الخميس، 18 رمضان 1445هـ| 2024/03/28م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

أيّها المسلمون في تونس: لا خلاص إلّا بالإسلام

 

يا أهلنا الكرام في تونس:

 

إنّه ليحزننا ما تكابدونه من البؤس والشّقاء وضنك العيش في ظل نظام رأسمالي متوحش جعلكم بين متاهة البحث عن تحقيق أقل الحاجات اليومية، بعدما ارتفعت أثمانها بشكل مشطّ، وبين الهجرة واقتحام أمواج البحر ومجاهيل الحياة بحثا عن فُتات الغرب الذي ينهب خيراتكم وثرواتكم. يحدث هذا رغم ما نمتلكه من ثروة فقهيّة عظيمة وما حبا الله به أرضنا الطيّبة من خيرات وفيرة وكنوز دفينة، إلاّ أنّ الطبقة السياسية (حكاما ومعارضة) أبت إلاّ أن تجعل للكافرين علينا سبيلا بخضوعها لسفارات الدول الغربية ومنظماتها وشركاتها الناهبة، وأقصت الإسلام من الحكم والتشريع وفرضت علينا دساتير وضعية جعلتنا نتخبّط في وحل الانحطاط والتخلّف والتبعيّة السياسية والأزمات الاقتصاديّة والاجتماعيّة والأخلاقيّة الخانقة، لا فرق بين دستور الجمهورية الأولى والثانية ولا الثالثة، فكلها دساتير وضعية تحكم بغير ما أنزل الله، وتكرّس الهيمنة الغربية والمشاريع الاستعماريّة التي تستهدف عقيدتنا وثقافتنا وهويّتنا، وترهن البلاد والعباد والمقدّرات للكافر المستعمر ومؤسساته المالية، وعلى رأسها صندوق النقد الدولي الذي يتربص بنا الدوائر ويوشك أن يلتف حبله القاطع حول رقابنا.

 

أيّها المسلمون في بلد الزّيتونة:

 

﴿إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ﴾ فرغم هذا المكر الاستعماريّ الكبّار وخيانة حكّام الضّرار إلاّ أنّ خلاصنا من براثنه وعودتنا إلى مرتبة القيادة والريادة التي ارتضاها الله لنا هو أقرب إلينا من ردّ الطرف شرط أن نترك حبائل الاستعمار ونعتصم بحبل الله المتين ونلتزم بشريعة رب العالمين مصداقا لقوله تعالى: ﴿وَأَن لَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاءً غَدَقاً﴾.

 

يا أهل تونس الأحبّة: إنّ حزب التحرير/ ولاية تونس يذكركم بالأمور التالية:

 

1- إن إسلامنا العظيم ليس مجرّد ديانة كهنوتيّة مفصولة عن الحياة، بل هو عقيدة ينبثق عنها نظام، عقيدة قرّرت حقيقة الإنسان فبيّنت أنّه مخلوق لله تعالى وأنّه ميّت وسيُبعث إلى ربّه ليحاسَب، وأنّ محمّدا أرسله الله بالوحي هاديا ومبشّرا ونذيرا، وأنّ ما أُنزل عليه فيه نظام جامع شامل لكلّ مناحي الحياة، وبناءً على هذه العقيدة انبثقت أنظمة حياة شاملة تنظم الحكم والاقتصاد والعقوبات والسياسة الخارجية وغيرها...، ونحن ملزمون شرعا بالتّحاكم إليها إلى قيام السّاعة على سبيل الوجوب، قال تعالى: ﴿وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ﴾، ويحرم شرعا التّحاكم إلى غيرها، قال تعالى: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾.

 

2- إنّ نظام الحكم في الإسلام مبني على أساس الرّعاية، وليس على أساس المناورة والخداع للوصول إلى المناصب، فالرّسول يقول: «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ؛ فَالْإِمَامُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ...»، وهذه الرّعاية جعلها الله في رقبة خليفة يُبايعه النّاس ليطبّق فيهم شرع ربّهم ويرعاهم به، وليس له أن يصدر أمرا عن هوى أو اتّباعا لمصلحة، يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ﴾، وليس الخليفة مطلق اليد يحكم كيف يشاء هو أو حسب أهواء أصحاب المال والنّفوذ أو بطانة السوء، بل هو أيضا محلّ مُحاسبة. وقد جعل الله سبحانه وتعالى محاسبة الخليفة فرضاً على المسلمين أفرادا وجماعات، يحاسبونه بالإسلام لا حسب أهوائهم ومصالحهم.

 

3- لقد بيّن الإسلام السياسة الاقتصادية فوضع الإصبع على مكمن الدّاء في المجتمع فعالجه، يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ﴾، فسنّ أحكاما تحول دون تركز المال في يد فئة قليلة في المجتمع، وضمن الحاجات الأساسية من مسكن ومأكل وملبس لكل فرد من أفراد الرعية، كما ضمن الحاجات الأساسية للرعية كالتطبيب والتعليم والأمن، وفرض الله سبحانه وتعالى زكاة المال وحرّم الرّبا وكنز المال لدفع الأغنياء إلى استثمار أموالهم في مشاريع اقتصادية، لتدور عجلة رأس المال دورتها الطبيعية فتوجد مالاً حقيقياً وتحول دون حدوث أزمات اقتصادية كالتضخم والبطالة. كما جعل الإسلام الثروات الباطنيّة من غاز وبترول وفوسفات ومعادن وغيرها ملكيّة عامّة لجميع المسلمين وفق ما جاء في خطاب رسول الله ﷺ: «النَّاسُ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ: فِي الْمَاءِ، وَالْكَلَأِ، وَالنَّارِ» وغيره من النصوص الشرعية، ولم يجعل للخليفة حقّ تمليك رقبة الملكية العامة فمنع بذلك أن يسطوَ أحد كائنا من كان على أموال النّاس التي جعلها الله لهم خالصة، فضلا عن أن تُعطى امتيازات لشركات النّهب الاستعماريّة ويحرم منها أهلنا. وسن الإسلام أحكام إعمار الأرض وإحياء الموات لتنمية البلاد والعباد.

 

4- أمّا السّياسة الخارجيّة فقد جعل الإسلام حمل الدعوة الإسلامية هو المحور الذي تدور حوله السياسة الخارجية، وعلى أساسها تبنى علاقة الدولة بجميع الدول.

 

أيها الأهل في تونس الخضراء: إننا في حزب التحرير/ ولاية تونس ندعوكم إلى قلع الاستعمار وأدواته المحلية ونبذ النظام العلماني الرأسمالي، وتبني النظام الإسلامي ومشروعه الحضاري في دولة خلافة راشدة على منهاج النبوة، وإنّنا ندرك أنّ الفارق بين ما أنتم فيه الآن وبين ما ندعوكم إليه هو أمرٌ عظيم، ولكنّ الانتقال إلى ما ندعوكم إليه يسير على من يسّره الله عليه، وأتى بشرطه، فأخلص النية لله جلّ وعلا، وأحسن التوكل عليه، وعمل على تغيير الواقع وفق طريق النبي ﷺ، ولله عاقبة الأمور. قال تعالى: ﴿الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ.

 

 

التاريخ الهجري :26 من صـفر الخير 1444هـ
التاريخ الميلادي : الخميس, 22 أيلول/سبتمبر 2022م

حزب التحرير
ولاية تونس

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع