- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
ترامب والتجارب النووية
الخبر:
قالت شبكة سي إن إن الأمريكية، إن مسؤولين كبارا في قطاعي الطاقة والطاقة النووية بالإدارة الأمريكية يخططون لزيارة البيت الأبيض لثني الرئيس دونالد ترامب، عن استئناف تجارب الأسلحة النووية.
التعليق:
أولاً: أعلن ترامب في 29 تشرين الأول/أكتوبر أنه أصدر تعليماته لوزارة الحرب (البنتاغون) بالبدء فورا باختبار أسلحة بلاده النووية. وحذّر من أن أمريكا بدأت تفقد تفوقها في سباق التسلح مع روسيا والصين. وأضاف: "بسبب القوة التدميرية الهائلة للأسلحة النووية كنت أكره امتلاكها، لكن لم يكن أمامي خيار آخر. روسيا في المرتبة الثانية، والصين في المرتبة الثالثة بفارق كبير، ولكن ستكونان متساويتين خلال 5 سنوات".
ثانيا: إن توجيه ترامب أوامره لوزارة الحرب، غريب لأن الجهة المسؤولة عن التجارب فعليا هي الإدارة الوطنية للأمن النووي التابعة لوزارة الطاقة، التي تشرف على موقع نيفادا للتجارب النووية شمال غرب لاس فيغاس، حيث أجريت آخر تجربة نووية أمريكية في أيلول/سبتمبر 1992.
لكن السؤال هل أمريكا بحاجة لإجراء هذه التجارب رغم أن الفارق بين الترسانتين النوويتين الأمريكية والروسية كبير؟ فما بالنا بالترسانة النووية الصينية التي هي أضعف من روسيا بمراحل؟ والعالم كذلك لا يحتاج هذه القنابل ولا التجارب، فما عند القوم يكفي لتدمير ليس كوكب الأرض بل لتدمير كواكب عديدة. فما الهدف الحقيقي لترامب؟ وهل المقصود روسيا أم الصين؟
إن الهدف الحقيقي ليس روسيا بل الصين حيث أكد وزير الخارجية الأمريكي، في جلسة تأكيده للمنصب أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي مؤخراً، أن الصين هي "الخصم الأقوى، والأكثر خطورة الذي واجهته الأمة الأمريكية على الإطلاق"، واتهم بكين بـ"الكذب والاختراق والغش في طريقها إلى وضع القوة العظمى". وشدد روبيو أيضاً على "الحاجة الملحة لإنجاز متأخرات مبيعات الأسلحة إلى تايوان وتقليل اعتماد الولايات المتحدة اقتصادياً على الصين".
وترامب يسعى لجرها إلى سباق تسلح جديد يضمن من خلاله تلك النتائج العظيمة التي حققتها أمريكا من سباق التسلح مع الاتحاد السوفيتي حيث اعتمدت بنهاية الحرب العالمية الثانية مجموعة من الخطط لاحتواء التهديد المتصاعد منه، بدءاً من خطة مارشال عام 1947، ثم عقيدة ترومان عام 1947 وانتهاءً بـ"Point Four" التي أسسها جورج كينان، وهي استراتيجية اعتمدت شعار "لفترة طويلة، وبمنتهى الصبر والثبات واليقظة؛ نعمل على احتواء التوسع الروسي، بحيث تنتهي إلى تفكك الاتحاد السوفيتي أو تلاشي قوته"، وهي الاستراتيجية التي اتبعتها المؤسسات السياسية والأمنية الأمريكية لما يقارب أربعين عاماً حتى آتت أكلها.
وذكرت الأخبار والتقارير كيف أعد كل من بول نيتز مستشار السياسة الخارجية للرئيس ترومان وليون كيسيرلينغ مستشار الرئيس الاقتصادي، خطة تعرف بـNSC-68 وهي تعتمد بشكل أساسي على محاور منها:
1- العمل على إفلاس الاتحاد السوفيتي وإفقاده الهيمنة على محيطه الاستراتيجي.
2- تقوية أمريكا وأوروبا عسكرياً واقتصادياً، وكانت التوصية الرئيسية لتلك الخطة هي الاستثمار في سباق التسلح، حيث تعتمد أمريكا على تمويل القطاع الخاص والعام الأمريكي وبرامج التعليم الجامعي ومؤسسات البحث العلمي والفضائي مثل ناسا وغيرها، لأجل هدف نهائي هو تقوية الجيش الأمريكي وتزويده بأحدث الأسلحة والأدوات التكنولوجية.
واليوم الصين تقع في فخ أمريكا القديم نفسه، ودخلت سباق تسلح رغماً عنها مع أنها كانت لفترة تعي مخاطره وترفض الدخول فيه حيث صرح المتحدث باسم وزارة دفاعها تان كيفي في مؤتمر صحفي عام 2023 "إن الصين لن تشارك في سباق تسلح نووي مع أي دولة". وأكد أن بلاده "ستبقي دائماً على قوتها النووية عند الحد الأدنى الذي يراعي متطلبات الأمن القومي". لكن أمريكا أدخلتها سباق التسلح من خلال السياسيات التي اتّبعتها إدارة ترامب ومن قبله بايدن.
إن العقلية السياسية الصينية ليست عقلية سياسية متمكنة بالرغم مما تتحدث عنه وسائل الإعلام وتبرزه وخاصة الإعلام الأمريكي الذي يظهر الصين كعدو قادم لا محالة وهي في الوقت نفسه الذي تتحدث فيه عن التنين نجده بلا نيران حارقة فهو لا يزال يخشى من ضم تايوان بالقوة لإدراكه الفارق الكبير بين الطرفين فضلاً عن التحالفات الأمريكية مع دول الإقليم هناك.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
حسن حمدان