الإثنين، 21 ربيع الثاني 1447هـ| 2025/10/13م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • كٌن أول من يعلق!
تسليح "معاداة السّامية" لإسكات الدّعم لتحرير فلسطين

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

تسليح "معاداة السّامية" لإسكات الدّعم لتحرير فلسطين

(مترجم)

 

 

الخبر:

 

في الأيام الأخيرة، دار نقاشٌ واسع في بريطانيا يشيرُ إلى وجود صلة بين المظاهرات المؤيدة لفلسطين وتصاعد معاداة السامية والهجمات ضدّ اليهود في البلاد. وقبل الذكرى الثانية لهجوم حماس على كيان يهود في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، حثّ رئيس وزراء بريطانيا كير ستارمر الطلاب على عدم الانضمام إلى الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين في ذلك اليوم، محذراً من "تصاعد معاداة السامية في شوارعنا"، ومن أنه "ليس بريطانياً عدم احترام الآخرين" من خلال تنظيم مظاهرات في هذه الذكرى، مضيفاً أنّ الاحتجاجات قد استخدمها البعض "كذريعة دنيئة لمهاجمة اليهود البريطانيين". وصرّح المتحدث الرسمي باسمه أن المتظاهرين "يجب أن يُظهروا إنسانيتهم" وأنّ يتذكروا الهجوم على كيان يهود في 7 تشرين الأول/أكتوبر، بينما ناشدت وزيرة التعليم، بريدجيت فيليبسون، الناس أيضاً عدم الاحتجاج في هذه الذكرى، معلقةً: "بعد عامين من 7 تشرين الأول/أكتوبر، أودّ فقط أن أطلب من الناس أن يتأملوا ويحاولوا التفكير في الإنسانية المشتركة ومسؤولية بعضنا تجاه بعض". وألقى البعض باللّوم أيضاً على المسيرات المؤيدة لفلسطين في البلاد في الهجوم على كنيس مانشستر في الثاني من تشرين الأول/أكتوبر والذي أدّى إلى مقتل رجلين يهوديين.

 

التعليق:

 

من الواضح أنّ الحكومة البريطانية، وعدداً من السياسيين الآخرين، والمعلقين الإعلاميين المؤيدين لكيان يهود، يستغلون ورقة معاداة السامية لمحاولة إسكات الدعوة لتحرير فلسطين من يهود. كما أعلنت وزيرة الداخلية، شبانة محمود، عن خطط لمنح الشرطة صلاحيات أوسع لتقييد الاحتجاجات المتكررة، في أعقاب المظاهرات العديدة المؤيدة لفلسطين، بينما يعتزم وزير الصحة، ويس ستريتنج، تحديث التشريعات التي تحظر على الأطباء وغيرهم من العاملين في مجال الرعاية الصحية المعادين للسامية علاج المرضى. ينظر الكثيرون في الأوساط السياسية والإعلامية الغربية إلى معاداة السامية على أنّها دعوة إلى الإزالة الكاملة للاحتلال من فلسطين. لذلك، يواجه العاملون في مجال الرعاية الصحية الذين يعبرون عن دعمهم لتحرير فلسطين بالكامل خطر فقدان وظائفهم تحت مسمى معاداة السامية.

 

إنّ الرواية المتداولة التي تربط معاداة السامية بالدعوة إلى إنهاء الاحتلال الوحشي ودعم حق الفلسطينيين في استعادة أراضيهم ومنازلهم التي نهبها المستوطنون بوحشية، هي رواية سخيفة تماماً، وكذلك خلط أفعال الأفراد الذين يهاجمون اليهود في بريطانيا بالاحتجاجات المؤيدة لفلسطين. إنها تُعادل إلقاء اللّوم على المظاهرات المؤيدة لأوكرانيا في الهجمات على أفراد روس في بريطانيا. إنها رواية تُستخدم بوضوح لترهيب وإسكات الذين يطالبون بإنهاء هذا الاحتلال الوحشي والتحرير الكامل لفلسطين.

