الإثنين، 24 جمادى الثانية 1447هـ| 2025/12/15م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

نفائس الثمرات- خمس بخمس

  • نشر في من السّنة الشريفة
  • قيم الموضوع
    (0 أصوات)
  • قراءة: 3306 مرات

 

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خمس بخمس قيل يا رسول الله ما خمس بخمس ؟ قال: ما نقض قوم العهد إلا سلط عليهم عدوهم وما حكموا بغير ما أنزل الله إلا فشا فيهم الفقر ولا ظهرت فيهم الفاحشة إلا فشى فيهم الموت ولا منعوا الزكاة إلا حبس عنهم القطر ولا طففوا المكيال إلا حبس عنهم النبات وأخذوا بالسنين

رواه الطبراني في الكبير وسنده قريب من الحسن وله شواهد

السنين جمع سنة وهي العام المقحط الذي لم تنبت الأرض فيه شيئا سواء وقع قطر أو لم يقع

 

وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" يا معشر المهاجرين خصال خمس إن ابتليتم بهن ونزلن بكم أعوذ بالله أن تدركوهن لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الأوجاع التي لم تكن في أسلافهم ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤنة وجور السلطان ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا ولا نقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط عليهم عدو من غيرهم فيأخذ بعض ما في أيديهم وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله إلا جعل بأسهم بينهم "

 

صحيح الترغيب والترهيب للالباني

 

وَصَلِّ اللَّهُمَّ عَلَىْ سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ وَعَلَىْ آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ

وَالسَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ

إقرأ المزيد...

كلمة- كيف نبني وكيف نهدم

  • نشر في الثقافي
  • قيم الموضوع
    (0 أصوات)
  • قراءة: 1036 مرات

 

مستمعِي إذاعةِ المكتبِ الإعلاميِّ لحزبِ التَّحريرِ - نحيِّيكُم بتحيَّةِ الإسلامِ ، فالسَّلامُ عليكُم ورحمةُ الله تعَالَى وبركاتهُ ، موضوعُنا اليوم - يا كرام ، بعنوان " كيفَ نبني وكيفَ نهدمُ " حيث يركِّزُ عَلى أهمِّيةِ بناءِ الشَّخصيَّةِ الإسلاميَّةِ بناءً  قوياً منْ ناحيةٍ نفسيَّةٍ وعقليَّةٍ ، بناءً لا يُهدَمُ ولا يهتزُّ منْ أقلِّ إغراءٍ فتكون الشَّخصيَّةُ شخصيَّةً مبدئيَّةً لا تتنازلُ ولا تتهاونُ ولا يغيِّرُها ظرفٌ ولا مكانٌ . فاهلا وسهلا بكم .

يتوقَّفُ سلوك الإنسان عَلى نَوعيَّةِ الأفكارِ التي يحملُهَا ، فالأفكارُ هيَ التي تتحكَّمُ في سلوكِ هذَا الفردِ . وتصرُّفاتهِ لا تكونُ إلا عَلى أساسِ فكرةٍ معيَّنةٍ ومفاهيمَ يحملُها ويكون مقتنعاً بها ، فتَّغييرُ سلوكهِ يعتمِدُ على تَغييرِ افكاره. لذلك يكون على الفرد تنقية أفكاره والإرتقاء بها حتى يبتعِد سلوكه عن الهَمَجِيةِ ، و أوَّلاً عَلينَا تحديدُ ما يستحقُّ أنْ نبنِيَهُ فهلْ لنبنِيَ شخصيَّةً إسلاميَّةً مميَّزةً نحتاجُ إلى أخلاقٍ حميدةٍ أو لقلبٍ رحيمٍ  ، أم نحتاجُ لقيادةٍ حازمةٍ وانضباطٍ ووجهٍ قاسٍ ، لا يهمُّهُ أحدٌ منْ حولهِ ؟ أم نترك هذهِ الشَّخصيَّةَ كالرِّيشةِ يتقاذفُها الهواءُ ، لا نضع لها حدوحا فتصبح محتارةً متردِّدةً مقلِّدةً للآخرينَ ؟ فما هيَ معالِمُ الشَّخصيَّةِ الإسلاميَّةِ القويمةِ وأيُّ الأفكارِ نشجِّعُ ونبنِي لنقوِّيَها وأيُّ أفكارٍ نهدمُ فيها حتَّى لا تُوهنَها . فلا بدً مِنْ أساسٍ نبني عليهِ ونماذجٍ نأخذُ منْها العبر. وكلمةُ بناءٍ تعنِي التَّقدُّمَ والزِّيادةَ والتَّطوُّر ، فالتَّغييرُ إلى الأحسنِ يلازمُ معناهَا ، وفِي كِلتَا الحالتينِ نحتاجُ لبذلِ مجهودٍ أصعبُه عندَ  البناءِ وأسهلُه عندَ الهدمِ . فلا بدَّ لنَا إذاً مِنْ مقياسٍ لنقيسَ عليهِ هذَا التَّغييرَ ولا بدَّ لنَا منْ موجه لنعلمَ كيفَ نبني وكيفَ نهدمُ وأنْ يكونَ عندَنا مادَّةٌ ومعلوماتٌ لعملية البناء والهدمِ . فللشَّخصيَّةِ الإسلاميَّةِ مقياسٌ مميَّزٌ تستندُ إليهِ ألا وهوَ العقيدةُ الإسلاميَّةُ العقليَّةُ ، اساسها إستخدام العقل والتفكير والتدبر في واقع هذهِ الحياةِ ، فيجبُ علينَا الاطِّلاعُ عَلى واقعِ هذَا الإنسانِ الذِي نريدُ بناءَ شخصيَّتِه الإسلاميَّةِ ، لذلكَ يجبُ الوقوفُ عَلى طبيعةِ هَذا الإنسانِ منْ ناحيةِ أنَّه إنسانٌ ، مخلوقٌ لخالقٍ عظِيم ، له أفكارٌ ومشاعرٌ ، ويعيشُ في مجتمعٍ وله علاقاتٌ كثيرةٌ معَ مَنْ حولَهُ بالإضافةِ إلى خضوعِ هذَا الفردِ وهذَا المجتمعِ لأفكارِ ومشاعرِكلِّ مَنْ يعيشُونَ فيهِ ، وهم أيضا يخضعُونَ إلى قوانينَ تُفرَضُ عليهِم مِنْ قِبَلِ النِّظامِ الحاكمِ .

