الأربعاء، 26 جمادى الثانية 1447هـ| 2025/12/17م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

خبر وتعليق بريطانيا تقيم قاعدة عسكرية في البحرين

  • نشر في خبر وتعليق
  • قيم الموضوع
    (0 أصوات)
  • قراءة: 595 مرات


الخبر:


تحت عنوان "بريطانيا تقيم أول قاعدة عسكرية بالشرق الأوسط منذ 43 عاما" نشر موقع ال بي بي سي باللغة العربية ما يلي:


وقعت بريطانيا اتفاقا مع البحرين لإقامة قاعدة عسكرية في ميناء سلمان بالمملكة الخليجية، وستصبح تلك القاعدة أول قاعدة عسكرية بريطانية في الشرق الأوسط منذ انسحاب بريطانيا من المنطقة عام 1971. ومن المقرر أن تتحمل البحرين معظم تكلفة القاعدة البريطانية التي ستتكلف نحو 23 مليون دولار فيما تتحمل المملكة المتحدة تكلفة تشغيلها. وقال فيليب هاموند وزير الخارجية البريطاني الذي وقع الاتفاقية في العاصمة المنامة إن القاعدة من شأنها أن تساعد بلاده وحلفاءها على مواجهة "التحديات المشتركة"، وعلق فرانك غاردنر محرر بي بي سي للشؤون الأمنية: إن التوصل إلى هذا الاتفاق يأتي في وقت تواجه فيه الأنظمة الملكية في الخليج خطرا متزايدا من قبل التنظيمات المتشددة. أما وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون فيقول: إن هذه الخطوة ستساعد أسطول بلاده على تعزيز الاستقرار في منطقة الخليج، وأضاف فالون "سيتم الآن تمركزنا من جديد في الخليج على المدى البعيد".


التعليق:


في الوقت الذي يثور فيه المسلمون في أكثر من بلد من بلاد المسلمين على المستعمر الغربي ومخلفاته وعملائه، لقلعه من جذوره من بلاد المسلمين، وللتحرر نهائيا من هيمنة الغرب الكافر سياسيا وفكريا واقتصاديا وعسكريا، وقدمت الأمة في سبيل ذلك وما زالت تقدم الغالي والنفيس، عشرات الآلاف من الشهداء، كما هو حاصل في شام الإسلام منذ حوالي أربع سنين، يقوم رويبضات هذا الزمان ممن يسمون حكام وملوك العرب بتثبيت الاستعمار الغربي في بلاد المسلمين، من خلال السماح له بإقامة قواعد عسكرية في بلاد المسلمين، بهدف احتلال بلاد المسلمين عسكريا من جديد، ونهب ثرواتها وضرب المسلمين وقتلهم شر قتلة، وقواعدهم العسكرية في السعودية وقطر وغيرها خير شاهد على ذلك، وآخر هؤلاء الرويبضات هم حكام البحرين، ولم يقف الأمر عند حد إقامة قاعدة عسكرية جديدة تكون شوكة في خاصرة الأمة، بل إن العجب العجاب يكمن في تفاصيل اتفاقية العار هذه، حيث تنص على أن الحكومة البحرينية هي من سيتكفل بمعظم نفقات إقامة القاعدة العسكرية الباهظة والتي تقدر بـ 23 مليون دولار، وهذا يعني أن حكومة البحرين المجرمة ستدفع لبريطانيا ثمن احتلالها للبحرين وثمن قتلها للمسلمين، مقابل حماية بريطانيا لحكام الخليج من التنظيمات المتشددة التي تهدد عروشهم، كما صرح بذلك محرر إل بي بي سي، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على عزم الغرب الكافر على إعلان حرب على كل الجماعات الإسلامية التي تعمل على تغيير هؤلاء الرويبضات، سواء أكان ذلك بالعمل الفكري والسياسي أم كان من خلال الأعمال المادية التي تلجأ إليها بعض الجماعات، فكل من يعمل للتغييرالجذري ويعمل على إنهاء الهيمنة الغربية على بلاد المسلمين هو متطرف وأصولي ومتشدد في نظر الغرب الكافر.


وحقيقة أن ما قامت به الحكومة البحرينية ليس بغريب، فعشق ملوك البحرين للمستعمر البريطاني لا حدود له ويفوق الوصف والخيال، ففي حفل استقبال أقامه ملك البحرين في لندن لحضور مهرجان "ويندسور" الدولي للفروسية السنة الماضية، قال ملك البحرين: "أعتبر التعاون والمشاعر الودية التي قوبلنا بها هنا دلالة على عمق ومتانة العلاقات بين بلدينا وشعبينا الصديقين علما بأن معاهدة الصداقة الأولى تم التوقيع عليها في عام 1820م أي قبل حوالي 200 سنة".


وأشار ملك البحرين إلى مسيرة العلاقات بين البلدين حتى انسحاب بريطانيا من منطقة الخليج عام 1971 قائلا: "وقد تساءل والدنا عن سبب اتخاذ بريطانيا لذلك القرار من جانب واحد قائلا: لماذا؟ هل طلب منكم أحد الذهاب؟ وفي الحقيقة ظل التواجد البريطاني حاضرا ومن دون تغيير في جميع الأغراض الاستراتيجية والعملية، ونحن نظن بأننا لن نستغني عنه". نقلا عن القدس العربي.


