نظرات في سورة الانعام ج5
- نشر في سياسية
- قيم الموضوع
- قراءة: 763 مرات
الخبر:
في صباح هذا اليوم السبع والعشرين من رمضان 1430 ه الموافق للسابع عشر من سبتمبر 2009 م نفذ احد المقاومين فيث أفغانستان هجوماً إستشهادياً ناجحاً على قافلة عسكرية لحلف الناتو قبل فيه على الفور ستة جنود إيطاليون من قوات الحلف، وجرح العديد كما صرحت بذلك مصادر الناتو نفسها.
وقد أشعلت هذه العملية البطولية النقاش بين أعضاء الحلف من جديد - خاصة الأوربيين منهم - حول أستراتيجية الخروج من أفغانستان بطريقة تحفظ لهم ماء الوجه ولو بأي شكل كان، فإن الوضع الأمني لقوات الإحتلال هناك في تدهور مستمر، فلم تعد تسيطر إلا على 30 في المائة من الأراضي الأفغانية وخرجت العديد من المدن والمقاطعات من سيطرة الحكومة العميلة في السنوات الأخيرة إلى سيطرة حركة طالبان.
وأصبحت الدول الأوربية لا سيما بريطانيا وفرنسا وألمانيا تتحدث بشكل صريح عن إنسحاب سريع من أفغانستان، حيث دعت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بداية هذا الشهر إلى عقد مؤتمر دولي لإعداد الوضع في البلد للإنسحاب، ودعت كذلك إلى أن الحكومة الأفغانية عليها أن تتحمل مسئوليات أكبر بشكل تدريجي في مقابل تقليل إلتزامات القوات الدولية تدريجياً.
التعليق:
إن ما تربو إليه المستشارة الألمانية من تحميل الحكومة الأفغانية مسئوليات أكبر في مقابل تقليص مسئوليات قوات الإحتلال بالطريق التي ذكرتها هو ضرب من الخيال، فإن هذه الحكومة الأفغانية هي حكومة عميلة صرفة تعتمد في قراراتها بل وفي وجودها على قوات الإحتلال بشكل مطلق، وكما ذكر الحزب في أحد أجوبته الأخيرة فإن كرزاي هو أشبه بالموظف لدى أمريكا أكثر من كونه عميلاً لها، فهذه الحكومة تقوم وتسقط بوجود وزوال المحتل، فلا زيادة تعداد جيشها سيسعفها ولا مضاعفة الأموال التي تعطى لها والتي سريعاً ما تختفي في شُعَب الفساد المستشري فيها، لأنها ببساطة لم تنبثق من إرادة الأمة وسلطانها ولم يأت بها الشعب الأفغاني بل قوات الإحتلال، كما أنها تتكون من زمرة من الفاسدين المفسدين من حثالة الشعب الأفغاني - كما هو الحال مع كل من يتواطأ مع عدوه ضد أهل بلده - فلا يمكن أن يُكتب لمثل هذه الحثالة النجاح.
إن قوات الإحتلال في أفغانستان وعلى رأسهم أمريكا في ورطة حقيقية، فإن هجمات المقاومة الطالبانية الإسلامية في ازدياد مستمر، فبعد أن كانت هجمات "الأناس الجبناء من العصر الحجري" كما سماهم وزير الدفاع الأمريكي السابق دونالد رمسفيلد "الذين يختبئون في جحورهم كالفإران من رؤية القاذفات الأمريكية" لا تتعدى الخمسين هجمة في الأسبوع في عام 2004 وصلت هذه الهجمات في عام 2008 إلى 250 هجمة أسبوعية وإلى 400 هجمة في الإسبوع الأول من شهر آب أغسطس عام 2009م، كما صرح بذلك الجنرال ديفيد بترايوس قائد القوات الأمريكية في الشرق الأدنى والأوسط، وصرح الجنرال ستانلي ماك كريستال قائد القوات الأمريكية وقوات الناتو في أفغانستان في حوار معه في جريدة الوول ستريت جورنال: "إن الصراع في أفغانستان وصل إلى نقطة حرجة وحاسمة، إن طالبان حالياً عدو شرس للغاية، ولم يبق لقواتنا سوى 12 شهراً لكسر ديناميكية الحركة ومبادرتها."
ويبدو أن الإستراتيجية الأمريكية تسير في اتجاه رفع إضافي لعدد الجنود الأمريكان برقم يترواح ما بين 10000 إلى 60000 جندي أي ما بين إثنين إلى ثمانية وحدة قتالية كما ذكرت مصادر أمريكية. علاوة على 10000 جندي يتمركزون هناك لفترة طويلة ليقوموا بتدريب الجيش الأفغاني الذي يُنوَى زيادة تعداد جنوده من 135.000 جندي حالياً إلى 240.000 جندي. وأيضاً قوات الشرطة يُنوى مضاعفتها من 82.000 إلى 160.000 شرطي.
كما سيتم رفع عدد الخبراء الأمريكيين لدى الحكومة الأفغانية من 560 موظف حالياً إلى 1350 موظف في صيف عام 2010. وهذا لمساعدة الحكومة الأفغانية وتحسين أدائها.
إن جميع هذه المحاولات المحمومة لإنقاذ الحكومة الأفغانية وتحقيق نجاح في أفغانستان ستبوء بالفشل إن شاء الله، لأنها ليست إلا محاولات للإبقاء على وضع مصطنع يخالف طبيعة الشعب المسلم وطبيعة البلد كل المخالفة، وسينسحب الكافر المحتل مهزوماً مقهوراً بإذنه تعالى، وستتحقق بإذنه سبحانه أنبوءة الجنرال البريطاني كارلتون سميث التي أطلقها في جريدة الصنداي تايمز في أكتوبر 2008 حيث قال: "إننا لن ننتصر في هذه الحرب."
المهندس شاكر عاصم
الممثل الإعلامي لحزب التحرير في المنطقة الناطقة بالألمانية
عَنْ عَائِشَةَ أمِّ المؤمنين رضي الله عنها قَالَتْ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُجَاوِرُ( يعتكف ) فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ وَيَقُولُ : " تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ " . رواه البخاري
وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْوِتْرِ مِنْ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ" .
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال :" دخل رمضان ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن هذا الشهر قد حضركم وفيه ليلةٌ خيرٌ من ألف شهر ، مَن حُرِمَها فقد حُرِم الخيرَ كلَّه ، ولا يُحْرَم خيرَها إلا محرومٌ " . رواه ابن ماجة. ورواه أحمد والنَّسائي من طريق أبي هريرة رضي الله عنه
إعداد أبي دجانة
قال الله تعالى : {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ }
-أخرج أحمد عن أنس رضي الله عنه قال قال رسول الله: «لقد أوذيت في الله وما يؤذى أحد، وأخفت في الله وما يخاف أحد، ولقد أتت علي ثلاثون من بين يوم وليلة وما لي ولبلال ما يأكله ذو كبد إلا ما يواري إبط بلال». وأخرجه أيضاً الترمذي وابن حبان في صحيحه وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح.
-وأخرج الطبراني عن منبت الأزدي قال: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الجاهلية وهو يقول: يا أيها الناس: قولوا لا إله إلا الله تفلحوا. فمنهم من تفل في وجهه، ومنهم من حثا عليه التراب ومنهم من سبه حتى انتصف النهار. فأقبلت عليه جارية بعس من ماء - أي قدح كبير - فغسل وجهه ويديه وقال: يا بنية لا تخشي على أبيك غيلة ولا ذلة. فقلت من هذه قالوا زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ». قال الهيثمي وفيه منبت بن مدرك ولم أعرفه وبقية رجاله ثقات.
-وأخرج أبو يعلى عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «لقد ضربوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى غشي عليه فقام أبو بكر رضي الله عنه فجعل ينادي { أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ } ( غافر/28 ) فقالوا من هذا؟ فقالوا أبو بكر المجنون. وأخرجه أيضاً البزار وزاد: فتركوه وأقبلوا على أبي بكر» ورجاله رجال الصحيح كما قال الهيثمي وأخرجه أيضاً الحاكم وقال حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه.
-وأخرج أبو نعيم في دلائل النبوة عن عروة بن الزبير رضي الله عنهما عندما عمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى ثقيف يرجو أن يؤوه وينصروه إلى أن قال: «واجتمعوا يستهزئون برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقعدوا له صفين على طريقه، فأخذوا بأيدهم الحجارة فجعل لا يرفع رجله ولا يضعها إلا رضخوها بالحجارة وهم في ذلك يستهزئون ويسخرون. فلما خلص من صفيهم وقدماه تسيلان الدماء عمد إلى حائط من كرومهم...» .
اللهم هيئ لنا من أمرنا رشدا واجعل معونتك العظمى لنا سندا
عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ لَأُنَاسًا مَا هُمْ بِأَنْبِيَاءَ وَلَا شُهَدَاءَ يَغْبِطُهُمْ الْأَنْبِيَاءُ وَالشُّهَدَاءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِمَكَانِهِمْ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ تُخْبِرُنَا مَنْ هُمْ قَالَ هُمْ قَوْمٌ تَحَابُّوا بِرُوحِ اللَّهِ عَلَى غَيْرِ أَرْحَامٍ بَيْنَهُمْ وَلَا أَمْوَالٍ يَتَعَاطَوْنَهَا فَوَاللَّهِ إِنَّ وُجُوهَهُمْ لَنُورٌ وَإِنَّهُمْ عَلَى نُورٍ لَا يَخَافُونَ إِذَا خَافَ النَّاسُ وَلَا يَحْزَنُونَ إِذَا حَزِنَ النَّاسُ وَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ (أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ) } رواه أبو داود
جاء في عون المعبود شرح سنن أبي داود بتصرف يسير " قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( هُمْ قَوْم تَحَابُّوا بِرُوحِ اللَّه ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ : فَسَرُّوهُ الْقُرْآن وَعَلَى هَذَا يُتَأَوَّل قَوْله عَزَّ وَجَلَّ { وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْك رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا } سَمَّاهُ رُوحًا وَاَللَّه أَعْلَم لِأَنَّ الْقُلُوب تَحْيَا بِهِ كَمَا يَكُون حَيَاة النُّفُوس وَالْأَبَدَانِ بِالْأَرْوَاحِ اِنْتَهَى. وَقَالَ فِي الْمَجْمَع : أَيْ بِالْقُرْآنِ وَمُتَابَعَته, وَقِيلَ أَرَادَ بِهِ الْمَحَبَّة أَيْ يَتَحَابُّونَ بِمَا أَوْقَعَ اللَّه فِي قُلُوبهمْ مِنْ الْمَحَبَّة الْخَالِصَة لِلَّهِ تَعَالَى
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( إِنَّ وُجُوههمْ لَنُور ) : أَيْ مُنَوَّرَة أَوْ ذَات نُور
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( لَعَلَى نُور ) : أَيْ عَلَى مَنَابِر نُور.
قَالَ اِبْن رَسْلَان فِي شَرْح السُّنَن : فِيهِ دَلِيل عَلَى أَنَّهُ يَجِب أَنْ يَكُون لِلرَّجُلِ أَعْدَاء يُبْغِضهُمْ فِي اللَّه كَمَا يَكُون لَهُ أَصْدِقَاء يُحِبّهُمْ فِي اللَّه, بَيَانه أَنَّك إِذَا أَحْبَبْت إِنْسَانًا لِأَنَّهُ مُطِيع لِلَّهِ وَمَحْبُوب عِنْد اللَّه فَإِنْ عَصَاهُ فَلَا بُدّ أَنْ تُبْغِضهُ لِأَنَّهُ عَاصٍ لِلَّهِ وَمَمْقُوت عِنْد اللَّه فَمَنْ أَحَبَّ لِسَبَبٍ فَبِالضَّرُورَةِ يُبْغِض لِضِدِّهِ وَهَذَانِ وَصْفَانِ مُتَلَازِمَانِ لَا يَنْفَصِل أَحَدهمَا عَنْ الْآخَر وَهُوَ مُطَّرِد فِي الْحُبّ وَالْبُغْض فِي الْعَادَات."
قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ما تحاب اثنان في الله تعالى إلا كان أفضلهما أشدهما حبا لصاحبه" وهما من السبعة الذين يظلهما الله بظله يوم لا ظل إلا ظله، ووجود هذه المحبة الصادقة، وهذا الود الصافي أمر طبيعي بين شباب الدعوة وهو دليل على التفاعل وحمل الدعوة بصدق، ومن كانوا كذلك فهم من أولياء الله حقا، وقد ذكر الله تعالى لنا طبيعة العلاقات بين المهاجرين والأنصار في قرآن يتلى على مدى الأيام (وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) ثم لما فرغ سبحانه من ذلك، ذكر ( وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ).
لذا ينبغي تقوية الصلات بين المسلمين والإكثار من التزاور فيما بينهم، وتفقد الأحوال والسؤال عن بعضهم البعض، وأن يحب لأخيه من الخير ما يحب لنفسه، وأن يكونوا عند بعضهم البعض في الشدائد والحاجات فقد روى مسلم في صحيحه قال: كان أبو هريرة رضي الله عنه معتكفا في مسجد الرسول عليه وعلى آله الصلاة والسلام إذ رأى رجلا حزينا جالسا في طرف من المسجد، فأقبل عليه يسأله عن سبب حزنه، فلما علم بمشكلته قال له: قم معي وأنا أقضي لك حاجتك، فقال الرجل: أتترك اعتكافك في مسجد الرسول من أجلي؟ فبكى أبو هريرة وقال: سمعت صاحب هذا القبر والعهد به قريب يقول: " لأن يمشي أحدكم في حاجة أخيه حتى يقضيها له خير من اعتكافه في مسجدي هذا عشر سنين ".
وعلى المسلم أن يترك غيبة أخيه وذلك بأن يذكره بالسوء من وراء ظهره، والصحيح أن ينشغل بعيوب الكفار والمنافقين وبيان ما يبيتون للإسلام والمسلمين. قال سفيان بن حسين الواسطي: ذكرت رجلا بسوء عند إياس بن معاوية المزني قاضي البصرة -وهو تابعي يضرب المثل بذكائه- فنظر في وجهي وقال: أغزوت الروم؟ فقلت: لا، السند والهند والترك؟ قلت: لا، قال: أفسلم منك الروم والسند والهند والترك ولم يسلم منك أخوك المسلم؟ قال سفيان: فلم أعد بعدها.
وعلى المسلم أن يترك إساءة الظن بإخوانه وأن يحمل فعلهم على الحسن ما أمكن لقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث" وإن سوء الظن قد يدعو إلى التجسس المنهي عنه، وعلى الشاب أن يستر عيبة أخيه ويتغافل عنها فإن ذلك من شيم أهل التقوى، قال عبد الله بن المبارك: "المؤمن يطلب المعاذير، والمنافق يطلب الزلات" ومن المعروف أن منشأ التقصير في ستر العورات والمغري بكشفها هو الحقد والحسد، والمؤمن الحق أبعد ما يكون عن ذلك وعلى المسلم أن يدعو لأخيه في حياته وبعد موته بكل ما يدعو به لنفسه، فقد روى مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: "دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة عند رأسه ملك موكل كلما دعا لأخيه بخير قال الملك الموكل به: آمين، ولك بمثل "وكان أبو الدرداء رضي الله عنه يدعو لخلق كثير من إخوانه يسميهم بأسمائهم، وكان أحمد بن حنبل رحمه الله يدعو في السحر لستة نفر. وقد ورد في (الأدب المفرد) حديث عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: "أسرع الدعاء إجابة دعاء غائب لغائب" وورد فيه أيضا أن أبا بكر الصديق قال: "إن دعوة الأخ في الله تستجاب".
وعلى المسلم أن يخفض جناحه لإخوانه، وأن يذعن للحق ولا يتبع الهوى، وقد حذر الرسول الكريم من إعجاب المرء بنفسه ومن اتباع الهوى، وهو يقول في حديث ناهيا عن الكبر وداعيا إلى التواضع "لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر، فقال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنا، قال: إن الله جميل يحب الجمال، الكبر بطر الحق وغمص الناس" قال الشوكاني في معنى بطر الحق: هو دفعه وإنكاره ترفعا وتجبرا قاله النووي، وفي القاموس المحيط: بطر الحق أن يتكبر عنده فلا يقبله، والغمص أو الغمط قال النووي: هو احتقار الناس. وفي الإخلاص والتواضع يقول الشافعي رحمة الله" ما ناظرت أحدا فأحببت أن يخطئ وما في قلبي من علم إلا وددت أنه عند كل أحد ولا ينسب إلي".
وفي نفس المعنى وفي مبلغ حب الخير للآخرين يقول ابن عباس رضي الله عنهما: "إني لأتي على الآية من كتاب الله فأود لو أن الناس جميعا علموا مثل الذي اعلم، وإني لأسمع بالحاكم من حكام المسلمين يقضي بالعدل ويحكم بالقسط، فأفرح له وأدعو له، ومالي عنده قضية، وإني لأسمع بالغيث يصيب للمسلمين أرضا فأفرح به، ومالي بتلك الأرض سائمة".
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير الخلق أجمعين سيدنا محمد المبعوث هدى ورحمة للعالمين وبعد،
أيها المسلمون: يقول الله عز وجل في كتابه العزيز (لتجدن اشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا).
ملة الكفر واحدة، والكفار على اختلاف مللهم وعقائدهم وطوائفهم وأجناسهم أعداء ألداء للمسلمين، يحقدون عليهم، ويضمرون لهم الكيد والغدر والخيانة، أو صار المسلمون كفارا تبعا لديانتهم مثلهم، واتبعوا أهواءهم وتعليماتهم، وإن اشد الناس عداوة من هؤلاء الكفار اليهود، أبناء القردة والخنازير، وتبقى صفة العداوة فيهم إلى يوم القيامة، ما دام على الأرض مسلمون وما دام عليها يهود، (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم....)
أيها المسلمون: للعداوة أشكال كثيرة من أبرزها التآمر والغدر والخيانة، نقض العهود، وهذا ديدن الأعداء بتغير الأزمان والأمكنة.
فيهود اليوم لا يختلفون في عداوتهم وغدرهم عن يهود بني النضير أو بني قريظة، ولا يختلفون عن يهود بني قينقاع ويهود خيبر، وان عملاء اليهود اليوم صنوا العملاء أمس.
يقول الله عز وجل فيهم: (أو كلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم.....)، ومن يتتبع حال يهود اليوم في سلوكهم ومؤامراتهم وكذبهم، ونكثهم يقف على حقيقة ما هم فيه.