نظرة على واقعِ الإنسانِ وطبيعتِه :

للإنسانِ ثلاثُ غرائزَ وضعَها الله تعالَى فيهِ ، غريزة التَّديُّنِ وغريزةُ البقاءِ وغريزةُ النَّوعِ ، هذهِ الغرائزُ ينتجُ عنهَا مظاهرُ مختلفةً تكوِّنُ مشاعراً يشعرُ بها هذَا الإنسانُ ، مثلاً مشاعرُ الخوفِ والغيرةُ والتَّنافسُ منْ مظاهرِ غريزةِ البقاءِ ، بينمَا مشاعرُ الفرحِ لولادةِ مولودٍ أو مشاعرُ الحزنِ عَلى منْ توفي ، مظهرانِ منْ مظاهرِ غريزةِ النَّوع ِ، وأخيراً مشاعرُ النَّقصِ والعجزِ والحاجةِ إلى الأمنِ والاطمئنانِ في هذهِ الحياةِ هي مظاهرُ لغريزةِ التَّديُّنِ . فالمشاعرُ الفيَّاضةُ التي تجتاحُ هذَا الإنسانَ لا شكَّ أنَّها تدفعُهُ للتَّصرُّفِ حيالَ تلكَ المشاعرِ ، في مُحاولةٍ منَ الإنسانِ لإشباعِ هذهِ الغرائزِ التِي إنْ لم تُشبَعُ الإشباعَ الصَّحيحَ ،لم يشعرِ الإنسانُ بالسعادةِ ، وإذا تركَ الإنسانُ هذهِ المشاعرَ تتحكَّمُ بهِ صارتْ أفعالهُ ردودَ أفعالٍ ، كثيراً ما تُوقعُهُ في شرِّ أعمالهِ ، وللإنسانِ عقلٌ يفكِّرُ بهِ و يوجِّههُ فِي الطَّريقِ المستقيمِ ، ولا بدَّ أنْ يكونَ هذَا العقلُ هوَ المتحكِّمُ في هذهِ المشاعرِ وذلكَ مثلُ الفارسِ الذِي يوجِّهُ حصانَهُ بواسطةِ اللِّجامِ ، فمنْ غيرِ هذا الفارسِ يركضُ الحصانُ في اتِّجاهاتٍ عدَّةٍ  مِنْ غيرِ هدىً ، وعندَما يُلجمُه الفَارسُ ، يوجِّههُ في طريقٍ واحدٍ ، الطَّريقَ الصَّحيحَ . فالتفًكيرُ قبلَ الإقدامِ على أىُّ عملٍ هوَ الأساسُ عِند هذهِ الشًخصًيةِ والبحثُ عن الحكمِ الشرعي فيهِ ، فمقياسُ أعمالِنَا هوَ الشَّرعُ فقطْ ولا شيء غيرُ الشَّرعِ ، فلا بدَّ للبناءِ والهدمِ عَلى أساسِ قاعدةٍ فكريَّةٍ قويَّةٍ مبدئيَّةٍ واضحةٍ لا لبسَ فيهَا هي الأساسُ لكلِّ فكرةٍ ومفهومٍ وسلوكٍ ، تقتنعُ بهِ هذهِ الشَّخصيَّةُ الإسلاميَّةُ وتتصرَّفُ عَلى أساسِهِ وتكُونُ مصدراً كافياً ووافياً لطريقةِ البناءِ والهدمِ وتوجِّهنَا التَّوجيهَ الصَّحيحَ . فكلها أحكامً شرعيةً تنبثقُ عنْ مفاهيمٍ  تقنِعُ العقلَ وتوافقُ فطرةِ الإنسانِ فالنتيجةُ شخصية متميزة منضبطة وسلوكها سوي يرضى عنه الخالق جلّ وعلا . ولا بد للبناء من هدم والعكس صحيح ويبدأ من نعومة أظفار هذا المخلوق ... الإنسان .

ومثل ذلك عند قيامُ الأطفالِ بالعباداتِ والتزامُهم بالأحكامِ الشَّرعيَّةِ .

نسمعُ منَ الأمَّهاتِ كثيراً أنَّ الصِّيامَ صعبٌ للطِّفلِ وأنَّ القيامَ لصلاةِ الفجرِ وترك الطِّفلِ نومَه ، فيهِ مشقَّةٌ لهُ فيحنُّ قلبُ الأمِّ لهُ ولا توقظُهُ مخافةَ إزعاجِهِ . وأخرى تمنعُ ابنَها منَ الصِّيامِ أو تمنعُ ابنتَها منَ ارتداءِ الزِّيِّ الشَّرعيِّ معَ إلحاحِ تلكَ البنت أو ذاكَ الصَّبيُّ لتأديةِ هذهِ العبادةِ ، فيقفُ الوالدانِ أو الأمُّ في أكثرِ الأحيانِ وبدُونِ سببٍ مُمانعِينَ لتأديةِ الابنِ والابنةِ هذَا الفرضِ بِحُجَّةِ أنَّه لم يُكلَّفْ بهِ بعدُ وبِحُجَّةِ أنَّ صحتَه ضعيفةٌ وبِحُجَّةِ أنَّ هذهِ البنت ستمِلُّ منْ لبسِ الحجابِ عندمَا تكبرُ فتتركُه ، والحقيقةُ إنَّ ذلكَ الوالدَ يبني فِي طفلِه التَّكاسُلَ عنْ أداءِ العباداتِ ويهدمُ فيهِ شوقَه لعبادةِ الله تعالى ويهدمُ فيهِ مظهراً طبيعياً لغريزةِ التَّديُّنِ ، فلا بدَّ منْ تشجيعِ الأبناءِ والبناتِ عَلى العباداتِ وتعليمِهم طاعةَ الله تعالى بتطبيقِ الأحكامِ الشَّرعيَّةِ في سنٍّ صغيرةٍ فيبتعدُ الأولادُ عن الاختلاطِ بالبناتِ مثلا فينضبطُ تفكيرُهم وسلوكُهم بالشَّرعِ ، فنبني الالتزامَ ونهدمُ التَّهاونَ فتكونُ النَّتيجةُ شخصيَّةٌ إسلاميَّةٌ متميِّزةٌ تلتصقُ بأحكامِ الله تعالى التصاقاً ، ولعلهم يكونُون منْ هؤُلاءِ السَّبعةِ في حديثِ رسولِ الله _صلَّى الله عليهِ وسلَّمَ_ أو لعلهم يكونُون كلّهم ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال :سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "سبعة يظلهم الله في ظلّه يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه، ورجل قلبه معلق بالمساجد، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله رب العالمين " أخرجه البخاري ومسلم

ولنا عودةٌ قريباً بإذنِ الله وأتركُكُم في رعايةِ الله وحفظِه والسَّلامُ عليكُم ورحمةُ الله تعالى وبركاتُه .   

 

 

 

إقرأ المزيد...

