- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
مشروع قانون المالية 2026 في تونس جباية لا رعاية
الخبر:
صادق مجلس نواب الشعب يوم 04 كانون الأول/ديسمبر 2025 على مشروع قانون المالية لسنة 2026 برمّته، وذلك بـ89 صوتاً بنعم مقابل 12 احتفاظاً و13 رفضاً.
وجاءت المصادقة بعد استكمال مناقشة الفصول والتعديلات، ليُحال القانون في صيغته النهائية للتنفيذ وفق الإجراءات الدستورية المعمول بها.
حيث مثلت المداخيل الجبائية المتوقعة لميزانية 2026 (47 مليار و773 مليون دينار) تسعة أعشار أو 91% من مجموع مداخيل الميزانية (52 مليار و560 مليون دينار) التي ستعبّئها الدولة في عام 2026، بينما لا تمثل المداخيل غير الجبائية إلا العشر أي 9% فقط (4 مليارات و437 مليون دينار).
التعليق:
لن نطيل حديثنا في هذا المقام عن العبث المتواصل بأهل هذا البلد الطيب ومقدّراته وقوت عيشه، ولا على سرقة أموالهم تحت ما يسمى بالضرائب، ولا على ارتفاع نسبة الديون الربوية التي تغضب الله ورسوله وتزيد من ارتهان الوسط السياسي للإملاءات الخارجية والقوى العالمية التي تغتنم هذه الفرص لتواصل نهبها لخيرات البلاد، لن نطيل حديثنا هذا لأن أهل تونس بكل شرائحهم هم أعلم بالمهمة القذرة التي تقوم بها هذه المجالس النيابية التي تشرّع من دون الله، يقول الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَىٰ إِثْماً عَظِيماً﴾، وأهل تونس يعلمون حق المعرفة أن هذه المشاريع ليست إلا مواصلة للنهج نفسه الذي انتهجته الأنظمة السابقة منذ أن أرسى المقبور بورقيبة أسس وقواعد هذا النظام العلماني الرأسمالي، ولن تزيدهم إلا فقرا وضنك عيش.
في المقابل حديثنا سيكون عن مشروع الميزانية والمالية في دولة الإسلام القادمة قريبا بإذن الله الذي أرسى قواعده رسول الله ﷺ والخلفاء الراشدون من بعده، ففي دولة الخلافة لا توضع موازنة سنوية، ولا يسن قانون لها، ولا تعرض على مجلس الأمة؛ لأن المقابل لها هو بيت المال، وإيرادات بيت المال ليست تقديرية ولا هي أرقاماً متوقعة، بل هي أرقام حقيقية، تتعلق بأموال يتم تحصيلها حسب الأحكام الشرعية. وكذلك النفقات، فهي نفقات حقيقية، أنفقت فعلا بموجب أحكام شرعية دائمة لا تتغير بتغير السنين. فدولة الخلافة القادمة عما قريب بإذن الله ستعتمد في مواردها على خيراتها التي ينعم بها اليوم أعداؤنا من معادن ونفط وغاز وزيت الزيتون وحبوب... ولن تكون عقبة ولن تجحف أحدا من رعاياها بالضرائب والتعطيلات بل ستعمل على توفير الثروة من خلال تشجيع الفلاح والباحث وأصحاب المهن والمعامل حتى توفّر الحاجيات الأساسية والكمالية، فالإمام راع وهو مسؤول عن رعيته، ولنا في عمر بن عبد العزيز رحمه الله أكبر مثال في حسن التصرف في ميزانية الدولة؛ فلقد بويع رحمه الله على الخلافة، وكان بيت المال فارغاً، بل عليه ديون، فلم يفرض ضرائب على رعيته ولم يبع ثروات المسلمين من مناجم الذهب والفضة وبقية المعادن للكفار بدعوى أنه لا يستطيع استخراجها بدعوى أن دولة الخلافة تفتقر للخبراء والمال، ولم يستدن المال لأجل تسيير شئون الدولة، بل ترك الناس يزرعون، فهو لا يأخذ منهم ضرائب، ويأخذ منهم زكاة زروعهم، ولم يخصص أماكن إنتاج المعادن غير المنقطعة الموجودة بكميات كبيرة للأفراد أو لدول أوروبا الكافرة، بل أشرف على إنتاجها فقط بوصفه خليفة، ولم يخصصها للدولة، وإنما هي ملكية عامة، فوزع الذهب والفضة على الرعية فرداً فرداً، وأعطى الزكاة لمستحقيها، فأشبع حاجاتهم الأساسية إشباعاً تاماً، فجاء إليه عمال بيت المال يقولون: "إن الخير كثير رغم توزيعنا لكل الفقراء والمساكين إلى حد الإشباع التام، ولكن الأموال تتكدس في بيت المال فماذا نصنع"؟ فقال "انثروا القمح على رؤوس الجبال حتى لا يقال جاع طير في بلاد المسلمين"!
هكذا تكون السياسة وهكذا تكون رعاية الناس؛ بتطبيق أحكام الإسلام، بإرضاء رب العالمين صاحب الخلق والملك. يقول الله تعالى: ﴿أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
نجم الدين شعيبن