يقول الله عز وجل (والقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة....) يسارعون في الإثم والعدوان، وأكلهم السحت، وإحداث الفتن، وإشعال نار الحروب، وهم الذين ضربت عليهم الذلة أينما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس، وباءوا بغضب من الله، وضربت عليهم المسكنة ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون الأنبياء بغير حق.
فحبل الله مقطوع لا يربطهم ولا يجمعهم ولا يحميهم وحبل الناس من العملاء والمنافقين، ومن كان في ملتهم هو إلي يبقيهم ويمد في أعمارهم، ليعيثوا الفساد.
أيها المسلمون: هذا كلام الله عز وجل فيهم، ومن أصدق من الله قيلا.
كيف وقد وقف المسلمون على واقع يهود وهي في المدينة وخيبر وتيما، وكيف كانوا يتعاملون مع المسلمين بالغدر واللؤم والخيانة، وها نحن المسلمين اليوم وقفنا على حقيقة يهود. وأخلاق يهود وغدر يهود، عاش المسلمون مذابحهم للمسلمين في فلسطين ولبنان، وليس مذابح غزة وجنين ببعيدة عهد منا، وعرفنا تآمرهم وتآمر إخوانهم من المنافقين وأتباع ملتهم وعمالاتهم.
فما بال زعماء المسلمين اليوم يصرون على مسالمة اليهود ومصالحة ألد أعداء المسلمين يهود، ما بالهم في هذا الإصرار على التطبع معهم، ومعاهدتهم، وفتح بلاد المسلمين لما تنتج مصانعهم لتربوا تجارتهم ومفاسدهم وموسادهم.
ما بالهم يفرضون حبهم وقبولهم على المسلمين وهم ألد الأعدا،ء إنهم يحتلون ارض المسلمين فلسطين، ويدنسون أولى القبلتين في بيت المقدس، يهدمون ويدمرون ويقتلون ويسفكون ويعتقلون، أليسوا أعداء محاربين ومغتصبين؟ قد فرض الله الجهاد فيهم، وآمرنا بمقاتلتهم، حيث قال سبحانه: (واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم)، وقوله سبحانه: (إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون)، هم منهم في الكفر والغدر والخيانة والتآمر.
أيها المسلمون: ويموت الأجداد، ويموت الزعماء، ويموت العملاء، والمنافقون وتبقى المعاناة، وتبقى المأساة وما يفرزة الصلح والتطبيع مع يهود من نكبات وفواجع للأجيال والأحفاد.
أيها المسلمون: كره الكافر فرض وحبه حرام مهما كان عرقه أو ملته, وموالاته حرام، ، فكيف إذا كان الكافر محاربا كاليهود ومن يقف في صف يهود منافقا أو عميلا أو حليفا؟ فدماء هؤلاء وأموالهم مهدورة, والجهاد فيهم فرض عين طالما يحتلون ارض المسلمين، والصلح معهم حرام فوق أنه غدر وخيانة استخذاء، والتطبيع معهم حرام، وبيعهم ارض المسلمين في فلسطين حرام واخذ تعويضات عن بلاد المسلمين (فلسطين) ارض الوقف أيضا حرام.
لا بد من الحل الجاد ولابد من التضحيات الجسام لاستئناف الحياة الإسلامية، وتطبيق شرع الله بإقامة دولة الإسلام، دولة الخلافة الراشدة بقيادة سلطان المسلمين، وخليفتهم خليفة المسلمين الذي يحمي بيضة الإسلام، ويقود المسلمين للجهاد في سبيل الهل لإعلاء كلمة الله .
فاعملوا مع العالمين لها الهدف العظيم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم، (إنا أنزلناه في ليلة القدر * وما أدراك ما ليلة القدر* ليلة القدر خير من ألف شهر* تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر* سلام هي حتى مطلع الفجر).صدق الله العظيم
الحمد لله الذي أنعم علينا بنعمة الإسلام فأسلمنا، ودعانا إلى الإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا، وأمرنا بالصيام فصمنا، وندبنا إلى القيام فقمنا، وحثنا على طاعته فسمعنا وأطعنا. نسأله سبحانه وتعالى في هذه الساعة المباركة، من هذه الليلة المباركة في هذا الشهر شهر رمضان المبارك أن يتقبل منا الصلاة والصيام والقيام، وأن يجعل جميع أعمالنا خالصة لوجهه الكريم، وأن يوفقنا لطاعته في كل وقت وحين، حتى نلقاه وهو راض عنا. آمين... آمين... آمين... يا رب العالمين. أما بعد:
قال المفسرون في تفسير سورة القدر: أنزل الله تبارك وتعالى، قرآنا ذا قدر! في ليلة مباركة، هي ليلة القدر! على رسول عظيم القدر! لأمة ذات قدر! هذا القول أحبتي في الله له دلالته، وإيماؤه ، وإيحاؤه.
إن هذا القرآن الذي بين أيدينا، والذي أقبلنا على تلاوته في هذا الشهر المبارك لعظيم، جد عظيم، إنه عظيم حقا وصدقا؛ لأنه من إله عظيم، رب السماوات ورب الأرض، رب العالمين، ورب العرش العظيم. قال جل من قائل مخاطبا نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم: (ولقد آتيناك سبعا من المثاني، والقرآن العظيم)!
إخوة الإيمان: يا أمة القرآن، يا أحباب الله، ويا أحباب رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن الكريم هو المعجزة الكبرى التي أمد الله بها نبيه الأمي، والتي غير بها نفوسا، وأحيا قلوبا وأنار بصائر، وربى أمة، وكون دولة في زمن قياسي، هو حقيقة ولكنه أشبه بالخيال.
القرآن العظيم هو كتاب الله الخالد، ودستوره الماجد، وحجته البالغة على العالمين، كتاب ختم الله به الكتب، أنزله الله على رسول ختم به الرسالات بدين عام شامل كامل، ختم به الأديان، فهو دستور الخالق لإصلاح الخلق، وهو رسالة السماء إلى أهل الأرض، أنهى الله إليه كل تشريع، وأودعه كل نهضة، وأناط به كل سعادة ورخاء للأمم والشعوب.
القرآن الكريم هو مفتاح سعادة الأمة الإسلامية، بل هو مفتاح السعادة للبشرية جمعاء، ولا يمكن لهذه الأمة الإسلامية أن تنهض من كبوتها نهضة حقيقية صحيحة ،إلا بتحكيم هذا القرآن وتطبيق أحكامه في جميع شؤون الحياة.
لقد أعلى الله سبحانه وتعالى شأن الأمة الإسلامية، فأنزل فيها كتابه، وبعث فيها رسوله الأمين محمدا عليه الصلاة والسلام، وجعلها خير أمة أخرجت للناس ، وجعلها بهذه الرسالة، وبهذا القرآن العظيم شاهدة وقائدة ورائدة وسيدة للأمم، ورافعة لواء العلم والهدى للناس أجمعين.
إن هذه الأمة زكت بالقرآن، وسادت بالقرآن، وقد كان القرآن هم المسلمين الأوائل يحفظونه ويفهمونه، ويعملون بأحكامه وتعاليمه، حتى صفت أرواحهم، وطهرت نفوسهم.
وقد أتى المسلمون بالعجب العجاب، حينما اهتدوا بهدي القرآن ، وساروا على نوره، وصراطه المستقيم ، فانقاد لهم العالم، وأنقذوا البشرية ، وكتب الله لهم النصر والتأييد والظفر، حتى على أقوى دول العالم آنذاك، وأقاموا دولة الإسلام فكانت بهجة الدنيا، وزينة الحياة ، منها يشع النور على العالم المظلم ، وكانت أمة الإسلام تحت لواء القرآن، ترفل بعزة الله، وتسعد برضاه، إذ أقامت حكم الله في الأرض ، وحكمت بما أنزل الله في كتابه.
إخوة الإيمان: كلما تحدثنا عن موضوع القرآن الكريم، وسموه وعظمته وضرورة تطبيق أحكامه، وتحكيم شرعه في واقع الحياة، تبرز أسئلة عديدة، تفرض نفسها بإلحاح شديد.
هذه الأسئلة تطرح نفسها بنفسها، لا نريد الإجابة عنها بالأقوال، بل بالأفعال. فما أكثر أن نقول! وما أقل أن نفعل! وقد حذرنا الله من ذلك فقال سبحانه وتعالى: (يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون * كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون).
فأين نحن المسلمين من كتاب ربنا عز وجل؟ هل أحللنا حلاله، وحرمنا حرامه، وحكمناه في جميع شؤون حياتنا؟
أين نحن من سنة نبينا المصطفى صلى الله عليه وسلم هل درسناها، ووعيناها، وتأسينا برسولنا امتثالا لقول ربنا: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا)؟
أين نحن المسلمين من إقامة حكم الله في الأرض؟ امتثالا لقوله تعالى: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما).
أين نحن المسلمين من دولة الإسلام التي أقامها وأرسى قواعدها رسول الله عليه الصلاة والسلام لنجعل منها مركز هداية للعالمين ولننشر الإسلام في الدنيا كلها، نحق الحق، ونبطل الباطل، ونقيم العدل، ونحمي المستضعفين، ونرد الحقوق إلى أصحابها؟
أين نحن المسلمين من الجهاد في سبيل الله، لإعلاء كلمة الله؟ أين نحن من مسرى نبينا محمد عليه الصلاة والسلام ؟
أين نحن من نصرة إخواننا المسلمين، الذين يقتلون ويذبحون في كل مكان، لا لشيء إلا لأنهم مسلمون؟
ما الذي يحول بيننا، وبين أن نرضي ربنا بتحكيم كتاب ربنا، وسنة نبينا وإقامة حكم الله في الأرض بإقامة دولة الإسلام، دولة الخلافة، التي يعز بها الإسلام وأهله، ويذل بها الكفر والنفاق وأهله، تحقيقا لقول الله جل في علاه: (ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين، ولكن المنافقين لا يعلمون).
وختاما: إخوة الإيمان نتوجه وإياكم إلى الله تعالى بهذا الدعاء، في هذه الليلة المباركة، من ليالي هذا الشهر الفضيل، شهر رمضان المبارك، عساها تكون ساعة إجابة. ارفعوا أكف الضراعة إلى الله، وأمنوا على هذا الدعاء، بقلب خاشع وأنتم موقنون بالإجابة:
اللهم اجعل اجتماعنا هذا اجتماعا مرحوما، وتفرقنا من بعده تفرقا معصوما، ولا تجعل اللهم فينا ولا منا ولا معنا شقيا ولا محروما.
اللهم اجعلنا من عتقائك، عتقاء شهر رمضان من النار، برحمتك يا رحيم يا غفار، يا حليم يا ستار يا الله.
اللهم إنك عفو كريم تحب العفو، فاعف عنا يا كريم. اللهم أعزنا بالإسلام وأعز الإسلام بنا يا الله يا عظيم.
اللهم أكرمنا ولا تهنا، وأعطنا ولا تحرمنا، وكن معنا ولا تكن علينا، وزدنا ولا تنقصنا يا رب العالمين.
اللهم أبرم لأمة الإسلام أمر رشد، يعز فيه أهل طاعتك، ويذل فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر، وتقوم فيه دولة الإسلام .
اللهم أقم علم الجهاد، واقمع اللهم أهل الشرك، والكفر والبغي والفساد، وانشر رحمتك على العباد يا أرحم الراحمين.
اللهم هيئ لأمة الإسلام خليفة، يخافك ويتقيك، ويحكم فينا كتابك، ويطبق شريعتك، ويقودنا إلى الجهاد في سبيلك، لتحرير مسرى نبيك، وجميع ما اغتصب من أراضي المسلمين في كل مكان يا رب العالمين.
اللهم أعنا على ذكرك، وشكرك، وحسن عبادتك، ولا تجعلنا من الغافلين. اللهم اعتق رقابنا، ورقاب آبائنا وأمهاتنا وأزواجنا وذرياتنا من النار برحمتك يا عزيز يا غفار.
(سبحان ربك رب العزة عما يصفون * وسلام على المرسلين * والحمد لله رب العالمين).
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
أبو إبراهيم
حياكم الله معنا من إذاعة المكتب الإعلامي لحزب التحرير , حيث نلتقي بكم مجددا , في فقراتنا المـتتابعة من سلسلة قانتات حافظات ، ونأتي اليوم إلى موضوع هام ألا وهو واجبات المرأة
قلنا أن الدين الإسلامي هو الدين الوحيد الذي ارتقى بنظرته للمرأة ، فنظر لها كإنسان فيه غرائزه وحاجاته العضوية، وشأنها شأن أي مخلوق خلقه الله تعالى،فهي عاجزة ناقصة محدودة ، ولكن ميزها الله عز وجل بوصفها الإنساني بأن جعل لها العقل (كالذكر) وأمرها باستخدامه للاستدلال على وجود الخالق, ذلك أن إيمانها بالله يجب أن يكون صادرا عن تفكير وبحث ونظر ، ولو نظرنا في آيات القرآن نجد عشرات بل مئات الآيات التي دعت الإنسان إلى النظر في هذا الكون لاستنباط سننه والاهتداء إلى الإيمان بآياته.
فالتدين فطري في المرأة، فهو غريزة من غرائزها وهي بفطرتها تقدس خالقها وهذا التقديس إذا ترك دون نظام ينظمه كان الاضطراب وربما عبادة غير الله .
وهذا النظام لا يضعه الإنسان بنفسه، فحتى تنظم هذه العلاقة بشكل صحيح خال من الفوضى كان لا بد أن يكون هذا النظام من الخالق ، وقد بلغنا به سبحانه وتعالى عن طريق الرسل الذين قاموا بتبليغ الناس دين الله عز وجل .
وكلنا يعلم أن الله قد أرسل سيدنا محمدا _صلى الله عليه وسلم _ للعالمين كافة ليبين لهم شرعة الله ومنهاجه. وبين أيضا علاقة الإنسان بخالقه وعلاقته بنفسه وعلاقته بالآخرين .
فكانت العبادة من ضمن علاقة الإنسان بربه، لذا نجد أن الإسلام جاء بتكاليف شرعية كلف الله بها المرأة كالعبادات والمعاملات والمطعومات والمشروبات والملبوسات.
ولا بد من لفت الانتباه لمسألة هامة ألا وهي أن الإسلام حين جعل على المرأة واجبات وجعل لها حقوقا ، إنما جعلها حقوقا وواجبات تتعلق بمصالحها كما يراها الشارع، ومعالجات لأفعالها باعتبارها فعلا معينا لإنسان معين, فجعل عليها واجبات تشابه واجبات الرجل حين تقتضي طبيعتها الإنسانية جعلها واحدة، وجعلها متنوعة حين تقتضي طبيعة كل منهما هذا التنوع.
فحين تكون الحقوق والواجبات حقوقا وواجبات إنسانية، أي حين تكون التكاليف تكاليف تتعلق بالإنسان كإنسان تجد الوحدة في هذه الحقوق والواجبات، أي تجد الوحدة في التكاليف، فتكون الحقوق والواجبات على كل من المرأة والرجل واحدة لا تختلف ولا تتنوع، أي تكون التكاليف واحدة للرجال والنساء على السواء. ومن هنا تجد الإسلام لم يفرق في دعوة الإنسان إلى الإيمان بين الرجل والمرأة، ولم يفرق في التكليف بحمل الدعوة إلى الإسلام بين الرجل والمرأة.
وجعل التكاليف المتعلقة بالعبادات من صلاة وصوم وحج وزكاة واحدة من حيث التكليف، وجعل الاتصاف بالسجايا التي جاءت بالأحكام الشرعية أخلاقا للرجال والنساء على السواء، وجعل أحكام المعاملات من بيع وإجارة ووكالة وكفالة وغير ذلك من المعاملات المتعلقة بالإنسان واحدة للرجال والنساء، وأوقع العقوبات على مخالفة أحكام الله من حدود وجنايات وتعزير على الرجل والمرأة دون تفريق بينهما باعتبارهما إنسانا، وأوجب التعلم والتعليم على المسلمين، لا فرق بين الرجال والنساء.
وهكذا نرى أن الله سبحانه وتعالى حين شرع الأحكام شرعها متعلقة بالإنسان كإنسان، فكانت التكاليف من هذه الناحية واحدة، وكانت الحقوق والواجبات واحدة, فكانت الآيات والأحاديث التي وردت في مثل هذه الأحكام عامة شاملة للإنسان من حيث أنه إنسان، وللمؤمن من حيث أنه مؤمن.
"فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض "
"من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون"
وحين تكون هذه الحقوق والواجبات، وهذه التكاليف الشرعية تتعلق بطبيعة الأنثى بوصفها أنثى، وبطبيعة مكانها في الجماعة، وموضعها في المجتمع، أو تتعلق بطبيعة الذكر بوصفه ذكرا، وبطبيعة مكانه في الجماعة، وموضعه في المجتمع، تكون هذه الحقوق والواجبات أي هذه التكاليف متنوعة بين الرجل والمرأة، لأنها لا تكون علاجا للإنسان مطلقا، بل تكون علاجا لهذا النوع من الإنسان، الذي له نوع من الطبيعة الإنسانية مختلف عن النوع الآخر، فكان لا بد أن يكون العلاج لهذا النوع من الإنسان، لا للإنسان مطلقا، ولذلك جعلت شهادة امرأتين بشهادة رجل واحد في الأعمال التي تكون في جماعة الرجال، وفي الحياة العامة من مثل شهادتها على الحقوق والمعاملات قال تعالى: " واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى "
وقبلت شهادة النساء وحدهن في الأمور التي تحدث في جماعة النساء فحسب ولا يكون فيها الرجال، كجناية حصلت في حمام النساء، واكتفي بشهادة امرأة واحدة في الأمور التي لا يطلع عليها إلا النساء، كشهادتها في البكارة والثيوبة والرضاعة.
وسنأتي بإذن الله بتفصيل واستفاضة أكثر لتلك الواجبات التي جاءت خاصة بالمرأة دون الرجل بوصفها أنثى وبوضعها بالجماعة والمجتمع ، كاللباس والرعاية وحفظ مال زوجها وعرضه وما إلى ذلك من أحكام جاءت تخص المرأة بوصفها أنثى وبطبيعة مكانها في الجماعة والمجتمع .
وإلى أن نلقاكم في حلقة جديدة الأسبوع القادم بإذن الله مع موضوع قانتات حافظات ، أترككم في رعاية الله وحفظه ، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته