الحق اليقين- سورة الفاتحة الآيات 4 و 5
- نشر في من القرآن الكريم
- قيم الموضوع
- قراءة: 952 مرات
لقد بينا في الإضاءة السابقة أن الدولة الأموية تركت بصماتها على تاريخ المسلمين، بل وعلى تاريخ العالم أجمع، وقد تعاقب على حكمها عدد من الخلفاء العظام، الذين ولوا رجالا عظاما، كولاة وقادة للجند، وإنه رغم فترة حكمها القصيرة نسبياً، فقد أظهر رجالاتها العظام، مقدرة فائقة على الحكم، سنبين في هذه الإضاءة بعض إبداع بعض الخلفاء في حسن سياستهم للرعية، مما يجعلنا نؤكد أنهم كانوا يتمتعون بعقليات فذة في الحكم، فهذا معاوية بن أبي سفيان مثلاً، والذي ساس الرعية سياسة رائعة، لا تزال مضرب الأمثال، فقد كان بارعاً في استمالة الخصوم، ومعرفة الرجال، وكيفية قيادة الجماعات، اسمعوا قوله المشهور: (والله لو كان بيني وبين الناس شعرة ما قطعتها فإن أرخوها شددتها وإن شدوها أرخيتها) لقد أصبحت شعرة معاوية مضرب المثل للسياسيين في كل عصر فأي خبرة أعظم من هذه الخبرة في قيادة الجماعات كما استطاع رغم شدة الخصوم من استمالة أشد خصومه، فاستمالة رجل كالأحنف بن قيس وابن الزبير وعقيل بن أبي طالب وغيرهم تنبئ عن حلم وعلم وحزم وبراعة في استمالة الخصوم فسعة الصدر والعفو عن الخصوم وسعة الحيلة والحزم حيث ينفع الحزم والعفو حيث يقتضي العفو كل هذا لا بد منه فيمن يتصدى لقيادة الأمة.
أما موقفه مع الروم حتى قبل أن يتولى الخلافة فحدث عنه ولا حرج وملخصه لما انشغل المسلمون عن الجهاد ضد الروم بسبب انشغالهم بالفتن الداخلية طلب الروم من معاوية وكان واليا على الشام جزية ثمن سكوتهم عن مهاجمة الثغور فكتب معاوية للإمبراطور كتاب تهديد قائلا: إنني أرفض طلبك والله لو حركت ساكنا وهاجمت الثغور لأصالحن ابن عمي ولأتولين قيادة جيش تحت أمرته ولأخلعنك عن كرسيك الذي تجلس عليه فأدرك حاكم الروم تصميم معاوية وأقلع عن طلباته وتهديداته، فقارنوا أيها السادة هذا الموقف الحازم بمواقف حكام المسلمين في الوقت الحاضر، ممن ابتلينا بهم، وكيف باعوا البلاد والعباد وباعوا كرامتنا، وكرامتهم، واستنجدوا بالكافر المستعمر ليحميهم من بعض الأخطار التي تصوروا أنها محيطة بهم لقد استعانوا بالكافر المستعمر على بني دينهم وقومهم وكأنه لم يحذرنا رسول الله أشد تحذير من الاستنصار بالكافر بقوله عليه الصلاة والسلام (لاتستضيئوا بنار المشركين)، وكأنهم ما قرأوا الآيات الكريمة في سورة المائدة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ) (المائدة:51-52) فانظروا أيها المسلمون، النتيجة الفظيعة التي أوصلنا إياها هؤلاء الحكام الجبناء الظلمة فهل رضخ معاوية لطلب لإمبراطور الروم وكان في أمس الحاجة إليه لمساعدته أو شراء سكوته؟.
صحيح أن معاوية جعل الحكم في بني أمية في سابقة لم يألفها المسلمون ولكنه ومع ذلك ظل يحكم بالإسلام وظل يدير الدولة إدارة رائعة فينظم البريد على أحسن ما كان في ذلك الوقت وينشر الأمن والأمان في ربوع الدولة الإسلامية المترامية الأطراف.
أما مروان بن الحكم فرغم قصر مدة حكمه التي كانت أقل من عدد أصابع اليد الواحدة غير أنه أعاد للدولة ولايات خرجت عنها بفضل حزمه وعزمه أعاد الأمور إلى نصابها بالنسبة للأمويين وقد مهد لعمله هذا لولده عبد الملك أن يوحد الدولة ويعيد جميع الولايات التي خرجت عن طاعة الدولة الأموية كما أنه واجه المشاكل مواجهة الرجال فقد استطاع مثلا أن يحبط مخطط الإمبراطورية البيزنطية الذي كان يراد منه تحطيم اقتصاد الدولة الإسلامية بصك دينار ذهبي رومي مغشوش وجعله متداولا في الدولة الإسلامية فنهض عبد الملك بكل همة وجمع الدنانير المغشوشة وأمر بصك دينار إسلامي وذلك ليرفع بعمله هذا تبعيته الاقتصادية للروم كما أنه عرب الدواوين ليستغني أيضاً عن تحكم بعض أهل الكتاب من أهل الذمة بدواوين الدولة، قارنوا أيها السادة إن شئتم بين موقف عبد الملك وضربه الدينار الذهبي الإسلامي وبين بعض حكام المسلمين الذين يتربعوا على كنوز سليمان، والذين لديهم من الثروات لو أحسنوا استخدامها لجعلوا المسلمين سادة العالم اقتصادا، انظروا كيف يتركون عملاتهم تتهاوى تبعا لتهاوي الدولار وكم يخسرون من البلايين والبلايين من الدولارات شهريا أو كل عام وكأن هذا المال ليس لأبناء الأمة يخسرون كل هذا لجبنهم وهلعهم من الكافر المستعمر رغم أن هناك دولاً وشعوبا أقل منهم شأنا في كل شيء استطاعت أن تتخذ قرارات تحفظ عليها سيادتها وتمنع بها المستعمر من التدخل في شئونها.
أما عمر بن عبد العزيز فقد علم الدنيا كيف يكون العدل، وكيف تساس الرعايا وكيف تكون العفة عن أموال الدولة وأموال الرعية، اقرأوا إن شئتم رسالته لأحد الولاة الذي تردد في وضع الضرائب غير الشرعية عن كاهل الرعية، خوفاً من تقليل واردات بيت المال إذ كتب له رضي الله عنه "إن محمدا بعث هاديا لا جابيا" أيها الرأسماليون في الكرة الأرضية يا عملاء الرأسماليين يا من تحكمون المسلمين في العصر الحاضر أهكذا تسوسون رعاياكم؟ ماذا أبقيتم لرعاياكم إلا الفقر والذل والهوان والاستجداء والنفاق عودوا إلى رشدكم واتركوا غيكم وضلالكم فبل أن تحاسبكم أمتكم في الدنيا الحساب الذي تستحقون وقبل أن تحاسبون في الآخرة حيث لا ينفع مال ولا بنون.
يا حكام الدنيا اقرأوا عن عمر بن عبد العزيز ماذا رد على أحد الولاة في الدولة الإسلامية عندما أبلغه أن الزكاة لا تجد فقيرا أو مسكينا أو غارما يأخذها فماذا أجابه ابن عبد العزيز قال له: أنفقها في باقي الأصناف الأخرى أنفقها في الجهاد وفي تحرير الرقاب من الرق تمعنوا أيها السادة في هذه السياسة ولاية واسعة تتمتع بالخير والأمن والاكتفاء في نفقاتها وأمورها الاقتصادية لا تجد فيها فقيرا أو مسكينا بل لا تجد فيها من يكذب ليأخذ من مال الزكاة وهو لا يستحقه فأية عفة هذه وأي نقاء كان هذا النقاء وأية أمانة تلبس بها من كانت بيده أموال المسلمين، كيف نضع هذا الموقف وما هو عليه المسلمون في الوقت الحاضر في عصر التكنولوجيا والعصر الصناعي وفي بلادهم من الكنوز ما لا يحصيها إلا الله ومع ذلك تجد أكثر من نصف المسلمين فقراء يستحقون أخذ الزكاة.
هكذا كانت سياسته في رعيته أما علاقته وسياسته مع الكفار فموقف مدينة سمرقند يدمغ كل حاكم ظالم وكل حاكم لا يحكم بشرع الله فمدينة سمرقند دخلها الجيش الإسلامي قبل حكم عمر بن عبد العزيز عنوة دون أن يعرض المسلمون على أهلها اعتناق الإسلام أو دفع الجزية أو القتال، يشكل أهل سمرقند وفداً يصل دمشق، يشكو قائد جند المسلمين والجيش الإسلامي في سمرقند فكتب معهم رسالة لوالي وقائد جند سمرقند يطلب منهم التقاضي عند القاضي (فلان) يجلس وفد سمرقند خصماً لوالي وقائد جند سمرقند ويستمع القاضي لحجة المتخاصمين فيحكم لأهل سمرقند ويطلب من الجيش الإسلامي الخروج من سمرقند يتأهب الجيش للخروج امتثالا للحكم فيهرع وفد سمرقند وأهالي سمرقند إلى الوالي وقائد جند المسلمين يعلنون الإسلام ويطالبون المسلمين بالبقاء في سمرقند، إن هذا الموقف النبيل أيها السادة جعل سمرقند وما حولها بل وبلاد أواسط آسيا قلعة من قلاع الإسلام إذ ظلت هذه المنطقة محافظة على دينها رغم شدة الخطوب والزعازع التي ألمت بهذه المنطقة وقد ظهر ذلك بوضوح بعد انهيار الحكم الشيوعي، الذي كان يحارب الإسلام، كيف عادت المنطقة إلى دينها تعيد بناء وافتتاح مساجدها وحمل دينها.
ألا فاليعلم العالم أجمع أن المسلمين أمة وسط شهيدة على الناس والرسول شهيد عليها، إن المسلمين في تاريخهم كله كانوا رحمة للعالمين فلسنا كالغرب الكافر فماذا فعل الغرب الكافر في فلسطين والعراق وأفغانستان وغيرها من بلاد المسلمين، وكيف كان قضاؤهم إذا اعتدى احد جنودهم أو جيوشهم على من يحتلونهم وهم عزل من السلاح هل رفعوا ضيما، أو حققوا عدلا،ً إنهم يسجلون القضية ضد مجهول، أو يتهمون فاعلها بأنه يعاني من لوثة عقلية، إن أحكامهم كلها تدعو للسخرية والضحك فنحن قوم على مدار تاريخنا كله إذا سالمنا التزمنا بعهودنا وإذا حاربنا تقيدنا بأحكام ديننا.
وإليكم هذه الإضاءة الرائعة:
بعد توليه الخلافة قرر أن يسكن الفتن بل ويقضي عليها بالعدل وعليه فلا بد أن يعطى كل ذي حق حقه فجاءه وفد من الشيعة ووفد آخر من الخوارج وناقشوه في أمور الحكم فبينوا له مثلا أنه لم يتول الخلافة بالبيعة فأقرهم على قولهم، ثم خلع نفسه، وطلب من أهل الحل والعقد أن يبايعوا خليفة غيره عن رضا واختيار فلما فعل ذلك فزع إليه أهل الحل والعقد وحتى الشيعة والخوارج وبايعوه بالخلافة كذلك طالبوه برد الحقوق والأموال التي اغتصبها بنو أمية من بيت المال وأول من بدأ بزوجته فخيرها بين أن تضع مجوهراتها وكل ما كانت تملكه بغير حق في بيت المال أو يطلقها ويبقي لها أموالها فاختارت رحمها الله عمر زوجا وتخلت عن كل مجوهراتها كذلك فعل بقرابته إذ أعاد الأموال والضياع لأصحابها، ولبيت المال ثم جرى حوار بينه وبين أحد الخوارج إذ قال الخارجي ماذا تقول في معاوية، قال عمر رضي الله عنه: أقول إنه عَمِل عَمَل سوءًا وعَمِل عَمَل خير وهو بين يدي الله سبحانه سيحاسبه على أعماله فإن رجحت حسناته على سيئاته أدخله الله الجنة وإن كان غير ذلك دخل النار. فقال له الخارجي لقد اقترف معاوية آثاماً كثيرة فلماذا لا تلعنه فقال له: يا هذا أيهم أشد بعداً عن الحق معاوية أم فرعون قال الخارجي: فرعون، قال عمر: نشدتك الله هل تلعن فرعون كل يوم قال الخارجي لا قال عمر: فلماذا تطالبني بلعن معاوية وأنت لا تلعن من هو أشد بعدًا عن الله من معاوية؟ فسكت الخارجي. بل ويقول التاريخ أن الشيعة والخوارج قالوا لأنفسهم ولبعضهم لم يترك هذا لنا عذرا في شق عصا الطاعة، كل هذا حدث أيها السادة في خلافته القصيرة، بل وإن عدداً من ملوك السند دخلوا في الإسلام بعد مراسلته لهم رضي الله عنه.
وكلمة أخيرة لم يحكموننا في الوقت الحاضر اقرأوا سيره هذا الخليفة العظيم وتعلموا منه كيف تساس الرعية وثقوا أن أمتنا عظيمة فإن أخلصتم لها كان إخلاصها لكم عجبا، ضعوا أيديكم في أيدي أمتكم وسوسوها بالإسلام لتروا بعدها كيف ستفديكم الأمة بأرواحها وبأغلى ما تملك إلا فاعلموا ألا عزة إلا بالإسلام ولا عدل إلا بالإسلام ولن يعود الإسلام لمعترك الحياة إلا بعد إقامة دولة الخلافة فالنعمل يداً واحدة لإقامتها وثقوا أن نصر الله قريب (وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ)(الحج: من الآية40)
فاللهم عجل بالفرج واجعلنا ممن يعمل لإقامتها، لننال عز الدارين: الدنيا والآخرة وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أبو بكر
وبه نستعين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
نص المادة 156:
(تضمن الدولة نفقة من لا مال عنده، ولا عمل له، ولا يوجد من تجب عليه نفقته وتتولى إيواء العجزة وذوي العاهات.)
تبين هذه المادة أيها الإخوة أن الدولة هي الخليفة، والخليفة هو الدولة، فهو راع ومسؤول عن الرعية، قال صلى الله عليه وسلم: ((الإمام راع وهو مسؤول عن رعيته))، فإذا قصر الخليفة في شأن من شؤون الرعية فعليها أن تحاسبه، يقول تعالى: (ولتكن منكم أمة يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون)، فالرعية لابد أن يكون فيهم الفقير والمسكين وابن السبيل، أي من لا مال عنده، فالضامن لكل هؤلاء وغيرهم هو خليفة المسلمين، فضمانته لهم بأن يتقصى أحوالهم، ويعرف أخبارهم، ويعطيهم من بيت المال ما يستحقون، وعلى المسلمين من أفراد الرعية أن يحاسبوا الحاكم للتغيير عليه إن قصر في ذلك، ويكونون آثمين إذا رضوا بأعمال الحاكم التي تنكر عليه وتابعوه عليها، هذا بالنسبة لمن لا مال عنده.
أما بالنسبة لمن لا عمل له فعلى الدولة أن توجد له عمل، ففي الحديث الذي رواه أنس بن مالك رضي الله عنه، أن رجلا من الأنصار جاء الى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله، فقال: (لك في بيتك شيء) قال بلى، حلس نلبس بعضه ونبسط بعضه، وقدح نشرب فيه الماء، قال: (ائتني بهما)، قال: فأتاه بهما، فأخذهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده، ثم قال: (من يشتري هذين؟)، فقال: رجل أنا آخذهما بدرهم، (قال من يزيد على درهم)، مرتين أو ثلاثا، قال رجل آخذهما بدرهمين: فأعطاهما إياه، وأخذ الدرهمين فأعطاهما الأنصاري وقال: (اشتر بأحدهما طعاما فانبذه الى أهلك، واشتر بالآخر قدوما فأتني به)، ففعل، فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فشد فيه عودا بيده وقال: (اذهب فاحتطب ولا أراك خمسة عشر يوما)، فجعل يحتطب ويبيع، فجاء وقد اصاب عشرة دراهم، فقال اشتر ببعضها طعاما وببعضها ثوبا) ثم قال: (هذا خير لك من أن تجيء والمسألة نكتة في وجهك يوم القيامة، إن المسألة لا تصلح إلا لذي فقر مدقع، أو لذي غرم مفظع أو دم موجع).
إن مباشرة الرسول صلى الله عليه وسلم كرئيس للدولة لهذه العملية، يعني أن إيجاد عمل للعاطل عن العمل واجب على الخليفة، فهذا العاجز حكما عن كسب عيشه بيده لعدم توفر العمل له، أو لعدم توفر المال الذي به يتمكن من ايجاد عمل له، فعلى الخليفة أن يوفر له المال الكافي الذي يمكنه من العمل.
أما العجزة فعلاً، أي الذين لا يقدرون على العمل، فعلى الدولة أن تتولى شؤونهم، وتوفر لهم المسكن والملبس والمطعم، وتوفر لهم بعض الحاجات الكمالية، وتوفر لهم من يرعى شؤونهم من موظفين مختصين بأصحاب العاهات والمرضى، وتوفر لهم ما يساعدهم على قضاء حوائجهم، مثل المستشفيات المتخصصة والأجهزة الطبية، ومن يتولى الرعاية الصحية لهم، مثل الأطباء المتخصصين والممرضين، وأن تعمل على تعليمهم بعض الحرف التي تناسبهم، فقد ثبت أن كثيرا ممن عندهم العاهات، أبدعوا في مجالات كثيرة، فالدولة هي المسؤولة عن هؤلاء لأنهم من الضياع الذين ذكروا في الحديث الشريف، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من مؤمن إلا وأنا أولى الناس به في الدنيا والآخرة، اقرءوا إن شئتم (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم)، فأيما مؤمن ترك مالا فليرثه عصبته من كانوا فإن ترك دينا أو ضياعا فليأتني فأنا مولاه .
والضياع هم الفقراء وكل عاجز وكل ذي عاهة.
وكذلك ما جاء في الحديث الشريف((من ترك مالا فلورثته ومن ترك كلاً فإلينا)) والكل هو الضعيف، وهو يشمل الفقير، ويشمل العاجز، ويشمل ذوي العاهات. فقوله((ومن ترك كلا فإلينا)) أي على الدولة واجب رعايتهم.
والى حلقه قادمة ومادة اخرى من مواد النظام الاقتصادي في الإسلام، نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أبو الصادق
يلاحظ أن الوضع السياسي في تركستان الغربية (آسيا الوسطى: قرغيزستان، أوزبكستان، طاجاكستان، كازاخستان، تركمنستان)، هو وضع متقلب، فتارة نجد هذا الحاكم تحت عباءة روسيا وبعد حين نجده انتقل يسعى نحو أمريكا... وهكذا، فهل يمكن توضيح الوضع السياسي الحالي في تلك الجمهوريات ؟ وجزاك الله خيرا.
ما الذي حمل إيران على تغيير موقفها من تخصيب اليورانيوم؟ لقد كانت طوال سنوات تصر على أن يكون التخصيب في إيران وليس في بلد خارجي، ولكنها اليوم بعد اجتماع جنيف، وبخاصة الاجتماع الثنائي الأمريكي الإيراني على هامش اجتماع جنيف، صرح مسئولوها بموافقتهم على ما رفضوه من قبل ؟ نرجو توضيح هذا الأمر؟ وجزاكم الله خيرا.
منذ أن قام الكافر المستعمر وبمعاونة وتنفيذ حكام الدول العربية دول إسرائيل كيانا ً غريبا ً وورما ً سرطانيا ً في فلسطين الأرض المباركة مسرى الرسول - صلى الله عليه وسلم- ومعراجه إلى السماء، واليهود يتطلعون بشوق كبير للحصول على القدس واحتلالها وضمها إلى دويلتهم المصطنعة، وقد عملوا على تحقيق ذلك جادين وكانوا مستعدين للتضحية بالغالي والرخيص وبآلاف الجنود لتحقيق هذا الحلم- حلم الاستحواذ على القدس بما فيها من مقدسات إلى أن تحقق لهم هذا الحلم وتم تسليم القدس ومن ورائها الضفة الغربية بدون قتال أو خسارة تذكر.
ومنذ أن دخل الجيش الإسرائيلي القدس ودخلتها بعده الإدارة المدنية وهم يعملون على تهويد القدس وطمس معالمها الإسلامية، وأصدروا قانونا ً أعلنوا بموجبه ضم القدس رسميا ً إلى دويلتهم التي تحميها جيوش الدول العربية المحيطة بها، وبذلك أصبحت القدس في عرفهم ليست أرضا ً محتلة وإنما هي أرض إسرائيلية حسب زعمهم.
وتمت مفاوضات عديدة حول القدس وقد تولى ملفها بعد أوسلو المدعو محمود عباس (أبو مازن) وأصدر مع بيلين وثيقة عرفت بوثيقة عباس - بيلين تنازل فيها محمود عباس عن القدس كاملة لليهود ورضي أن تستبدل بقرية أبي ديس شرقي القدس لتحل محل القدس ويصبح اسمها " قُدس" وتبقى القدس " أورشليم" وغير ذلك من الأسماء.
لقد قامت إسرائيل بأعمال كثيرة حول المسجد الأقصى المبارك أولى القبلتين وثالث الحرمين، وتم حفر أنفاق كثيرة تحت المسجد الأقصى وفي ساحاته المحيطة به ولا تزال الحفريات قائمة على قدم وساق حتى يتم يهود مخططهم الذي ينفذون؟
أما العملاء حكام الدول العربية فلم يحركوا ساكنا ً ولم يردوا ردا ً رادعا ً على ما يقوم به اليهود، فكل الذي قاموا به هو أنهم أنشأوا لجنة اسمها لجنة الأقصى تولى رئاستها العميل العريق الحسن الثاني ملك المغرب.. أستغفر الله بل جزار المغرب.
لم تعمل هذه اللجنة شيئا ً للقدس ولا للأقصى وكان ولا يزال كل الذي يصدر عن هذه اللجنة هو الاستنكار والشجب ولفت نظر هيئات الأمم المتحدة لما يقوم به اليهود من أعمال تعسفية في ساحات المسجد الأقصى وباحاته وفي القدس عموما ً من تهويد لكل معالمها.
وبالأمس قام بعض ما يسمى بالمتطرفين اليهود بالدخول إلى باحات المسجد الأقصى محاولين الدخول إلى داخل المسجد والصلاة فيه توطئة لاقتسامه مع المسلمين كما حصل في المسجد الإبراهيمي في مدينة الخليل حيث احتل اليهود أكثر من ثلاثة أرباعه وأعطوا للمسلمين الربع الباقي، كما أنهم سمحوا للمسلمين بالدخول من باب واحد من خمسة أبواب للمسجد الإبراهيمي، وقد اعترفت السلطة رسميا ً بذلك من خلال ما يسمى باتفاقية الخليل.
قلنا إن ما يسمى بالمتطرفين حاولوا الدخول إلى الأقصى المبارك المبارك، إلا إن الأبطال من أهل القدس المسلمين قاوموا ذلك وحالوا دون وصول قطيع المتطرفين إلى الأقصى، وأجمعوا على حماية الأقصى المبارك بدمائهم.
أما سلطتهم فلم تقم بأي عمل رادع لليهود، وكل الذي تكرمت به وقامت به هو أن قام رئيس وزرائها المسمى سلام فياض -الذي أتت به أمريكا لتنفيذ خططها في فلسطين- بدعوة السفراء والقناصل الأجانب للاجتماع معه ليطلعهم على الوضع الخطير في القدس، فبدل أن يستدعي الشباب وهم كثر ويوزع عليهم السلاح لقتال اليهود في القدس وفي فلسطين اكتفى بالاجتماع مع السفراء والقناصل الأجانب لشرح الموقف.
أما بالنسبة للآخرين وخصوصا ً بعض أعضاء طبقة الإكليروس عند المسلمين فقد وجدوها فرصة سانحة للظهور على شاشات التلفزيون لتوزيع الالتفاتات الباهتة يمنة ويسرة وهم يتكلمون عما يقوم به المتطرفون من اليهود، ولقد نسي أو تناسى هؤلاء جميعا ًَ أن اليهود كلهم متطرفون وكلهم أعداء للمسلمين ولا فرق بينهم على الإطلاق وكلهم مشتركون في العدوان، فمن لم يقم بالعدوان فإنه يمد المعتدين بالمال والسلاح.
أما الدول العربية فلم تحرك كتيبة واحدة باتجاه الحدود حتى ولو من باب التهديد المعنوي، وأكثر ما قام به بعضهم هو أن دعا القائم بالأعمال الإسرائيلي وسلمه رسالة احتجاج، وعندما حاول بعض رعيته القيام بمسيرة احتجاج تضامنا ً مع القدس قام جلاوزته بمنعهم من التحرك.
إننا ننظر إلى القدس على أنها جزء من فلسطين لا فرق بينها وبين يافا وحيفا وعكا وصفد وعسقلان رغم وجود المسجد الأقصى المبارك فيها، فالتحرك يجب أن يكون لفلسطين كلها من النهر إلى البحر.
أما محمود عباس فهو ينام على حرير الوعود الخادعة الكاذبة التي تقدمها أمريكا له، وكذلك ينام مهموما ً نتيجة الصفعات المتتالية التي يصفعها بها صديقه نتنياهو.
وفي الختام فإنه لا يسعنا إلا أن نقول: لك الله يا أقصى! ولك الله يا فلسطين.. نعم لكما الله - سبحانه- الذي نسأله ليل نهار أن يوفق العاملين لإقامة دولة الخلافة ومبايعة خليفة يقاتل من ورائه ليرفع راية الجهاد فوق هامات الجيش الزاحف الذي سيحرركما من احتلال نسل القردة والخنازير، ويطهر العالم الإسلامي جميعه من دنس المنافقين الذين باعوا أنفسهم وبلادهم وأمتهم لأعدائهم الكفار.. إنه سميع مجيب الدعاء وصلى الله على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين.