب الكافر لها، لأنهم يدركون تماماً أن عودتها تعني نهاية هيمنتهم، وسقوط نفوذهم، وانتهاء عصور الاستعمار والنهب. ولأجل ذلك تآمروا لإسقاطها بالأمس، ويتآمرون اليوم لمنع عودتها.
خامساً: لا فرج إلا بعودة الخلافة
لا يمكن للأمة أن تنعم بالفرج الحقيقي إلا بعودة الخلافة التي تطبق دين الله في واقع الحياة، وتعالج مشكلاتها الاقتصادية والسياسية والتعليمية والاجتماعية، فبدونها ستظل الأمة تعاني من التبعية والتخلف والانقسام...
نعم إن طريق النهضة واضح لمن أراد أن يسلكه، وهو العودة إلى الإسلام وتطبيقه في جميع جوانب الحياة، من خلال إقامة دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، قال رسول الله ﷺ: «ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ». فالخلافة قادمة بإذن الله، وعلى الأمة أن تعمل بجد واجتهاد لتحقيق هذا الوعد الإلهي. وإن الطريق الحقيقي لنهضة هذه الأمة قد أوضحه الإسلام بجلاء، فلا سبيل للخروج من هذا الانحطاط إلا بإعادة الأمة لدولتها وقيادتها التي تطبق الإسلام في جميع مجالات الحياة. تلك الدولة ليست حلماً طوباوياً ولا وهماً خيالياً، بل هي حقيقة تاريخية ملأت صفحات المجد طوال ثلاثة عشر قرناً. إنها دولة الخلافة، التي كانت نموذجاً في العدل والرحمة، وقوةً في الريادة والقيادة.
إن العمل لإقامة الخلافة ليس ترفاً فكرياً ولا خياراً سياسياً من بين بدائل، بل هو واجب شرعي بل تاج الفروض. فكل مسلم مدعوٌّ لأن يقوم بدوره، مهما كان موقعه، في إعادة الإحساس لهذه الأمة بدولتها المفقودة، وإحياء مشاعر الولاء والانتماء لمشروعها الحضاري. وحين يتحول هذا الإحساس الفردي إلى وعي عام منبثق عن فكر مبدئي صافٍ، فإن الأمة ستنهض وتتحرك بكل طاقاتها خلف المخلصين العاملين لإقامة هذا الكيان الرباني.
لا تنتظروا الفرج دون العمل لعودة الخلافة، فكيف يأتي الفرج ودين الله مغيب عن الحكم، ومبعد عن قيادة الحياة؟! كيف نتوقع حلاً لمشكلاتنا الاقتصادية والسياسية والتعليمية والاجتماعية، ونحن نُدار بأنظمة الكفر وقوانينه؟! إن الفرج لا يأتي بالتمني، وإنما بالعمل الجاد لعودة الإسلام إلى واقع الحياة من خلال دولته، دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة. فوعد الله سبحانه وبشرى نبيه ﷺ لا تزال قائمة. قال رسول الله ﷺ: «ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ»، وهو وعد لا يُخلف، بل هو قدر محتوم، سيكون بإذن الله على يد المخلصين الصادقين الذين نذروا أنفسهم لهذه الفريضة العظيمة.
أيها المسلمون، يا أبناء هذه الأمة المجيدة، إن إقامة الخلافة ليست حلماً حالماً، بل هي واجب شرعي، ومصير أمة تتطلع إلى الخلاص. فليقم كل واحد منا بدوره، في التوعية، والدعوة، والعمل الخالص مع العاملين لإقامة هذا الكيان العظيم، حتى نكون من الذين نصروا الله فنصرهم، وأقاموا دينه فأعزّهم.
قال الله سبحانه وتعالى: ﴿وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾. وقال رسول الله ﷺ: «ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ». فلتكن هذه البشارة النبوية دافعاً لكل مخلص، وباعثاً لكل همّة، ومنارة لكل ساعٍ إلى نهضة أمته.
كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
مياس المكردي – ولاية اليمن