وعلى الرغم من أن خطر إقامة مثل هذه القاعدة العسكرية سيتعدى مسلمي البحرين إلى المسلمين في كل المنطقة، إلا أن الخطر الأكبر هو سكوت علماء المسلمين خاصة والمسلمين عامة على هذا الجرم الذي أقدم عليه حكام البحرين، وتركهم للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومحاسبة هؤلاء الطواغيت، وأخذهم على أيادي هؤلاء الظالمين وأطرهم على الحق أطرا، فهلا استفاق المسلمون من سباتهم ووقفوا في وجه حكامهم وزلزلوا الأرض من تحت أقدامهم وجعلوا منهم ومن أنظمتهم أثرا بعد عين؟ وهلا عمل المسلمون لإقامة الخلافة الإسلامية على منهاج النبوة التي ستكنس الغرب الكافر وعملاءه من كافة بلاد المسلمين؟

 

 


كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أبو خالد

إقرأ المزيد...

خبر وتعليق العنصرية العرقية في أمريكا

  • نشر في خبر وتعليق
  • قيم الموضوع
    (0 أصوات)
  • قراءة: 658 مرات


الخبر:


نقلت العديد من وسائل الإعلام الاحتجاجات والتداعيات التي تشهدها شوارع أمريكا على إثر مقتل رجل أسود برصاص شرطي أبيض.


التعليق:


في ضوء هذه الأحداث، يجب إلقاء الضوء على النقاط التالية:


أولا: إن جرائم من هذا النوع ليست بالأمر الجديد في أمريكا، حيث يقول تقرير صادر عن وزارة العدل الأمريكية لسنة (2001): أن ضحايا الجريمة العرقية بين السود والبيض قد بلغ (1.3) مليون حالة.


ويشير مكتب التحقيقات الفدرالي ووزارة العدل الأمريكية أنه بين سنتي (1964 - 1994) كان هناك أكثر من (25) مليون جريمة عرقية عنيفة ارتكبت في الولايات المتحدة، وأن أكثر من (45000) شخص قتلوا بسبب جرائم عرقية بالمقارنة مع (58000) أمريكي قتلوا في فيتنام، و (34000) في الحرب الكوريّة.


وأشار التقرير الذي أعدته منظمة (Cleen Woog) إلى أن ثلث الجرائم المذكورة قامت بها منظمات عنصرية أمثال (السكين هيدز) ذوو الرؤوس الحليقة، وبقايا المنظمة العنصرية كلوكوس كلان إلى جانب الحوادث التي يرتكبها رجال الشرطة والأمن ضد الزنوج.


ثانيا: إن أحداثا كهذه تنذر بانهيار أمريكا ورأسماليتها كما كانت عاقبة الروم والفرس.


ثالثا: جعل الإسلام الناس سواسية في ظلّه، لا فرق لعربي على أعجمي، ولا لأسود على أبيض، وجعل الأفضلية هي للتقوى لا لشيء غير ذلك، قال تعالى: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِير﴾، وقال عليه الصلاة والسلام: «إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَأَبَاكُمْ وَاحِدٌ، وَنَبِيُّكُمْ وَاحِدٌ، لا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ، وَلا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلا لأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ، وَلا لأَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ، إِلا بِالتَّقْوَى».


رابعا: يعيش العالم اليوم في حال أشبه بحال الروم والفرس قبل بعثة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، حيث الظلم والفساد والطبقية والانحلال وانعدام القيم. وقد استدار الزمان كهيئته يوم بعث الرسول صلى الله عليه وسلم فها هو العالم يقف على مفترق الطرق مرة ثانية؛ فإما أن يتقدم المسلمون إلى إنقاذ العالم حيث لا يوجد على وجه الأرض اليوم أمة تستطيع إخراج العالم مما هي فيه سوى أمة الإسلام، وإما أن يستمر الحال على ما هو عليه.


فإليكم، أيها المسلمون، هذا العالم الإنساني الفسيح الذي اختاركم الله لقيادته واجتباكم لهدايته، وكانت البعثة المحمدية فاتحة هذا العهد الجديد في تاريخ أمتكم وفي تاريخ العالم جميعاً. فأنقذوا أنفسكم أولا باحتضان هذه الدعوة الإسلامية العالمية من جديد بإيجادها في الواقع، لتتمكنوا بعد ذلك من إنقاذ العالم وإخراجه من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام.

 

 


كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أبو عيسى

إقرأ المزيد...

خبر وتعليق الاعتداء على اللاجئين السوريين في لبنان

  • نشر في خبر وتعليق
  • قيم الموضوع
    (0 أصوات)
  • قراءة: 561 مرات


الخبر:


(الجزيرة نت): أفاد مراسل الجزيرة في لبنان بأن مجهولين أطلقوا النار على مخيم للنازحين السوريين في منطقة بعلبك شرقي البلاد، وتسببوا في جرح شخصين.


ولقد ازدادت الاعتداءات على اللاجئين السوريين في لبنان منذ مقتل الجندي اللبناني علي البزال المعتقل لدى جبهة النصرة الجمعة الماضي. ومن بين القتلى والجرحى نساء وأطفال، بل إن عمليات الإجرام بلغت حداً بشعاً في تصفية الجرحى أثناء عملية إسعافهم. ومعظم الحالات كانت تحت سمع الجيش اللبناني وبصره دون أن يحرك ساكناً.


التعليق:


قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا﴾، فإننا نبشر هؤلاء القتلة المجرمين وكل من حرضهم وسهل لهم جرائمهم بغضب الله ولعنته وخزيه في الدنيا وعذابه الأليم في الآخرة.


- لقد بات واضحاً للعيان أن الجيش اللبناني ومخابراته مع مليشيا حزب إيران في لبنان مع دوائر الحقد السوداء ما هي إلا أدوات رخيصة تحركها أنظمة العمالة في دمشق وإيران خدمة لمصالح أسيادهم الأمريكان، وإن كذبة الجيش اللبناني في دفاعه عن الوطن لا تغطي عورته حين يعجز عن حماية الضيوف أو اللاجئين على أرض (الوطن).


- إن الواجب الشرعي والأخلاقي يحتم على كل شريف الأخذ على يد المجرمين ومنعهم من اعتداءاتهم فوراً وقبل وقوعها، ويجب على أصحاب المنابر والفعاليات والوجهاء قطع يد العبث والإجرام، ويجب عليهم القيام بحماية حياة اللاجئ الذي فقد الرعاية والأمان، ويجب على رجال الرأي والإعلام فضح كل الأطراف المتواطئة بما فيها تيار المعارضة الساكت عن هذه الجرائم والذي يمارس انتهازية سياسية مريضة في التعامل مع الأزمة السورية.


- إننا في حزب التحرير نسعى مع الأمة ومع المخلصين من أبناء الأمة إلى إنهاء معاناة كل الناس من كل الطوائف والأديان بإقامة نظام الإسلام خلافة على منهاج النبوة، تحقق الأمن والرعاية والأمان وتحفظ الحقوق والأرواح والأموال، وتحمل الإسلام رسالة خير ونور للعالم أجمع.


﴿وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ﴾




كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أحمد عبد الوهاب
رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا

إقرأ المزيد...

مع الحديث الشريف إذا لم تستح فاصنع ما شئت

  • نشر في من السّنة الشريفة
  • قيم الموضوع
    (0 أصوات)
  • قراءة: 1117 مرات


الإخوة الكرام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


أورد البخاريُّ رحمه الله في صحيحه، عَنْ أبي مسعودٍ الأنصاريّ رضي الله عنه عن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:


«إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الْأُولَى إِذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ»


وقد شرح ابن حجرٍ رحمه الله الحديث في فتح الباري، ومما جاء فيه:


قَوْلُهُ: (إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ) أي آخِرَ مَا تَعَلَّقَ بِهِ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الْأُولَى .. وَأَدْرَكَ بِمَعْنَى: بَلَغَ، وَإِذَا لَمْ تَسْتَحِ: اسْمٌ لِلْكَلِمَةِ الْمُشَبَّهَةِ بِتَأْوِيلِ هَذَا الْقَوْلِ.


قَوْلُهُ: (فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ: الْحِكْمَةُ فِي التَّعْبِيرِ بِلَفْظِ الْأَمْرِ دُونَ الْخَبَرِ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ الَّذِي يَكُفُّ الْإِنْسَانَ عَنْ مُوَاقَعَةِ الشَّرِّ هُوَ الْحَيَاءُ فَإِذَا تَرَكَهُ صَارَ كَالْمَأْمُورِ طَبْعًا بِارْتِكَابِ كُلِّ شَرٍّ، قَالَ النَّوَوِيُّ فِي "الْأَرْبَعِين": الْأَمْرُ فِيهِ لِلْإِبَاحَةِ، أَيْ إِذَا أَرَدْتَ فِعْلَ شَيْءٍ فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا تَسْتَحِي إِذَا فَعَلْتَهُ مِنَ اللَّهِ وَلَا مِنَ النَّاسِ فَافْعَلْهُ وَإِلَّا فَلَا، وَعَلَى هَذَا مَدَارُ الْإِسْلَامِ، وَتَوْجِيهُ ذَلِكَ أَنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ الْوَاجِبُ وَالْمَنْدُوبُ يُسْتَحَى مِنْ تَرْكِهِ، وَالْمَنْهِيُّ عَنْهُ الْحَرَامُ وَالْمَكْرُوهُ يُسْتَحَى مِنْ فِعْلِهِ، وَأَمَّا الْمُبَاحُ فَالْحَيَاءُ مِنْ فِعْلِهِ جَائِزٌ، وَكَذَا مَنْ تَرَكَهُ، فَتَضَمَّنَ الْحَدِيثُ الْأَحْكَامَ الْخَمْسَةَ. وَقِيلَ هُوَ أَمْرُ تَهْدِيدٍ، وَمَعْنَاهُ إِذَا نُزِعَ مِنْكَ الْحَيَاءُ فَافْعَلْ مَا شِئْتَ فَإِنَّ اللَّهَ مُجَازِيكَ عَلَيْهِ، وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى تَعْظِيمِ أَمْرِ الْحَيَاءِ، أَيْ: مَنْ لَا يَسْتَحِي يَصْنَعُ مَا أَرَادَ.


وكأننا بحكام المسلمين لم يأبهوا بالحياء، فما أقاموا له وزنًا ولا جعلوا له اعتبارًا، فأذاقوا شعوبهم ويلاتٍ وويلاتٍ وويلاتٍ، فسفاح في سوريا وآخر في ليبيا وثالث في اليمن ورابع في مصر وخامس في الحجاز ونجد حتى امتلأت بلاد المسلمين بحكامٍ قليلي حياء، بل قل: معدومي حياء، وبلغت وقاحتهم حد تسمية البلاد بأسمائهم، فهذه الحجاز ونجد أسموها السعودية نسبة إلى حكام الضلالة، وهذه الأردن أسموها الهاشمية نسبة إلى حكام الضلالة هناك، وتجاوزت جرائم الحكام كل حد، استباحوا الأعراض فانتهكوها، وقتلوا الشباب والشيوخ والنساء والأطفال، بل وأخرجوا الجيوش تنكل في الشعوب فاستحر القتل في المسلمين من حكامهم، وما هذا كله إلا لغياب حاجز الحياء، وإنه لمّا يغيب الحياء فلا يعود شيءٌ يمنع المجرم من إجرامه، حينها يصبح لزامًا على أهل الحق أن يثبتوا الحق بالقوة، وليس هناك من قوةٍ تفوق قوة الشعوب إن أرادت حقها وسعت إلى استرداد سلطانها، فهذه شعوب المسلمين بدأت تتململ طالبةً حقها وسلطانها وساعيةً إليه، وبدأ المجرمون معدومي الحياء يتساقطون واحدًا تلو الآخر، وإننا ندعو الشعوب إلى المضيّ قدمًا في طريق عزتها، وننصحهم ألا يرجوا من معدومي الحياء خيرًا فإن معدوم الحياء لا رجاء منه، والله وليّ المستضعفين إن هم نصروه واستقاموا على أمره.

 

وحتى لقاءٍ آخر نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إقرأ المزيد...

بقي لانتصار ثورتنا خطوة

  • نشر في أخرى
  • قيم الموضوع
    (0 أصوات)
  • قراءة: 1726 مرات


منذ أن بدأت الثورات المباركة في البلاد العربية وتنقلت من بلد إلى آخر ونحن نباركها، ونقف على منجزاتها، ونحلل أسباب قيامها. فبعد بدئها في تونس الخضراء استبشرنا الخير الكثير وتفاءلنا بعد أن كاد اليأس يقترب من النفوس، وقلنا ثورة مباركة تسعى لاسترداد حق الشعب في السلطان الذي سلبه حكام الضرار منه، وزدنا على هذا أن هذه الثورة شعلة سوف تنفجر وتخرج الخبيث من أرضنا وتطرد المحتل من بلادنا. وبعدها بدأت ثورة ليبيا عمر المختار، التي طردت الاحتلال من قبل، وقلنا ها هو شعب ليبيا يعمل بكل جهد لإخراج حاكمها وإلقائه في مزبلة التاريخ، فيسطّر للأمة تاريخاً مجيداً. ثم تحركت أرض الكنانة، وانتفضت للتحرر من طاغوت العصر، عراب اليهود والأمريكان, فثارت، وقتل الكثير من أجل شعارات جميلة "حرية، وعدالة اجتماعية". وعلى أثرها تحركت أرض الحكمة (اليمن)، فخرج أهلها بالآلاف في الشوارع، واعتصموا من أجل تخليص أنفسهم من صالح ونسله. وآخر هذه الثورات ثورة رفعت شعارا جميلا، يسمع الميت في قبره، ويعيد للنفوس ذكرياتها، ويذكِّر المؤمنين بأحاديث نبيهم المصطفى صلى الله عليه وسلم، ألا وهي ثورة الشام.


لقد حاكوا لثورة تونس من قبل المكيدة تلو المكيدة، واصطنعوا لها قادة أصحاب فنادق وشقق فارهة في فرنسا وإنجلترا، بعدها هرب ابن علي تاركا خلفه جيشا من العملاء يشاركون في الثورة ويقودونها ليعيدوا أنفسهم إلى سدة الحكم. فكان ما حدث في تونس مسرحية هزلية دغدغت مشاعر الشعب، بمجيء حركة تسمي نفسها إسلامية، لمدة مفروضة، ومن أجل غاية رخيصة هي تخدير مشاعر الناس الغاضبة، وإعادة الانتخابات، التي من خلالها نُصّب على رقاب الناس حكام الأمس، باسم الثورة والديمقراطية! فللناس أن يصيحوا، أين ثورتنا التي من أجلها استشهد أبناؤنا؟ لقد ركبها عملاء الغرب، وضيّعوها، وباعوها على طبق من ذهب لحكام الأمس.


وكذالك الأمر في ليبيا، ثار الناس، واستشهد الشباب والشيوخ، قاتلوا وناضلوا، رفعوا شعارا جميلا "نريد تحكيم شرع الله في الأرض", قرءوا القرآن ودرسوا السيرة، ولكن الغرب جاء بجيشه ورجاله وأكثروا في البلاد الفساد، وساروا على نفس نهجهم في تونس، من انتخابات هزلية، فازت من خلالها كتلة باسم الإسلام لم يكن لها أثر في ليبيا، من أجل غاية نجحوا في تحقيقها في تونس, وهي تسكين غضب الشعب مدة كافية ليعدّ العدة ويرتب الأوراق من جديد، ويعيد الحكم نفسه بوجوه جديدة. لكن الأمر لم يسر كما شاء الغرب، فلكل شعب اختلافاته، فاضطر إلى دعم رجال سطّروا أسماءهم في مزبلة التاريخ بالسلاح والعتاد، لأجل منصب وهمي وأموال زائلة فكان الحل العسكري من أجل تسهيل سرقة الثورة والبلاد أمام أعين أهلها، وبدعم من جيرانها من المغرب والجزائر ومصر.


أما أرض الحكمة (اليمن السعيد), فقد استخدم أهلها الحكمة في ثورتهم، وانتشروا في الميادين والشوارع مطالبين بإسقاط النظام لشهور طوال، فقتل منهم من قتل من أجل التخلص من حكم صالح وأبنائه البارين بالإنجليز والغرب الكافر. لكن الإنجليز تآمروا عليهم، وحاكوا في ظلام الليل المؤامرات ضد ثورتهم، وقبلوا باقتسام الثورة مع الأمريكان، فاستخدموا كل قواهم، من زعماء العشائر، وأتباعهم من أجل نتيجة لا يقبلها أصغر ثائر من ثوار اليمن. حيث صنعوا لهم حكومة وأخرجوا لهم صالحا وأبقوا أذرع الإخطبوط، تصول وتجول في الأرض من أجل التآمر على شعب اليمن وثورتهم. فبعد أن صرخ الشعب ثورة من أجل الحرية، جيء له من أقصى الأرض بملة ومذهب دخيل، بمؤامرة مزدوجة بين عدوة الإسلام والمسلمين (أمريكا)، وهادمة عزة الإسلام والمسلمين (الإنجليز)، فأدخلوا البلاد في عدم الاستقرار وجعلوها على فوهة البركان، وأشعلوا النار بين الناس لإذكاء حرب طائفية، فوقف الشعب حيرانا كيف الخلاص، وكيف تعود الثورة لطريقها الصحيح؟


ثم كانت ثورة مصر الكنانة، التي قادها الشباب ونزلوا في الشوارع والميادين يصيحون بأعلى صوتهم: "الشعب يريد إسقاط النظام", قُتل منهم المئات وحتى الألوف في الميادين، من أجل غاية وضعوها أمام أعينهم، وهي الحرية والعدالة الاجتماعية. فكادوا أن يصلوا إلى مبتغاهم وتحقيق هدفهم لولا أن استيقظ البيت الأبيض على عميل أصبح فاقدا للشرعية، وشعب يخرج في الشوارع والميادين مطالباً بإسقاط النظام، فثقل عليه الأمر، وحاك المكائد والمؤامرات، حتى وصل به إلى استخدام الورقة الحمراء التي يستخدمها كل مفلس وجبان, وعقد الانتخابات من أجل الإبقاء على البلاد تحت نفوذه وسلطانه, فجيء بعملاء يحيكون المؤامرات تلو المؤامرات، وصوّروا الأمر على أن الشعب راضٍ، وأنه كان يخرج إلى الميادين منادياً بعملاء الأمس ليحكمه ويتحكم برقابه! فصدق ذلك البسطاء، واستيقظ الشعب على وجوه الأمس حكاما لليوم، بعد سفك الدماء في الميادين، وزجّ الآلاف في السجون حتى كادت تفرغ البلاد. فكانت ثورة من أجل تصحيح المسار بما يرضى عنه ساكن البيت الأبيض، وقاتل الجنود، سافك الدماء، منتهك الحرمات، محتل المقدسات (يهود). فصاح الناس أين ثورتنا التي ركبها المتسلقون وباعها المأجورون؟ فلم يجب عن سؤالهم قائد جيشهم، عميل أمريكا، ربيب يهود, بل أسقط على رؤوسهم الحمم، وهدم بيوتهم، وأغلق معابر غزة هاشم، وهذا كله باسم الثورة وتصحيح المسار. فوقفت الحرائر وأمهات الشهداء تسأل حقها ودماءها، فجاء الجواب أن القاتل حر طليق، يخاطب الشعب ويشكره على حسن سلوكه، وعدم نسيان الماضي القريب! وبقي السؤال أين الثورة والعدالة والحرية؟


وها نحن الآن في أرض المحشر والمنشر، وبلاد عمود الدين (الشام), سنين طوال جربوا فيها كل الحيل والمؤامرات، لكنها بقيت عصية على مؤامراتهم، وبقي الشعب ينادي بشعار "هي لله، هي لله"، ولم يقبلوا بأوراق محروقة استخدمت في البلاد. فقتلوا منهم الآلاف وهجروا الملايين، وصنعوا لهم فزاعة جديدة من جنس ثورتهم، تجعلهم يرتبكون ويحتارون بعد سنين طوال من النضال، وشكّلوا وقت اشتغال الثوار في ثورتهم جماعة سموها بما شاءوا، من أجل ضرب الثورة وحرفها عن وجهتها، ووفّروا لها كل وسائل الحياة والبقاء وحتى التوسع، و لم يكتفوا بذلك فجيّشوا الجيوش وصنعوا الحلفاء بذريعة حقوق الإنسان. واستخدموا طائرات دفع ثمنها الشعب بدمائه وتعبه من أجل الدفاع عنه.


فوقفت الشعوب بعد هذه الثورات تتساءل: ألهذا ثارت بلادنا؟ وأنفقنا فيها من أموالنا وأنفسنا؟ وتصايح الناس كلهم: ما لهذا ثرنا ولا لهذا قمنا ولا لهذا انتفضنا. ومنهم من قال أنها سُرِقت وتحايلوا علينا وركبوا ثورتنا، وآخرون قالوا أن الثورة فكرة لا هدف يرجى منها, وأخيرا خرج صوت يقول أن الثورة أسلوب فاشل في تحقيق الغاية التي تستحق التضحية والموت في سبيلها.


قد يشك بعض المشككين في الثورة بحسن نية أو بسوئها، لكن السؤال العريض هو هل الثورة كانت على أساسٍ خاطئ وتطالب بما يصعب تحقيقه، أم أن هناك من حاك لها المؤامرات وحوّلها عن اتجاها ومسخ أهدافها؟ إن الثورات المباركة التي قامت بها الشعوب ثورات مباركة، وأهدافها في مجملها حق شرعي تضمنه لها جميع الأنظمة والشرائع، لكن ما ينقص هذه الثورة ويجعلها تحقق أهدافها هو البوصلة. فالفكرة وحدها مهما كانت جميلة، إن لم تصحبها طريقة من جنسها، عملية في تطبيقها، مقنعة للعقل، فستفشل بلا شك. وفكرتنا إسلامية، فينبغي أن تكون الطريقة إسلامية، ومن نفس المصدر، وإلا لكان الفشل محتوماً، وفقدنا الدعم الروحي. فما نحتاجه في ثورتنا هو توجيه الدفة إلى الغاية، ومعرفة الهدف من الثورة، وكيف نصل إلى المرفأ الأخير، ألا وهو رضوان الله، غاية الغايات من أي عمل. وقد بقي لنا حتى نصل إلى بر الأمان خطوة، والآن نحن أقرب أكثر من أي وقت مضى من القدرة على تحريك الدفة في هذه السفينة، فما علينا إلا إرشاد أنفسنا إلى الغاية النبيلة والهدف الغالي والثمين الذي نسعى له ونأمل من الله أن يحققه، فنحصِّل إحدى الحسنيين إما النصر وإما الاستشهاد من أجل نصرة دين الله، بسلك الطريق الذي سلكه الرسول الأعظم ونهجه لنا في التغيير، فنرضي الله عز وجل، بتطبيق شرعه، ورفع راية رسوله خفاقة فوق الرؤوس.

 

 


كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أبو يوسف

إقرأ المزيد...

ألم الوحدة في عصر الاتصالات

  • نشر في سياسي
  • قيم الموضوع
    (0 أصوات)
  • قراءة: 938 مرات

 

مع تقدم العمران وتمدّن البشر وانكماش الأسرة، التي اختزلها الكثيرون في الخلية المصغرة للأب والأم والأولاد وزيارات متباعدة للجد والجدة، يتكرر على مسامعنا شكوى الناس من الانشغال ومن الوحدة والعزلة في آن واحد. الكل مشغول ويشعر بالضجر والملل وكمّ من المشاعر المتناقضة. وتتكرر هذه الشكوى من الصغار والكبار وكأن هناك خللاً في توظيف التكنولوجيا الحديثة التي أصبحت في متناول شريحة كبيرة من الناس لتخفيف مشكلات المجتمعات الرأسمالية وتغيير نمط العيش في هذه المجتمعات.


ساعات طويلة يقضيها طفل هذا العصر ومنذ نعومة أظفاره مع التلفاز وأجهزة التصفح من آيبادات وهواتف ذكية وأجهزة حديثة للأطفال، يقلب صفحاتها ويتيه في عالمها البعيد بينما ينعزل أهله عنه أيضا بأجهزة تصفح وعوالم أخرى.. يتواجد الأهل في نفس المكان ويعمّ الصمت أركان البيت! هكذا ينشأ الطفل في عزلة وفقدان للتواصل مع الأهل والمحيط ويسميه البعض مجازا جيل التكنولوجيا بدلا من تسميته جيلا فاقدا للتواصل. وتمر أجمل سنوات العمر في عالم افتراضي يختزل المشاعر البشرية في بطاقات وصور جامدة ورسوم كرتون ترفيهية تعبر عن مشاعر مختلفة! أجهزة تختصر المسافات وتختصر العلاقات في آن واحد.. إنه عالم متناقض يصل الناس ببعض ويبعدهم عن التواصل البشري!


