- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
حكومتا صنعاء وعدن تستمران في معاقبة الناس بقطع رواتبهم
والإسلام يوجب أداءها من واردات الدولة لا من الملكيات العامة
الخبر:
برعاية وتوجيه حكومي أطلقت حملة إلكترونية تحت وسم #راتبي_في_البنك_الأهلي، تفاعل العديد من الناشطين اليمنيين خلال اليومين الماضيين مع الحملة التي تفضح بجلاء واقع الحصار المتواصل على اليمن وارتباط العدوان السعودي الأمريكي بمأساة اليمنيين المتواصلة لأكثر من عشر سنوات. وانطلقت الحملة في وقت تتصاعد فيه حالة السخط الشعبي جراء انقطاع المرتبات، وتدهور الأوضاع الاقتصادية بفعل الحصار الجائر الذي يفرضه العدوان على بلادنا، واستحواذه على الإيرادات النفطية والغازية وتحويلها إلى حسابات خارج البلاد، أبرزها البنك الأهلي السعودي، بتواطؤ من الخونة والمرتزقة اليمنيين. (ذمار نيوز، 28/10/2025م)
التعليق:
حال أهل اليمن بين رمضاء حكومة العليمي ونار حكومة الحوثيين؛ فالأولى تعدم الخدمات وبدأت مؤخراً بقطع رواتب المعلمين، وحكومة الحوثيين مستمرة في معاقبة الناس. إنّ هذا التبرير الذي يروّجه الحوثيون لا يستند إلى أساس شرعي، بل هو تضليل مقصود للتغطية على فشلهم في رعاية شؤون الناس والقيام بمقتضى الحكم بالإسلام.
فالرواتب والأجور في الإسلام حقّ على الدولة، تؤدّى من إيراداتها الخاصة مثل الفيء، والجزية والخراج، وكل موارد ملكية الدولة، لا من عائدات النفط والغاز والمعادن وغيرها من الثروات، لأن هذه الأخيرة من الملكيات العامة التي جعلها الشرع لجميع المسلمين، لا تملكها الدولة، ولا يجوز حبسها عن الأمة، أو اتخاذها ذريعة للتنصّل من الواجبات.
أمَا وحكومة الحوثيين تجبي إيرادات طائلة من جميع الموارد شرعية وغير شرعية سواء ما يعد ملكية دولة وما تفرضه من ضرائب محرمة كضريبة المبيعات والضرائب الدائمة المسماة ضريبة حكومية، أو الإيرادات العامة كرسوم الاتصالات السلكية واللاسلكية، وخدمة الإنترنت، والنقل والمواصلات، والثروة السمكية والشريط الساحلي والمعادن والملح والمياه وغيرها من الملكيات العامة... فأين تذهب كل هذه الإيرادات في ظل تنصل الحكومة من أي مسؤولية من مسؤولياتها للرعية كالغذاء والماء والسكن والكساء وفرص العمل والتعليم والتطبيب والأمن والقضاء وغيرها من حقوق الرعية على الدولة؟!
أما حكومة مجلس العليمي فلا تحتاج إلى بيان في فشلها وعمالتها فقد فاحت رائحة فسادهم ولم تبق دار إلا دخلها.
وعليه فإنّ حبس الرواتب عن الموظفين هو ظلم صريح، يدخل تحت الوعيد الشديد الذي نطق به النبي ﷺ في قوله: «قَالَ اللَّهُ: ثَلاَثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ... وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيراً فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُعْطِ أَجْرَهُ» رواه البخاري. وأما ثروات الملكية العامة التي يحتجّون بها، فقد جعلها الإسلام مشاعة بين المسلمين، لقوله ﷺ «الْمُسْلِمُونَ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ: فِي الْمَاءِ، وَالْكَلَأِ، وَالنَّارِ، وَثَمَنُهُ حَرَامٌ» رواه ابن ماجه.
ولا فرق في هذا بين حكومة الحوثيين وحكومة العليمي، فكلهم يحكمون بنظام رأسمالي ظالم، يجبون المال باتجاه واحد، بل ويستخدمونه في تجويع الناس وإبقائهم تحت وطأة الفقر والجهل والصراعات الدنيوية، وهم يخدمون بذلك مصالح أسيادهم في الغرب، أمريكا وبريطانيا، وفي بقاء المسلمين منحطين فكراً واقتصاداً ويعيشون أسوأ الظروف، وأكبر همهم تأمين لقمة العيش كي لا تنهض الأمة لتستعيد خلافتها وتحكم بشرعة ربها.
فأيّ تذرّع بعد هذا لا يُعدّ إلا ظلماً ومصادرةً لحقوق الناس بأسماء وهمية كالعدوان والحصار والمقاومة، وحتى الجهاد ودعم وإسناد غزة، بينما يُساق المال في الواقع إلى جيوب الطبقة الحاكمة ومراكز النفوذ، ويحول إلى العملة الصعبة ويسلم لأدوات الاستعمار مقابل خدماتهم في إبقاء حكوماتنا على كراسي الحكم!
إنّ السياسة الاقتصادية في الإسلام قائمة على أداء الحقوق وضمان العدل بين الرعية، لا على الاحتكار والنهب والتذرّع بالأزمات.
فلو طبِّق نظام الإسلام، كما هو مبيّن في مشروع دستور دولة الخلافة الذي قدمه حزب التحرير، لكان بيت المال قائماً بمهامه، ولكان لكل عاملٍ بل لكل فرد من رعايا الدولة حقّه المضمون، دون منّة من أحد، أما في ظل أنظمة الضرار القائمة اليوم، فستظلّ معاناة الناس دليلاً على غياب الخلافة الراشدة التي تحكم بالشرع وتؤدي الحقوق إلى أهلها.
وما هذه المعاناة المتكرّرة في اليمن إلا شاهدٌ على غياب الحكم بما أنزل الله، وعلى ضرورة استئناف الحياة الإسلامية بإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة التي ترعى شؤون الناس حقّ الرعاية وتؤدّي لكل ذي حقٍّ حقَّه. قال الله تعالى: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ﴾.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أبو بكر الجبلي – ولاية اليمن



