Logo
طباعة
  •   الموافق  
  • كٌن أول من يعلق!
خطّة أمريكا وروسيا المكوّنة من 28 نقطة في الاستراتيجية الجيوسياسية الأمريكية الأوسع

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

خطّة أمريكا وروسيا المكوّنة من 28 نقطة في الاستراتيجية الجيوسياسية الأمريكية الأوسع

(مترجم)

 

 

الخبر:

 

أفادت وسائلُ إعلام عالمية بأنّ الولايات المتحدة وروسيا تتفاوضان على ما يُسمى بخطّة من 28 نقطة لإنهاء الصّراع في أوكرانيا. ورغم عدم التوصّل إلى اتفاق نهائي بعد، فقد أفادت التقارير أنّ الخطة تتضمن مقترحات تتعلق بالوضع الإقليمي، والضمانات الأمنية، وحياد أوكرانيا، وقيوداً على توريد الأسلحة الأجنبية.

 

التعليق:

 

لا تُمثل النقاط الثماني والعشرون مبادرة سلام، بل إطاراً دبلوماسياً تسعى الولايات المتحدة من خلاله إلى إدارة نتائج حرب ساهمت في تدبيرها. هذه الحربُ هي نتيجة استراتيجية مدروسة وُضعت منذ عقود.

 

بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، بدأت الولايات المتحدة فوراً بتوسيع نفوذها في أوروبا وتطويق روسيا. وتوسع حلف شمال الأطلسي (الناتو) شرقاً بشكل منهجي، وفي عام 2008 أعلن الحلف رسمياً انضمام أوكرانيا وجورجيا إليه في نهاية المطاف، وهو ما اعتبرته روسيا تهديداً مباشراً، وهو أمر مفهوم.

 

وفي عام 2014، حدث تغيير في السلطة في أوكرانيا بدعم من الولايات المتحدة. حيث أُطيح بالرئيس الموالي لروسيا، فيكتور يانوكوفيتش، بعد تدخُّل غربي، وشارك دبلوماسيون أمريكيون بنشاط في تشكيل الحكومة الجديدة. وأدّى هذا الانقلاب إلى ضمّ شبه جزيرة القرم والانتفاضة المسلحة في دونباس.

 

ومنذ ذلك الحين، دمجت الولايات المتحدة أوكرانيا سياسياً وعسكرياً واقتصادياً في دائرة نفوذها. فمن خلال شحنات الأسلحة، وتدريب الناتو، والضّغط من أجل الإصلاح، تحولت أوكرانيا إلى دولة في جبهة استراتيجية ضدّ روسيا. لذلك، لم يكن الغزو الروسي عام ٢٠٢٢ عملاً عدوانياً مفاجئاً، بل كان رداً على سنوات من الضغط الأمريكي: وضع روسيا في الفخّ الذي نصبته واشنطن.

 

سعت الولايات المتحدة إلى تحقيق ثلاثة أهداف رئيسية:

 

١- إضعاف روسيا من خلال حرب غير مباشرة على الأراضي الأوروبية

 

٢- جعل أوروبا تعتمد كلياً عليها في الدفاع والطاقة

 

٣- إثارة الخلاف بين روسيا والصين وتعطيل شراكتهما الاستراتيجية

 

وعلى الرّغم من أنّ هذه الأهداف لم تتحقق إلاّ جزئياً، إلا أن واشنطن تعتبرها الآن فرصة سانحة لاستقرار الصّراع. فقد تعزّز حلف الناتو، وأصبحت أوروبا أكثر اعتماداً عليه من أي وقت مضى، وتضرّرت روسيا عسكرياً واقتصادياً. وتركّز المرحلة التالية على الصين، المنافس الاستراتيجي الرئيسي للولايات المتحدة. لذا، فإنّ هذه الخطة المكونة من 28 نقطة ليست سبيلاً للسلام، بل هي جزء من نمط أمريكي مألوف: الاستفزاز أولاً، ثمّ التصعيد، ثم إعادة ترتيب النتائج دبلوماسياً، طالما أنها تتماشى مع المصالح الأمريكية المهيمنة. وما الصراع الأوكراني إلا حلقة واحدة في هذه السلسلة. ومع تحول تركيز واشنطن الآن نحو آسيا، ينبغي فهم الخطة على أنها محاولة لاحتواء الجبهة الأوكرانية وتجنب المزيد من التصعيد، مع الاستعداد لمنافسة استراتيجية أوسع مع الصين.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

أوكاي بالا

الممثل الإعلامي لحزب التحرير في هولندا

 

وسائط

Template Design © Joomla Templates | GavickPro. All rights reserved.