حوار حول: مؤتمر سقوط الرأسمالية وصعود الإسلام، ج2
- نشر في سياسية
- قيم الموضوع
- قراءة: 839 مرات
* أصلحْ سَرِيْرَتَك يصلح اللهُ علانيتَك، وأصلح فيما بينك وبين الله يصلحِ الله فيما بينك وبين الناس، واعمل لآخرتك يكفِك الله أمر دنياك، وبع دنياك بآخرتك تربَحْهما جَميعاً، ولا تبع آخرتك بدنياك فتخسرهما جميعاً.
* احذر سخط الله في ثلاث: احذر أن تقصر فيما أمرك، احذر أن يراك وأنت لا ترضى بما قسم لك، وأن تطلب شيئاً من الدنيا فلا تجده أن تسخط على ربك.
* لو أن اليقين استقر في القلب كما ينبغي لطار فرحاً، وحزناً، وشوقاً إلى الجنة، أو خوفاً من النار.
* إني لأريد شرب الماء، فيسبقني الرجل إلى الشربة، فيسقينها، فكأنما دق ضلعاً من أضلاعي، لا أقدر على مكافئته.
* عليك بالمراقبة ممن لا تخفى عليه خافية، وعليك بالرجاء ممن يملك الوفاء، وعليك بالحذر ممن يملك العقوبة.
* لأن تلقى الله بسبعين ذنباً فيما بينك وبينه أهون عليك من أن تلقاه بذنب واحد فيما بينك وبين العباد.
* إذا هممت بأمر من أمور الآخرة فشمر إليها وأسرع من قبل أن يحول بينها وبينك الشيطان.
* عليك بقلة الأكل تملك سهر الليل، وعليك بالصوم فإنه يسد عليك باب الفجور، ويفتح عليك باب العبادة، وعليك بقلة الكلام يلين قلبك، وعليك بالصمت تملك الورع.
* ارض بما قسم الله تكن غنياً، وتوكل على الله تكن قوياً.
من كتاب "مواعظ الإمام سفيان الثوري"
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال تعالى في كتابِهِ العزيز: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَٰكِنْ لَا يَشْعُرُونَ (12)). إنه ما من شك في أن الحرب معلنة ومتأججة بين الإسلام والكفر منذ أن نزل الأمر للنبي صلى الله عليه وآله وسلم بالجهر بدعوته، سواء أكانت هذه الحرب فكرية أم عسكرية، واستمرت هذه الحرب وستستمر ما دام هناك إسلام وكفر، وسيبقى سيف الإسلام مصلتا على الكفر بكل أشكاله حتى يزهق الباطل ويتقهقر. ولا يغرن المغرورين والمضبوعين بعض الجولات التي يبرز فيها الكفر وكأنه منتصر، فهي جولات لا تعمر، ولا تحسب في عمر التاريخ، وقد ينتج عنها صيانة لكيان الأمة في بعض الأوقات. |
إن الكفار لا يألون جهدا في انقضاضهم على المسلمين، وقد حاولوا ذلك كثيرا في تاريخ الإسلام. وقد أخبرنا الله تعالى أنهم حال ظهورهم على المسلمين لا يحافظون على عهد ولا ميثاق، قال تعالى: (كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً). فهم يستخدمون منتهى قدرتهم واستطاعتهم في القضاء على هذه الأمة. لكن الأمر يهون إذا كان العدو ظاهرا مكشوفا مزيلا للقناع عن وجهه، أما إن اختفى بين صفوف المسلمين، يظهر الإسلام ويخدم أعداء الإسلام، فهنا يكمن البلاء، سواء أكان هذا النوع في سدة الحكم أم بين سواد الناس. وهذه الفئة وجدت بين المسلمين في المدينة المنورة بعد الهجرة النبوية، وكانوا من أهل المدينة لأنه لم يهاجر إلا مسلم مخلص للإسلام، وهذه الفئة تحمل اسم (المنافقين) فقد كان عبد الله بن أبي بن سلول رأسهم في المدينة، وزاد حقده عندما اقترب تتويجه على قبائل بني عبد الأشهل، فجاءت الهجرة النبوية المباركة بقيادة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، فقصم ظهره وخسر تاجه. فهي فئة مجرمة أشد خطرا على المسلمين من الكفار أنفسهم، لأنها لم يظهر منها سوى بعض صفاتها، ويصعب معرفة شخصياتها حيث قال رب العزة: (وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُم نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ) وقال: (وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ)، وقد ذكرَ اللهُ تعالى صفاتَها في القرآنِ الكريمِ وبيَّنَها، ولِنَتَنَاوَلْ بعضَ هذه الصفاتِ بشيءٍ مِنَ التوضيحِ:
1- الإفساد: قال تعالى: (فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (10) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11)).
