- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
"ثورة 21 سبتمبر" في اليمن
عندما يُغطى الظلم بشعارات زائفة!
ثورة 21 سبتمبر ليست فتحاً ولا تحريراً، بل إعادة إنتاجٍ لحلقة جديدة من التبعية، ومعاناة جديدة للرعية، تحت شعارات براقة تخفي واقعاً من المخالفات الشرعية والانتهاكات الظاهرة، والضيق المستمر على الناس في دينهم ومعاشهم.
لم تكن هذه الثورة التي ملأت شوارع صنعاء صراخاً، ثورةً تردّ الحق إلى أهله، ولا قيادةً تُقيم العدل، ولا سلطةً تطبّق شرع الله. بل كانت انتقالاً من يد استعمار إلى يد استعمار آخر، ومن ظلمٍ معلن إلى ظلمٍ باسم الدين والمذهب، حتى خنقوا الناس بأثقال لم يحمّلهم الله سبحانه إياها.
أي ثورة هذه؟ لقد صدعوا رؤوسنا عن هذه الثورة، وفي الحقيقة هي ثورة قطعت الرواتب، ونهبت الأموال، وفرضت الجبايات، وأكلت الزكاة في غير مصارفها، وصادرت حقوق الضعفاء، وأطلقت يد الجهلة على رقاب الناس. قال رسول الله ﷺ: «اللَّهُمَّ مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَاشْقُقْ عَلَيْهِ».
فهل من شقّ على الأمة غير هؤلاء؟ هل من ضيّق على الناس معيشتهم أكثر ممن جعل سعر الوقود، والدقيق، والكهرباء، والتعليم، والدواء، كل ذلك تجارة باسم "الصمود"؟! وفرضوا الضرائب والجمارك...
لقد استبدلوا بواجبات الدولة واجبات الناس، فلا دولة تُعطي، ولا حاكمٌ يرعى، ولا سلطانٌ يحكم بما أنزل الله. فالزكاة أكلوها؛ زكاة الفطر والمال والحبوب والأنعام، أصبحت في صناديقهم، تُصرف في بطون جماعتهم، وتُمنع عن الفقراء الحقيقيين، ويُحاسب عليها الناس حساب المُدان، ويُطارد بها المساكين وكأنهم يسرقون من الدولة، بينما الشريعة تقول: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ...﴾، ولم تقل توزع على قيادة الدولة الذين يتحولون لسوط يجلد الناس.
الصمت على الجوع خيانة، لا صبر!
يريدون من الناس أن يُصفقوا للضيق، أن يتعبدوا بمدح الفقر، أن يعتبروا الذل بطولة!! ولكن الإسلام لم يجعل الفقر فضيلة، بل جعل الغنى وسيلة للعطاء، وجعل الدولة مسؤولة عن حاجات الرعية، لا ترفع عنهم يدها وتضعها في جيوبهم!
حكم بغير ما أنزل الله وتديّن مغشوش
يتكلمون عن المولد، ويخنقون من ينادي بالخلافة! يرفعون شعار "الصرخة"، ويصمتون عن حدود الله المعطلة! يملؤون الجدران بالآيات، ويتركونها بلا تطبيق! قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾ فبأي شرعٍ يحكمون؟ وفي أي دينٍ يرضى الناس بالبطش والجوع والتمييز الطبقي باسم آل البيت؟
الثورة الحقيقية هي على الطغاة لا بهم
الثورة الحقيقية هي الثورة على أنظمة الكفر، على الحدود التي مزّقها سايكس وبيكو، على العملاء الذين باعوا الأمة شرقاً وغرباً. أما ما نراه اليوم فهو إعادة إنتاج لهيمنة أمريكية عبر وسطاء إيرانيين ظاهرين ومن آل سعود متسترين، وسلطات تسلطت باسم الدين، وهي منه براء.
وفي الأخير أقول: يا أهل اليمن، يا أهل الإيمان والحكمة: إن ما نعيشه اليوم ليس قدراً مقدوراً، ولا عدواً خارجياً فقط، بل هو خيانة داخلية باسم الثورة والدين.
والحل ليس في تغيير الشعارات، بل هو في إقامة دولة الخلافة الراشدة التي تطبق الإسلام حقاً، وتعطي كل ذي حقٍ حقه، وتحكم بشرع الله، لا بشرع السلالة والولاء الإقليمي، فكل الثورات التي قامت في بلاد المسلمين ومنها اليمن سواء 26 سبتمبر أو 21 منه أو غيرهما لم تنهض الأمة ولم تحمل مشروعا صافيا نقيا مستمدا من كتاب الله وسنة رسوله بل حكمت بالعلمانية، ساء ما يفعلون!
إن نهضة الأمة الحقيقية لم تأتِ بعد، وستكون بإذن الله على منهاج النبوة، لا على خطا الغرب الكافر فاحذروا أن تُخدعوا مرّتين!
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عبد المحمود العامري – ولاية اليمن