إضاءات على تاريخ الدولة الإسلامية- السلاجقة

  • نشر في الثقافي
  • قيم الموضوع
    (0 أصوات)
  • قراءة: 1280 مرات

 

لا بد من الإقرار أن كثيرا من شباب المسلمين يجهلون تاريخهم المجيد، ويظنون أن التاريخ الإسلامي توقف بعد العصر العباسي الأول، حتى أن بعضهم يجهل تماما تاريخ السلاجقة في بلاد الشرق، والمرابطين في بلاد المغرب، ولولا الحروب الصليبية ما كان هؤلاء يعرفون عن الزنكيين ولا الأيوبيين شيئا,شيئا يستحق الذكر، كما أنه لولا معركة عين جالوت، ما كانوا يعرفون عن المماليك شيئا أما الأتراك العثمانيون أو الخلافة العثمانية، فالكثير من مثقفي زماننا يصفونهم بأبشع الأوصاف التي لا تليق بهؤلاء الأبطال.. إن جهلنا أو جهل الكثيرين منا أيها السادة بتاريخ أولئك المجاهدين، يعتبر كارثة فكرية وثقافية وإنه وإن كان هناك بعض العذر لشبابنا في الماضي بسبب التخلف الفكري الذي ابتلينا به في العصور الأخيرة، وبسبب الهجمة الفكرية والعسكرية الشرسة التي داهمنا بها الاستعمار الغربي وانتصر بها علينا فأخضعنا لفكره وجعلنا أيتاما على موائده اللئيمة فعبث بتاريخنا، وفرض علينا مناهج تعليم تخدم غرضه، واختار لنا من الثقافة ما يطيل سيطرته، وأخضعنا لحكام لئام من أبناء جلدتنا، باعوا آخرتهم بدنيا غيرهم، همهم سلطان زائف وخضوع ذليل لأسيادهم المستعمرين. قلت إن كان هناك عذر لشبابنا في القرنين الأخيرين فليس لشبابنا الآن عذر في استمرار هذا التخلف وهذا الجهل، فقد انكشف عوار الرأسمالية العفنة، وأصبحت رائحتها تزكم الأنوف، بل وأصبح احتكاكنا بالكافر المستعمر يلزمنا بالعودة إلى الجادة المستقيمة فلقد انكشف كذب ودجل الكافر المستعمر، ولن يكون هناك عذر لمتعذر ولقد ظهرت تباشير خير تنبئ بيقظة فكرية لا بد أن نرعاها، حق الرعاية لتقوى وتسود لنتمكن بعدها من سحق الباطل وأهله، وتحرير البلاد والعباد من الكفر والكافرين، وعليه فتعالوا معي نطل على إضاءة رائعة، على تاريخ السلاجقة المجيد، وقد أردت أن أبدأ بخطاب رائع للسلطان ألب أرسلان في جنوده، قبيل معركة ملاذكرد سنة 463هـ الموافق لسنة 1070م يوم الجمعة السادس والعشرين من ذي القعدة سنة 463 هـ بعد أن صلى الجمعة بعسكره. دعا الله وابتهل، وبكى وتضرع، فجيش المسلمين أقل من عشرين ألفا، وجيش الروم البيزنطيين أكثر من 250 ألفا، اسمعوا ما قال: نحن أقل من القوم بكثير وأريد أن أجاهدهم في هذه الساعة التي يدعو فيها المسلمون لنا على المنابر فإما أن أبلغ الغرض وأنتصر وإما أن أمضي شهيدا إلى الجنة، فمن أحب أن يتبعني منكم فليتبعني ومن أحب أن ينصرف فليمض مصاحبا بالعافية فما ها هنا سلطان يأمر، ولا عسكر تؤمر، فإنما أنا اليوم واحد منكم وغازٍ معكم فمن تبعني ووهب نفسه لله تعالى فله الجنة، أو الغنيمة، ومن مضى حقت عليه النار والفضيحة. فقالوا جميعا: مهما فعلت تبعناك وأعناك. فبادر ولبس البياض وتحنط استعداداً للموت وقال إن قتلت فهذا كفني، ثم وقع الزحف بين الطرفين ونزل ألب أرسلان عن فرسه، ومرغ وجهه بالتراب وأظهر الخضوع والبكاء لله تعالى وأكثر من الدعاء، ثم ركب فرسه، وحمل على الأعداء، وصدق المسلمون القتال، وصبروا وصابروا حتى زلزل الله الأعداء، وقذف في قلوبهم الرعب، فولوا هاربين ونصر الله المسلمين، وقتلوا من الكفار مقتلة عظيمة، وأسروا منهم جموعا كان على رأسهم إمبراطورهم.

