- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
ذكرى استقلال لبنان عن فرنسا
الخبر:
في ٢٢ تشرين الثاني ١٩٤٣م أعلنت فرنسا الاعتراف باستقلال الدولة التي أنشأتها وأعلنتها في ١ أيلول ١٩٢٠م بعد أن أصدر المفوض الفرنسي الصليبي غورو صاحب مقولة "ها قد عدنا يا صلاح الدين"، قرارات بحل ولاية بيروت التي كانت تضم معظم الساحل الشامي بمساحة تزيد عن ثلاثة أضعاف مساحة لبنان الحالي، وبفصل البقاع وبعلبك وحاصبيا وراشيا عن ولاية دمشق وضمها إلى الخلطة الجغرافية الجديدة وسماها دولة لبنان الكبير.
التعليق:
نفرح اليوم بذكرى دحر الاحتلال الفرنسي، لكن الحقيقة المرّة أن فرنسا خرجت بعسكرها وبقي دستورها الوضعي وثقافتها ولغتها هي الطاغية على الدولة، فيما انتقل النفوذ السياسي بعد صراع دموي إلى يد أمريكا.
ولبنان منذ ولادته لم يُبنَ كدولة طبيعية تمتلك مقومات البقاء والصمود؛ دولة صغيرة المساحة، ممزّقة بالطوائف والمذاهب، فُصلت قسراً عن محيطها الطبيعي بلاد الشام وعن عمقها الحقيقي دولة الخلافة العثمانية وأمة الإسلام، فزاد ضعفها وتآكلت قدرتها على حماية نفسها وساكنيها.
ثم جاء تصديق "الاستقلال" والقبول بهذه الدويلة الممزّقة على هذا الشكل، ليكون دليلاً على انحطاط ورجعية أنتجا الضعف والهوان، ومهّدا لظهور طبقة سياسية محترفة في اللصوصية والتبعية الخارجية، ونهبت المال العام، واحتمت بالطوائف والمذاهب لتفلت من المحاسبة وتعمّق الانقسام.
واليوم، وفي ظل هجمات كيان يهود اليومية على لبنان، وغياب أي رد من "الدولة المستقلة"! التي يُفترض أن تدافع عن شعبها وأرضها، تُمنَع العروض العسكرية في ذكرى الاستقلال! لعلّ السلطة استحت من أن تُظهر مظاهر القوة في وقتٍ تفتقد فيه أبسط أفعال الدفاع والردع، فآثرت الصمت على الفضيحة، بل إن رئيس الدولة في خطاب الاستقلال يطالب بالتفاوض مع كيان يهود المجرم المعتدي، ﴿إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ﴾!
لقد أوجد الغرب الكافر المستعمر؛ بدايةً على يد فرنسا ثم أمريكا، أوجد لبنان منقسماً، محاطاً بالتجاذبات، عاجزاً عن اتخاذ قرار مستقل، حتى أصبح لقمة سهلة للأعداء. وها هو اليوم يقف عاجزاً أمام اعتداءات كيان يهود، لا يستطيع الدفاع عن نفسه ولا عن أبنائه ولا استعادة كرامته.
إن الاستقلال الحقيقي ليس ذكرى ولا زينة ولا استعراضات فارغة، بل قدرة على حماية البلاد والعباد، ووحدة في القرار الحق، والعودة إلى الجذور والأصول التي تمنح القوة والسيادة.
وأملنا بالله أن يحقق وعده بأيدينا فيمكّن لنا في الأرض فنستعيد خلافتنا ولبنان العزيز على قلوبنا جزءا منها. ﴿لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ﴾.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
الشيخ د. محمد إبراهيم
رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية لبنان