- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
عنفُ ما بعد الانتخابات في تنزانيا عام 2025
(مترجم)
الخبر:
في يوم الاثنين الموافق 3/11/2025، أدّت سامية سولوهو حسن اليمين الدستورية رئيسةً لتنزانيا المتحدة لولاية ثانية. وقد تسببت الانتخابات، التي شابها العنف لعدة أيام بدءاً من 29 تشرين الأول/أكتوبر 2025، تسببت في خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات والبنى التحتية العامة.
التعليق:
هذه ليست المرّة الأولى التي تشهد فيها تنزانيا عنفاً انتخابياً منذ تطبيق التعددية الحزبية عام ١٩٩٥. ولأنّ العنف كان جزءاً من كل انتخابات عامة، كان من بين أسوأها انتخابات عام ٢٠٠٠ في زنجبار، حيث قُتل ٣٥ شخصاً وجُرح ٦٠٠ آخرون، وهاجر حوالي ٢٠٠٠ آخرين إلى كينيا، وفقاً لمنظمة هيومن رايتس ووتش.
يُعد العنف في الانتخابات الديمقراطية أمراً شائعاً في جميع أنحاء العالم. على سبيل المثال، في الفترة من كانون الأول/ديسمبر ٢٠٠٧ إلى شباط/فبراير ٢٠٠٨ في كينيا، قُتل أكثر من ١٢٠٠ شخص وشُرد نحو ٣٥٠ ألفاً، وفي ساحل العاج عام ٢٠١٠، قُتل ما يُقدر بثلاثة آلاف شخص، وفي السنغال عام ٢٠١٢، قُتل نحو ١٥ شخصاً، وفي موزمبيق عام ٢٠٢٤، قُتل أكثر من ٥٠ شخصاً، وكل ذلك على سبيل المثال لا الحصر. وتُقدّر التقارير العالمية أن عنف الانتخابات يحدث في حوالي 19% من أنحاء العالم، وفي حوالي 58% من الانتخابات في أفريقيا!
وقد شهدنا هذا حتى في دول تُعتبر من أبطال الديمقراطية، مثل الولايات المتحدة في انتخاباتها عام 2020، حيث بعد هزيمة ترامب الأولى، في العام التالي، في 6 كانون الثاني/يناير، أحدثت حشود من أنصاره فوضى في مبنى الكونغرس الأمريكي (الكابيتول هيل) مع الإبلاغ عن العديد من الوفيات.
يعود السبب الرئيسي للعنف في الانتخابات الديمقراطية، وهو النظام الرأسمالي الحاكم، إلى طبيعة المبدأ الرأسمالي نفسه.
انبثقت العقيدة الرأسمالية من عقيدة علمانية ضعيفة وهشّة وغير منطقية، خالية من القيم الروحية، وتركّز فقط على المصلحة كمقياس لجميع الأفعال. في هذه الحالة، يصبح العنف وشيكاً لأن أتباع الديمقراطية مستعدون للانخراط في أي شيء من أجل تحقيق المصالح.
ناهيك عن تبني الرأسمالية لاستراتيجية مكيافيلية باستخدام أي وسيلة، مثل الكذب والقتل وإثارة الفتنة بين الناس وتخريب الممتلكات العامة والخاصة، وما إلى ذلك، لتحقيق الغاية المطلوبة. كذلك، خدعت الدول الغربية، التي أدخلت الديمقراطية التعددية، الناس، بإظهارها لهم أن "التحرر الثاني" هو زيفٌ واضح.
يشبه شعار "التحرّر الثاني" الزائف، عبر الديمقراطية التعددية، شعار "الاستقلال"؛ فكلاهما يهدف إلى تشتيت انتباه الناس، وخاصةً في الدول النامية، وتضليلهم عن السعي والنضال من أجل حلٍّ حقيقي وجذري لاقتلاع الرأسمالية من جذورها، والتي هي مصدر كل دمار في هذه الدول تحديداً.
كان شعار "الاستقلال" في خمسينات وستينات القرن الماضي يهدف إلى تغيير نمط الاستعمار القديم إلى استعمار جديد من خلال عملاء محليين باسم منح الاستقلال. وبعد سنوات من الاستقلال، أدرك الناس أنه لا يوجد تغيير كما هو متوقع، وقد سئموا من عملاء الغرب المتوحشين المستبدين الذين يحكمون عبر حزب واحد، حيث أدخلت الدول الغربية بذكاء ديمقراطية متعددة الأحزاب لتهدئتهم بشكل زائف. وفي ظلّ التعددية الحزبية، غُسلت أدمغة الناس ليعتقدوا أنّ تغيير الوجه سيؤدي إلى تغييرات في البلاد. كيف سيحدث التغيير دون تغيير مبدئي جذري للرأسمالية التي لا تزال تسيطر على كل جانب من جوانب العالم النامي، وتعمل ليل نهار لاستغلال مواردنا بأي وسيلة حتى التسبب في الفتنة الأهلية والانقسام والحرب لتحقيق أجندتها الاستعمارية، كما نشهد في الكونغو وموزمبيق وغيرهما؟!
علاوةً على ذلك، لم يكشف العنف الذي أعقب الانتخابات في تنزانيا وغيرها عن الديمقراطية كنظامٍ للفوضى والخراب فحسب، بل كشف أيضاً عن خرافة دعاية الحرب الغربية على الإرهاب التي استهدفت الإسلام والمسلمين في جميع أنحاء العالم دون تمييز، بينما يدعم مؤيدو الديمقراطية ونشطاؤها هذا العنف الوحشي بلا خجل، بل ويشارك فيه البعض علناً.
في الختام، لن تنعم تنزانيا والدول النامية والبشرية جمعاء بالسلام والطمأنينة في ظلّ نظام ديمقراطي فاسد، بل تحتاج إلى تغيير جذري في ظل الإسلام الذي حكم الشعوب لقرونٍ طويلة، بمعاملات عادلة ومنصفة للجميع.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
سعيد بيتوموا
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في تنزانيا



