- الموافق
- كٌن أول من يعلق!

بسم الله الرحمن الرحيم
حل الدولتين هو حل استعماري لقضية فلسطين
(مترجم)
الخبر:
بينما لا تزال غزة تحترق، ويستشهد العشرات من أهلها يومياً، قصفا وجوعا، ويتصاعد العنف في الضفة الغربية على يد الاحتلال الهمجي، تجدد الدفع، لا سيما من بعض الدول الغربية، نحو حل الدولتين، الذي يزعمون أنه سيمهد الطريق لحل الصراع المستمر منذ عقود في المنطقة. فقد أعلنت فرنسا وبريطانيا وكندا، من بين دول أخرى، عن نيتها الاعتراف بدولة فلسطينية، إذا استُوفيت شروطٌ مُحددة. كما ناقش مؤتمرٌ دوليٌّ رفيع المستوى عُقد في مقر الأمم المتحدة بنيويورك في تموز/يوليو، برئاسة فرنسا والسعودية، ضرورةَ وضع خطواتٍ ملموسةٍ لتحقيق حل الدولتين. وقد أسفر المؤتمر عن إعلانٍ من سبع صفحاتٍ يدعم هذا الهدف، الذي أيدته أيضاً الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي.
التعليق:
إن حل الدولتين لقضية فلسطين هو حل أمريكي استعماري، يبرز في كل مرة تسعى فيها مختلف الدول الاستعمارية إلى صرف الانتباه الدولي عن الدور الذي تقوم به في دعم كيان يهود المتعطش للدماء وترسيخه، وإظهار نفسها صانعة سلام، وهو أمرٌ بعيدٌ كل البعد عن الحقيقة. وفي هذه الحالة، ليست دعوات القوى الاستعمارية للاعتراف بدولة فلسطينية سوى ستارٍ دخانيٍّ لمحاولة صرف الانتباه عن الغضب المحلي والدولي عن تواطؤها المستمر في هذه الإبادة الجماعية لأهل غزة، عبر تزويدها الاحتلال بالسلاح. إنها ليست سوى مسرحية دبلوماسية لا تُغير شيئاً على أرض الواقع!
تُدرك هذه الحكومات الاستعمارية جيداً أن تطبيق حل الدولتين، حيث يُفترض أن تعيش دولة فلسطينية بسلام إلى جانب دولة يهود، هو فكرة خيالية غير عملية تماماً، ومنفصلة عن الواقع. في الواقع، لقد أصبحت فكاهة معلنة بين دوائرهم الدبلوماسية، الذين يدركون أنه لا توجد طريقة لإنشاء دولة من الضفة الغربية وشرقي القدس التي تضم أكثر من 200 مستوطنة وحوالي 700 ألف مستوطن، والتي تفصلها عن قطاع غزة أراضٍ محتلة دمرها الاحتلال تماماً. ومع ذلك، يواصلون التلويح بفكرة حل الدولتين كما لو كانت عصا سحرية يمكنها محو عقود من الظلم ونهب الأراضي والمجازر الجماعية والسجن والتطهير العرقي لأهل فلسطين على يد يهود!
علاوة على ذلك، فإن الدعوات إلى حل الدولتين لن تضع حداً لجرائم كيان يهود المستمرة ضد أهل فلسطين أو توقف هدفه التوسعي المتمثل في إنشاء "إسرائيل الكبرى" والاستيلاء على كامل الأرض المباركة. هذا هو المسار الواضح لسياسة كيان يهود. في الواقع، تناقش حكومة يهود خططاً لبناء آلاف الوحدات السكنية الجديدة في المنطقة E1، شرق القدس الشرقية، والتي من شأنها ربط مستوطنة معاليه أدوميم الكبيرة بالقدس. وسيؤدي ذلك إلى سرقة ما يقرب من 3000 فدان لبناء أكثر من 4000 وحدة استيطانية، ما سيؤدي فعلياً إلى تقسيم الضفة الغربية وتفتيتها وعزلها بشكل أكبر. كما أعلن نتنياهو عن خطط لاحتلال قطاع غزة.
من الواضح إذن أن حل الدولتين هو محض خيال! يكتب ربيع إغبارية، محامي حقوق الإنسان فيقول: "الحقيقة هي أن حل الدولتين أصبح وهماً؛ شعاراً يُردَّد لإخفاء واقع الدولة الواحدة الراسخ. فمن نهر الأردن إلى البحر الأبيض المتوسط، تسيطر "إسرائيل" على حياة جميع أهل فلسطين، دون حقوق متساوية، ودون تمثيل متساوٍ، وبنظام مبني للحفاظ على التفوق اليهودي".
علاوة على ذلك، كيف ستبدو الدولة الفلسطينية؟ ستكون دولة بلا سيادة حقيقية، بلا أرض متماسكة، بلا جدوى اقتصادية، بلا سيطرة على حدودها ومياهها ومجالها الجوي، وبلا جيش يحميها من أعدائها، محاطة بكيان احتلال مجرم أثبت للعالم أنه لا يكترث بأي قانون أو اتفاقية دولية، أو معيار أخلاقي، أو سيادة الدول! بمعنى آخر، ستكون دولة بلا معنى! أضف إلى ذلك أن قبول حل الدولتين يعني قبول دولة فلسطينية على ٢٠٪ أو أقل من الأرض المباركة. وهذا يعني قبول سرقة كيان يهود لأرض فلسطين، وتقبل تطهيره العرقي، وتهجيره الجماعي لأهل فلسطين من ديارهم، واستخدامه الإرهاب والمجازر والاعتقالات وهدم المنازل لتوسيع سطوته على الأرض، وقبول حق الاحتلال المجرم في الوجود من خلال الاعتراف له بحدود دائمة. كيف يُمكن أن يكون هذا عادلاً أو أخلاقياً أو صحيحاً؟! لذا، فإن حل الدولتين ليس سوى وسيلة ساخرة تستخدمها القوى الاستعمارية لإجبار المسلمين على قبول وجود كيان يهود، والتخلي عن أرض المسلمين المحتلة، وتجاوز عقود من جرائم الاحتلال الشنيعة!
إن القبول بأقل من تحرير فلسطين بالكامل هو خيانة لله ورسوله ﷺ ولديننا. كما ينبغي وجود دولة توحد الأرض المباركة مع بقية بلاد المسلمين، وتحكم بشريعة الله ونظامه. هذه الدولة هي الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة؛ فهي وحدها القادرة على تحقيق العدل، وصون حقوق وكرامة جميع رعاياها بغض النظر عن دينهم، وإرساء السلام والأمن للجميع تحت حكمها، كما فعلت لقرون. لذا، كوننا مسلمين، علينا أن نرفض أي أوهام استعمارية، وأن نلبي الدعوة إلى إقامة دولة الخلافة على منهاج النبوة، التي ستنهي هذه الإبادة الجماعية، وتُنصف أهل فلسطين، وتُحرر جميع أراضينا!
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا للهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أسماء صديق
عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير