الأحد، 23 جمادى الثانية 1447هـ| 2025/12/14م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

الجولة الإخبارية 08/07/2010م

  • نشر في الجولة الإخبارية
  • قيم الموضوع
    (0 أصوات)
  • قراءة: 724 مرات

 

العناوين:
• بريطانيا تلجأ إلى مناطق نفوذها لتنقذ شركاتها
• المحكمة الدستورية التركية تقر بعض التعديلات الدستورية لتحول دون التغيير الجذري
• الصليبيون يراجعون استراتيجيتهم في أفغانستان ويبدون يأسهم من تحقيق انتصار هناك
• تأكيد علاقة النظام التركي بكيان يهود وارتباط صفحات الأمن الاستراتيجي والقوات التركية بشركة الكترونية يهودية


التفاصيل:
نشرت صفحة الإذاعة البريطانية في 7/7/2010 أن أسهم شركة النفط البريطانية بي بي قد ارتفعت إلى 2,1% بعدما أعلنت صحف كويتية عن أن الكويت قد تشتري بعض أصول الشركة في الشرق الأوسط وآسيا في إطار محاولة شركة النفط البريطانية تدبير التمويل ودرء محاولات للاستحواذ عليها. فهي تريد أن تبيع ما بين 5ـ10% من أسهمها مقابل 6 مليار جنيه استرليني أي (9,1 مليار دولار) حيث إن شركات منافسة مثل شركة إكسون موبيل الأمريكية وتوتال الفرنسية ومؤسسة بتروتشينا الصينية مهتمة بشراء الحصة. وقد نشرت هذه الصفحة البريطانية أيضا في 6/7/2010 عن رئيس المؤسسة الوطنية الليبية للنفط شكري غانم قوله: "بريتيش بتروليوم غدت مثيرة للاهتمام، فالسعر أقل من النصف وثقتي ما زالت في محلها في الشركة وسوف أشجع المؤسسة الليبية للاستثمار على النظر في الأمر". وأضافت صفحة الإذاعة البريطانية أن أسهم شركة بريتيش بتروليوم قد ارتفعت إلى 3,4% خلال تعاملات الصباح بعد أن كسبت 3% الاثنين (5/7/2010) عقب الأنباء التي ترددت عن اهتمام جهات شرق أوسطية بالاستثمار في الشركة. وكان تلفزيون بي بي سي البريطاني قد أذاع يوم 7/7/2010 طلب رئيس الوزراء البريطاني السابق طوني بلير من الكويت زيادة حصتها في شركة بي بي. وأذاع التلفزيون البريطاني أقوال بعض المسؤولين الكويتيين حيث ذكر أحدهم أن الصفقة خاسرة تجاريا، ولكن ربما يكون لها أرباح سياسية. وقد ذكر التلفزيون البريطاني أن طوني بلير هو مستشار الحكومة الكويتية. وللعلم فإن صحيفة ديلي تلغراف البريطانية كانت قد نشرت في 3/3/2009 أن طوني بلير أسس شركة استشارية وكان من أول زبائنه الحكومة الكويتية بصفقة تمت بينهما بأكثر من مليون دولار. وقد لفت التلفزيون البريطاني في معرض الخبر إلى أن تاتشر رئيسة الوزراء البريطانية السابقة كانت قد طالبت الكويت في الثمانينات من القرن الماضي إلى خفض حصتها في شركة بي بي التي وصلت إلى 25% حينئذ، فقامت الكويت بخفضها. وذكر التلفزيون البريطاني أن أسهم شركة بي بي تشكل 6 ـ 7% من سوق الأسهم في بورصة لندن. والجدير بالذكر أن أمريكا ألزمت الشركة بدفع 20 مليار دولار عن الأضرار التي تسببت من تسرب النفط في خليج المكسيك قرب السواحل الأمريكية، وقد انخفض سعر سهمها إلى النصف مما سبب خسارة كبيرة لبريطانيا.
فالمراقبون السياسيون يدركون من هذه الأخبار مدى النفوذ البريطاني في الكويت وفي ليبيا حيث يستجيبان لما تمليه عليهما بريطانيا في إنقاذ شركاتها ومنها شركة النفط البريطانية بي بي لتحميها من الشركات الأمريكية ومن غيرها. حيث تعتبر هذه الشركة هامة للاقتصاد البريطاني ومؤثرة في سوق الأسهم البريطانية. والجدير بالذكر أنه في العام الماضي قام حكام أبو ظبي وحكام قطر بإنقاذ بنك باركلينز البريطاني عندما طلبت بريطانيا منهم ذلك، فقاموا بشراء أسهم هالكة من البنك بمبلغ مقداره 12 مليار دولار. وفي عام 2008 كان قد أُعلن أن حكام قطر قاموا بشراء أسهم هالكة من نفس البنك بمقدار 4 مليارات دولار. حيث اعتمدت بريطانيا على عملائها في الخارج لضخ الأموال لشراء الأسهم الهالكة بدل أن تتكلف بها، ويعتبر كل ذلك تقوية لاقتصاد المستعمر البريطاني.


-------


أعلنت المحكمة الدستورية في تركيا في 6/7/2010 رفضها لطلبات المعارضة بإلغاء جميع التعديلات الدستورية التي أقرها البرلمان التركي بأصوات نواب حزب العدالة والتنمية الحاكم بزعامة إردوغان. فقد أقرت المحكمة التعديل المقترح بمحاكمة العسكريين أمام المحاكم المدنية وكذلك محاكمة انقلابيّي 12/ أيلول عام 1980 برئاسة الجنرال كنعان افرين. وقد رفضت التعديل المقترح بإصلاح هيكل محكمة الدستور وهيئة تنظيم القضاة والمدعين وصلاحيات رئيس الجمهورية بتعيينهم وصلاحيات البرلمان بترشيحهم. وبذلك سيجري استفتاء شعبي يوم 12/ أيلول القادم على التعديلات المقترحة التي أقرتها المحكمة. ويعتبر ذلك انتصاراً جزئياً للحكومة لتخفيف تسلط العسكر عليها وإمكانية أن تقدمهم للمحاكمة المدنية. ولكن تبقى المحاكم المدنية العليا ومنها محكمة الدستور سلاحا مسلطا على رقاب الحكومة حيث منعت إجراء تعديلات فيما يتعلق بنظامها وتعييناتها. وذكر إردوغان أن التعديلات تجري لتتلائم مع الديمقراطية ومع شروط الاتحاد الأوروبي لانضمام تركيا إليه. فهذا يثبت أنه ليس لإردوغان ولا لحكومته أي توجهات إسلامية كما تصفه بعض وسائل الإعلام في مغالطة متقصدة لإحداث اللبس عند العامة من الناس ولتشجيع مسلمين آخرين في بلاد أخرى ليحذو حذو إردوغان وحزبه في دخول اللعبة السياسية حسب النظام غير الإسلامي المستبد في البلاد الإسلامية. وإقرار المحكمة لبعض التعديلات في خطوة منها حتى لا يفقد الناس في تركيا أملهم في إحداث التغيير عن طريق اللعبة الديمقراطية، فيلجأون إلى العمل للتغيير الجذري للمجتمع بنظامه وأفكاره ومشاعره.


