الحق اليقين- الفاتحة الآية 2
- نشر في من القرآن الكريم
- قيم الموضوع
- قراءة: 1008 مرات
أيها المسلمون ! إنّ الله تعالى قد أخرجنا بالإسلام من الظلمات إلى النور، وبالإسلام جعل منا أمّةً عزيزة قويّة، لها شأنها وذكرها، وحتى نكونَ كذلك ونظلَّ كذلك، لابدّ لنا من أن نلتزم بما طلبه الله تعالى منّا كأمّة، قال تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا}، وقال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجسدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى»، وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لاَ يَظْلِمُهُ وَلاَ يُسْلِمُهُ»، وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «نحن قومٌ أعزَّنا الله بالإسلام، ومتى ابتغينا العزَّ بغير دين الله أذلنا الله».
فأيّ شعارٍ أو فكر أو مفهوم، مأخوذٍ من غير الإسلام، لن ينفع المسلمين أو يُقوّيهم، وإنّما سيَضرُّهم ويضعفهم، وقد دلّت الأدلة الشرعية والوقائع الجارية على ذلك، فيجب على المسلمين أن لا يقبلوا غير الإسلام شعاراً وفكراً ومنهجَ حياة، فالإسلام أولاً ودائماَ، وعليهم أن يرفضوا ويقاوموا ما سواه من شعارات وأفكار وأنظمة، وأن يأخذوا على أيدي الحكام الذين ارتضوا لهم شعارات الكفر وأفكاره، وطبقوا عليهم أنظمته وقوانينه، فلم تجلب لهم إلا الهزائم والمصائب والضعف والهوان ... عليهم أن يحاسبوهم، وأن يغيّروا عليهم، كما أمرهم الله، لإعادة نظام الإسلام إلى الحياة تحت إمرة خليفة واحد، خليفةٍ يبايعونه على الحكم بكتاب الله وسنة رسوله، ليقودهم في ساحات الجهاد من أجل تحريرهم وتحرير بلادهم من الكفر والكفار، ثم توحيدهم في دولة الخلافة، يحملون تحت رايتها رسالة الإسلام إلى الناس كافّة، لإنقاذهم من عَفَنِ الأنظمة الوضعية وظلمها إلى نور الإسلام وعدله.
قال تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ}
حياكم الله معنا من إذاعة المكتب الإعلامي لحزب التحرير , حيث نلتقي بكم مجددا , في فقراتنا المـتتابعة من سلسلة حلقات قانتات حافظات ، قمنا في الحلقة السابقة بذكر اللباس الذي تخرج فيه المرأة للحياة العامة ، نأتي الآن لبيان هذا اللباس والكيفية التي يجب أن يكون عليها لأهمية الموضوع ، خاصة بعد الهجمة الشرسة التي يشنها الغرب وأعوانه على المرأة المسلمة ومحاولة تضليلها وحرفها عن الصواب ، فخرج علينا بموديلات وأشكال للباس الشرعي ما أنزل الله بها من سلطان ، مدعيا أنها من الإسلام والإسلام عنها بعيد .
فأصبحنا نرى بعض النساء يخرجن كاسيات عاريات مائلات رؤوسهن كأسنمة البخت، وإن لبسن الخمار أو الجلباب فترى المنديل الأخضر والأحمر والشفاف المفصل للجسم تفصيلا.
إن اللباس الشرعي الذي فرضه الله تعالى ما هو الا قطعتين أولاهما: الجلباب الذي تسدله المرأة إلى آخر القدمين، على أن يكون الجلباب واسعا لا يشف، ثانيا: الخمار أي غطاء الرأس وهو المنديل الذي تلويه المرأة على عنقها وصدرها؛ لتخفي ما يظهر من طوق القميص وطوق الثوب من العنق والصدر .
أما الكيفية التي يكون فيها هذا اللباس فهي مبينة في قوله تعالى: " ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها" ،أي لا يظهرن مما هو محل الزينة من أعضائهن كالأذنين والذراعين والساقين وغير ذلك إلا ما كان يظهر في الحياة العامة عند نزول هذه الآية أي في عصر الرسول_صلى الله عليه وسلم_، وهو الوجه والكفان ، وبهذا الوصف الدقيق يتضح بأجلى بيان ما هو لباس المرأة في الحياة العامة وما يجب أن يكون عليه، وجاء حديث أم عطية فبين بصراحة وجوب أن يكون لها ثوب تلبسه فوق ثيابها حين الخروج، حيث قالت للرسول _عليه الصلاة والسلام_: "إحدانا لا يكون لها جلباب" فقال لها الرسول _صلى الله عليه وسلم_: "لتلبسها أختها من جلبابها" أي حين قالت للرسول: إذا كان ليس لها ثوب تلبسه فوق ثيابها لتخرج به، فإنه عليه السلام أمر أن تعيرها أختها من ثيابها التي تلبس فوق الثياب، ومعناه أنه إذا لم تعرها فإنه لا يصح لها أن تخرج، وهذا قرينة على أن الأمر في هذا الحديث للوجوب، أي يجب أن تلبس المرأة جلبابا فوق ثيابها إذا أرادت الخروج، وإن لم تلبس ذلك لا تخرج .
وإليكم بعض من صفات هذا اللباس :
* قطعتين إحداهما تغطي الرأس وهي الخمار ، والثانية جلباب ساتر لجميع بدن المرأة مغلق من أعلاه إلى أدناه، مع وجوب تغطية القدمين .
* وهو لباس غير متبرج أي لا زينة ملفتة للنظر فيه، فلا يكون مزركشا ولا بألوان صارخة تلفت النظر وليكن ضابطنا أختي حديث رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ فيما شككنا فيه "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك".
* وهو ثخين لا يشف.
* وهو فضفاض واسع غير ضيق ولا مفصل لجسد المرأة .
*وهو غير مطيب لقول رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ :" أيما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية " أخرجه النسائي والحاكم وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما.
*وهو لباس لا تقصد الشهرة فيه بين الناس لقوله _صلى الله عليه وسلم_ " من لبس ثوب شهرة في الدنيا ألبسه ثوب مذلة يوم القيامة ، ثم ألهب فيه نارا" رواه أحمد وأبو داوود والنسائي وابن ماجه وصححه الألباني في غاية المرام .
بعد الانتهاء من بيان مواصفات اللباس الشرعي نأتي الآن لمسألة عورة المرأة على محارمها من الرجال وعلى عورتها أمام النساء الأخريات.
عورة المرأة على محارمها وعلى النساء مبينة في قوله تعالى : " ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء"
فيجوز للمرأة أن تظهر مواضع الزينة المعتادة للمرأة مثل أذنها (مكان القرط) وعنقها وصدرها ( مكان العقد) ويدها (مكان السوار) وذراعها (مكان الدملج) وقدمها وساقها ( مكان الخلخال)
وأما غير مواضع الزينة المعتادة للمرأة من عورتها فلا يجوز للنساء ولمحارمها أن يروها.
أما ما تقوم به بعض النسوة اليوم من كشف العورات في المناسبات وإرضاع أبنائهن أمام النساء الأخريات فهذا لا يجوز ، وعلى الناظر أن يغض البصر حتى لا تقع عينه على المحرمات.
بعد أن انتهينا من بيان ستر العورة ولباس المرأة في الحياة العامة ، بقي أمران من الواجبات الشرعية المتعلقة بالمرأة وجب التطرق إليهما وهو موضوع سفر المرأة وموضوع حضانة الأم لأطفالها ، وسيكون بيانهما في الحلقة القادمة بإذن الله .
داليا مجاهد مستشارة الرئيس الأمريكي للشؤون الدينية (أو الإسلامية) تتعرض هذه الأيام إلى هجوم كاسح في العديد من وسائل الإعلام والمواقع المعلوماتية الغربية لسببين، وربما هما سبب واحد، في قصة جديدة من قصص الديمقراطية الأمريكية. والمتابع لتلك التغطية الإعلامية يلاحظ بوضوح أن للديمقراطية في أمريكا معنى أمريكيا مميزا، إضافة لمعناها الفكري الذي يمجّد الحريات الشخصية والدينية وحرية التعبير وحرية الملكية. وهو معنى يبرز للواجهة بوضوح عندما يتعلّق الأمر بالإسلام السياسي، وخصوصا نسخته المتمردة الرافضة لأمريكا وحضارتها وثقافتها وسياستها جملة وتفصيلا.
تلك هي العقدة في قصة لقاء حواري حصل على قناة الإسلام (Islam Channel) التي تبث من لندن بالإنجليزية، وذلك ضمن برنامج أزمة أو قضية المسلمة (Muslimah Dilemma)، الذي يعالج قضايا المرأة من منظور إسلامي، والذي تقدمه الإعلامية ابتهال إسماعيل. وفي حلقته ليوم 4/10/2009، انتقلت الأزمة من عنوان البرنامج إلى إحدى الضيفات فيه، وهي مستشارة أوباما.
وتَبرز صحيفة التلغراف على رأس تلك الوسائل في تقريرها الإخباري بعنوان "مستشارة الرئيس أوباما تقول: الشريعة الإسلامية تُفهم خطأ"، حيث ينتقد التقرير مشاركة المستشارة في برنامج تقدمه ناشطة في حزب التحرير (حسب الصحيفة)، ويستضيف نزرين نوّاز كممثلة إعلامية لحزب التحرير في بريطانيا، وهو الحزب الذي تُعرّفه التلغراف على أنه "جماعة تؤمن بتدمير الديمقراطية الغربية وإيجاد دولة إسلامية تُطبق الشريعة في العالم، بدون عنف". ويستطرد التقرير في التلغراف بالقول: "وخلال النقاش الذي دام لمدة 45 دقيقة، هاجمت الناشطتان من حزب التحرير التشريع الوضعي العلماني والرأسمالية والليبرالية الغربية، وطالبتا بالحكم الشرعي كمصدر للتشريع ... بينما لم تتحداهما مستشارة أوباما في طرحهما".
وهنا تكمن أزمة الموضوع، وعقدة تلك القصة الديمقراطية الأمريكية. إذ كيف تسكت مستشارة الرئيس على ذلك الهجوم الكاسح على العلمانية الغربية، بل وقبل ذلك وبعده، كيف تشارك في ذلك البرنامج الذي تقدمه وتشارك فيه ناشطتان من حزب التحرير تروجّان للشريعة الإسلامية.
بل ويستهجن التقرير ما اقتبس عن المستشارة من قول: "أعتقد أن سبب تأييد الكثير من النساء (تقصد المسلمات) للشريعة هو وجود فهم آخر للشريعة لديهم مختلف عما هو شائع في الإعلام الغربي"، وأن غالبية النساء في العالم "تربط ما بين عدالة النوع (الجندر) أو العدالة للنساء وبين التزام الشريعة".
إذاً هنالك إشكالية مركبة ومتصاعدة لداليا مجاهد، فهي لم تفلح في كفاح نقض الديمقراطية والعلمانية، وقبلت بالحوار المتلفز مع ناشطات من حزب التحرير الرافض لأمريكا جملة وتفصيلا، ومن ثم تحدثت بأحاديث تحتمل المعاني الإيجابية عن الشريعة الإسلامية. ولا شك أن الإعلام الغربي لا يقبل أن تصدر أي من هذه الأمور عن مستشارة الرئيس الأمريكي، وحتى لو كان ذلك تحت شعار الديمقراطية، التي يتوقع من داليا مجاهد أن تدافع عنها.
طبعا، لم تقتصر تغطية هذه الأزمة على صحيفة التلغراف البريطانية، بل نقلت عنها وتحدثت عن القصة مواقع عديدة أخرى مثل الصفحة الإخبارية لموقع مواجهة الإرهاب (Counter Terrorism News)، وموقع مراقبة الجهاد، وموقع المدافع الصليبي، وموقع لبريتي ربابلك فورم، وموقع ذا جاوا ريبورت، وموقع ريال كاريج، وموقع مشروع متابعة الإرهاب، ولم تقتصر تلك القصة على المواقع الإنجليزية بل انتقلت إلى لغات أخرى مثل موقع (نيو رلجاس بيل). وبعض هذه المواقع تجاوزت طرح الديلي تلغراف، وبدّلت تعبير "تدمير الديمقراطية الغربية" في وصف حزب التحرير إلى "تدمير الغرب" (مثل ما جاء على موقع ذا جاوا ريبورت). أما موقع هاريز بليس فقد حرّض على المستشارة من خلال عنوان الخبر "مستشارة أوباما والترويج لحزب التحرير".
وربط تقرير الديلي تلغراف ما بين توجهات أوباما لتحسين صورة أمريكا في العالم الإسلامي وبين تعيين داليا مجاهد للعمل في البيت الأبيض، وهي المتحجبة من أصل مصري، والتي انتقلت للعيش في أمريكا منذ كان عمرها خمس سنوات. وينقل التقرير عنها أنها تعرّف دورها في البيت الأبيض في "نقل ما يتطلّع إليه المسلمون إلى الرئيس الأمريكي وغيره من الجهات" من خلال متابعة الرأي العام في العالم الإسلامي.
ولاستكمال القصة هنا لا بد من التعريج على إسهامات المستشارة داليا مجاهد في بحوث الرأي العام لخدمة الإدارة الأمريكية، ومنها كتابها الجديد بعنوان "مَن يتحدّث باسم الإسلام ؟ كيف يفكر -حقًّا- مليار مسلم؟"، وهو نتيجة جهد مشترك بين المستشارة، كمديرة تنفيذية لمركز جالوب للدراسات الإسلامية وزميلها جون اسبوزيتو أستاذ الديانات والشؤون الدولية والدراسات الإسلامية بجامعة جورج تاون. وتتحدث صحيفة المدينة عن الكتاب في عدد اليوم 9/10/2009، بالقول أنه يعالج "إشكالية الحديث باسم الإسلام ما بين المتصدرين للساحة الإسلامية في العالم الإسلامي والمراقبين وربما المتربصين بالإسلام في الغرب"، وأنه يعرض "نتائج أكبر استطلاع رأي عالمي حتى الآن... والذي استند إلى نتاج دراسة علمية ميدانية لاستفتاء عالمي أجرته مؤسسة «جالوب» الشهيرة في قياس الرأي العام".
ودراسة مؤسسة جالوب كانت قبل بضع سنين محل تغطية من قبل بعض وسائل الإعلام العربية: فقد نقلت شيئا من النتائج للدراسة الميدانية التي تؤكد توجه الرأي العام في العالم الإسلامي نحو تطبيق الشريعة، كما نقلت محيط في 3/3/2004، على سبيل المثال.
لا شك أن الغرب يعيش أزمة الديمقراطية في مواجهته للإسلام السياسي، فهو إن طبّقها كما اعتنقها فتحت الباب للترويج للإسلام كبديل حضاري، وفتحت المجال لتوصيف العمل السياسي الإسلامي (مثل حزب التحرير) على حقيقته كمشروع نهضوي عالمي، وفتحت المجال لقياس الرأي العام على حقيقته، وذلك لا شك يتعارض مع مصالح الديمقراطية كنقيض لهذا المشروع العالمي. وإن سمح الغرب أن يتحدث الباحثون والسياسيون عن تحليلاتهم للواقع تبين أن المسلمين يريدون الشريعة كحل شامل لمشاكلهم. وبالتالي فلا يملك الغرب في النهاية إلا أن يبرز الصراع الحضاري على حقيقته ما بين الإسلام وديمقراطيته، ويرفض أية ممارسة إعلامية أو بحثية أو كتابية تبين هذه الحقائق، ويتصدّى للهجوم عليها، وأزمة داليا مجاهد هي نموذج حي لذلك
هذه هي أزمة الديمقراطية الغربية أمام الإسلام السياسي، أما أزمة الإعلام العربي أمام هذه الأزمة، فهو أن عينه لا زالت عوراء عن إبصارها:
فمرة تلو الأخرى، يبرز السؤال ويكبر: أين الإعلام العربي من رؤية هذه القضايا والمواقف المتعلقة بالخلافة ومشروعها؟ وإلى متى يستمر في متابعة ما يتعلّق بحزب التحرير ومشروعه بعين عوراء ؟ سؤال يبقى مطروحا على كل نافذة إعلامية تدّعي الموضوعية والمهنية وترفع شعار "الرأي والرأي الآخر"، وإن لم تبصر المواقف على حقيقتها توجب أن تستثني من شعارها، فتضيف إليه جملة: "إلا ما يتعلّق بحزب التحرير والخلافة".
الدكتور ماهر الجعبري /عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في فلسطين