لقد تسببت الحضارات الصناعية في غربة نفس وألم يعاني منهما الإنسان الغربي، وما نشهده اليوم ليست العزلة التي تؤدي للتأمل والتدبر والصفاء بل عزلة صاخبة مليئة بالأحداث والضوضاء لا تترك لصاحبها مجالا لأن يختلي بنفسه ويتأمل أو أن يتواصل مع الناس. إنها عزلة مفروضة على الإنسان المتمدن في العصر الحديث تأسره في قوالب معينة وتوحي له بالاستقلالية بينما هو فرد من قطيع استهلاكي مخدر بإبر التكنولوجيا الحديثة. فتراه يلهث وراء كسب العيش والتنافس والحصول على أكبر قدر من الربح وكأنه يهرب باستمرار من أزمة روحية واجتماعية خانقة. تحولت هذه العزلة في الغرب لوباء وتكررت تحذيرات المتخصصين من أثرها على المسنين والشباب والأمهات اللاتي وضعن حديثا. وقد لامس الكاتب البريطاني جورج مونبيوت وتراً حساساً حينما نشر مقاله الشهير "عصر الوحدة يقتلنا" في منتصف شهر أكتوبر/تشرين الأول ونُشر في الجارديان قبل أن ينتشر بشكل واسع ليدق أجراس الخطر وينوه عن انهيار اجتماعي للمجتمعات الرأسمالية. أشار الكاتب لأثر هذه الوحدة خصوصاً على كبار السن والتي بلغت حد الخطورة القصوى وصارت محض اهتمام الباحثين. ففي دراسة لمؤسسة "العصر المستقل" أكدت أن "العزلة القاسية في إنجلترا قد أصابت حياة 700 ألف رجل و1.1 مليون امرأة فوق الخمسين." انتشرت الدراسات التي تقارن مخاطر العزلة على صحة الإنسان بتدخين 15 سيجارة في اليوم أو السمنة المفرطة أو ضغط الدم المرتفع أو الاكتئاب والإدمان أو حوادث الطرق أو غيرها من المخاطر التي لا تقل عن الموت البطيء في عزلة عن العالم.


تحوّل حلم الإنسان العصامي الطموح الذي يحتفل بفرديته ونجاحاته ويفتخر بنمط الحياة التي اختارها لنفسه في المجتمع إلى كابوس ينهش في الروح قبل الجسد وقد جسّد مونبيوت هذا حينما قال "لا يوجد الآن ما يمكن أن يسمى مجتمعاً، فقط البطولة الفردية. ما يهم هو الفوز، وأي شيء آخر هو مجرد أضرار جانبية غير مرغوب فيها." (من مقال مونبيوت - ترجمة محمود حسني).


أصبح الإنسان الغربي المتمدن ينظر بحسرة لعيش الفقراء من أهل القرى والصحاري ويحلم بمساء هادئ تحت ضوء القمر وفانوس صغير يجمع الأسرة في دفء ويسد الفراغ الذي صنعته مجتمعات يلهث فيها المرء ليل نهار ويصارع في كافة الأصعدة من أجل التفوق والنجاح العملي بينما الفشل الاجتماعي يحاصره من جميع الجهات. انتشرت الرحلات إلى القرى الصغيرة وسارعت الوكالات السياحية إلى ترغيب الشباب الأثرياء في القرى النائية في محاولة للتخلص من أعباء الحياة في كبرى المدن. هذه حال من استغنى بالمادة والآلة عن دفء التواصل الطبيعي وأهمية الأدوار الطبيعية في المجتمع.. نجده يتأمل في مخلوقات الله فيحسدها على هذه النعمة. تنظر الأم للطيور وهي تغرد في فخر عندما تعتني بعشّها وتحتضن صغارها وتطعمهم في عناية بينما أطفال الحياة المدنية يتنقلون بين حضن التلفاز والتابلِت والهواتف الذكية.. يسافر المرء بعيدا ليبحث عن الخلل في علاقات اجتماعية قضت عليها النزعة الفردية والنفعية بينما الأجوبة قريبة منه.. احتار الإنسان الغربي البسيط في أمره وهو يتأمل حياة كل متصالح مع الفطرة وبدا الأمر كخيارٍ قاسٍ بين الرفاهية والمدنية من جهة وحياة اجتماعية متوازنة من جهة أخرى. فحصر نفسه في إطار افتراضي.. وكأن ناطحات السحاب والمصانع الكبرى لا تقوم إلا على أنقاض الأسرة.. وكأن المدنية عدوة الترابط الأسري والبشري.. وكأن المرأة لا تنجح إلا إذا كانت أما فاشلة متنكرة للأمومة التي وهبها الله لها وكرمها بها.


لقد أسست الرأسمالية لمفهوم الفردية وقوّت في الإنسان النظرة الذاتية الأحادية التي تحصر العالم في رغباته وطموحه اللامحدود وجعلت هذه النظرة مقياساً للنجاح. بينما أهملت المجتمع والتواصل الطبيعي بين الناس وعززت عوضاً عنه دور المؤسسات الخيرية التي تخفف من قسوة الرأسمالية وتجاهلها لقيمة الإنسان. جعلت تواصل المسنين في دور خاصة وعوضت الأمهات اللاتي وضعن حديثا ببرامج متلفزة ومراكز متخصصة بعد أن سلبتهم دفء الأسرة الممتدة وجعلت للأطفال مراكز للنشء بعد أن حصرتهم في شقق كرتونية وحاصرتهم بانعدام الأمن والأمان وأعطت كل طفل هاتفا ذكيا بدلاً من تفرغ أمه لرعايته. وهذا غيض من فيض ينذر بانهيار المجتمعات الرأسمالية التي لم يبق منها سوى الهيكل الخارجي.


ها هو جبل الجليد يزحف إلى بلاد المسلمين حتى بات الجار يجهل أحوال جيرانه وأصبحت الأعياد موعدا للقاء الجار ذي القربى، وتحولت الواجبات العائلية لعبء ثقيل يتذمر منها الشباب الطموح الذي يلهث من أجل أن يحقق حلمه. وأصبحت العلاقات تنتهي بلمسة على لوحة المفاتيح بدلا من الصبر على أذى الناس وحث النفس على احتساب الأجر والثواب عند الله. تحولت العلاقات بين البشر لمجرد أسماء على قائمة الاتصال. وتحولت الأجهزة الصغيرة بين أيدي الناس لغول يفصلهم عن الواقع ويحبسهم في هوة لا قرار لها، فتكررت الشكاوى من العزلة والوحدة في بيوت تعاني من الازدحام.. نعم لقد أصبح أهل المدن المكتظة بالسكان يشكون ويعانون من العزلة!!


هرب الناس لأجهزة التواصل بحثاً عن مساحات آمنة بعيدة عن تعقد العلاقات المجتمعية وتداعي الناس في طلب الدنيا والرأسمالية التي أفسدت الحرث والنسل وأدت إلى انتشار أمراض النفوس حتى بات الناس يشكون ويشككون في بعضهم البعض.. أصبح سوءُ الظن أساس العلاقة والمنفعة حافزا للتواصل (إلا من رحم ربك). هربوا إلى عالم افتراضي لا يحتاج للتغيير، تقلب صفحاته كيفما شئت وتخرج منه متى شئت.. تفننوا في اختيار البروفايلات وتركوا الجمل بما حمل للفاسدين المفسدين. لقد غلب على توظيف التكنولوجيا الجانب السلبي الذي يحبط الهمم ويلهي عن التغيير ويعمق اعتزال الناس بدلا من أن تكون التكنولوجيا أداة لخلق الوعي ونشره.


خنقت العزلة علاقاتنا بعد أن أخذ المسلمون كل شاردة وواردة وجعلوها موضع التطبيق وتأثر المسلمون بالأفكار الوافدة.. شكى الشباب المسلم من الوحدة بالرغم من تطور الأجهزة المتوفرة بين يديه وربما بسبب هذه الأجهزة ذاتها.. انعزل كل في عالمه وليتها خلوة في طاعة وتأمل وتفكر في الخلق والخالق بل هي وحشة تأكل النفس. ليست العزلة التي أثنى عليها السلف الصالح، قال الفضيل بن عياض: "من استوحش من الوحدة، واستأنس بالناس، لم يسلم من الرياء". ليست ساعات تدبر في الخلق أو تفكر بل غربة نفس في حضرة الشيطان والنفس الأمارة بالسوء وانقطاع للتواصل الطبيعي بين الناس.


ختاماً نقول: إن الإسلام لا ينظر للإنسان كآلة يدر منها الربح ثم يتركها حطاماً هشاً أو عجوزا هرما يُعالج بدنه في أحسن المشافي بينما روحه تتألم في صمت ويخاف أن يموت وحيداً منكسرا قد لا يكتشفه الجيران إلا صدفة. ولا يقبل بنموذج الأم المسنة التي تمضي يومها وحيدة تراقب الهاتف وتنتظر اتصال الأحبة الذين شغلتهم الحياة وسؤالهم عنها. الإسلام ينظر لفكرة الفردية كفكرة هدامة للمجتمع لا بد من محاربتها وكشف عوارها، نظهر فسادها وزيف الأسس الفكرية التي انبثقت منها، إنها فكرة تتعارض مع فطرة الإنسان وطبيعة العلاقات التي تنشأ بين بني البشر وتسبب الشقاء والتعاسة.


لقد جعل المولى عز وجل الأسرة حصنا حصينا آمنا يوفر الدفء والسكينة للمرأة والرجل على حد سواء وهذه الأسرة هي بمثابة جهاز المناعة الذي يحمي الفرد من أمراض العصر ومصدر الأمن والأمان للأطفال. كيف يضع الإنسان بدائل للأسرة أو يهمش دورها المحوري في أي مجتمع دون أن ينهار ذلك المجتمع ويتصدع على عيون الأشهاد. ولنا عودة مع هذا الحصن المستهدف وسبل حمايته في القريب العاجل بإذن الله.


﴿وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾

 

 

كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أم يحيى بنت محمد

 

 

 

إقرأ المزيد...
الاشتراك في هذه خدمة RSS

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع