نظرات في سورة الأنعام ج6
- نشر في من القرآن الكريم
- قيم الموضوع
- قراءة: 789 مرات
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين ومن سار على نهجهم إلى يوم الدين، اللهم لك الحمد تباركت وتعاليت يا ذا الجلال والإكرام، حمدا يليق بعظيم شأنك وجلالك، وصلى الله على سيدنا محمد الذي أدى الأمانة كما تحب وترضى يا ربنا
أخوة الإسلام لقد تعبدنا الله سبحانه وتعالى لشريعته وهذا أمر لا شك بحاجة إلى دراية وتعلم، فإن الأمر الشائع بين المسلمين أن العبادة من حيث دومها صلاة وصيام وحج هي المفروضة دون غيرها، والحق أن دين الله سبحانه سياسة واقتصاد وحياة اجتماعية وعبادات وكلها في ميزان الحق سواء، لا يجوز ترك هذه وأخذ تلك، أما الناحية العملية في الموضوع فإن المسلمين عبر العالم عندما يأخذون بالعبادات دون الأعمال، ويضبطون عباداتهم بالأحكام الشرعية دون سائر الأعمال فإن ذلك قد أورثهم الضنك والعيش الصعب في الحياة، نعم إن الكافر وأحكام الكفر الاقتصادية العلمانية ما تركت مجالا للمسلمين للالتزام بالأحكام العملية وإنما مرجوع ذلك لغياب نظامهم عن الحياة وبالتالي لقلة حيلتهم في الوقوف أمام الكفر ومنعه من تطبيق وتنفيذ هذه الأحكام عليهم إذن والحالة هذه كان لا بد من التذكير بل أكثر من التذكير لا بد من الإصرار في التثقيف والانتباه الشديد إلى أن ما يلزم الأمة هو أخذ الدين أخذاً كاملاً بإقامة الخلافة في الأرض وقبل الخلافة ماذا يكون العمل؟ كيف نطبق الأحكام؟ كيف نسير بشريعة الله؟ الأمر لا شك أنه صعب لأن دين الله الإسلام دين ومنهج دولة فلا تنفذ أحكام الشرع بعيدا عن نظام الحياة نظام الخلافة فشريعة الإسلام كل متكامل لذلك كان لا بد من أخذ أحكام الإسلام أخذا كاملاً وكان لا بد من العمل لإيجاد الإسلام في الحياة بشكل كلي وشامل فالإسلام لا يجزئ ولا يقسم ومن هنا كان واجباً على المسلمين أن يتثقفوا في دينهم وأن يركزوا أذهانهم وبالتالي أعمالهم لعبادة ربهم بإيجاد دينه في الحياة وهذا أمر من الناحية العملية وعند جميع الشعوب التي أصبحت دولا كبيرة بل ودولا مبدئية قد عملت مثل ذلك فهي ركزت أمرها وبنت مبدأها ودولها سواء كانت رأسمالية أو اشتراكية فهل نحن بدعا من الناس لا يستقيم لنا الأمر بل إنه سيستقيم فهو بشارة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم حيث قال: «ثم تكون خلافة على منهاج النبوة» ثم إنه أمر الله سبحانه وتعالى: { ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون } [آل عمران/104]
أيها الناس إن هذا أمر جلل عظيم لا بد من الانتباه إليه ولا بد من العمل من أجله فإنه مرضاة الله سبحانه وتعالى منجاة لنا في الدنيا والآخرة عز الدارين أسأل الله سبحانه وتعالى أن ننتبه له وأن نكون من العاملين له إرضاء لله سبحانه
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
أبو عمر
والصلاةُ والسَّلامُ علَى رَسولِ اللهِ وعلى آله وصحبه أجمعين
يتجدَّدُ اللقاءُ الأسبوعيُّ معكُم مُستمعِي إذاعةِ المكتبِ الإعلاميِّ لحزبِ التَّحرير مع نصيحة جديدة للآباءِ والأبناءِ
فحيَّاكُمُ اللهُ معنَا ، وَجزَاكُمُ كلَّ خيرٍ علَى حُضورِكُم وَاستِماعِكُم لنَا .
للوالدين على الأبناء تأثيرٌ لا يمكن إنكارُه أو تجاهلُه خاصة في السنين الأولى لحياة الطفل فهو يتشرب السلوكياتِ والأخلاقَ منهما ،، ومن خلالهما تتكون لديه القيمُ الأربعة : الروحية ، والإنسانية ، والخلقية والمادية . فهما القدوة والنبراس بالنسبة له ،،
وهذه القيم ضرورية حتى ينشأ الأبناء نشأة سوية، و يجب أن تكون موجودة لديهم بشكل متوازن فلا تطغى قيمة على قيمة ولا تمحى قيمة لأجل قيمة اخرى، بل لا بد أن تتحقق في سلوكهم جميعاً ، ويمكن تحقيقها في نفوس أبنائنا كالآتي :
أولاً : القيمة الروحية : تتحقق هذه القيمة في سلوك الأبناء بربطهم منذ الصغر بالعقيدة الإسلامية وتعاليم الشريعة من عبادات ومعاملات وأنظمة وأحكام.
ولو نظرنا إلى الشريعة الإسلامية لرأينا استحباب الأذان والإقامة في أذن الطفل عند الولادة لما روى أبو داود والترمذي عن أبي رافع انه قال: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أذَّن في أذن الحسن بن علي لما ولدته فاطمة ".
وأيضاً تتحقق هذه القيمة بتعليمهم شيئا من الدعاء عند طعامهم وشرابهم وقضاء حاجتهم، وعند استيقاظهم من النوم وأن يعلموا الأطفال البسملة في كل شيء وقبل البدء بأي عمل.
ولا بد أيضاً من تعليمهم شيئاً من القرآن حتى يتمكنوا من أداء الصلاة في سن السابعة لقول الرسول صلى الله عليه وسلم " مروا أبناءكم وهم أبناء سبع بالصلاة واضربوهم عليها وهم أبناء عشر وفرقوا بينهم في المضاجع " .
كما ينبغي للوالدين تعليم الأطفال حب الله وحب نبيه وذلك بذكر مغازي الرسول صلى الله عليه وسلم وصفاته وسيرته، يقول أحد الصحابة كنا نعلم أولادنا مغازي رسول الله كما نعلمهم السورة من القرآن .
ولا ننسى تربية الأولاد على مراقبة الله في أفعالهم وتصرفاتهم والخوف منه وطاعته والبعد عن نواهيه، روي أن معلماً أمر طلابه أن يحضر كل واحد منهم دجاجة وسكيناً، فلما أحضر الطلاب ذلك، قال لهم: أريد أن يذهب كل واحد منكم إلى مكان لا يراه فيه أحد ويذبح دجاجته، فذهب الجميع وذبحوا دجاجاتهم ثم عادوا الى المعلم إلا واحدا، فقال له المعلم: لماذا لم تذبح دجاجتك؟ قال: لأني لم أجد مكاناً لا يراني فيه أحد، فكل مكان أذهب إليه يراني الله فيه، فقال المعلم: أحسنت، هذا هو الدرس الذي أردتكم ان تتعلموه، يجب أن تعرفوا ان الله مطلع عليكم فتراقبونه في السر والعلن.
ثانياً : القيمة الانسانية : لقد أوجد الله في الإنسان غريزة النوع ، وهي خاصية في الإنسان تدفعه للمحافظة على بقاء النوع الإنساني، ومن مظاهر هذه الغريزة عواطف الأبوة والأمومة والبنوة، ولولا هذه العواطف لانقرض الجنس البشري، ولما صبر الوالدان على رعاية أبنائهما، ولما قاما بكفالتهم وتربيتهم والسهر عليهم في مرضهم والنظر في مصالحهم.مقابل هذه العواطف الجياشة التي تحمي الاطفال وتساعدهم في حياتهم، طُلب من الأبناء محبة والديهم ومعرفة حقهم واحترامهم ببرهم وطاعتهم والإحسان اليهم والقيام على خدمتهم ، ولا يقف الأمر عند الاحسان الى الوالدين بل يتعداه إلى الإحسان الى كل من له صلة بهما من صديق أو قريب. ومن القيم الإنسانية أيضا أن تحسن إلى الجيران والأصدقاء والمقربين خاصة والناس عامة وأن تتعاون معهم وتساعد في قضاء حوائجهم، قال صلى الله عليه وسلم" الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه" .