عن مجاهد قال يعني "إذا قيل لهم لا تفعلوا كذا وكذا قالوا إنما نحن على الهدى مصلحون"، وعن ابن عباس "انهم يقولون إنما نريد الإصلاح بين الفريقين من المؤمنين وأهل الكتاب".
2- ومن صفاتهم أنهم مذبذبون: (مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَٰلِكَ لَا إِلَىٰ هَٰؤُلَاءِ وَلَا إِلَىٰ هَٰؤُلَاءِ)، فلا هم مع المؤمنين ظاهرا وباطنا ولا هم مع الكافرين ظاهرا وباطنا، بل ظواهرهم مع المؤمنين وبواطنهم مع الكافرين، قال ابن كثير: وقال مجاهد: مذبذبين بين أصحاب محمد وبين اليهود. عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم: «مَثَلُ المنافقين كمثلِ الشاةِ العائِرَةِ بين الغنَمَينِ تَعِيْرُ إلى هذه مرةً والى هذه مرةً ولا تدريْ أيُّهُمَا تتَّبِع».
3- ومن صفاتهم أنهم يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين: قال سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا (144) إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا (145)).
فكما أن منافقي المدينة راسلوا اليهود على الوقوف بجانبهم ضد المسلمين وحثوهم على الوقوف أمام محمد صلى الله عليه وسلم وصحبه وعدم الاستسلام، فإن منافقي اليوم يعملون ما هو أكبر، فإنهم يخدمون الكفار أكثر من الكفار أنفسهم، فهم يحاربون الإسلام باسم الإسلام، فكم مؤتمر انعقد باسم المؤتمر الإسلامي وهو غير إسلامي، وكم من جريمة يرتكبها الكافر أو المنافق نفسه وينسبها للمسلمين زورا وبهتانا كما هو الحال في الجزائر، مع أن علاقة المسلم هي علاقة أخوة ومحبة وتعاطف وتراحم فالله تعالى يقول: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ)، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "المسلم أخو المسلم" لكنهم يستغلون الجهل المستفحل في سواد الأمة ليمرروا عليها هذه الخزعبلات. ولو كانت الأمة بسوادها على درجة من الوعي لما سكتت عنهم، لأن الله تعالى أوجب علينا أن نرهب عدونا قال جل وعلا: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ)، وأن الجهاد الذي تحمله دولة الإسلام سوف يكون بإذن الله الطريقة التي بها يذبح اليهود غربي النهر، وتفتح به روما، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: "نصرت بالرعب من مسيرة شهر" وما ذلك إلا لأن الإسلام أوجب علينا إرهاب عدونا، ولو كان المنافقون على حق لأطلقوا على أنفسهم أنهم إرهابيون على ما يقترفون من جرائم ضد المسلمين. فماذا نسمي مخور الأساطيل وحاملات الطائرات في مياهنا وبحارنا؟ وماذا نسمي احتلال اليهود لبلادنا؟ ماذا نسمي وقوف حكام العرب والمسلمين بجانب الكفار في أية قضية يراد بها إذلال المسلمين؟ ماذا نسمي بعدهم عن الحكم بالإسلام؟ لماذا هذه القواعد والثكنات العسكرية التي امتلأت بها بلاد الإسلام؟ ماذا نسمي مجاهرة حكام تركيا علنا بمحاربة الإسلام وعلمنة تركيا؟ ...الخ فهم يتربصون الدوائر بالمسلمين كما قال الله فيهم: (الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) يقول ابن كثير في تفسير هذه الآية: "انهم ينتظرون من المؤمنين زوال دولتهم وظهور الكفرة عليهم وذهاب ملتهم، فإن كان للمؤمنين نصر وغنيمة قالوا ألم نكن معكم؟ وإن أديل على المؤمنين في بعض الأحيان كما وقع يوم أحد قالوا للكافرين: إننا ساعدناكم في الباطل وما ألوناكم خبالا حتى انتصرتم عليهم".
فعندما تأتيهم الأريحية للسخرية بالمؤمنين يتبرعون لهم ببيوتات للبراعم والأيتام، وبمراكز لمعالجة الأمراض والصم والبكم، ويبنون لهم المساجد على الطرز الحديثة على حساب الملك فلان ورئيس الجمهورية فلان و ...
4- ومن صفات المنافقين: (وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَىٰ شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ (14) اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (15)) قال السدي عن أبي مالك في قوله تعالى: (خَلَوْا إِلَىٰ شَيَاطِينِهِمْ) مضوا إلى ساداتهم وكبرائهم ورؤسائهم من أحبار اليهود ورؤوس المشركين والمنافقين، وقال ابن عباس شياطينهم يعني يهود الذين يأمرونهم بالتكذيب بما جاء به محمد r. وما اجتماع إسرائيل لاو أكبر حاخام يهودي في دولة يهود بشيخ الأزهر طنطاوي ببعيد.
5- ومن صفاتهم: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَىٰ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا (61)) هذه الآية والآية التي قبلها وما بعدها حتى آية ثلاث وستين ينكر الله تعالى فيها على من يدعي الإيمان بما أنزل الله على رسوله وعلى الأنبياء الأقدمين يريد أن يفصل خصوماته ويتحاكم إلى غير الكتاب والسنة، فما بال من يدعي أنه من سلالة المصطفى صلى الله عليه وسلم، وتجده حربا معلنة على الإسلام والمسلمين، ومن يدعي إمارة المؤمنين وهو يأمرهم بأوامر الطاغوت!
6- ومن صفاتهم: (وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ (4)) أي أنهم ذوو أجسام جميلة وجبناء فهم مع جمال أجسامهم وفصاحة لسانهم صور بلا معان وطبول جوفاء، وجاءت آيات أخرى أيضا بينت جبنهم: (أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَىٰ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ). فانظر إلى الحرس من حولهم ومن تحت أرجلهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم، حتى أن الحارس بحاجة إلى حارس خوفا منه، ومن شدة الجبن، فوالله كيف يحسون بطعم الحياة مع حرمانهم نعمة الأمن حتى داخل بيته لا يشعر بالأمن، وهذا يرجع إلى الجبن كما ذكرت الآيات إضافة إلى إجرامه في حق شعبه و أمته، فهو مطلوب للأمة وهذا حال المجرمين، اسمع إلى قول الله تعالى: (وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَٰكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ (56) لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلًا لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ (57)).
7- (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ (18)).
عن ابن عباس لا يسمعون الهدى ولا يبصرونه ولا يعقلونه، لا يرجعون إلى هدى، ولا يتوبون.
8- (وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَٰكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ). مِنْ شدَّةِ جَزَعِهِم وفَزَعِهِم وهلعهم، فهم يعلمون ما بأنفسهم ويخافون من الفضيحة فيؤكدون باليمين، والله تعالى يخبر أنهم ما هم كما يقولون فيكذبهم في قولهم، فهم لا يخالطون المؤمنين عن محبة وود، بل كرها لأن سيل الإسلام جرفهم ولا يستطيعون إلا أن يخفوا أنفسهم لكن مضرتهم للمسلمين هي هدفهم.
9- استهزاؤهم بالإسلام قال تعالى: (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65)) فذكر في سبب نزول هذه الآية أن رجلا من المنافقين قال: ما أرى قراءنا هؤلاء إلا أرغبنا بطونا وأكذبنا ألسنة وأجبننا عند اللقاء. فرفع ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء إلى الرسول عليه الصلاة والسلام وقد ارتحل وركب ناقته فقال: يا رسول الله إنما كنا نخوض ونلعب. فقال: "أبالله ورسوله كنتم تستهزؤون" وإن رجليه لتشقان الحجارة وما يلتفت إليه رسول الله وهو متعلق بسيف رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وعندما يطرحون بعض القضايا الاعتقادية للنقاش والمداولة فهم بعيدون في نقاشهم عن الخط الإسلامي، وقد يناقشون أمورا لا يجوز نقاشها مثل: إيجاد جمعية أبناء إبراهيم، أو جلوس رجال الدين اليهود والنصارى والمسلمين ليتكلموا معا في الإرهاب ويصدروا بيانا مشتركا، أو عندما يطلعون على المسلمين بأنهم حريصون على القرآن الكريم ولذلك ينكرون سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، أو إصدار الفتاوى التي يقصد بها إرضاء الحاكم، بغض النظر طابقت الإسلام أم لم تطابق.