هذه خطبة سلطاننا ألب أرسلان هذه مواقف سلفنا ألب أرسلان، هذا هو المجد بعينه بل هذا هو الفخار بعينه، هذه هي العظمة بعينها تلبس البياض يا سلطاننا ليكون كفن لك وتتحنط تحنط الموتى، ألم تعلم يا سلطاننا أنك لو قضيت شهيدا لا تغسل ولا تكفن ولا يصلى عليك فشهادتك تغنيك عن كل هذا، شهادتك لو قضيت شرف ومجد لك في الدنيا والآخرة وحياة ترزق بها عند ربك تتحنط لتلقى ربك يا سلطاني العظيم ودمك لو لقيت الله شهيداً يكون لونه لون دم ولكن ريحه ريح مسك، وأنتم يا شباب السلاجقة يا من كان يقارب عددكم العشرين ألفا لم يتخلف منكم رجل واحد عن خوض غمار الوغى ومواجهة الموت الزؤام لم تتركوا سلطانكم الجليل والله أنكم كنتم حقا صبر في الملمات صدق عند اللقاء فهل يتخلى الله عنكم كلا وألف كلا، ألم تقرأوا يا شباب السلاجقة قوله تعالى: (وكان حقا علينا نصر المؤمنين) لقد كنتم جديرين بهذا النصر، جديرين بهذا الفخر، بل ونحن في هذا العصر وكل عصر نعتبركم سلفا صالحا وقدوة حسنة، والله إنكم لجديرون بهذا.

ولنكمل ما فعله سلطاننا مع عدوه الذي عرض عليه الصلح والسلم والعافية قبل المعركة، فأبى بصلف شديد قائلاً: لا صلح إلا في الري، يعني لا صلح إلا بعد سحق السلاجقة، ودخول عاصمتهم الري، التي تقع الآن قريبا من طهران في إيران، يؤتى بالإمبراطور الأسير، ويضربه ألب أرسلان بمقرعة قائلاً: ويلك ألم أبعث أطلب منك الهدنة؟ قال الإمبراطور: دعني من التوبيخ قال ألب أرسلان: ما كان عزمك لو ظفرت بي؟ قال الإمبراطور: كل قبيح قال ألب أرسلان: فما تؤمل وتظن بي؟ قال الإمبراطور: القتل أو تشهر بي في بلادك، والثالثة بعيدة، وهي العفو وقبول الفداء، قال ألب أرسلان ما عزمت على غيرها يعني العفو وقبول الفداء ففدى الإمبراطور نفسه بمليون ونصف المليون دينار ذهبا، فأطلق السلطان سراحه، وزوده بما يوصله عاصمته، فوجد قومه قد عزلوه، وعينوا إمبراطوراً مكانه فأخذ يجمع الفدية، فجمع ثلاثمائة ألف دينار وأرسلها لألب أرسلان معتذرا عن عدم استطاعته جمع ما تبقى منها، وما لبث قومه أن سملوا عينيه، ثم لم يطل به العيش فمات حزنا وكمدا.

هذه فعال أسلافكم أيها السادة، في الحرب أسود ضارية، وعند المقدرة أهل للعفو، لم يقتل سلطاننا أسراه، وبخاصة أسيره الصلف، والشرع يجيز له قتله ولكنه أبى إلا العفو فهذا ديدن أسلافكم أيها السادة.

هذه معركة ملاذكرد التي لا بد من معرفة نتائجها العظيمة، فمن نتائج هذه المعركة أن ترسخت أقدام الإسلام والمسلمين في آسيا الصغرى، وضمت إلى أرض الإسلام في آسيا الصغرى وما حولها شرقا ما يزيد على أربعمائة ألف كيلو متر مربع، وأصبح الإسلام في آسيا الصغرى في علو وظهور، والبيزنطيون في انحدار وضعف، إذ لم يقو البيزنطيون بعد ملاذكرد أن يقاتلوا المسلمين في معركة يعتد بها، فمعركة ملاذكرد كانت من المعارك الفاصلة في التاريخ لا تقل في عظمتها عن اليرموك والقادسية، ويكفي أن نعلم من نتائجها استنجاد البيزنطيين بأوروبا لخوفهم من السقوط السريع تحت سنابك خيل المسلمين، وأدركت أوروبا الخطر فأخذت تعبئ نفسها لنجدة البيزنطيين، وسحق المسلمين والاستيلاء على بيت المقدس، فكانت نتائج ملاذكرد بداية للحروب الصليبية.

ولعلكم أيها السادة تطلبون المزيد والمزيد من تاريخ السلاجقة المشرق، فالسلاجقة أيها السادة أتراك من قبيلة الغز خرجوا من آسيا الوسطى (بلاد التركستان) بقيادة أميرهم سلجوق الذي سموا باسمه، وكونوا إمارة بلغت شأنا عظيما وأدخلت تحت سلطانها بلادا واسعة من أواسط آسيا شرقا حتى بلاد الشام وآسيا الصغرى غربا وقد استنجد بهم الخليفة العباسي سنة 467هـ الموافق 1074م لتخليص الخلافة العباسية من سيطرة وفتن البويهيين الذي هموا بالقضاء على الخلافة العباسية وضم العراق وغيرها من أراضي شرق البلاد الإسلامية إلى ما سمي زورا وبهتانا الخلافة الفاطمية في مصر والشام، تقدم السلاجقة بكل إباء وشمم بقيادة أميرهم أرطغل ولبوا نداء أمير المؤمنين فقضوا على البويهيين وأعادوا الاستقرار للعراق، ولم يكتفوا بذلك بل طاردوا القرامطة، وقضوا عليهم وأنقذوا البلاد والعباد من فجورهم وطغيانهم، ووقفوا كالطود الشامخ في وجه أطماع الدولة الفاطمية، وساهموا في إعادة ولايات عديدة للخلافة العباسية ولم يقتصر عملهم وفضلهم على الفتح والجهاد، وإنما كان لهم قصب السبق في نشر الوعي في مختلف أرجاء سلطنتهم بمئات المدارس التي افتتحها الوزير العظيم نظام الملك، في عهد كل من ألب أرسلان وابنه ملكشاه، لقد تركوا مآثر عظيمة وتخرج على أيديهم أجيال وأجيال كان لها دور فذ في القضاء على البدع والخرافات والانحراف المذهبي وإعادة المسلمين إلى صفاء العقيدة ونقائها، ولا تزال المدارس التي سارت على منهاج مدارس نظام الملك، تسمى المدارس النظامية.

بقي أن نذكر أيها السادة ما آلت إليه حال سلطنة السلاجقة، فلقد ضعف أمر السلاجقة بعد وفاة ملك شاه واغتيال الوزير العظيم نظام الملك وانقسم السلاجقة على أنفسهم فقسم بقي مسيطرا إلى حين في شرق سلطنتهم في خراسان وما وراء النهر وقسم تولى أمر شمال العراق والشام والقسم الثالث وسمي سلاجقة الروم تولى أمر آسيا الصغرى وقد انتهى أمر سلاجقة الشرق سنة 536هـ الموافق سنة 1128م أما سلاجقة الشام وشمال العراق فقد بقي بعضهم حتى سيطرة الزنكيين على المنطقة في عهد نور الدين زنكي وأما سلاجقة الروم فظلوا حتى نهاية القرن التاسع الهجري، الموافق لأواخر القرن الخامس عشر الميلادي وعلى الرغم من ضعف سلاجقة الروم، إلا أنه كان لهم دور في الحروب الصليبية إذ سحقوا الحملة الصليبية الأولى التي سميت بحملة العامة، لقد كان عهد السلاجقة عهد خير وبركة ولقد مهدوا في أواخر حكمهم شمال العراق لظهور السلطنة الزنكية بقيادة عماد الدين زنكي ثم ولده نور الدين زنكي اللذين ضربا أروع الأمثلة في الإخلاص والدأب على توحيد كلمة المسلمين، لمقاومة الهجمة الصليبية الشرسة. فرحم الله أسلافنا السلاجقة وجزاهم الله خيرا عن المسلمين جميعا.

أيها السادة: إن تاريخ السلاجقة المجيد وجهادهم العظيم وحرصهم على توحيد الأمة وتنقية أفكارها لهو صفعة في وجوه هؤلاء الرويبضات الذين ابتلينا بهم وهم أيضا حافز للعاملين المخلصين المتمسكين بدينهم فالنصر والمجد لا يكون بسبب كثرة أو قوة وإنما النصر من عند الله فنصر الله شرط لتحقيق وعد الله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ).

فالله نسأل أن يجعلنا ممن ينصر الله بإقامة شرعه وإشادة دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة إنه تعالى قوي عزيز وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

أبو بكر

 

إقرأ المزيد...

برنامج وقفات مع النفس- هل تحمل الدعوة أم تحملك الدعوة ح1

  • نشر في من حضارتنا
  • قيم الموضوع
    (0 أصوات)
  • قراءة: 1314 مرات

 

حياكم الله في إذاعة المكتب الإعلامي لحزب التحرير ونلتقي بكم في سلسلة جديدة بعنوان " وقفات مع النفس " وهي سلسلة حلقات نقف فيها مع أنفسنا كل في مجال عملِه ودورِه وحدودِ مسئولياته. نعلم منها أي طريق نختار حتى نعدل به المسار قبل أن يأتي يوم لا ينفع فيه التعديل أبدً،، حلقات نعملُ فيها كشفَ حسابٍ لنرى ما لنا وما علينا ،، ماذا فعلنا ووجب الامتناع عنه وماذا لم نفعل ووجب القيام به ،، وهل نقوم بالمطلوب منا كما يجب وكما أمر الله تعالى أم لا نراعي الله في ذلك ؟؟


كشف حساب ننظر إليه بتأمل وحزن وفرح .. حزن بما صرف من أوقات في غير طاعات ، وفرح بما أودع من حسنات لتبقى هي الباقيات الصالحات ، وصدق الله إذ يقول : { ِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى }} الليل:4} وكشف الحساب هذا يختلف بين شخص وآخر ..