ثالثاً القيمة الخلقية :الأخلاق هي صفة ملازمة للشخص وسجية، ويجب أن يُرَبَّى الأولاد منذ الصغر على الصدق والأمانة والاستقامة والوفاء وتنقية اللسان من السباب والشتائم والكلام البذيء، وأن ينشأوا على الترفع عن الدنايا وكل ما يحط بالمروءة وأن يتعلم الطفل كيف يتحكم في ذاته وفي مشاعره بحيث يفصل بين الإحساس وردة الفعل المباشرة بالتفكير، فاذا سبه أحد او شتمه لا يندفع فوراً إلى الرد عليه والانتقام منه، بل يهدأ ويمسك نفسه ويتحكم فيها ويمنعها من الاسترسال بغضبها، وعلى المربي أيضاً أن يحذر أبناءه من الكذب وينهاهم عنه ويحذرهم عواقبه ويكشف لهم مضاره وأخطاره في الدنيا والآخرة حتى لا يقعوا في حبائل الكذب وينزلقوا في أوحاله. ويجب أن يكون قدوة في ذلك فلا يكذب على أطفاله بحجة إسكاتهم عن البكاء أو ترغيبهم في أمر ما، أو تسكين غضبهم لأنهم يتعلمون منه الكذب ويقلدونه.
رابعاً : القيمة المادية: والتي تشكل النواحي الصحية والجسدية والتعليمية والاقتصادية وإعداد الأبناء للعمل في المستقبل، سواء في المهن الأكاديمية او المهنية، لذا وجب على المربين الاهتمام بهذه الأمور جميعا.
مما سبق نرى أهمية تأثيرالوالدين على تكوين شخصية الأبناء وندعوك أيها الأب وأيتها الأم لتكونوا خير قدوة لهم حتى ينشأوا شخصيات إسلامية سوية ، تستطيع التأثير ايجاباً على غيرها وتكون قادرة على النهضة والرقي بالأمة ،،
نأتي الآن إلى أبنائنا وفلذات أكبادنا وأقول بل أطرح عليهم سؤالاً أريد إجابته منهم :
من قدوتك في الحياة ؟
فعادة ما يتخذ الناس شخصية قدوة لهم في حياتهم. وقد تكون هذه الشخصية مفكراً أو سياسياً، رياضياً أو مغنياً أو شخصية دينية أو نبياً وربما اتخذ البعض آباءهم وأمهاتهم أو معلميهم قدوة لهم في بعض أو جميع نواحي الحياة.
ونرى من الشباب من يقوم بتعليق صور بعض المشاهير في غرفهم بصفتهم قدوة يسعون إلى تقليدها أو الاقتداء بها أو السير على منوالها.
وإن الناظر لأحوال الشباب اليوم يرى الكثير من الظواهر السلبية التي يعيشونها في ظل الغزو الثقافي والفكري الغربي للمجتمعات الإسلامية وفي ظل انبهار الشباب بما يقدمه الغرب ، وفي ظل العصر الذي أصبحت الماديات هي التي تتحكم في مجريات الأمور، في ظل انتشار الفضائيات وما تبثه من برامج مضللة مفسدة ، والثورة المعلوماتية والتقدم التكنولوجي وانتشارالانترنت بلا رقيب ولا حسيب لا من الدولة ولا من البيت ،، في ظل هذا كله نتساءل :
هل انجرف الشباب وراء بريق الحضارة الغربية، وما تحمله من تقدم علمي يجعل تلك الحضارة براقة أمامهم بحيث لا يرون عوارها ؟
هل أصبح صناع الحضارة الغربية هم قدوته؟ أم لا زال متمسكًا بعقيدته وحضارته الإسلامية ؟؟
إن المسلم الواعي صاحب الشخصية الإسلامية المتميزة يجب أن يحسن إختيار قدوته ، فلا ينجرف وراء هذا التيار الخطير ، ولا يتتبع هذا السلوك غير المسئول من بعض الشباب الذين ينظرون إلى الغربيين كقدوة له، أو ينظر إلى أناس لا يستحقون أن يكونوا قدوته، مع العلم بأن عنده ما فيه الكفاية ليكون خير قدوة له :
(لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ).
ولكم أيضًا أسوة في صحابته الكرام فقد تربوا في بيت النبوة وكان معلمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ولكم أيضًا في علماء المسلمين الذين قادوا الإنسانية لفترات طويلة إلى طريق التقدم والازدهار، فيكفي حملهم عقيدة صالحة نافعة لكل زمان ومكان ، نظام صالح لحل جميع مشاكل الحياة وأزماتها ، نظام من عند خالق البشر . وغيرهم الكثير من الصالحين المؤمنين القادرين على التغيير الإيجابي والنهضة بأنفسهم وبغيرهم وبأمتهم ،، بدل هؤلاء الفاسدين الضالين من ممثلين ومغنيين ولاعبي كرة قدم وغيرهم من الفاسدين .
تفكر ابني وتفكري ابنتي في حديث رسولنا العظيم صلى الله عليه وسلم :" اغتنم خمساً قبل خمس: شبابَك قبل هرمك، وصحتَك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغَك قبل شغلك، وحياتَك قبل موتك "
انظر إلى وقتك وفراغك كيف تقضيه ؟إلى عمرك فيم تفنيه ؟ إلى مالك كيف تنفقه ؟ إلى شبابك وكيف تقضيه وهل تستغله فيما يرضي الله تعالى أو فيما يغضبه ؟ اجعل مخافة الله نصب عينيك وتقواه محركك وموجهك في كل سلوكياتك.حتى تنال الفلاح في الدنيا والآخرة بإذن الله تعالى .
هَذهِ نصَائِحُنَا لِهَذا اليومِ لآبائِنَا وأبنَائِنا الأعزَّاءِ ، وإلى أنْ نلقَاكُم فِي حَلْقةٍ أخرى جديدةٍ مُتجَدِّدةٍ بإذنِ اللهِ معَ موضوعِ نصائح للآباء والأبناء نتركُكُم فِي رِعايةِ اللهِ وحِفظهِ ،
والسَّلامُ عليكُم ورحْمةُ اللهِ تعالَى وبَركاتُهُ
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير الخلق أجمعين سيدنا محمد المبعوث هدى ورحمة للعالمين وبعد،
يقول صلى الله عليه وسلم: «مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقاً ولم نؤذ من فوقنا! فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعاً وإن يأخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعاً.
أيها المسلمون: هذا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم يبين فيه صلى الله عليه وسلم القائم على حدود الله، المنفذ لشرع الله الحارس الأمين له، والواقع في حدود الله، في محارم الله الذي لا يهمه الشأن العام بقدر ما يهتم بنفسه، وكأن أمر السفينة بيده وان الناس الذين فيها لا علاقة لهم بما يفعلون أو يمكرون.
فالقائم على حدود الله، هو الذي يلتزم بأوامر الله ينتهي عما ينهى الله عنه هذا الذي كان نصيبه في أعلى السفينة.
أما الواقع في حدود الله، هو من لا يهمه محارم الله ولا يلتزم بأحكام الله يهمه الشأن الخاص أكثر من اهتمامه بالشأن العام يرغب في التفرد والأنانية.
ومعنى استهموا، أي اقترعوا بينهم في تقسيم أماكن لهم في السفينة، وبهذا الاقتراع كان القائمون على حدود الله في أعلى السفينة، وأما الواقعون في حدود الله كانوا في أسفلها، هؤلاء المنتهكون لحرمات الله المخالفون لأحكام الله.
أيها المسلمون: بطبيعة الاقتراع كان قيادة السفينة لمن هم في أعلاها، أي الملتزمين بأحكام الله والقائمين على حدود الله تعالى، والمشكلة فكانت تكمن في إيذاء الأسفلين من هم أسفل السفينة وذلك عند مرورهم من فوق من هم في أعلى السفينة.
فقال الأسفلون: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقاً واسترحنا ممن هم فوقنا فلم نؤذهم ولم نسمع ما يؤذينا منهم عند حصولنا على الماء من فوقنا فلا نؤذيهم فكان رأي الأسفلين هو خرق السفينة من أسفلها مهما كانت النتائج من غرق أو خراب ثم موت محقق لجميع ركاب السفينة.
أيها المسلمون: هذه فتنة حصلت بين ركاب سفينة التي تمخر عباب البحر، حيث الأمواج المتلاطمة والعواصف الهائجة والأسماك العادية.
فما الحل؟ والوقت لا يستدعي إلى جدال ونقاش، ولا يحتاج إلى وعظ ولا نصح ولا موقف ولا وقت تنازع وتخاصم، وأحد الفريقين يرى أن يحفر في قاع السفينة، الذي فيه الموت المحقق.
أيها المسلمون الصمت والسكوت على فعل من هم أسفل السفينة، قتل لركاب السفينة جميعهم والوقوف على الحياد رضى يؤدي إلى هلاك الجميع، وهذا الصمت أو الجدال أو الوقوف على الحياد سيؤدي إلى إهمال قيادة السفينة وتوجيهها إلى حيث الأمان، لانشغال الجميع في المناقشة والمهاترة والمنازعة، وهذا يؤدي إلى ارتطامها وتحطيمها.
السكوت سيؤدي إلى حفر الخرق في قاع السفينة فتفرق ويهلك الجميع.
والعلاج الصحيح ما ذكره رسولنا الكريم في قضايا الحديث هو أن يأخذوا على أيدي من هم في أسفل السفينة ويمنعوهم من فعلهم مهما كانت التكاليف والتضحيات، ومهما عظمت، ففيها حياة الجميع، فيها النجاة وفيها سلامة السفينة.
العلاج أيها المسلمون هو الأخذ على أيدي هؤلاء العابثين المفسدين المستبدين، الضرب على أيديهم، والحيلولة دون تنفيذ عبثهم ورأيهم الفاسد الذي في تنفيذه الموت والدمار والخراب.
أيها المسلمون: المسلمون اليوم يبحرون في مراكب شتى تتقاذفها الأمواج، أمواج الحقد والعداوة للإسلام والمسلمين، تتقاذفها أعاصير التآمر والدسائس والتجسس، وتعصف بهم أعاصير القمع والتنكيل والاحتلال والخيانة، وتشب في ديارهم نيران الحروب التي تهدم وتخرب وتقتل بأيدي الواقفين في حدود الله من ربان المراكب وإخوانهم المنافقين والمأجورين، أي الساكتون عن الظلم، وعلماء السوء الذي يخرقون خروقاً في سفينة المسلمين بالتضليل والتحريف والتزييف.
أيها المسلمون: هذه المآسي التي تهب عاصفة في بلاد المسلمين، فاحتلال العراق وأفغانستان وفلسطين لا يطفئ لهيبها إلا سلطان المسلمين المغيب عن الساح، والذي ينتظر من المسلمين أن يقفوا صفاً واحداً ويعملوا يداً واحدة قائمين على حدود الله ملتزمين بشرع الله لاستئناف الحياة الإسلامية بعودة دولة الإسلام دولة الإسلام دولة الخلافة الراشدة وسلطان الإسلام الذي يضرب على أيدي هؤلاء المقامرين والمتآمرين على أرواح المسلمين ومكتسبات المسلمين ومقدسات المسلمين وخيرات المسلمين.
اللهم وقد استبد الظالمون والمنافقون، واستفحل خطبهم وشرهم في الأرض وبغو على المسلمين فهب لنل النصر والتمكين فأعزنا بالنصر والتمكين بخلافة راشدة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أبو أيمن
الحمد لله الذي فـتح أبواب الجـنـان لعباده الصائمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسـلين، المبعوث رحمة للعالمين، وآله وصحبه الطيـبين الطـاهرين، ومن تبـعه وسار على دربه، واهتدى بهديه واستـن بسنــته، ودعا بدعوته إلى يوم الدين، أمـا بعد:
قال الله تعالى في محكـم كتابه، وهو أصدق القائلين: (قالت إن المـلوك إذا دخـلـوا قـرية أفسدوها، وجعـلـوا أعـزة أهـلها أذلة، وكذلك يفعـلون).
وروى مسلم في صحيحه عن أم سـلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ستكون أمراء، فـتـعرفـون وتـنكرون، فمن كـره برئ، ومن أنكـر سلم، ولكن من رضي وتـابع".
إخــوة الإيمـان: حديثــنـا عن الحكـام في هذه الأيـام، ليس موجها إليهـم، بـل هو موجه إليكم أنتـم؛ لأنــكـم كما أخبر عنكـم نـبـيـكـم، فـيكـم الخـير كــل الخـير، قال عليه الصلاة والسلام: "الخير في وفي أمتي إلى يوم القيامة". ولأنــكـم أنتـم رواد بيوت الله، وعمار المساجد الذين امتدحكـم الله بقوله: (إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر، وأقام الصلاة، وآتى الزكاة، ولـم يخـش إلا الله، فـعسى أولئك أن يكـونوا من المهتدين). ولأنكـم أنتـم أمل الأمة في الخـلاص، وأنتـم عـدة التـغيير للأحسن والأفـضـل، فأنتـم المعنـيون بـقوله تعالى: (إن الله لا يغير ما بقـوم حتى يغـيروا ما بأنفـسهم). فأنتـم والله وبخاصة أهل القوة والمنـعة منكـم، القادرون على التـغيير على هؤلاء الحكـام، إن شحذتـم الهمم، وملـكــتـم الإرادة القوية والعزم والتـصميم على إقامة الخلافـة التي تـجمع شمـل المسلمين، وتـوحد صـفـهم، يـقاتـل بهـم خــليفتـهم عدوهم، ويـقيهـم ويحمي ظـهورهم، ويحرر بلادهم من رجس الكافـرين.
إخــوة الإيمـان: لقـد أسـقـطــنـا هؤلاء الحـكـام من تـوجيه الخطـاب لـهم؛ لأنـهم لا يسـتـحيون من الله، ولا من عباد الله، لا يهابهم عدو، ولا يحتـرمهم صديق، هانـوا على أنفـسهم قـبل أن يهونوا على عدوهم.
لقـد أسقـطــنـا هؤلاء الحـكـام من تـوجيه الخطـاب لـهم؛ لأنــنـا ندرك أنـهم لا يساوون شروى نـقـير، ولا يحفـظـون عبادا، ولا يحمون بلادا، بـل أباحوا للكفـار المستـعمرين مقدرات البلاد، وثرواتها وأجواءها وأراضيها ومياهها، ينـطـلـقـون منها لاحتلال بلاد المسلمين.
إخــوة الإيمـان: لقـد كشف الله هؤلاء الحكـام على حقـيقـتهم، واعـتـرفـوا هم بخيانـتـهم وعمالـتهم للكـفـار، جهارا نـهارا، على الملأ، وعلى رؤوس الأشهاد، إن لم يـنطقـوا بألسنـتـهم، نـطـقـت بذلك أفعالـهم، حتى صار لا يختـلف اثنان في طـول البلاد وعرضها على أن هؤلاء الحكـام قد أدخلـوا علينا، ليخـضعونـا لسلطان الكفـار!
أدخلـوا عـلينا، ليعملـوا وفق برنـامج خـبيث، ومخـطـط طويل المدى، يهدف إلى نـسـف الإسلام ، وتمييعه واقتلاعه مظهرا وجوهرا!
أدخلـوا عـلينا، وبأيديهم خنـجر الكــفر غـرسوه في قـلب عـقيدتنـا، حين بدلـوا حكم الله وشريعته، فصاروا يحـكـمونـنـا بشريعة الكـفـر وأنـظمة الكــفر!
أدخلـوا عـلينا، وهم يحملـون لنـا السم الزعاف!
أدخلـوا عـلينا، لنـحر الإسلام في نــفـوسنـا، هذا الإسلام الذي فيه وحدتـنـا، وقـوتـنـا، وعزتـنـا، وصلاحنـا!
أدخلـوا عـلينا، ومعهم إتـفـاقـيـة {سايكس بـيكـو} مزقـوا بها وحدة أراضينـا؛ ليسهـل على الكـفـار السيطـرة علينـا، والتــفـرد بخـيراتنا!
أدخلـوا عـلينا، فـأحلـوا لنـا كــل ما حرم الله، أحلـوا الربـا والخمر، وشجعوا الفاحشـة والانحلال والاختلاط، ورسخوا مفاهيم الكــفر وأحـكامه وأنظمتـه، كالوطنية والديمـقراطية!
أدخلـوا عـلينا، فـأفسدوا مناهج التـعليم، وسلـطـوا علينـا إعلاما إباحيا منحلا، وبرامج خـبيثة تهدف إلى انحراف وانحلال الشباب!
أدخلـوا عـلينا، ومعهم كــل قـاذورات الغـرب، ومفـاسده الفكـرية والسـلوكية!
أدخلـوا عـلينا، فـبرمجوا أبناءنـا، وأجهزتنـا الأمنية للأسف؛ لتكـون سيفا مسـلـطا على رقـاب المخلصين تـطـاردهم وتـسجنـهم وتــقـتـلـهم، وإن لزم الأمر تـقـصفـهم بالراجـمات والطـائرات، كما حدث في كثير من بـلاد المسلمين!
أدخلـوا عـلينا، فـجعلـوا جيوش المسلمين حراسا يحرسون الحدود مع يهود، فكـم من مجاهد مخلص قـتـلـه رصاص النـظام، سواء على الحدود الأردنية أو المصرية أو السورية!
أدخلـوا عـلينا، فجعلـوا أعـزة أهــلنـا أذلـة، فـزجوا بـهم في غـياهب السجون!
أدخلـوا عـلينا، فـجلـبوا لنـا الذل والمهانـة ، والفـقـر والعار، والذبح والقـتـل، ولا نرى ذلك إلا في بـلاد المسلمين، فالحرب في كــل العالـم معـلـنـة على الإسلام والمسلمين، وهؤلاء الحكـام هم النـير الذي يطـوق أعنـاقـنـا، ويـقـيــد أيدينـا، فيمـنـعنـا من نصرة إخوانـنـا الذين يستـنجدون ويستغـيثـون بنـا!
إخــوة الإيمـان: هذا غـيض من فـيض مما يـفعلـه حكـام المسلمين، وهذه هي حقيقة مواقفهم وخيانـاتهم ومؤامراتهم وجرائمهم التي لم تـعد تـخـفـى على أحد من أبنـاء الأمة، فإلى متى الصمت والسكوت يا عباد الله، وحصادة الكــفر تـحصدنـا وتـطحنـنـا جزءا جزءا!
فالى العمل مع العاملين المخلصين، الذين يعملـون جادين لإعادة الخلافـة، والحـكم بما أنزل الله؛ كي تكـونـوا من الفـائزين برضوان الله تعالى في الدنيا والآخرة.
وختامـــا إخوة الإيمان: نسأل الله عز وجل، في هذا اليوم المبارك من أيام شهر رمضان الفضيل، أن يقر أعيننا بقيام دولة الخلافة، وأن يجعلنا من جنودها الأوفياء المخلصين. إنه سبحانه ولي ذلك والقادر عليه، والسلام عليكـم ورحمة الله تعالى وبركاته.
أبو إبراهيم
قال تعالى : { فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً} . وقال : { وَأَنِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعاً حَسَناً إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ } .
وقال عليه وآله الصلاة والسلام : " من أكثر منَ الاستغفارِ جعلَ اللهُ لهُ منْ كلِّ همٍّ فَرَجاً ، ومن كلِّ ضيقٍ مخرجاً " .
وقال في الحديث الذي في البخاري : " اللهمَّ أنت ربي لا إلهَ إلا أنت ، خلقتني وأنا عبدُك ، وأنا على عهدِك ووعدِك ما استطعتُ ، أعوذُ بك من شرِّ ما صنعتُ ، أبوءُ لكَ بنعمتِك عليَّ ، وأبوءُ بذنبي فاغفِرْ لي ، فإنهُ لا يغفرُ الذنوب إلا أنت".
إعداد أبي دجانة