الحمد لله رب العالمين، الذي وعد عباده الصائمين بالجنة يومَ الدين، يومَ لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، والصلاة والسلام على المبعوث رحمةً للعالمين القائل: ((بدأ الإسلام غريباً، وسيعود غريباً كما بدأ، فطوبى للغرباء)).
أيها المسلمون: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
((ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين)) فإني أهنئكم بقدوم شهر رمضان المبارك أعاده الله عليكم باليمن والتمكين والبركات، وقد أعزكم الله تبارك وتعالى، ونصركم على عدوكم بقيام دولة الإسلام- دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة- إنه سميع مجيب الدعاء.
ها هو هلال رمضان يهل علينا من جديد، وحال المسلمين من سيء إلى أسوأ، رغم وعود الحكام بما أسموه بخيرات السلام وجني ثمار الصلح وغيرها من الوعود الكاذبة. فالغلاء والوباء والقهر بازدياد مضطرد، وفساد الدواء والماء والغذاء مستشرٍ في المجتمع وهذا باعتراف بعض المسؤولين، والفساد السياسي والإداري وحتى في رؤوس الأنظمة وفي ما يسمى بدوائر مكافحة الفساد على أَشُدِّه.، ولا نرى من يتحرك من المسؤولين بجدية للعلاج الناجع، بل يكتفون بطمأنة الناس أن اللحوم والخضار والدواجن والأسماك ستكون بكميات كبيرة في شهر رمضان وكأن هذا الشهر هو شهر الطعام والشراب وليس شهر عبادة والأجر فيه مضاعف. فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أيْ ربِّ منعته الطعام والشهوات بالنهار، فشفعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه، فيشفعان". وإني في هذه المناسبة أهيب بكم أيها المسلمون أن استعيدوا أيام عزكم ومجدكم فقد طال بالأرض التصاقكم، وأخص بالذكر هنا صنفان من الناس إذا صلحا صلح الناس وإذا فسدا فسد الناس: العلماء والأمراء.
أما بعض العلماء فنراه قانعا بصلواته، إذا وعظ الناس كان وعظه يميت القلوب ولا يحييها، وقد عافه الناس لتكراره ولبعده عن واقع حياتهم، ويستولون على المذياع ويرتقون المنابر يسبحون بحمد الحكام ويقدسون أمرهم ويذهبون إلى قصورهم، ودوائر حكمهم ليقيدوا أسماءهم في سجل التشريفات عند كل مناسبة وكل سفرة في غير سبيل الله، فهؤلاء علماء السوء وخطباء الفتنة؛ صدّقوا الحكام وأعانوهم على الظلم واستجابوا لأهوائهم. هؤلاء أذكرهم بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم "سيكون أمراء فسقة جَوَرَة فمن صدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فليس مني ولست منه ولن يرد على الحوض" وقولِه: "إني لا أتخوف على أمتي مؤمناً ولا مشركاً، فأما المؤمن فيحجزه إيمانه وأما المشرك فيقمه كفره ولكن أتخوف عليهم منافقاً عالم اللسان يقول ما تعرفون ويعمل ما تنكرون" وقولِه: "يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتاب بطنه فيدور كما يدور الحمار في الرحى فيجتمع عليه أهل النار فيقولون يا فلان مالَكَ؟ ألم تكن تأمرُ بالمعروف وتنهى عن المنكر؟ فيقول بل كنت آمر بالمعروف ولا آتيه وأنهى عن المنكر وآتيه".
لهؤلاء العلماء وأمثالهم أقول:
توبوا إلى الله توبة نصوحاً وابذلوا جَهْدَكم في بيان أحكام الإسلام بصراحة وجرأة، ولا تخافوا الحكام العملاء ولا تركنوا إليهم ولا تتقربوا منهم، لقوله تعالى: (( ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار)) هود 115.
ولحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: (( إذا رأيتم العلماء على أبواب الحكام فاتهموهم)). وإلا فما فائدة وجودكم إذا لم تنصروا حقاً، ولم تمنعوا باطلاً، ولم تأمروا بمعروف ولم تنهوا عن منكر، ولم تحاسبوا الحكام الظلمة؟؟
وأما الحكام فأقول لهم: عودوا لأنفسكم، فحاسبوها على ما فرطت في جنب الإسلام واعلموا أن حكمكم مهما طال فإنه قصير في عمر أمتكم الطويل.... وأيامُ العمر تمضي سراعاً، وضمة القبر بفتنته وسؤاله آتيةٌ لا ريب فيها، وحسابُ الله عسير. وعليكم أن ترجعوا إلى الإسلام الذي تدَّعون الإيمان به والانتسابَ إليه. فالإيمان يعني التقيدَ بأوامرِه وتحليلَ حلالِه وتحريمَ حرامِه وتطبيقَ أحكامِه في جميع شؤون الحكم، وحملَ الدعوةِ إليه والجهادَ في سبيله. وإلا كان إيماناً لا ينفع لا في دنيا ولا في أخرى، ويصدق فيكم قولُه تعالى: ((ومن الناس من يقول آمنّا بالله واليوم الآخر وما هم بمؤمنين يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون)) البقرة 10،9.
ولا أنسى في هذا المقام بعض أهل القوة والذين هم سند وعون للحكام لا بل هم أداة طَيِّعةٌ في أيديهم مقابل دريهمات قليلة، فلا تطيعوا الحكام في معصية الله وانحازوا إلى دعاة الإسلام وانصروهم ولا تقبلوا أن تبطشوا بهم كما فعل بعضُكم في القاهرةِ وعمانَ والعقبةِ وكراتشي وإسلامبول وغيرها من أمهات المدن الإسلامية. وكذلك أخص منكمُ المسمَّوْن بالأجهزة الأمنية فأقول لهم: لا تقبلوا لأنفسكم الذلّ والهوان بالوقوف ساعات طويلة في البرد والحر وعتْمة الليل تتجسسون على حملة الدعوة لاستئناف الحياة الإسلامية أمام بيوتهم ومحلاتهم التجارية وأماكن عملهم ثم تقومون باعتقالهم وإيداعهم سجون الظلمة. والله تعالى يقول لكم: ((ولا تجسسوا)). والرسول صلى الله عليه وسلم يقول:" لا يدخل الجنة قتات" والقتات هو الذي يتتبع عورات المسلمين.
ولنعد جميعاً إلى الله تعالى أولاً، فعنده النصر المبين إن أخلصنا النية له واتبعنا شرعه، ثم لْنقم مستفرغين كل جهودنا لحمل راية الإسلام، وإقامة حكم القرآن مضحين في سبيل إعلاء كلمة الله، ولوكره الظالمون والكافرون. ولنبتعد عن الكسل ونُذْهِبْ عن نفوسنا الاستكانةَ وننزعْ عنها حبَّ السلامةِ التي سيطرت على بعضنا. فليست تلك والله من شيم حملة الشريعة السمحة وأتباع سيدِنا محمدَ بنِ عبد الله صلى الله عليه وسلم، فهاهم شبابُ حملةِ الدعوة من حزب التحرير لاستئناف الحياة الإسلامية يدعونكم للعمل معهم لتخليص البلاد وتخليصكم من الكفر وأهله ومن الظلم وأهله فتعودوا خيرَ أمة أخرجت للناس.
(( يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله والرسول إذا دعاكم لما يحييكم))
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كتبها للإذاعة: أبو شهاب
الحمد لله الذي فـتح أبواب الجـنـان لعباده الصائمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسـلين، المبعوث رحمة للعالمين، وآله وصحبه الطيـبين الطـاهرين، ومن تبـعه وسار على دربه، واهتدى بهديه واستـن بسنــته، ودعا بدعوته إلى يوم الدين، أمـا بعد:
فموضوعنا إخوة الإيمان في هذا اليوم المبارك بعنوان: شهر رمضان شهر الفتوحات والانتصارات.
نعم لقد كان شهر رمضان هو شهر الانتصارات والفتوحات، فلقد سطر فيه أجدادنا العظام أعظم وأروع الانتصارات.
هذا اليوم كان أول نصر سجله المسلمون على الكفار في تاريخهم المجيد في ظل دولتهم الإسلامية، تحت قيادة نبيهم ورئيسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان ذلك في السابع عشر من شهر رمضان المبارك.
كذلك فتح مكة العظيم كان في شهر رمضان المبارك في السنة الثامنة للهجرة، حيث دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة وحطم الأصنام، حطم اللات والعزى، ومناة الثالثة الأخرى، وهو يقول: (وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا).
كذلك كان أيضا فتح الأندلس (الجزيرة الخضراء) في أوروبا، في شهر رمضان المبارك سنة ثمان وثمانين للهجرة.
كذلك كانت معركة بلاط الشهداء، في الأول من رمضان سنة أربع عشرة ومائة للهجرة، حيث وصل الإسلام والمسلمون في ذلك الوقت إلى أسوار فرنسا.
كذلك أيضا كان فتح مدينة عمورية التي خرت صريعة خائرة بعد استغاثة المرأة الأسيرة، التي استغاثت بالخليفة المعتصم بعد أن أسرها الروم، صارخة: وامعتصماه! وكان ذلك في السادس من رمضان سنة اثنين وعشرين ومائتين للهجرة.
وكذلك معركة حطين بقيادة الناصر صلاح الدين الأيوبي رضي الله تعالى عنه، كانت في شهر رمضان.
وكذلك معركة عين جالوت بقيادة السلطان قطز كانت في شهر رمضان.
ولا ننسى فتح الفتوح على يد السلطان العثماني محمد الفاتح رحمه الله تعالى وجنوده الميامين، حيث كان على أيديهم أكبر نصر أحرزه المسلمون على الإمبراطورية الرومانية عام ستة وعشرين وثمانمائة للهجرة، إنه فتح القسطنطينية، حيث كانت عاصمة الدولة البيزنطية، ومعقل البابوية الكافرة الحاقدة، حيث دخلها السلطان محمد الفاتح في رمضان، ومن خلفه جنده الصائمون، دخلوها فاتحين هاتفين: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، فسعدوا وفازوا ببشرى نبيهم صلى الله عليه وسلم لتفتحن القسطنطينية، فلنعم الأمير أميرها ولنعم الجيش ذلك الجيش. القسطنطينية سماها الفاتح رضي الله عنه إسلام بول، أي مدينة الإسلام، وهي استانبول حاليا عاصمة تركيا العـلمانية.
هذا هو حال المسلمين إخوة الإيمان عندما كان لهم خليفة يسيرون قدما إلى الأمام من فتح إلى فتح، ومن نصر إلى نصر، ومن عز إلى عز.
أما اليوم فيأتي علينا رمضان الثامن والثمانون، ونحن نفقد عزيزا غائبا عنا، نفقد أمير المؤمنين، نفقد خليفة المسلمين، نفقد الإمام الجنة الذي يقاتل من ورائه، ويتقى به.
يأتي علينا رمضان الثامن والثمانون، ونحن نعيش في ظل أحكام الكفر، بغياب سلطان الإسلام ودولته، دولة الخلافة، دولة العز والجاه والسلطان.
يأتي علينا رمضان الثامن والثمانون، ولا زالت أحوالنا تسير من سيئ إلى أسوأ:
فمن قتل واغتيالات إلى حصار وتجويع!
ومن هدم وتدمير للممتلكات، إلى ضنك في العيش!
ومن نهب للخيرات والثروات من قبل أعدائنا، إلى تسلط وتحكم للكفار أعداء الله على رقابنا في طول البلاد وعرضها!
فلقد رمانا الكفار نحن المسلمين عن قوس واحدة، حرب صليبية مستعرة، تستهدف ديننا وعقيدتنا، ولا أظن أن هذا الأمر يخفى على أحد منا، وما حصل وما زال يحصل من حملات صليبية شرسة والتي تقودها أمريكا وذيلها بريطانيا وربيبتها دولة يهود، وبمباركة من الدول الأوروبية، وبسكوت ورضا ومعاونة من بقية دول العالم الغربي والشرقي، وبتواطؤ وتخاذل وخيانة من حكام المسلمين:
فمن حملة صليبية على أفغانستان، إلى حملة صليبية على فلسطين، إلى حملة صليبية على العراق، ولبنان وغزة.
ولا ننسى الإساءة إلى أقدس مقدساتنا رسولنا وسيدنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم، الذي تكررت الإساءة له مرات ومرات، ولا ننسى قرآننا العظيم الذي لم يفلت أيضا من الإساءة.
وأنتم أيها الأخوة المؤمنون ألا تحبون أن تعيدوا أمجاد أجدادكم العظام في رمضان؟ أجدادكم الذين سطروا أعظم وأروع الانتصارات في شهر رمضان المبارك، لتتم هذه البشرى، بشرى رسولنا صلى الله عليه وسلم، وتفتحون روما معقل البابوية الأول في زماننا؟
ألا تتوقون إلى أيام العزة و الكرامة؟
ألا تتوقون إلى أيام الانتصارات والفتوحات؟
ألا تحبون لقاء الله؟
ألا تحبون الشهادة في سبيل الله؟
ألا تطمعون بنوال رضوان الله؟
ألا تشتاقون إلى الجنة؟
إن أردتم ذلك كله فتعالوا نعمل معا لاستقدام أيام الله، وجند الله، ونصر الله، وذلك بتحكيم شرع الله، وتطبيق أحكام الله، في جميع نواحي الحياة، بإقامة دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة.
وفي الختام نسأل الله عز وجل، في هذا اليوم المبارك من أيام شهر رمضان الفضيل، أن يقر أعيننا بقيام دولة الخلافة، وأن يجعلنا من جنودها الأوفياء المخلصين. وأن يعيد لأمة الإسلام أيام عزها ومجدها ويمكن لها في الأرض، نسأله سبحانه وتعالى أن يكون ذلك قريبا وعلى أيدينا وفي رمضان. إنه سبحانه ولي ذلك والقادر عليه، والسلام عليكـم ورحمة الله تعالى وبركاته.
كتبها للإذاعة: أبو إبراهيم
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على نبينا العظيم وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ،،
حياكم الله مستمعينا مستمعي إذاعة المكتب الإعلامي لحزب التحرير ،،
ونقدم لكم من استوديو البث المباشر لإذاعة المكتب الإعلامي ::
فِقرة جديدة بعنوان
أمثالنا الشعبية في ميزان الشرع
تنشأ الأمثال الشعبية نتيجة تجارب إنسانية فردية أو جماعية عميقة الجذور في شعب أو أمة معينة، وقد تنتقل من شعب إلى شعب ومن أمة إلى أخرى عبر الاندماج الفكري والثقافي، وهي حكم ومأثورات خرجت ببساطة من أفواه البسطاء .. وتناقلتها الأجيال .. وتقال في مواقف معينة .
ولكن حتى هذه الأقوال والأمثال طالها ما طال العديد من المفاهيم والأفكار من تشويه وتغيير فاسد،،
ولما كنا نسير في طريق النهضة الصحيحة ونسعى نحو تغيير الواقع الفاسد الذي نعيشه ... فكان لا بد لنا من وقفة ولو قصيرة مع ما تضمنته بعض أمثالنا الشعبية وأقوالنا من أفكار وآراء ومقاييس....
فمن تلك الأمثال والأقوال ما يوافق العقيدة الإسلامية الصحيحة ومنها ما يناقضها ،، مثل عقيدة الإيمان والتسليم بقضاء الله وعقيدة الرزق مثلا ،، ومنها ما يحط من شأن وكرامة الإنسان بصفته إنسانا ،، ومنها بصفته امرأة ،، ومنها ما يدعو للاستسلام والانهزامية ،، ومنها ما يحث على الرياء والنفاق والكذب ،،ومفاهيم المنفعة والمصلحة والأنانية وعدم السؤال عن الغير، وغير ذلك من أمور،،
وللأسف فإن السواد الأعظم من المسلمين لا يتنبهون لذلك ولا يتوقفون عند هذه الأمثال والأقوال ،، ليتساءلوا هل هي موافقة للشرع أو لا وكأنهم لا يرون الآية الكريمة ( وَمَا يَلْفِظٌ لَدَيْهِ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ وعَتِيد ) ولا يقرأون قول الرسول الكريم "إنَّ الرجلَ لَيَقُول الكلمةَ لاَ يُلْقي لَهَا بَالاُ تُلْقي بِهِ سَبْعِينَ خَريفاً في النَّار)
وسأعرض عليكم في سلسلة حلقات بعض هذه الأمثال والأقوال ،،
وبما أننا في رمضان الخير ، رمضان الرحمة والتوبة فأبدأ بتعبير نستعمله كثيرا وهو
"رمضان كريم "
حينما يقع الصائم في معصية من المعاصي وحين ينبه لها وينهى عنها يقول: "رمضان كريم" فما حكم هذه الكلمة؟ وما حكم هذا التصرف؟
حكم ذلك أن هذه الكلمة "رمضان كريم" غير صحيحة، وإنما يقال: "رمضان مبارك" وما أشبه ذلك من كلمات ، لأن رمضان ليس هو الذي يعطي حتى يكون كريما، وإنما الله تعالى هو الكريم وهو الذي وضع فيه الفضل وجعله شهرا فاضلا، ووقتا لأداء ركن من أركان الإسلام، وكأن هذا القائل يظن أنه مسموح له فعل المعاصي لأنه شهر المغفرة ، وهذا خلاف ما قاله أهل العلم بأن السيئات تعظم في الزمان والمكان الفاضل، عكس ما يتصوره هذا القائل، وقالوا: يجب على الإنسان أن يتقي الله عز وجل في كل وقت وفي كل مكان، لاسيما في الأوقات الفاضلة والأماكن الفاضلة، وقد قال الله عز وجل: {يٰأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)، ففرض الصوم في تقوى الله عز وجل بفعل أوامره واجتناب نواهيه، وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ، والَعَمَلَ بِهِ، فَلَيْسَ للهِ حاجةٌ في أنْ يَدَعَ طعَامَهُ وَشَرَابَهُ"، فالصيام عبادة لله، وتربية للنفس وصيانة لها عن محارم الله ،
ومن جانب آخر نسمع بمقولة "اللهم إني صائم " حين الغضب أو لمنع النفس عن الغلط والأخطاء ،، فإن كان يقصد منها التوجه بنية التسامح وعدم ارتكاب الخطأ إلى الله تعالى وأخذ المزيد من الثواب فلا بأس من ذلك ،، ولكن ما يقصده الكثيرون من هذا القول أن ما يمنعهم هو الصيام فقط ولو لم يكن صائما لشتم وسب وتشاجر،، واغتاب وأكل لحم أخيه ميتا وغير ذلك من موبقات ،، وهذا لا يجوز حيث يجب أن تكون تلك شيمته وتصرفه دائما وفي كل الأوقات ،، وكذلك مثلها عبارة "رمضان شهر العبادة " وكأن العبادة مقتصرة على هذا الشهر وإن ندب فيه الإكثار من النوافل والسنن ولكن لا يصح أن نطلق عليه هذا القول ، وهذا ما نراه من سلوكيات للبعض حيث يرتادون المساجد وربما فيهم من يصلون فقط في رمضان ،، ومنهن من تلتزم باللباس الشرعي فقط في هذا الشهر ،،
وبما أن كثيرا من الناس تعتبر شهر رمضان شهر الأكل فهناك أيضا بعض الأمثال عن هذا :
الأكل على قد المحبة.
عيار الشبعان أربعين لقمة.
البطن والنار ما عليهن معيار.
كل أكل الجمال وقوم قبل الرجال.
عند البطون بتغيب الذهون أو العقول ،،
فهذه الأمثال تدعو إلى الشراهة في الطعام وإلى التسارع في تناوله وإلى الأنانية وتتعارض مع أقوال للرسول صلى الله عليه وسلم حيث قال:"إنَّ المؤمن يأكل في مَعِيٍّ واحدٍ والكافرُ يأكلُ في سبعةِ أمعاء".
وقال:"المعدةُ بيتُ الداءِ والحِمْيَةُ هيَ الدَّواءُ".
وقال:"ما ملأَ ابنُ آدمَ وِعَاءًُ شرٌّ من بًطنه فإن كان وَلا بُدَّ, فَثُلُثٌ لِطعامهِ وثلثٌ لشرابِهِ وثلثٌ لنَفَسِه".
وقال :"نحنُ قومٌ لا نأكلٌ حتى نجوعَ وإذا أكَلْنا لا نَشْبَعُ".
وقبل فقرة قصيرة سمعت هذا القول وذلك كوصفة طبية : الخبزة المبلولة دوا المعلولة والبرد أساس كل علة ،،
مثلان آخران يدلان على الجهل .........فحين نؤول سبب المرض في إلى البرد،ويقتصر الشفاء بتناول الخبزة المبلولة (لا افهم لماذا؟ فهم هكذا يدعون إلى الابتعاد عن التفكير عن سبب الداء والبحث عن طرق الشفاء،،
وهناك من يريد إظهار كرمه لضيفه فيقول له : ( وجه الله إلا أن تأكل )،، وهذا خطأ فلا يجوز لأحد أن يستشفع بالله عز وجل إلى أحد من الخلق, فإن الله أعظم وأجل من أن يستشفع إلى خلقه وذلك لأن مرتبة المشفوع إليه أعلى من مرتبة الشافع والمشفوع له, فكيف يصح أن يجعل الله تعالى شافعا عن أحد؟!
هذا ما عندنا اليوم حول بعض أمثالنا الشعبية والتي نرجو أن يكون نال رضاكم وجعلكم تفكرون بتلك الأمثال والأقوال والتي يرددها الكثيرون بدون تفكير ولا تمحيص ولا إرجاع إلى الشرع ،،
والى لقاء مع حلقة أخرى من تلك الأمثال ،والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
كتبته للإذاعة: الأخت مسلمة