 

علاوةً على ذلك، فإنّ فكرة أن الاحتجاج في الذكرى الثانية للسابع من تشرين الأول/أكتوبر على الإبادة الجماعية في غزة، بينما يواصل الاحتلال قصف الفلسطينيين الأبرياء بالقنابل، هو أمرٌ غير حساس أو يُظهر انعداماً للإنسانية المشتركة، تعكس ازدواجية معايير السياسيين الغربيين تجاه قيمة حياة الفلسطينيين مقارنةً بحياة اليهود الذين يعيشون داخل الكيان. ليست الدعوة إلى التحرير الكامل لفلسطين هي الدّافع وراء معاداة السامية في الغرب، بل هذه الإبادة الجماعية التي يرتكبها كيان يهود، الذي يتبنى ساسته وقواته المفهوم الصهيوني للتفوق اليهودي، ويستغلون اليهودية لتبرير أفعالهم الوحشية واحتلال الأرض المباركة. علاوةً على ذلك، ليس الإسلام هو من يحمل تاريخاً من معاداة السامية المنهجية واضطهاد اليهود، بل هي الدول الأوروبية العلمانية. في الواقع، إن إنشاء كيان يهود نفسه هو نتيجة لمذابح اليهود في أوروبا، والمشاعر المعادية للسامية داخل بريطانيا التي حاولت منع تدفق اليهود الأوروبيين إلى البلاد من خلال قانون الأجانب لعام ١٩٠٥.

 

في المقابل، ازدهر اليهود في ظلّ دولة الخلافة. فعلى سبيل المثال، يذكر المؤرخ اليهودي البريطاني، سيسيل روث، أنّ المعاملة الحسنة التي حظي بها اليهود في الخلافة العثمانية جذبتهم من جميع أنحاء أوروبا، وأصبحت أرض الإسلام أرض الفرص لهم، حيث ازدهروا اقتصادياً. ففي ظل الخلافة، تمّ إنقاذ اليهود ومنحهم ملاذاً آمناً عندما اضطُهدوا في بلدان أخرى. على سبيل المثال، في عام ١٤٩٢، أرسل السلطان بايزيد الثاني أسطوله البحري بأكمله لإنقاذ ١٥٠ ألف يهودي أوروبي كانوا يتعرّضون للاضطهاد على يد حكام إسبانيا النصارى، وأسكنهم في أراضي الخلافة. علاوةً على ذلك، صرّح المؤرخ اليهودي آفي شلايم بأن معاداة السامية انتقلت إلى العرب من أوروبا، مجادلاً بأنّ معاداة السامية الأصلية كانت شبه معدومة في المنطقة العربية قبل القرن العشرين، وأنه كان لا بدّ من ترجمة الأدبيات الأوروبية المعادية للسامية إلى العربية لتُعرَف بها المنطقة. كما أكد على أنّ اليهود اندمجوا بشكل جيد في المجتمعات العربية لقرون في ظلّ الحكم الإسلامي، وأنّ الشكل الحديث لمعاداة السامية هو "داء أوروبي" انتقل إلى الشرق الأوسط.

 

لذلك، على المسلمين في الغرب أن يظلّوا أقوياء في وجه هذه الروايات الكاذبة والسياسات الحكومية التخويفية التي تهدف إلى إسكاتهم عن الدعوة إلى تحرير فلسطين بالكامل. علينا أن نواصل الدعوة إلى اقتلاع هذا الاحتلال الوحشي القاتل من الأرض المباركة بكاملها، فهذا ما يأمر به الله سبحانه وتعالى، وهو السبيل الوحيد لإنهاء المذابح والاستعباد المستمر لأمتنا هناك. علينا أن نستلهم من أفعال إخواننا وأخواتنا الأعزاء في فلسطين الذين أظهروا لنا الشجاعة والصمود في وجه الظلم، النابع من إيماننا كمسلمين. إن الله سبحانه وتعالى يقول: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ. تُعَدُّونَ﴾. ويجب علينا أن نوضح لمن حولنا أنّ النظام الإسلامي الذي تطبّقه دولة الخلافة على منهاج النبوة هو وحده القادر على إيجاد السلام والأمن والعدالة والرّخاء وتأمين حقوق جميع الأديان تحت حكمها في فلسطين وفي جميع أنحاء البلاد الإسلامية كما فعلت عبر التاريخ.

 

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

أسماء صديق

عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع