Logo
طباعة
  •   الموافق  
  • كٌن أول من يعلق!

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

"الإبراهيمية" نفاقٌ سياسيٌّ وفخٌّ خفيّ

 

 

إنّ قرار قاسم جومارت توكاييف في لقائه بدونالد ترامب في واشنطن يوم 7 تشرين الثاني/نوفمبر بالانضمام إلى اتفاقيات أبراهام ليس سوى تملّقٍ سياسيٍّ مكشوف. فهذا الموقف يُعدّ تزلفاً لسياسة الولايات المتحدة، وتعبيراً عن الامتنان لها، ودعماً للمشروع الصهيوني المفروض على العالم تحت قناع "الوحدة الدينية".

 

ومن الضروري أن نفهم منذ البداية أنّ "الإبراهيمية" (اتفاقيات أبراهام) قُدِّمت على أنّها جسرٌ بين اليهودية والنصرانية والإسلام، ورمزٌ "للسلام والتسامح والتعايش". غير أنّ وراء هذه العبارات الناعمة تكمن فكرةٌ خطيرةٌ للغاية، هي مفهوم "الدين الإبراهيمي الجديد"، الذي يُقدَّم كمشروعٍ لتوحيد أتباع الديانات الثلاث تحت راية النبي إبراهيم عليه السلام.

 

وهذا المشروع الذي تفرضه أمريكا وكيان يهود هو في الحقيقة يدعو المسلمين إلى التخلّي عن هوية الإسلام، ومحو الفوارق التي جعلها الله تعالى، والاعتراف باليهودية والنصرانية كدينين صحيحين ومتساويين مع الإسلام!

 

ولكن الله سبحانه وتعالى قد بيَّن ذلك صراحةً في القرآن الكريم، فقال: ﴿وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلَامِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾، ومع ذلك، فإنّ شعارات "الحوار بين الأديان" و"التسامح" تُستخدم اليوم غطاءً لبرنامجٍ مبدئيٍّ يستهدف طمسَ خصوصيّة الإسلام وإضعافَ وحدة الأمّة. فالدعوة إلى "وحدة الأديان" ليست طريقاً إلى السلام، بل هي وسيلةٌ لإبعاد المسلمين عن هدفهم، وصرف أنظارهم عن قضيتهم، وإخضاعهم لتأثير الغرب والصهيونية.

 

وقد كشفنا من قبل عن جذور هذا المشروع، وبيّنّا أنّ الهدف من هذه الاتفاقيات هو ترسيخُ هيمنة كيان يهود الإقليميّة، والقضاءُ على كلّ قوّةٍ إسلاميّةٍ مقاومةٍ لهذه الهيمنة. فخلف شعارات مثل "بيت إبراهيم" و"عبادة الأحفاد الإبراهيميين المشتركة" يُراد من المسلمين أن يتخلّوا عن رؤيتهم الإسلاميّة، ليُحوَّل الإسلام في نهاية المطاف - كما يتصوّرون - إلى دينٍ ليّنٍ، مسالمٍ، لا ضررَ فيه، وتُوصَف مواقفه الأصيلة بأنّها "تطرّفٌ" و"تشدد"!

 

في هذا المشهد، لا تُعدّ أفعال توكاييف مجرد خطأ بسيط، بل هي خيانةٌ للأسس الدينية والأخلاقية لمسلمي كازاخستان. فقرارُ الانضمام إلى هذه الاتفاقيات اتُّخذ دون طرحه للنقاش العام، ودون استشارة العلماء أو أخذ موافقة المتدينين، ما يُظهر ابتعادَ السلطة عن الشعب واستعدادَها للتخلي عن القيم الإسلامية في سبيل نيل رضا واشنطن وثنائها.

 

لقد أراد توكاييف أن يُظهر لترامب ولاءَه الخاص بالانخراط في مشاريعه السياسية، ودعمِ سياسته الرامية إلى ترسيخ كيان يهود كقوّةٍ مهيمنةٍ على المنطقة الإسلامية. وهكذا تنجرّ كازاخستان، وهي دولةٌ ذات أغلبيةٍ مسلمة، إلى لعبةٍ خطيرةٍ هدفها إخضاعُ الأمّة لمصالح الغرب والصهيونية. وقد حذّر الله تعالى من ذلك في قوله: ﴿وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَـارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى﴾.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

حجّة جامعة

 

 

Template Design © Joomla Templates | GavickPro. All rights reserved.