- الموافق
- كٌن أول من يعلق!

بسم الله الرحمن الرحيم
من طارق أيوب إلى أنس الشريف ورفاقه
الخبر:
قبل منتصف ليل الأحد-الاثنين، ترجّل خمسة من فرسان قناة الجزيرة في قطاع غزة، بعدما استهدفهم الاحتلال في قصف غادر، أوقف نبضهم وأطفأ عدساتهم، لكنه لم يمح أثرهم ولا صوتهم من ذاكرة غزة.
أنس الشريف، ومحمد قريقع، وإبراهيم ظاهر، ومؤمن عليوة، ومحمد نوفل، 5 وجوه كانت تعمل على نقل صوت غزة للعالم، وفضح جرائم الاحتلال، فصارت اليوم عناوين للفقد والألم، وأيقونات للتضحية في سبيل الكلمة الحرة. (الجزيرة نت).
التعليق:
في عام 2003 قتلت أمريكا مراسل الجزيرة طارق أيوب في أوج حربها على العراق، ولم يكن هو الصحفي الأخير الذي تقتله في العراق أو غيرها، وكذلك مارس كيان يهود قتل المراسلين والصحفيين طوال عشرات السنوات وتوّجها بقتل ما يفوق 230 صحفيا منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 حتى الأمس. وهذه المرة اعترف الكيان صراحة بقتل أنس الشريف ورفاقه دون خجل أو استحياء. كيف يرعوون وهم يقتلون ويجوعون أهل غزة صباح مساء منذ ما يقرب من عامين لم تردعهم أمة المليارين طالما يحكمها حكام جبناء موالون للكافر المستعمر بل متآمرون وداعمون لكيان يهود؟! فكيف إذا قتل صحفي آخر؟ لسان حالهم يقول ها قد تخلصنا من صوت آخر يفضحنا بنقله معاناة غزة المكلومة.
يقول الشريف رحمه الله في وصيته الأخيرة: "عشتُ الألم بكل تفاصيله، وذُقت الوجع والفقد مراراً، ورغم ذلك لم أتوانَ يوماً عن نقل الحقيقة كما هي، بلا تزوير أو تحريف...".
لا شك أن مهنة المراسل الصحفي هي مهنة جليلة الأثر في نقل الوقائع على الأرض، وتجلية الحقائق للناس صورة أو صوتا أو نصا.
والصحفي المسلم يفترض به أن يكون مبدئيا منحازا للحقيقة والحق، لا يجامل أو يداهن ولا ينافق. لا يطمس وقائع ولا يخفي أحداثا، بل يكون منحازا لمبدأ الإسلام في عمله مدركا لدوره ومهمته.
في عالم اليوم أصبحت الحقيقة صعبة المنال، وأصبح الكذب والنفاق والخداع هو سيد الموقف في وسائل الإعلام عموما، مع ادعائها زورا وبهتانا الحياد. فلا تكاد تجد وسيلة إعلامية إلا وهي خاضعة لمنظومة معقدة تهدف لإخفاء الحقائق والتلاعب في عقول الناس، والتبعية فإن من يعملون في تلك الوسائل الإعلامية يُلزمون باتباع سياستها والعمل لتحقيق أهدافها، ومن النادر أن تجد أحدا يخرج عن ذلك السياق.
آن الأوان أن يدرك كل صحفي وإعلامي أنه ملاقٍ ربَّه، فإما أن يكون منحازا للأمة متبنيا لقضاياها أو أن يكون أداة طيعة في يد منظومة الكذب والنفاق والخداع التي تزيف الحقائق وتطمسها أو إبراز قضايا تافهة للتغطية على عظيم القضايا والأحداث.
رحم الله أنس ورفاقه ورحم من سبقهم، ورحم الله أهلنا في غزة الذين تكالب عليهم شذاذ الآفاق وأعانهم حكام رويبضات وإعلام تابع لهم يمتهن الكذب.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
حسام الدين مصطفى