خلقنا الله سبحانه وتعالى وجعلنا خلفاءه على الأرض وحَمَّلنا أمانة عجزت عن حملها الجبال ،،وجعل أمتنا حاملةَ رسالةٍ للعالمين وخيرَ أمة بين الأمم { كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ}. وأعطى لكل واحد منا حرية الاختيار أي طريق يسلك ،، طريقَ الخير والفلاح أم طريقَ الشر والضياع ،، ونمضي في تلك الحياة سائرين فيها،، منَّا العابدُ المُتَّبِعُ لأوامر الله ونواهيه ، ومنا الغافلُ السَّادرُ في غِيِّه وضلاله والعياذ بالله .

أخواتي وإخوتي الأفاضل :
سأبدأ هذه السلسلة اليوم بحامل الدعوة ،، لما لهذا الفرض من أهمية وضرورة ،،خاصة هذه الأيام والتي نعيش فيه جور الظلم والاستبداد والبعد عن شرع الله تعالى وتحكيمه بين الناس .


فحمل الدعوة أمانة وجب على المسلمين القيامُ بها حتى يعود الإسلام إلى سابق عزه وقوة وجوده،، وما أحوجنا اليوم إلى ذلك ،، يقول الله في كتابه العزيز :{وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِين}.


ولكي نحملَ الدعوة، ونعرضَها على الناس وجب أن نكون أهلا لحملها ، ومن أراد أن يحمل دعوة الرسل والأنبياء وجب عليه أن يتصف بصفاتهم، ويتحلى بأخلاقهم، ويتأسى بسنَّتهم في ذلك .


والآن لنأتي إلى وقفتنا مع أنفسنا كحاملي دعوة ،، وليكشف كلُّ واحد منا حسابه مع نفسه ،وسيكون هذا الكشف على طريق تساؤلات تحتاج من كل واحد منا إجابات صادقة صريحة ليرى هل هو حامل دعوة ،، أم أن الدعوة هي التي تحمله !!


هل حمل الدعوة هي من أولى أولوياتنا ؟!! أو بمعنى آخر أين حمل الدعوة في سلم أولوياتنا وأعمالنا في هذه الحياة الدنيا الفانية ؟! هل جَعَلْنَا حبَّ الله ورسولِه وما يقتضيه هذا الحب من طاعة والتزام بدينه وإيثار للآخرة على الدنيا فوقَ كل شيء أم كنا ممن تنطبق عليهم الآية الكريمة : {قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ }.


ماذا نقدم على الآخر ؟ أمورَ الدنيا والتزاماتِ العمل والأهل والأبناء والتي ابتدعناها أكثرها أم القيامَ بما يرفع درجاتِنا عند الله سبحانه !! ولنرى ..إذا تعارض وقت التزاماتنا مع وقت أمورنا الدنيوية ماذا نفضل أكثر القيام بالأمور الدنيوية الزائلة ،، أم تكون الدعوة هي الأساس والمحور الذي تدور حياتنا حوله !!

إن النفس قبل حملها للدعوة لن تكون كحالها بعدها،، بل سيطرأ انقلاب عليها، فإن لم يحصل ذلك فهناك خلل لا بدّ من البحث عنه وعن أسبابه ،، فانظري أختي وانظر أخي إلى نفسك ،،هل طرأ تغير في سلوكك إلى الأفضل نتيجة تغير مفاهيمك أم لا ؟ هل أصبحت شخصية مؤثرة في غيرك بمفاهيمك وسلوكك وأعمالك بحيث تقول هذه التصرفات أنك حامل دعوة دون أن تنطق بها !!أم أصبحت عبئاً على الدعوة بما تعكسه بأفعالك المناقضة لفكرك من صورة سلبية عن التكتل الذي أنت جزء منه !!هل تعكس صورة مشرقة لحامل الدعوة أو منفراً منها بأسلوبك القاسي وحِدَّتك في حمل هذه الدعوة !!


ولا تنسَ أن حامل الدعوة لا يماري في حمل دعوته ولا يداهن ولا ينافق ،، ولا يخاف في الله لومة لائم ويصدع بالحق دائماً وأينما كان، فهل أنت هكذا أم تكتفي بإنكار المنكر في قلبك ولا يخرج إلى لسانك أو يدك إن كان بالإمكان ذلك !!

هل تكتفي بأقل القليل من التكاليف والالتزامات وتقول لنفسك ها أنا قد عملت المطلوب مني وأسقطت الفرض عن كاهلي فعندي أعباءٌ وهموم وأشغالٌ أخرى كثيرة ،، أم تجتهدُ في العمل والتكاليف ولسان حالك يقول سأعمل فوق المطلوب مني وزيادة فمصلحة التكتل هي مصلحتي والعمل لاستئناف الحياة الإسلامية هو في أعلى سلم أولوياتي واهتماماتي .


وهل تنتظر من يراقبك ويحاسبك فَتَجِدَّ أمامه وتجتهد ،، وإن غفل عنك او ابتعد نِمْتَ وراءه وتكاسلت ، وتحتاج إلى من يدفعك دفعاً لعمل ما عليك، أم تكون مراقباً لنفسك ، محاسباً لها عند أي تقصير أو تهاون واضعاً أمامك رقابة الله وسؤاله لك عن عملك وحملك لدعوته كما يجب بحيث تبادر إلى العمل والتسابق لنيل الأجر والثواب !!

وهمسة خاصة لأختي حاملة الدعوة ،،هل توفِّقين بين حمل الدعوة وبين كونك أماً وربةَ بيت وهذا أمر ميسور ولا يحتاج إلاَّ إلى التنظيم وترتيب الأولويات والمسؤوليات ، أم تتضارب عندك الأمور وتتداخل بحيث تنتشر الفوضى في حياتك !! هل تقومين بواجبك نحو بيتك وزوجك وأولادك وأهلك كما يجب ، أم تقصِّرين في تلك الواجبات بحجة أنك تحملين الدعوة وتجعلين غيرك يتهم الدعوة بأنها سبب ذلك التقصير!

أما أنت أخي حامل الدعوة فأسألك : هل أنت داعم ومساند ومتعاون مع زوجتك أو اختك او ابنتك حاملة الدعوة والذي هو فرض عليها كما هو فرض عليك أم أنك عائق أمامها ؟!! هل تُسهِّلُ لها الأمور أم تضعُ لها العراقيل وتمنعُها من الخروج لحمل الدعوة بحُجَّة أن بيتها وعائلتها أولى بوقتها وجهدها !!
مع أنه لو تفكرت قليلاً - أخي- لحمدت الله تعالى أن جعل في بيتك مثل تلك الأخوات المضيئات بالخير في جنبات البيت والمجتمع .

كشف الحساب هذا - إخوتي وأخواتي- وهذه التساؤلات أتركها بين أيديكم لتتمعنوا بها وتجيبوا عليها بصدق كما يتطلب من حملة الدعوة الحقيقيين والذين أنتم وبإذن الله منهم . حتى نكون فعلاً من أحباب رسول الله صلى الله عليه وسلم وشفعائه وممن يشربون من يده الكريمة على الحوض العظيم .

وإلى أن نلقاكم إن شاء الله تعالى في وقفة أخرى مع النفس وكشف حساب آخر أترككم في رعاية الله وحفظه , والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

مسلمة

إقرأ المزيد...

نفائس الثمرات- حقُّ العبودية

  • نشر في من الصحابة والسلف
  • قيم الموضوع
    (0 أصوات)
  • قراءة: 1086 مرات

 

لله سبحانه على عبده أمر أمره به، وقضاء يقضيه عليه، ونعمة ينعم بها عليه فلا ينفك عن هذه الثلاثة‏.‏ والقضاء نوعان‏:‏ إما مصائب وإما معايب، وله عليه عبودية في هذه المراتب كلها، فأحب الخلق إليه من عرف عبوديته في هذه المراتب ووفاها حقها، فهذا أقرب الخلق إليه‏.‏ وأبعدهم منه من جهل عبوديته في هذه المراتب فعطلها علما وعملا‏.‏ فعبوديته في الأمر‏:‏ امتثاله إخلاصا واقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم ‏.‏ وفي النهي‏:‏ اجتنابه خوفا منه وإجلالا ومحبة‏.‏ وعبوديته في قضاء المصائب‏:‏ الصبر عليها ثم الرضا بها وهو أعلى منه، ثم الشكر عليها وهو أعلى من الرضا، وهذا إنما يتأتى منه إذا تمكن حبه من قلبه وعلم حسن اختياره له وبره به ولطفه به وإحسانه إليه بالمصيبة وإن كره المصيبة‏.‏

وعبوديته في قضاء المعايب‏:‏ المبادرة إلى التوبة منها والتنصل، والوقوف في مقام الاعتذار والانكسار ، عالما بأنه لا يرفعها عنه إلا هو ، ولا يقيه شرها سواه ، وأنها إن استمرت أبعدته من قربه وطردته من بابه، فيراها من الضر الذي لا يكشفه غيره، حتى أنه ليراها أعظم من ضر البدن‏.‏


كتاب الفوائد لابن القيم

إقرأ المزيد...
الاشتراك في هذه خدمة RSS

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع