السبت، 05 ربيع الثاني 1447هـ| 2025/09/27م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
المجاعة في غزّة: الأمم المتّحدة والقوى العالمية مسؤولة

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

المجاعة في غزّة: الأمم المتّحدة والقوى العالمية مسؤولة

(مترجم)

 

 

الخبر:

 

اعتباراً من 22 آب/أغسطس 2025، أعلن التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC) رسمياً حالة المجاعة (المرحلة الخامسة) في غزة. ووفقاً للتصنيف، يُعاني حوالي 640 ألف شخص من "مستويات كارثية من انعدام الأمن الغذائي" (المرحلة الخامسة)، و1.14 مليون شخص في حالة "طوارئ" (المرحلة الرابعة)، و396 ألف شخص في حالة "أزمة" (المرحلة الثالثة).

 

التعليق:

 

على الرّغم من وجود العديد من هيئات الأمم المتحدة، بما في ذلك منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، واليونيسيف، وبرنامج الأغذية العالمي، ومنظمة الصّحة العالمية، وعدد كبير من المنظمات غير الحكومية التابعة لها، إلا أنّ هذه المنظمات فشلت في التخفيف مما يُعتبر، في الواقع، برنامجاً حديثاً للإبادة العرقية. فمع عقود من الخبرة في مواجهة المجاعة حول العالم، لم تُعلن هذه الوكالات عن وجود أزمة وجودية، ولم تتدخل بفعالية لمنع انتشار الموت جوعاً. إنّ إحجام العالم عن تسمية الجريمة بالإبادة الجماعية، وميله إلى إلقاء اللّوم بشكل مبهم على ظروف الحرب أو سياسات حكومة يهود، يُظهر فشلاً أخلاقياً وعملياً عميقاً. هذا الفشل ليس جديداً في التاريخ. لقد تفاقمت مجاعاتٌ مثل مجاعة البطاطس الأيرلندية (1845-1852)، والمجاعة الكبرى الأوكرانية (1932-1933)، والمجاعة الصينية الكبرى (1959-1961)، والعديد من المجاعات الهندية (1770، 1782، 1788، 1837، 1876، و1943) بسبب القوى الاستعمارية التي أولت سياساتها الأولوية للسيطرة والربح والسلطة على حساب بقاء الملايين. واليوم، يُكرّر كيان يهود وأمريكا، إلى جانب أنظمة إقليمية متواطئة، مثل مصر والأردن وتركيا وغيرها، هذا النّمط. إن أفعالهم بما في ذلك إسقاط المساعدات المحدودة والضارة في كثير من الأحيان تهدف إلى إدامة الاستعباد بدل تخفيف المعاناة.

 

إنّ عدم إطعام الجائعين في غزّة ليس مجرد قضية سياسية؛ بل هو واجب إنساني وأخلاقي أساسي. وكما يُذكرنا الله سبحانه وتعالى في الحديث القدسي «إنَّ اللهَ عز وجل يَقُولُ يَومَ القِيَامَةِ: يَا ابْنَ آدَمَ، مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدنِي! قَالَ: يَا رَبِّ، كَيْفَ أعُودُكَ وَأنْتَ رَبُّ العَالَمِينَ؟!، قَالَ: أمَا عَلِمْتَ أنَّ عَبْدِي فُلاَناً مَرِضَ فَلَمْ تَعُدْهُ! أمَا عَلِمْتَ أنَّكَ لَوْ عُدْتَهُ لَوَجَدْتَني عِنْدَهُ! يَا ابْنَ آدَمَ، اسْتَطْعَمْتُكَ فَلَمْ تُطْعِمنِي! قَالَ: يَا رَبِّ، كَيْفَ أطْعِمُكَ وَأنْتَ رَبُّ العَالَمِينَ؟! قَالَ: أمَا عَلِمْتَ أنَّهُ اسْتَطْعَمَكَ عَبْدِي فُلانٌ فَلَمْ تُطْعِمْهُ! أمَا عَلِمْتَ أنَّكَ لَوْ أطْعَمْتَهُ لَوَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي! يَا ابْنَ آدَمَ، اسْتَسْقَيْتُكَ فَلَمْ تَسْقِنِي! قَالَ: يَا رَبِّ، كَيْفَ أسْقِيكَ وَأنْتَ رَبُّ العَالَمينَ؟! قَالَ: اسْتَسْقَاكَ عَبْدِي فُلاَنٌ فَلَمْ تَسْقِهِ! أمَا عَلِمْتَ أنَّكَ لَوْ سَقَيْتَهُ لَوَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي».

 

إن إطعام الجياع وحماية الضعفاء ليسا واجباً أخلاقياً على المسلمين فحسب، بل هما معيار عالمي للحضارة. إنّ تجاهل المحتاجين، مع الادعاء بتقديم المساعدة عبر قنوات بيروقراطية تفشل في الوصول إلى المظلومين، هو خيانة لكرامة الإنسان وإنكار لمسؤوليتنا أمام الله سبحانه وتعالى.

 

إنّ العوائق التي تحول دون إيصال المساعدات إلى غزة واضحة: القيود الحدودية، والحصار العسكري، والأنظمة المتواطئة التي تطبق سياسات رُسمت منذ عقود في ظلّ الانتدابات الاستعمارية - خطوط رسمها سايكس الإنجليزي وبيكو الفرنسي في 16 أيار/مايو 1916. إن المسؤولية تقع في المقام الأول على عاتق الحكام والجنود الذين يسيطرون على الحدود للسماح بوصول الغذاء والمساعدات الطبية والإمدادات الأساسية إلى المحتاجين. كما تتحمّل عائلات من يفرضون هذه الحصارات مسؤولية أخلاقية، وكذلك المجتمعات في البلاد الإسلامية والعالمية الأوسع التي تتسامح مع هذا الظلم.

 

يذكرنا الله تعالى في القرآن الكريم: ﴿قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيداً لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ * قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَاباً لَّا أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِّنَ الْعَالَمِينَ﴾.

 

لقد استعان أصحاب عيسى عليه السلام بالتدخل الإلهي لإيصال الرزق في وقت الشدة. وبالمثل، تدعو الأمة الإسلامية اليوم لإغاثة أهل غزة. ومع ذلك، يجب أن يصاحب الدعاء العمل. فالخلاص الحقيقي لا يكمن في الدّعاء وحده، بل في التعبئة لتحدي الحصار وإزالة هذه الأنظمة المتواطئة.

 

من يقصّر في العمل بينما إخوانه وأخواته يموتون، لا يظن أنه أحقّ بالرحمة. يوم القيامة، سيشهد من وُعدوا بالشهادة على تقاعس من كان بإمكانهم إحداث تغيير. إطعام الجائع، وتوفير المأوى، وحماية المظلومين ليست اختيارية، بل هي واجبات على كل ضمير يدعي تقدير الإنسانية، وخاصةً على الحكام الذين يملكون القدرة والسلطة على ذلك.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

إبراهيم أحمد

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع