الحوار الحي- من وحي الكارثه--ج1
- نشر في تسجيلات قاعة البث الحي
- قيم الموضوع
- قراءة: 713 مرات
تتوالى أخبار الجهود المضنية التي يبذلها شيوخ الحكومات في عدد من بلاد المسلمين، مثل مصر وليبيا والمغرب والجزائر والسعودية وأخيرا موريتانيا لثني المئات من أبناء الأمة اللذين تمتلئ بهم سجون تلك الحكومات الظالمة، عن أرائهم وإقناعهم بوجوب طاعة أولي الأمر وعدم مشروعية الخروج عليهم والعمل على تغيير أنظمتهم٠
التعليق
يقول صلى الله عليه وسلم "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت"٠
لم ينفع أولئك المشايخ إيمانهم ودينُهم، ليأخذ بأيديهم فيكونوا من ورثة الأنبياء، جنودا للإسلام، رافعين للوائه، عاملين لإعلاء كلمته، وتطبيق شرعه بإعادة دولته، ولمِّ شَعْثِ أمته، وردّ صَوْلة عدوه، وحفظ دماء أبنائه والذود عن أعراض بناته
فلم يقولوا خيراً
ولم يأخذ أولئك المشايخ بالرخصة التي قد تليق بأمثالهم، فينقذوا أنفسهم من نار وقودها الناس والحجارة، ويريحوا العباد من شغبهم ولغوهم، ويرحموا الأجيال القادمة من خجلٍ جمٍّ سيشعرون به وهم يقرؤون سيرتهم.
فلم يصمتوا
قد يوسوس الشيطان لأولئك المشايخ ومن يبرر لهم سوء صنعهم، ويوهمهم أنهم يحسنون صنعاً إذ يعيدون شباباً مغالين ومتطرفين إلى جادة الصواب، وأنهم لأولئك الشباب لناصحين وبهم لرحيمين.
قد يكون لهذا القول وجه لو كان أولئك المشايخ منخرطين في مشروع وعمل ذاتي مخلص لإنقاذ الأمة وإعزاز الإسلام، يناقشون ويحاورون من خالفهم في فهمهم الشرعي أو في منهجهم في التغيير لكسبهم إلى صفهم فيتقوون بهم. ولكن حتى في هذه الحالة لن يدخل أولئك المشايخ على أولئك الشباب ليحاوروهم في الزنازين التي قضوا فيها زهرة شبابهم بعد أن أكلت سياط الظالمين ظهورهم وانتهكت حرماتهم.
إن الحقيقة الساطعة هي أن هؤلاء المشايخ ما هم إلا أداة من أدوات المحافظة على تلك الأنظمة، تأكل من صحنها وتضرب بعصاها.
وتعجب كل العجب عندما يلج أولئك المشايخ في ثنايا الفقه لإقامة الحجة على أولئك الشباب وإثبات انحرافهم عن الشرع وتعمى أعينهم عن قطعيات الدين التي يضرب بها الحكام عرض الحائط، ويزداد عجبك عندما يعلن أولئك المشايخ الحرب على من أراد الحق حتى لو أخطأ طريقه ولا يتوانون أن يكونوا عوناً لمن أراد الباطل فأصابه.
أيها المشايخ، لو كنتم حقاً حريصين على هؤلاء الشباب لعملتم على كسر قيودهم وقيود أمتهم وفتح أبواب سجونهم الصغيرة بعد أن تحطموا سجن أمتكم الكبير فيجتمع الشمل تحت راية الإسلام.
وصدق الله العظيم
"إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور"
أبو أنس - سيدني أستراليا
والتي نصها: (تُمنع الخَلوةُ بغير مَحْرَم، ويُمنعُ التبرجُ وكشفُ العورة أمام الأجانب).
الأخلاق جزء من الشريعة الإسلامية، وهي من الأوامر والنواهي التي لا بد من تحقيقها عند المسلم ليتمَ عمله بالإسلام، ويكملَ قيامُه بأوامرالله.
غيران الوصول إليها في المجتمع كله، يكون عن طريق ايجاد المشاعر الإسلامية، والأفكار الإسلامية، وبتحقيقها في الجماعة تتحقق في الأفراد ضرورة.
وبديهي أن الوصول اليها لا يكون بالدعوة إلى الأخلاق، بل بالطريق المشار إليها من إيجاد المشاعر والأفكار.
وقد بين الشرع الصفاتِ التي يُعتبر الإتصاف بها خلقا حسنا، والتي يعتبر الإتصاف بها خلقا سيئا، فحث على الحَسن منها ونهى عن السيء، حث على الصدق، وعلى الأمانة، وطلاقة الوجه، والحياء، وبرِ الوالدين، وصلةِ الرحِم، وتفريج الكربات، وأن يُحب المرء لأخيه ما يحب لنفسه، واعتبر كل ذلك ومثلَه حثا على إتباع أوامر الله.
فالأخلاق ليست من مقومات المجتمع، بل هي من مقومات الفرد، ولذلك لا يصلح المجتمع بالأخلاق، بل يصلح بالأفكار الإسلامية والمشاعر الإسلامية. ومع أن الأخلاق من مقومات الفرد، ولكنها ليست هي وحدها، ولا يجوز أن تكون وحدها، بل لا بد أن تكون معها العقائد، والعبادات، والمعاملات، ولذلك لا يعتبر من كانت أخلاقه حسنةٌ وعقيدتُه غيرُ إسلامية، لأنه يكون حينئذ كافرا، وليس بعد الكفر ذنب. وكذلك من كانت أخلاقه حسنة وهو غيرُ قائم بالعبادات، أو غيرُ سائر في معاملاته حَسَب أحكام الشرع، لذا يُمنع كلٌ من الرجل والمرأة من مباشرة أي عمل فيه خطر على الأخلاق، لأنه بذلك يَفسُد المجتمع وتُنتهك أحكام الشرع، رُويَ عن رافعِ بن رفاعةَ قال: ( نهانا صلى الله عليه وسلم عن كسب الأمة إلا ماعملت بيديها وقال: هكذا بأصابعه نحو الخبز والغزل والنقش) أي تُمنع المرأة من كل عمل يقصد منه إستغلال أنوثتها، وتباح لها باقي الأعمال التي لا توقعها بإثم .
هذا ما يفهم من الحديث ومن قوله صلى الله عليه وسلم : ( إلا ما عملت بيديها ) أي مما يُقصد منه إستغلال جُهدها، ومفهومُه منع إستغلال أنوثتها . والقاعدة الشرعية تقول: ( الوسيلة إلى الحرام محرمة)، فهي تعني منعُ كل عمل يوصل إلى الحرام، كاستئجار المرأة لعمل الدعايات، أو مضيفة طيران، ولعروض الأزياء وغيرها من الأمور التي لا يجيزها الشرع .
ودليل أخر هو القاعدة الشرعية: ( الشيء المباح إذا أدى فرد من أفراده إلى ضرر، يمنع ذلك الفرد وحده ويبقى الشيء مباحا)، وحسب هذه القاعدة، يُمنع كلُ شخص رجلا كان أو امرأة، من الاشتغال في عمل مباح للرجال والنساء، إذا كان هذا الشخص بعينه يوصل إشتغاله في العمل إلى ضرر له، أو ضرر للأمة، أو ضرر للمجتمع أي كان نوع هذا الضرر.ولذلك لم تكن الأهداف العليا من وضع البشر، بل هي من أوامر الله ونواهيه، وهي ثابتة لآ تتبدل ولا تتغير، وَوَضَعَ الشارع عليها عقوبات صارمة، فوضع الحدود والعقوبات للمحافظة على هذه الأهداف الثابتة.
فقد عُني الإسلام بهذا الفرد بوصفه جزءا من الجماعة، لا فردا منفصلا عنها، بحيث تؤدي هذه العنايةُ للمحافظة على الجماعة، وعُني في نفس الوقت بالجماعة لا بوصفها كلا ليس له أجزاء، بل بوصفها كلا مكونا من أجزاءٍ هم الأفراد، بحيث تؤدي هذه العناية الى المحافظة على هؤلاء الأفراد كأجزاء، قال صلى الله عليه وسلم: ( مثل القائم على حدود الله والواقعِ فيها، كمثل قوم استهموا على سفينة، فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلَها ، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على مَن فوقهم، فقالوا:لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا، فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا ).
والى حلقة قادمة ومادة اخرى من مواد النظام الإجتماعي في الإسلام نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أبو الصادق