-------


نشرت صحيفة كورييري ديلا سيرا الإيطالية في 8/7/2010 مقابلة مع الرئيس الأمريكي أوباما حيث صرح لها بأن: "مراجعة ستجري في نهاية هذا العام لنرى لو كانت الاستراتيجية فعالة" بالنسبة لأفغانستان. وقال أن: "الخفض التدريجي للوجود الأمريكي سيبدأ في منتصف عام 2011". وهذا اعتراف ضمني بفشل الأمريكيين في أفغانستان حيث إن زيادة القوات لم تنفع في إحداث تغيير يذكر هناك، وقد فشلوا حتى الآن في استمالة قادة طالبان في إجراء مفاوضات. وفي تطور آخر قررت القوات البريطانية ترك منطقة سانجين في ولاية هلمند لتحل محلها القوات الأمريكية وقد أعلنت حركة طالبان أنها هي التي جعلت القوات البريطانية تغادر هذه المنطقة، مما يدل على يأس البريطانيين وعدم استعدادهم للتضحية أكثر في وجه هجمات المجاهدين عليهم. ومن جانب آخر فقد صرح وزير الدفاع الألماني كارل ثيودور تسو غوتنبرغ لجريدة فرانكفورت الألمانية في 6/7/2010 بالقول: "إن أفغانستان لا يمكن أن تصل في أي وقت من الأوقات إلى الاستقرار حسب مقاييسنا." ولكنه قال: "فمن مصلحة دول العالم أن تكافح الخلايا الإرهابية، وفي حالة الانسحاب من هناك فيجب أن تبقى هناك وحدات استخباراتية". فألمانيا تنضم إلى صف اليائسين من تحقيق انتصار للصليبيين على المسلمين في أفغانستان ولكنها تقترح خطة خبيثة بإبقاء قوى خفية في هذا البلد للتجسس على المسلمين ومحاربتهم.


-------


نقلت صفحة الدولة الإسلامية عن صفحة أخبار العالم التركية في 6/7/2010 أن "صفحات القوات التركية وكثيراً من صفحات مؤسسات الأمن الاستراتيجي التركية وبعض البنوك التركية تستحدث من قبل شركة تشيك بوينت Check Point Software Technologies Ltd وهي شركة يهودية ومركزها في تل أبيب في فلسطين المحتلة ولها مركز آخر في كاليفورنيا في أمريكا. وذكرت الصفحة عن منظمة حقوق الإنسان التركية التي شاركت في سفينة مرمرة التي تعرضت لهجوم يهود قتلوا فيه عشرة من الأتراك كانوا على متنها بأن شركة تشيك بوينت قد عملت حصارا على صفحاتها بحيث لم يعد أحد يستطيع دخولها. ومن جهة أخرى فقد نشرت رويترز تصريحات لرئيس أركان دولة يهود غابي أشيكنازي قوله: "بالرغم من إلغاء بعض المناورات العسكرية (المشتركة بين تركيا وإسرائيل) فإن الاتصالات العسكرية التركية الإسرائيلية مستمرة، وأنه لا يوجد أية مشكلة في موضوع استمرارية العلاقات والمباحثات بينهما في المجال العسكري". والجدير بالذكر أن القناة الثانية لتلفزيون يهود قد كشفت عن مباحثات سرية قد جرت في 30/6/2010 في بروكسل بين وزير خارجية تركيا أحمد داود أوغلو وبين وزير الصناعة لكيان يهود بنيامين بن إليعازر في نفس اليوم الذي صرح فيه رئيس الوزراء التركي إردوغان بأن علاقة الصداقة التركية الإسرائيلية قوية. وقد ذكرت صحيفة حريات التركية أن لقاء الوزيرين داود أوغلو وبن إليعازر في بروكسل كان تقرر في تورنتو في اجتماع بين الرئيس الأمريكي أوباما ورئيس الوزراء إردوغان بمناسبة قمة العشرين. وهذا دليل على أن الحكومة التركية برئاسة إردوغان تُوجّه من قبل أمريكا.

إقرأ المزيد...

نفائس ثمرات - الخلافة هي المنقذ

  • نشر في من حضارتنا
  • قيم الموضوع
    (0 أصوات)
  • قراءة: 1111 مرات

 

أيها المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها ، أيها المكتوون بنار الغرب الكافر وعملائه من الحكام وأزلامهم :

الخـــلافـة هي المنقذ لكم من ذُلِّكم وشقائكم، وهي الكافية الوافية لإعادة عزكم، هي النظام الذي أوجبه الله رب العالمين، وجعل النصر معقوداً بنواصيه.

بالخــلافـة تعيدون سيرة المعتصم، فتستجيبون لاستغاثة الأطفال الذين أذلهم الكفار في عدوانهم على العراق، فأرغموهم على رفع أيديهم في منظر يقطع القلوب، فاختلطت براءة الطفولة على وجوههم بالرعب الذي وقع في قلوبهم.

بالخــلافـة تَـنْـفِرون لقتال عدوّكم، خليفتُكم أمامَكم في القتال لا أمامكم في الفرار، تتقون به وتقاتلون من ورائه، فيقودكم من نصر إلى نصر، لا من هزيمة إلى هزيمة.

الخــلافـة، أيها المسلمون، أقيموها تعزّوا، أعيدوها تفلحوا، وإلا سقطتم في ظلماتٍ بعضها فوق بعض، تندمون ولات ساعة مندم، ويأتي الله بقوم خير منكم يتحقق فيهم وعد الله سبحانه :{ وعد الله الذين ءامنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض }، وتتحقق على أيديهم بشرى رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ثم تكون خلافةً على منهاج النبوة».


فتدبروا أمركم، أيها المسلمون، وانصروا ربكم بإقامة الخــلافـة الراشدة يَـنْـصُـرْكم، ويَشْفِ صدوركم بهزيمة عدوكم {ويومئذٍ يفرح المؤمنون * بنصر الله}.


أيها المسلمون: حـزب التحـرير يناديكم لتقوموا معه وتنصروه، فقد حق القول والفعل، فهل أنتم مجيبون؟

إقرأ المزيد...

العلماء في ظل الخلافة

  • نشر في من حضارتنا
  • قيم الموضوع
    (0 أصوات)
  • قراءة: 1371 مرات

 

إن الدولة الإسلامية ليست ضرباً من الأوهام ولا بدعاً من الزمن، بل هي حقيقة واقعة امتلأت بها جوانب التاريخ لما يزيد عن ثلاثة عشر قرناً من الزمان، وستكون كذلك في القريب العاجل بإذن الله. والدولة الإسلامية ليست خيالاً يداعب الأحلام بل كانت الدولة الأولى في العالم لقرون طويلة، حملت خلالها العدل والرحمة والخير للبشرية، فلا احتلال ولا قتل ولا إرهاب ولا قرصنة، بل فتحٌ يجعل الناس أمة واحدة تعيش باطمئنان. وتمتلك الدولة الإسلامية القدرة على إيجاد الكثير من العلماء المحاسبين للدولة والحاكم، فهؤلاء العلماء صمام أمان لبقاء سير الدولة والحكم حسب الإسلام.


والعلماء من نعم الله تعالى على أهل الأرض، فهم مصابيح الدجى، وأئمة الهدى، وحجة الله في أرضه، بهم تُمحق الضلالة وتنقشع غيوم الشك من القلوب والنفوس، فهم غيظ الشيطان وركيزة الايمان وقوام الأمة، مَثُلُهم في الأرض كمثل النجوم في السماء، قال رسول اللهصلى الله عليه و سلم: «إِنَّ مَثَلَ الْعُلَمَاءِ فِي الْأَرْضِ كَمَثَلِ النُّجُومِ فِي السَّمَاءِ يُهْتَدَى بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ فَإِذَا انْطَمَسَتْ النُّجُومُ أَوْشَكَ أَنْ تَضِلَّ الْهُدَاةُ» مسند أحمد. والعلماء هم ورثة الأنبياء، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: «وَإِنَّ فَضْلَ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ وَإِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ وَإِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا وَرَّثُوا الْعِلْمَ فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ» رواه ابو داوود والترمذي. والعلماء لا يخشون في الله لومة لائم، ولا يهابون سلطاناً جائراً، ولا حاكماً ظالماً متجبراً، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: «من رأى سلطاناً جائراً مستحلاً لحرم الله ناكثاً لعهد الله مخالفاً لسنةِ رسولِ اللهِ يَعمَلُ في عباد الله بالإثم والعدوان فلم يغير بقول ولا فعل كان حقا على الله ان يدخله مدخله» رواه الطبري في التاريخ وابن الأثير في الكامل. وهم كذلك لا يسكتون عن تبيان الحق وتعليمه للناس، ولا يكتمون حكماً شرعياً في قضية أو مشكلة سواء تعلقت بشؤون الأفراد والأمة، أو بعلاقات الدولة أو بتصرفات الحاكم. قال تعالى: «إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ» (البقرة 159). والعلماء هم أكثر الناس خشية لله كيف لا وهم العالمون بأحكام الشريعة المحيطون بها، قال تعالى: «إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ» (فاطر 28). وهم أول القائمين والمبادرين بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال تعالى: «وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ» (آل عمران 104). وقد جعل الإسلام منزلة الآمر بالمعروف والمحاسب للحاكم كمنزلة سيد الشهداء، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : «سَـيِّدُ الشُّهَدَاءِ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَرَجُلٌ قَامَ إِلَى إِمَامٍ جَائِرٍ فَأَمَرَهُ وَنَهَاهُ فَقَتَلَه» رواه الحاكم.


وقد ضرب علماء السلف الصالح أروع الأمثلة في محاسبة الحاكم وأمره ونهيه دون خوف أو وَجَل، بل كان همّهم رضوان الله وسعادة أنفسهم وغيرهم من المسلمين. ويجب ألا يغيب عن الذهن أن أولئك العلماء قد حاسبوا ونصحوا حكاماً طبقوا الإسلام ودافعوا عن المسلمين، ولكن بعضهم أخطأ أو أغراه مال أو حكم، ولكن نظام الإسلام كان مطبقاً في الداخل وفي علاقات الدولة الخارجية. ومما لا شك فيه أن حكام اليوم بعيدون كل البعد عن التشبه بالحكام السابقين فليحذر الذين يوالون حكام اليوم ويعتبرونهم أولي أمر يُطاعون. ولقد عجَّت جنبات التاريخ بالقصص الكثيرة بين العلماء والحكام، وسنذكر بعضاً منها على أربعة أوجه : الأول نصح العلماء للحكام، والثاني مواجهة العلماء للحكام، والثالث موقف العلماء من مِنَح الحكام وأعطياتهم، والرابع محنة العلماء من قبل الحكام .


الوجه الأول: نصح العلماء للحكام. وفي هذا الباب نصائح كثيرة عَقِلها الحكام وعملوا بموجبها، منها أن الإمام جعفر الصادق قد نصح أبا جعفر المنصور حين استدعاه يوماً، قائلا: «ونحن لك أنصار وأعوان، لملكك دعائم وأركان، ما أمرت بالمعروف والإحسان، وأمضيت في الرعية أحكام القرآن، وأرغمت بطاعتك الله أنف الشيطان، وإن كان يجب عليك في سعة وكثرة علمك ومعرفتك بآداب الله أن تصل من قطعك وتعطي من حرمك وتعفو عمن ظلمك». وقد نصح الإمام الأوزاعي أبا جعفر المنصور قائلا: «يا أمير المؤمنين، قد كنت في شاغل من خاصة نفسك عن عامة الناس الذين أصبحت تملكهم، أحمرهم وأسودهم مسلمهم وكافرهم، وكل له عليك نصيب من العدل، فكيف بك إذا انبعث منهم فئام وراء فئام، وليس منهم أحد إلا وهو يشكو بَليّة أدخلتها عليه، أو ظلامة سقتها إليه». وقد نصح القاضي أبو يوسف هارون الرشيد في مقدمة كتاب الخراج قائلا: «فاحذر أن تضيع رعيتك فيستوفي ربها حقها منك، ويضيعك بما أضعت أجرك، وانما يُدعم البنيان قبل أن ينهدم، وانما لك من عملك ما عملت فيمن ولّاك الله أمره، فلست تنسى. ولا تغفل عنهم وعما يصلحهم فليس يغفل عنك».


الوجه الثاني: مواجهة العلماء للحكام. روي أن عبد الملك بن مروان لمّا حج وقدم المدينة، وقف على باب المسجد المبارك، ثم أرسل إلى سعيد بن المسيب رجلاً يدعوه ولا يحركه. فأتاه الرسول وقال: أمير المؤمنين واقف بالباب يريد أن يكلمك، فقال سعيد: ما لأمير المؤمنين إليّ حاجة، وما لي إليه حاجة، وإن حاجته إليّ لغير مقضية، فرجع الرسول وأخبر عبد الملك بذلك. فقال ارجع إليه انما أريد أن أكلمه ولا تحركه، فرجع إليه وأعاد الكلام، فقال له سعيد ما قال أولاً، فقال له الرسول: لولا ما تقدم اليّ فيك ما ذهبت إليه إلا برأسك، يرسل إليك أمير المؤمنين يكلمك وتقول مثل هذه المقالة، فقال له سعيد: ان كان يريد أن يصنع بي خيراً فهو بك، وان كان غير ذلك فلا أحلّ موتي حتى يقضي ما هو قاضٍ. وهذا الليث بن سعد عالم مصر يدخل على الرشيد، فيسأله الرشيد: ما صلاح بلدكم؟ فقال: يا أمير المؤمنين صلاح بلدنا اجراء النيل وصلاح أمره، ومن رأس العين يأتي الكدر، فإذا صفا رأس العين صفت العين، قال الرشيد: صدقت يا أبا الحارث. وقد روي أن هشام بن عبد الملك قدم حاجاً إلى مكة، فلما دخلها قال: ائتوني برجل من الصحابة، فقيل يا أمير المؤمنين قد تفانوا، فقال: من التابعين. فأتي بالعالم الجليل طاوس اليماني فلما دخل عليه، خلع نعليه بحاشية بساطه ولم يسلّم عليه بإمرة المؤمنين ولكن قال: السلام عليك يا هشام، ولم يُكنِّه وجلس بإزائه، وقال: كيف أنت يا هشام؟ فغضب هشام غضباً شديداً حتى هَمَّ بقتله، فقيل له: أنت في حرم الله وحرم رسوله ولا يجوز ذلك. فقال هشام: يا طاوس ما الذي حملك على ما صنعت؟ قال: وما الذي صنعت؟ فازداد هشام غضباً وغيظاً، وقال: خلعت نعليك بحاشية بساطي ولم تقبل يدي، ولم تسلم بإمرة المؤمنين ولم تكنني، وجلست بإزائي بغير إذني، وقلت كيف أنت يا هشام. فقال طاوس: أما ما فعلت من خلع نعلي بحاشية بساطك، فإني أخلعهما بين يدي رب العزة كل يوم خمس مرات ولا يعاقبني ولا يغضب علي، وأما قولك لم تقبل يدي، فإني سمعت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول: «لا يحل لرجل أن يُقبِّل يد أحد إلاّ امرأته من شهوة أو ولده من رحمة». وأما قولك لم تسلم بإمرة المؤمنين، فليس كل الناس راضين بإمرتك فكرهت أن أكذب. وأما قولك لم تكنّني فإن الله سمى أنبياءه وأولياءه فقال: يا داوود، يا يحيى، يا عيسى، وكنّى أعداءه فقال: تبت يدا أبي لهب، وأما قولك جلست بإزائي، فإني سمعت أمير المؤمنين علياً رضي الله عنه يقول: «إذا أردت أن تنظر إلى رجل من أهل النار فانظر إلى رجل جالس وحوله قوم قيام». وينهي حديثه بموعظة بناء على طلب هشام بن عبد الملك، فيقول: سمعت من أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول: إنّ في جهنم حيات كالقلال وعقارب كالبغال تلدغ كل أمير لا يعدل في رعيته. فأين علماء الأمس من علماء اليوم الذين يسبحون بحمد الحكام ولا يجرؤون على محاسبتهم رغم انتشار الكفر البواح في كل مكان؟!


الوجه الثالث: مِنَح الحكام وأعطياتهم للعلماء. فقد كان أبو حنيفة وسفيان الثوري والفضيل بن عياض وأحمد بن حنبل والطبري وسعيد بن المسيب وأضرابهم يرفضون أعطيات الحكام وهداياهم. فقد أرسل أبو جعفر المنصور إلى أبي حنيفة جائزة (أعطية) قدرها عشرة آلاف درهم وجارية، وكان عبد الملك بن حميد وزير أبي جعفر فيه كرم وجودة في الرأي، فقال لأبي حنيفة عندما رفضها: أنشدك الله، إن أمير المؤمنين يطلب عليك علة، فإن لم تقبل صدق على نفسك ما ظن بك، فأبى عليه، فقال الوزير: أما المال فقد أثبته في الجوائز وأما الجارية فاقبلها أنت مني أو قل عذرك حتى أعذرك عند أمير المؤمنين. فقال أبو حنيفة: اني ضعفت عن النساء وكبرت، فلا استحل أن أقبل جارية لا أصل اليها ولا أجرؤ أن أبيع جارية خرجت من ملك أمير المؤمنين.


الوجه الرابع: محنة العلماء من الحكام. فالحكام الظلمة في كل زمان ومكان يضطهدون الذين يخالفونهم في أفكارهم وسلوكهم، ولا يسايرونهم في شهواتهم وأهوائهم. وقد نال علماء السلف الصالح أذى ومحناً لالتزامهم بالحق. فهذا مثلا سعيد بن المسيب يناله الضرب والسجن لرفضه البيعة للوليد في حياة أبيه عبد الملك. وهذا فاسق بني ثقيف، الحجاج، يقتل سعيد بن جبير ويذبحه من الوريد إلى الوريد بعد محاكمة طويلة كان الظفر فيها لسعيد بن جبير، ولكن هيهات للظالم أن يتعظ . فيلقى سعيد ربه شهيداً، ويموت الحجاج بمرض غريب بعد دعاء سعيد عليه. وهذا أبو حنيفة النعمان يُضرب ويُسجن من قبل أبي جعفر المنصور ولكنه لا يغير ولا يبدل من إظهار ظلم الحاكم. وهذا أحمد بن حنبل يُضرب ويُعذب في مسألة خَلق القرآن ويصرُّ على رأيه -وهو الحق-. وهذا مالك بن أنس يُعذب من أجل تعليم الناس حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم (ليس على مستكره طلاق). وهذا العز بن عبد السلام يتعرض للقتل بسبب أمره ببيع أمراء مصر من المماليك فما فتَّ ذلك في عضضه شيئا. وكان من قبل ذلك قد سُجن ونُفي من دمشق لأنه بيّن حرمة الاستعانة بالصليبيين، فأين علماء اليوم في فتاويهم المحلٍّلة للاستعانة بالكفار والمجيزة لها؟! وأين أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر؟ آلله أحق أن يُخشى أم هؤلاء الحكام؟


إنَّ أزمة الأمة اليوم في جزء منها سببه العلماء. فقسم قد اشتراه الحكام وأصبحوا علماء سلاطين يدافعون عن الحاكم ويؤوِّلون كل فعل حرام ولو كان كالشمس في وضوحه، وذلك مثل الاستعانة بالكفار وجواز حصار المسلمين وعدم الحكم بالإسلام. ومنهم من أيّد الاشتراكية في السابق تزلفاً للحكام والتماساً لرضاهم، ومنهم من يدعو الآن إلى الديمقراطية تماشياً مع رغبات بعض الحكام، مع أن الاشتراكية والديمقراطية أنظمة كفر وفساد تخالف الإسلام أيَّما مخالفة. ومنهم من اكتفى بالقيام بالعبادات دون اكتراث بفساد الحاكم جُبناً وخوفاً ودون اهتمام بأمور المسلمين. يقول حجة الإسلام الغزالي في أقسام العلماء: «العلماء ثلاثة إما مُهلك نفسه وغيره وهم المصرِّحون بطلب الدنيا المقبلون عليها، وإما مُسعد نفسه وغيره وهم الداعون الخلق إلى الله سبحانه ظاهراً وباطناً، وإما مُهلك نفسه مُسعد غيره وهو الذي يدعو إلى الآخرة وقد رفض الدنيا في ظاهره وقصْده في الباطن قبول الخلق وإقامة الجاه» الاحياء ج3.


إن الأمة اليوم بحاجة ماسة إلى أمثال أولئك العلماء ليعيدوا الأمة إلى سابق عهدها من السير حسب الإسلام حكاماً ومحكومين، وما ذلك على الله بعزيز، فالأرحام التي أنجبت سعيد بن المسيب وأبا حنيفة النعمان وأحمد بن حنبل والعز بن عبد السلام قد أنجبت الشيخ تقي الدين النبهاني وسيد قطب والشيخ أحمد الداعور والشيخ عبد العزيز البدري، وهي قادرة إلى قيام الساعة على إنجاب أمثال أولئك، كيف لا وهم ورثة الأنبياء؟!


كتبه للاذاعة أبو هيثم

إقرأ المزيد...

من ارث مفكرينا وعلمائنا حملة الدعوة - قصيدة في ذكرى هدم الخلافة

  • نشر في أخرى
  • قيم الموضوع
    (0 أصوات)
  • قراءة: 1108 مرات

 

مستمعينا الكرام! مستمعي إذاعة المكتب الإعلامي لحزب التحرير،
أحييكم بتحية الإسلام فالسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته أما بعد:


فموضوعنا لهذا اللقاء هو قصيدة نبحر فيها معكم هي من إرث المرحوم بإذن الله تعالى المفكر السياسي والشاعر الأستاذ يوسف أحمد السباتين - أبي العز.

يقول شاعرنا رحمه الله في قصيدة طويلة بعنوان:


حال الأمة الإسلامية بعد هـدم دولة الخلافة


ولا يسمح المقام بذكرها كاملة, ولكنني أقتطف لكم منها هذه الأبيات الرائعة الجميلة حيث يبين شاعرنا وأستاذنا في بداية القصيدة كيف دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم قومه إلى الإسلام, وكيــف طلـب النصرة من أهــل القــوة والمنعة؛ ليقيم معهم وبهم دولة الإسلام, وكيف أن الأوس والخزرج من أهـل يثرب بايعوا على الموت رسولَ الله, وكيف نصروا دعوة الله, فهدمـوا صـروح الكفـر والفـساد, وأقامـوا صرح دولـة الإسلام فنالوا عز الدنيا, وفازوا بنعيم الآخرة.


رسُـــولَ اللهِ يـَـــا خيـــرَ العـِبَــادِ فيـَـا مَــن أنــتَ للثـقـليــن ِ هـــادِ

دَعَـوتَ النـَّـاسَ للإسـلام ِ طـُــراً فآمــنَ حَاضـــرٌ منهـــم وَبَــــــادِ
أبَى زُعمَـــاءُ قـومِـكَ أنْ يـكونـُوا دُعَـــاة َ الحَــقِّ أهـــلا ً للرَّشـَــادِ
خرَجْــتَ تـُريــدُ نصرًا من أناس ٍ فكــانَ جـَوابُـهُمْ شَــوكَ القــتــَــادِ
ولمَّـــــــــا أنْ أرَادَ اللهُ عِــــــــزًا أتــَـاكَ الــوَحْــيُ أوقــَاتَ الرُّقــَادِ
وأرْكبكَ البُـرَاقَ وَطِـرتَ شوقـــاً إلــى الأقصَــى لهاتيـــكَ البــِـلادِ
وَعَـــرَّجَ في السَّماءِ بجُـنح ِ ليل ٍ لأمــر ٍ جَــاءَ مِــنْ رَبِّ العـِـبـَــادِ
وَقــدْ فـرَضَ الإلـهُ عليـكَ خمْسـاً مـنَ الصلـوَاتِ تدعـُــو لِلرَّشــَــادِ
وعـُـدْتَ وَعَـــادَ للإســلام ِ ذكـــرٌ قـــَويٌ فـي الحَواضِـر ِ وَالبَـوادِي
طلبْتَ النـَّـصرَ مـِنْ زُعَمَـاءِ قوم ٍ فمَــا بَرحَـــتْ قبائلـُهُــم تـُعـَــادِي
وَجَـــاءَك وَفـْـدُ يَثــربَ مِــنْ بَعيــدٍ قـُلوبُهُــــــمُ تـُهَيـَّـــــؤُ لِلرَّشــَــــادِ
وَعَــادُوا مَـــرة أخــرى لعَهْــــدٍ لِنصْــر ِ الدِّيـن فــي كـُـلِّ البــِلادِ
وَلمَّــا أنْ دَعَـــوكَ لأرض ِ عــز ٍ هَجَــرْت بطـاحَ مَكـة َ وَالبـَـوَادِي
وخلَّفــْــتَ المَنــَـــازلَ بَاكـِيـَـــاتٍ وَجَــاءَ الصَّحْــبُ بَعــدَكَ لِلجهَــادِ
مَضيتَ مُهاجـرًا فـي جُنـح ِ ليــل ٍ وَشوقــُــكَ لِلمَدينــَـةِ فــي ازديـَـادِ
أقمْــتَ بهَـــا لِديـــن ِ اللهِ صَرْحــاً هَدَمْــتَ بـــهِ صُرُوحــــًا لِلفـَسَـادِ
هَدَمْتَ حُصُونَ خيبَرَ في عِــرَاكٍ وَنازلــْــتَ القبائـِـــــلَ بالطـِّـــرَادِ
وَمَكــَّة ُ يـَا لـَمَكــَّـة َ كيـفَ دانـَـتْ وَدَانــَـتْ بَعدَهــَــا كــُــلُّ البـِـــلادِ
وَجـَاءَتْ بَعـدَكَ الخـُلـَـفــَاءُ تتــرَى لِنشر ِ هُـدَاكَ فـي وَسَــطِ البَـوَادِي

 

ويقول شاعرنا الأستاذ يوسف السباتين رحمه الله واصفاً كيف تآمر أعداء الإسلام على دولة الخلافة ممثلين بالإنجليز, وكيف عملوا على هدمها بالتآمر مع حفنة من خونة العرب والترك:



وظلَّ الصَّـرحُ صَرْحُــكَ مُستقـراً إلــى أنْ جَـــاءَ أشــــرَارُ العِـبـَـادِ
أتاتـُــوركُ اللـَّعـيــنُ وَناصِــــرُوهُ رُمُـوزُ الكفـر ِ مِـنْ أهْــل ِ العِـنـَادِ
يَهُـــودِيٌ تسلــَّــــقَ فِـــي خفـَـــاءٍ قيـَـــادَة قــُــوَّةٍ رَهْــــنَ الجـِهَــــادِ
تآمَـــرَ مَــــعْ فِئــَــاتٍ كافـِـــرَاتٍ فـَهُــدَّ الصَّــرحُ واحتـُلـَّـتْ بـِلادِي
وَجَـاءَ شريـفُ مَكـَّـة َ فـي غـُـزَاةٍ حِمَــارُ سيَاسَـــةٍ يَرعـَــى بـِـــوَادِ
وَلـــمْ يَفقــَـــهْ كـِتــَــابَ اللهِ لمَّــــا نهَاهـُـمْ عَــنْ مُحَالفــةِ الأعـَـــادِي
رَصَاصَـة ُغدرهِـمْ قـدْ صَوَّبـُوهـَا لأمَّـتِنــَـا فحَـلــَّــتْ فِــــي الفـُــؤادِ
وَصـَـارَ الإنجليــــزُ لهـُـمْ حليفـــًا يُوَجِّهُهُـــــمْ لإحْــــــدَاثِ الفسَــــادِ
فكــمْ قـتـلـُـوا ببيــْـــتِ اللهِ جُـنـــدًا مِنَ الإسـلام ِ ليـسَ مِـنَ الأعـَـادِي


ثم يصف شاعرنا الجليل بكل حسرة وألم الحال المزري الذي وصلت إليه أمــة الإسـلام بعــد هــدم دولة الخلافة فيقول:


وَبَعْـــدَ كِيــــان ِ إيمَــان ٍ غـَدَونــا كِيَانـَـــاتٍ شدِيـــــدَاتِ السَّــــــوَادِ
تـَـرَأسَ كــُــلَّ وَاحِــــدةٍ عَميــــلٌ وَبُغضُهُــــمُ لِديــــنِ اللهِ بـَــــادِي
بَنـَـوْا غيــرَ الـذي يَرْضـَاهُ رَبـِّـي بَنـَـوْا أحْكامَهُـــمْ ضِـــدَّ الرَّشـَــادِ
وَهـَـذا الحَـــالُ إذ يُنبيــكَ عَنهُـــمْ خزايـَـا خانِعـيــنَ لِكــُــلِّ حـَــادِي
رَسُـــولَ اللهِ قـُـمْ وَانظـُــرْ بـِــلادًا تقحَّمَهـَــا الـــرَّدَى فـِـي كــُـلِّ وَادِ
تـرَى الرَّايــاتِ فيهـَــا قــدْ أذلـَّــتْ وَلـُطـِّخـَــتِ البَيـَـــارقُ بالسَّــــوَادِ
تـرَى القـُـدْسَ الشريفـَة َ قـدْ أهينـَتْ يَجُــوبُ رُبُوعَهَــا خـَصْــمٌ مُعـَـادِ
وَدَالــَـتْ دَولــَــة ُ الإسـلام ِ لمَّـــا هَجَرنـَا الشـَّـرع حـُكمـــًا لِلعِـبَـادِ
وَأصبَحْـنـَا كمِثـــل ِ غـُثــَاء سَيــل ٍ تمُــرُّ بــِـلا حِسَــــاب ٍ أو عِــــدَادِ
أو الأيتــام ِ قــَـدْ فـقـَــدُوا أبَاهـُـــمْ وَلا أمٌ تزوِّدُهـُـــــــــمْ بـِـــــــــزَادِ
نـَهيمُ علـى الوُجُــوهِ بكـُـلِّ أرْض ٍ وَنخضَـــعُ رَاكِعـيــنَ لِكـُــلِّ حـَـادِ
وَحُكــَّامٌ لـَـنـَــا فيهــــمْ فعــَـــزِّي مُرُوءَتـَهُـــمْ وَكـُرهَهُـــمُ الجهَــــادِ
فــَـلا عِـــزَّ وَلا إسْــــلامَ فيهـــــمْ وَلا غـَــوْثٌ إذا نـَــادَى المُنــَـادِي


ثم يتوجـه شاعرنا رحمه الله تعالى بالخطاب إلى جميع المسلمين في أنحاء العالـم, وإلـى أهــل القــوة منهـم على وجه الخصوص حاثاً إياهـم على العمـل مـن أجـل التغيـير على هـؤلاء الحكام الرويبضات الذيــن خانـوا الله وخانـوا الرسول وجماعة المؤمنين, وقـد نصبـوا أنفسـهم آلهـة دون الله, يشرعون للبشر ما لـم يأذن به الله, فيحلوا ما حرم الله افتراءً عليه. يقول شاعرنا وأستاذنا:


برَبـِّـــكَ أيُّهـَــــا الغـَافـِـي تـَيـَقــَّظ فهَــلْ بَعـــدَ الفظائِــع ِ مِــنْ رُقــَادِ
ألــمْ تـُوقِظـْــكَ هَجْمَــاتُ افـتِــرَاءٍ عَلـَى الإسـْلام ِ مِـنْ أهْـل ِ الفـَسَـادِ
فهـَـــذا الكـُفـــرُ أبـــدَى نـَاجـِذيْــهِ وَليـــسَ أمَامَنـــَا غـَيــرُ الجـِهَـــادِ
وَحُكــَّـامٌ لـنـَــا رَفـَعُــوا شِعـَـــارًا بفصل ِ الديـن ِ عـنْ حُكــم ِ العـِبادِ
فـَــوَاحِدُهـُـــــمْ غـَـــدَا للهِ نـِــــــدًا يَقــُـولُ أنــَـا المُشــرِّع ُ لِلرَّشـَـــادِ
حَرَامُ الخمْر ِ قـدْ أضحَى حَــلالا ً ربَــا فضـْــل ٍ عِمـَــادَ الاقتِصـَــادِ


ثم يذكر شاعرنا رحمه الله تعالى دور هؤلاء الحكام المجرمين في الصد عـن سبيل الله, ومحاربة حملة الدعوة الذين لا ذنب لهم سوى قولهم ليس لنا رب سوى الله, هو وحده المشرع وهو وحده الآمر الناهي, وأن شرع الله يجب أن يكون مطبقاً في واقع حياة المسلمين. يقول شاعرنا وأستاذنا:


وَصَارَتْ دَعْـوَة ُ الإسلام ِ جرمـًا يُحَـــارَبُ أهلـُهـَـا فـِــي كـُـلِّ نــَادِ
أصُوليـِّيـــنَ سَمَّوْهـُـــــمْ عـِــــدَاءً وَوَصْــــمٌ بالتطـَـــرُّفِ وَالفـَسَــادِ
جُيُــوشٌ جُــــرِّدَتْ أبَـدًا عَليهــِــمْ تـُحَاربُهُــمْ تـُقـَاتـِلـُهُـــمْ تـُعَــــادِي
تـَشُــنُّ هُجُومَهـَـا فـِـي كـُـلِّ يـَـوم ٍ عَلى أهـْـل ِ التـُّـقـى أهـْـل ِ الرَّشَادِ
فـَتـقـتـُـلـُهُـم وَتأسِـــرُ مَــنْ أرَادَتْ وَتحبـِـــسُ كــُــلَّ دَاع ٍ لِلجهـَــــادِ
وَلا ذنـْــــبٌ لـَهـُــــمْ إلا َّ دُعـَــــاءٌ إلــى الإسْــلام ِ حُكمــــاً لِلعـِبـَــادِ
وَأنظِمـَــةِ اقتصــــادٍ وَاجْتـِمـَــاع ٍ وَسَـيـْــر ِ خليفــَةٍ سُبُــــلَ السَّــدَادِ
ألا قـُـمْ يـَـا أخـِـي وَانظـُــرْ مَليـَّــًا فهَـلْ أحَــدٌ مِـــنَ الحُكــَّـام هـَـــادِ
فقــَـدْ ضـَلــُّـوا السَّبيــلَ تـَنـَكـَّبـُوهُ وَمَــا سَلكـُـوا طريقــــًا لِلرَّشـَـــادِ
فرَغْبتـُهُـــمْ نِسـَـــاءٌ ثــُــمَّ مَـــــالٌ وَدَيدَنـُهُــم مُــــَوالاة ُ الأعـَــــادِي
وَتـَرْحيـبٌ بأفـكـَــار ِ النـَّصَـارَى وَحِفــْـظ ٌ لِليَهُــودِ مِــنَ العَــوَادِي

كما ولم يغفل شاعرنا دور العلماء الذين يصلح بصلاحهم أمـر هـذه الأمـة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صنفان من الناس إذا صلحا صلح الناس, وإذا فسدا فسد الناس: العلماء والأمراء».


هؤلاء العلماءاليوم يوالون الحكام, ويشجعونهم على الفساد, بدلاً من أن يقودوا الأمة للوقوف في وجوه الحكام من أجل إزالة المنكرات التي اقترفوها.


وأصْحـَــابُ العَمَائـِــم ِ أيَّدُوهـُـــمْ عَلــى غـَــيٍّ بتشجيـــع ِ الفـَسَـــادِ
وَيُـفـتـُـونَ الحـَــرَامَ لـَهُــمُ حـَـلالا ً وَيَأبـَـــى اللهُ إضـْــــلالَ العـِبـَــــادِ
رَسُـــولَ اللهِ إنَّ القــَومَ ضـَلــُّــوا وَلـَمْ تـزل ِ السَّـفاهـَـةُ فـِي ازدِيـَادِ
إلامَ البَغـــيُ يَبقــَـى فـِــي حِمَانـَـا وَيَبقــَى الجَهـْــلُ يَهْـــزمُ لِلرَّشـَـادِ

وينتقل شاعرنا إلى دور الشباب في نصرة الإسلام, ويدعـو جميع أفراد الأمة خصوصاً القائمين على التغيير أن يديموا صلتهم بالله يستمدون منه العون والتأييد, فهو وحـده الذي يهب النصر, وهو وحــده القادر على كل شيء الذي يقول للشيء كن فيكون, وهو القاهر فوق عباده, والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون. يقول شاعرنا وأستاذنا:


لـَعَمري فـِي شـَبـابِ اليَـوم عَـزمٌ يُحَرِّكـُهُـــمْ إذا نـَــادَى المُـنــَــادِي
إلِـى التغييــر ِ هُبـُّـوا وَاستجيبـُـوا فهَــذا الكـُفــرُ يُمعِـنُ فـِـي الفـَسَـادِ
فـَهُبـِّـي أمَّــةُ الإسْـلام ِ وَارْمِـــي بـرَهـْـــطٍ شأنـُهُــمْ بَيـْــعُ البـِـــلادِ
وَدُوسـِـي بالنـِّعـَال ِ عَلى لِحَاهُــمْ فقــَـدْ أوْهـَــتْ سِيَاسَتـُهُــمْ بـِـلادِي
يُــوَالـُـونَ العِــدَا فـِـي كـُـلِّ أمْــر ٍ فبَعْــضٌ رَائـِـــحٌ مِنهُـــمْ وَغـَـــادِ
فهـَـلا عَـــوْدَة ٌ لِلـــــــــهِ صِدْقـــًا لـِيَنـْصُرَكــــــُم على كلِّ الأعَــادِي
وَجُـــودُوا بالنـُّـفـُوس ِ إذا دَعَاكـُمْ فـَشـُــحُّ النـَّـفـسِ إحْبـَاط ُ الجهَـادِ
وغـَيـرَ اللهِ لا تـَرْجُــوا نـَصْـــرًا وَلـَـو كـُنتـُـــمْ كأعْــــدَادِ الجَـــرَادِ
وَمَـنْ يَكـُـن ِ الإلـَــهُ لــَهُ نـَصيـرًا فـَـلا يَعْـبـَـأ بكثــْرَةِ مَـــنْ يُعَــادِي


وفي الختام:
رحم الله أستاذنا أبا العز يوسف السباتين وأسكنه فسيح جناته مع الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

إقرأ المزيد...

تسع وثمانون سنة ...

  • نشر في أخرى
  • قيم الموضوع
    (0 أصوات)
  • قراءة: 937 مرات

 

تسعٌ وثمانون سنةً مضت منذ أن أُسقطت دولة الخلافة، وطُرِدَ آخرُ خلفاء بني عثمان من استانبول بشكل مُذل. تسعٌ وثمانون سنةً مضت وأحكام الله معطلة ، لايهتم بها حاكم ولايطبقها رئيس ، والله عز وجل يقول: «وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ» (المائدة 44). تسعٌ وثمانون سنةً لم يُعط المسلمون بيعةً لخليفة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «‏وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ في عُنُقِهِ بَيْعَةٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً» صحيح مسلم . تسعٌ وثمانون سنةً لم يُطبَّق حدٌّ من حدود الله، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «‏إِقَامَةُ ‏‏حَدٍّ ‏مِنْ حُدُودِ ‏‏اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ مَطَرِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً فِي بِلَادِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» ابن ماجه. وقال أيضاً: «أَقِيمُوا الْحُدُودَ» مسند أحمد. تسعٌ وثمانون سنةً والمسلمون ليس لهم خيار أو إرادة في اختيار زعيم أو حاكم، يحكمهم الصبي والمجنون ، ويحكمهم الملقى على سرير الموت غير القادر على تسيير الأمور، يحكمهم أمثال كرزاي ومبارك والقذافي، فأيّ مهانةٍ للأمة أكبر من هذا ؟!


تسعٌ وثمانون سنةً والجهاد ملغى، لم تنطلق نداءات «أيا خيل الله اركبي» و «حيَّ على الجهاد»، لم يُنشر الإسلام في أرض جديدة، ولم يُحمل الإسلام إلى قوم آخرين، ولم يدخل الناس في دين الله أفواجاً، تسعٌ وثمانون سنةً لم تُرفع راية المسلمين -راية العقاب- خفاقةً في سماء الدنيا، ولم تُرسل الرسائلُ باسم أمير المؤمنين ولا باسم خليفة المسلمين.


تسعٌ وثمانون سنةً لا يخرج المسلمون من احتلال أو استعمار إلا ويذوقون ويلات آخر. تسعٌ وثمانون سنةً وصرخات النساء في فلسطين والشيشان والعراق وكشمير تعلو وتعلو ولا مجيب. وما زالت صرخات وآلام خمسين ألف امرأة بوسنية اغتصبهن الصرب لم تلقَ ناصراً أو آخذاً بثأر. تسعٌ وثمانون سنةً وما زال عشرات الملايين من المُهجَّرين المسلمين لا يجدون مأوى كريماً، ولا راعياً صالحاً، ولا بلداً حافظاً لهم. وما زال مئات الآلاف من المسلمين في سجونٍ ومعتقلاتٍ الداخل فيها مفقود، والخارج منها إما إلى قبرٍ أو حياةٍ من جحيم. تسعٌ وثمانون سنةً وما زالت نداءات الثكالى والأيتام ونداءات المظلومين لم تجد جواباً أو نصراً من حاكم أو رئيس.


تسعٌ وثمانون سنةً لم نرَ حاكماً يتصرف كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم حين جهز جيشاً وحارب يهود حين كشفوا عورة امرأة مسلمة وقتلوا مسلماً حاول الدفاع عنها. أين أمثال عمر من الحكام ليتفقدوا أحوال الرعية لا ليتجسسوا عليها ويرهبوها؟! أين أمثال أبي بكر ليجعل الضعيفَ قوياً حتى يأخذ الحق له، والقويَ ضعيفاً حتى يأخذ الحق منه؟! أين أمثال عمر بن عبد العزيز في المحافظة على أموال الأمة ورعايتها حتى يزول الفقر والعَوَز؟! أين أمثال هارون الرشيد ليردَّ على من يستخف ويهين المسلمين قائلاً: «من هارون الرشيد أمير المؤمنين إلى نكفور كلب الروم الجواب ما تراه بعينك لا ما تسمعه بأذنك»؟! أين أمثال المعتصم ليلبّي صرخات النساء والثكالى ويمسح الحزن عن الأطفال واليتامى؟! أين أمثال السلطان محمد الفاتح؟ وأين أمثال السلطان عبد الحميد الذي وقف سدّاً منيعاً في وجه ضياع فلسطين، ومنع عرض مسرحية في فرنسا تُهين الرسول الكريم؟! أين الحكام اليوم من المحافظة على دماء المسلمين-بل هم السافكون لها- وحرمة دم المسلم أعظم عند الله من الكعبة المشرفة؟! فهل جفّت الأرحام عن إنجاب أمثال أولئك حتى لم نعد نرى إلا الإمّعة والمتردية والنطيحة والمتخاذل والعميل من الحكام اليوم؟!


تسعٌ وثمانون سنةً لم يسجل التاريخ نصراً لحاكم، بل هزائم تتلوها هزائم، وخيانات تتلوها انسحابات، وتسليم وبيع لأرض المسلمين، ومؤامرات تُدبر بليل وقودها دماء المسلمين وأموالهم. تسعٌ وثمانون سنةً والمسلمون في فرقة وتشرذم، قُسموا على بضع وخمسين كياناً بعضها لا يزيد عن تعداد ضاحية لمدينة.

لقد فقد المسلمون معنى الوحدة، ولم يعودوا يشعرون بمعنى الأمة الواحدة. نخرت فيهم سوسة الوطنية والقومية ونسوا حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم: «‏لَيْسَ مِنَّا مَنْ دَعَا إِلَى عَصَبِيَّةٍ وَلَيْسَ مِنَّا مَنْ قَاتَلَ عَلَى عَصَبِيَّةٍ وَلَيْسَ مِنَّا مَنْ مَاتَ عَلَى عَصَبِيَّةٍ» سنن أبي داوود.


تسعٌ وثمانون سنةً ذهب منها بريق العلماء ومحاسبتهم للحكام، وتعليمهم للرعية. تسعٌ وثمانون سنةً كثرت فيها الالقاب لعلماء ومشايخ ليس لهم نصيب من ذلك إلا الاسم. علماء أفتوا بوقف الجهاد وعدم الحاجة إليه، بل إن بعضهم خذل المسلمين ونصر الكافرين في الغرب في مسألة الحجاب. وبعضهم أفتوا بجواز الاستعانة بالكفار على المسلمين، والدخول في جيش الكفار لمحاربة المسلمين. أين هؤلاء من العزّ بن عبد السلام الذي وقف في وجه حاكم دمشق عندما أراد الاستعانة بالكفار على قتال المسلمين في مصر. وأين هؤلاء من أمثال سعيد بن جبير وأحمد بن حنبل في محاسبة الحكام والبعد عن الجبن والخنوع؟!


ألم يأن للذين آمنوا وخشعت قلوبهم لذكر الله أن يبدأوا السير مجدّين في العمل لعودة الخلافة! ألم يأن لمن أحب الله ورسوله أن يطيعهما ويبذل الغالي والنفيس من أجل إعادة الحكم بما أنزل الله في الأرض! ألا تشتاق الأنفس للعزة والكرامة؟! ألا تتلهف الأنفس لنشر الخير والعدل والرحمة للبشرية؟! ألا تكفي تسعٌ وثمانون سنةً من الذل والضياع؟!

كتبه للاذاعة ابو هيثم

إقرأ المزيد...
الاشتراك في هذه خدمة RSS

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع