Logo
طباعة
  •   الموافق  
  • كٌن أول من يعلق!
الرأسمالية السبب الرئيسي لكارثة الفيضان في سومطرة

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

الرأسمالية السبب الرئيسي لكارثة الفيضان في سومطرة

 

 

الخبر:

 

كان إعصار سينيار مجرد محفّز؛ فحجم الدمار في إندونيسيا يعكس عقوداً من سوء الإدارة البيئية. فقدت سومطرة ملايين الهكتارات من الغابات، ما أضعف أحواض المياه في آتشيه وسومطرة الشمالية وسومطرة الغربية. جرى تجفيف الأراضي الخصبة من أجل المزارع، ما تسبب في هبوط الأرض وتحويل المخازن الطبيعية للمياه إلى أحواض للفيضانات. كما أدّى الاستيطان السريع في سهول الفيضانات، إلى جانب ضعف الحوكمة في استخدام الأراضي، إلى تضخيم التأثير. وعندما هطلت الأمطار الغزيرة، لم يعد لدى المشهد أي قدرة على امتصاصها. تُظهر الكارثة أن نموذج التنمية في إندونيسيا، القائم على الاستخراج وضعف الرقابة البيئية، جعل الطقس القاسي أكثر فتكاً مما ينبغي. (المصدر)

 

التعليق:

 

ليست الفيضاناتُ الهائلة التي حصدت مئات الأرواح في آتشيه وشمال سومطرة وغربها مجرد كوارث طبيعية، بل هي دليلٌ صارخ على فشلٍ بنيوي؛ فشلِ الرأسمالية الجشعة والديمقراطية العاجزة في حماية المجال الحيوي لرعاياها.

 

تدفع الرأسمالية بمنطق "النمو غير المحدود"، الذي يبرّر في النهاية الاستيلاء على الغابات، وتوسّع مزارع النخيل، وعمليات التعدين، ومشاريع الطاقة في قلب نظام بوكيت باريسان البيئي في سومطرة. وخلال السنوات العشر الماضية، فُقِدَ 1.4 مليون هكتار من الغابات في هذه المقاطعات الثلاث. لم تكن هذه الإزالة الواسعة للغابات حادثاً عابراً؛ بل هي نتيجة مباشرة لسياسات الدولة الخاضعة لمصالح السوق والمستثمرين. فعندما تُجَرَّف الغابات، وتُطمَر الأنهار، وتُعرَّى الجبال، فهل لا يزال من المقبول وصف هذه الفيضانات بأنها كارثة طبيعية؟!

 

وفي المقابل، فإن الديمقراطية - المفترض أن تكون آلية للرقابة الشعبية - لم تستطع كبح تدفّق التراخيص والامتيازات وسياسات الاستغلال التي تتجاهل قدرة البيئة على التحمل. تصبح مشاركة الجمهور مجرد إجراء شكلي، بينما تُتَّخذ القرارات الاستراتيجية في غرف بعيدة عن صوت الشعب وغالباً ما تخدم أصحاب رؤوس الأموال. وهكذا تُنتِج الديمقراطية في الواقع دولةً تبني وتدمّر الطبيعة في الوقت نفسه، دون اكتراث بسلامة الإنسان.

 

وعندما تقع الكارثة، تتصرف الدولة وكأنها حدثٌ لا مفرّ منه! غير أن جذور المشكلة تكمن في الخيارات السياسية والاقتصادية المتراكمة عبر السنين؛ أي تبنّي النظام الرأسمالي العلماني.

 

كارثة سومطرة تقدّم درساً مهماً للمسلمين: فالكوارث لا تنشأ دائماً من عوامل طبيعية، بل من النظام السياسي والفكري الذي تختاره الدولة. فعندما تعتمد الدولة النظام السياسي الرأسمالي العلماني، تصبح خادمةً لأصحاب رؤوس الأموال، وتنتج سلسلة من الأزمات؛ الفقر، والانحرافات المجتمعية، والكوارث البيئية الناجمة عن الاستغلال المفرط.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

عبد الله أسوار

 

 

وسائط

Template Design © Joomla Templates | GavickPro. All rights reserved.