Logo
طباعة
  •   الموافق  
  • كٌن أول من يعلق!

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

من الاستضعاف إلى التمكين

 

 

إن المُتأمل في حال الأمة الإسلامية اليوم لا يملك إلا أن يتألم لما آل إليه حالها من مهانة واستضعاف، وتسلّط الأعداء عليها من كل صوب. تتكالب علينا الأمم كما قال الحبيب المصطفى ﷺ: «يُوشِكُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمُ الأُمَمُ مِنْ كُلِّ أُفُقٍ كَمَا تَدَاعَى الأُكَلَةُ عَلَى قَصْعَتِهَا...»، وهذا ما نراه بأعيننا اليوم؛ أرض مغتصبة، دماء مهدورة، ثروات منهوبة، والمسلمون مشرذمون تحت رايات سايكس بيكو، مقيدون بأنظمة عميلة تحكمهم بالحديد والنار، تمنعهم من النهوض، وتكبّل طاقاتهم.

 

نعم، نعيش في واقع مرير، تمزقت فيه الأمة الإسلامية، إلى نحو ستين مزقة وتكالب عليها أعداؤها، وسُلّطت عليها أنظمة عميلة تحكمها بغير ما أنزل الله، وتحرس حدود سايكس بيكو، وتمنع وحدتها، وتخنق كل حركة تسعى للتغيير الجذري؛ فالأمة بلا دولة ترعاها، ولا خليفة يوحد صفوفها، وثروات الأمة منهوبة باسم "الاستثمار"، والشعوب جائعة، والأنظمة فاسدة، والعدل غائب، وأصبح الإسلام مغيبا عن الحكم، ولا يُطبّق إلا في الشعائر الفردية، والهوية الإسلامية تُهاجم من خلال التعليم والإعلام والثقافة الغربية.

 

فأسباب الاستضعاف واضحة للعيان في ابتعاد الأمة عن تحكيم شرع ربها، وكثرة الذنوب والتباهي بالفساد والتشرذم والتقسيم السياسي، واستحالة الاعتصام، والخضوع لأنظمة صنعتها يد الاستعمار لحراسة مصالحه، وحب الدنيا وكراهية الموت، والوهن في القلوب.

 

لكن ورغم هذا الواقع المظلم، بدأت الأمة تصحو، وتفيق من غفلتها؛ لم تعد تنخدع بالشعارات، ولا تُخدع بالحلول الترقيعية، بل بدأت تبحث عن طريق محمد ﷺ، وتوقن أن الملك الجبري الذي نعيشه اليوم مآله إلى زوال وأن أوراق الشجر بدأت تتساقط. نعم إن حالة الاستضعاف التي نعيشها ليست قدراً دائماً، بل هي نتيجة غياب الإسلام عن الحكم، ونتيجة فصل الدين عن الحياة، وهو ما فرضه الكافر المستعمر علينا منذ أن هدم الخلافة.

 

لكن بشرى رسول الله ﷺ تشرق من بين الظلمات، تبعث الأمل في القلوب، وتدلنا على الطريق: «ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا جَبْرِيَّةً فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ»، فالخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة هي المخرج، وهي وعد الله سبحانه وبشرى رسوله ﷺ. فكما هدمت الخلافة بفعل الاستعمار وأعوانه، فإنها ستُقام بعمل الأمة الواعية المخلصة.

 

ولا خلاص من الاستضعاف إلا بإقامة دولة الخلافة الراشدة التي توحّد الأمة وتطبق الإسلام كاملاً في كيان واحد، وجيش واحد، وراية واحدة. فلا بد من العمل الجاد مع كتلة سياسية مبدئية مخلصة تتخذ طريقة الرسول ﷺ في إقامة الدولة لتحرير العقول من التبعية للقرار السياسي والتبعية الغربية، وكذا لإسقاط الأنظمة الوضعية، وكسر قيود سايكس بيكو وإعادة صياغة الحياة الإسلامية بكل مفاصلها في الحكم، والسياسة، والاقتصاد... وإعداد الأمة لتحمل الرسالة ونشر الإسلام للعالم بالدعوة والجهاد.

 

نعم لقد آن الأوان أن ننهض وأن نخلع ركام الاستعمار وآثاره، وأن نتقدم لمبايعة إمام يحكمنا بكتاب الله وسنة رسوله، ويقودنا من الاستضعاف إلى التمكين، ويعيد لنا عزتنا، وللإسلام دولته، فالأمة الإسلامية ليست عاجزة، لكنها تحتاج إلى من يوقظها، ويقودها على بصيرة. وإن حزب التحرير يعمل ليل نهار لأجل هذا الهدف العظيم، ولا يرى طريقاً للخلاص إلا بما سار عليه رسول الله ﷺ: العمل لإقامة الدولة التي تحكم بالإسلام وتوحد الأمة وتحمل الدعوة للعالم. ﴿وَاللهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾... ﴿وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

عبد المحمود العامري – ولاية اليمن

 

 

وسائط

Template Design © Joomla Templates | GavickPro. All rights reserved.