Logo
طباعة
ولله العزّة جميعا

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

ولله العزّة جميعا

 

(مترجم)

 

 

الخبر:

 

أقرّ مجلس الشيوخ يوم الخميس قراراً بالإجماع، يدين حادثة قتل زوجين في وضح النهار بناءً على أوامر من مجلس جيرغا باسم ما يُسمى "جرائم الشرف" في بلوشستان. وأكدّ القرار أنّ هذه الجريمة الوحشية لا يمكن ولا يجب أن تُخفى تحت أي مبرّر ثقافي أو قبلي أو تقليدي، تحت ذريعة ما يُسمى "الغيرة" أو "الشرف". إنها في الواقع جريمة أساءت شرف الأمة بشدة. وأي محاولة لتبرير هذه الجريمة بالاستناد إلى "العرف أو الشرف" مرفوضة تماماً، كما هو الحال مع عملية إلقاء اللّوم على الضحية بأكملها.

 

التعليق:

 

انتشر مؤخراً على نطاق واسع فيديو إعدام مروّع على الإنترنت، ما أثار موجة من الغضب والنقاش العام. يُظهر هذا الحادث، الذي ورد أنه وقع قبل ثلاثة أيام من عيد الأضحى المبارك عام 2025 في أيار/مايو، يظهر امرأة تُقتاد إلى مكان صحراوي وتُطلق عليها النار، بزعم ارتكابها جريمة ربما تكون قد ارتكبتها أو لم ترتكبها. ومع اكتساب الفيديو زخماً، أثار ضجة إعلامية واسعة، حيث علق عليه عدد كبير من الناس. الجانب الأكثر وضوحاً هو أن هذه جريمة قتل نُفذت باسم الشرف؛ ما يُشوّه ويُسيء استخدام معنى الكلمة بشكل مأساوي.

 

 

بلوشستان هي أكبر أقاليم باكستان وأكثرها ثراءً بالموارد، غالباً ما تُسلّط عليها الأضواء لأسباب مأساوية. التفجيرات وعمليات الاختطاف واتّهامات الخيانة هي الرّوايات المتكررة المرتبطة بها. ومع ذلك، تكمن وراء هذه العناوين الرئيسية حالة من الضيق المنهجي. فعلى الرغم من وجود المؤسسات الحكومية - من البيروقراطية إلى القضاء - لا يزال حكم القانون بعيد المنال بالنسبة للكثيرين. تُعدّ محكمة بلوشستان العليا، برئاسة رئيس قضاة، جزءاً من النظام القضائي الباكستاني الأوسع، ومُصممة لتوفير العدالة في الإقليم. لكن في الواقع، غالباً ما خذلت هذه المحكمة الأشخاص الذين يُفترض أن تساعدهم، وبالتالي فقد الناس ثقتهم بالنظام القضائي. ولا تزال العديد من العائلات تتوسّل للحصول على إجابات، باحثةً عن أحبائها الذين اختفوا دون تفسير أو عُثر عليهم لاحقاً جثثاً على جانب الطريق. تُظهر هذه النداءات المطالبة بالعدالة التي لم تُلبَّ، مدى ضعف النظام وعدم فعاليته.

 

 في ظلّ حكم خانية كلات، كانت بلوشستان تُدار وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية، وإن كانت مقيدة ببعض القيود. أشرف القضاة (القضاة المسلمون) على الشؤون القضائية، بينما كانت المناطق القبلية تخضع لسلطة السردار، الذين كانوا، بتوجيه من القضاة والمجالس، يُطبقون العدالة المتجذرة في الشريعة والأعراف المحلية (الرواج). وهكذا، قبل فترة طويلة من الحكم الاستعماري، كانت أنظمة العدالة المحلية موجودة في المنطقة. استُخدم الجيرغا - ويُسمى أيضاً المجلس أو الشورى أو البانشيات في مناطق أخرى - لحلّ المشكلات من خلال النقاش والاتفاق المجتمعي. وقد دعم قادة مثل السلطان بهلول لودهي وشير شاه سوري هذه التقاليد وشاركوا في هذه المجالس لتسوية النزاعات. ومع وصول البريطانيين، تمّ التلاعب بجوهر هذه الهياكل التقليدية لصالح السيطرة الاستعمارية. وقام البريطانيون بتأسيس مجالس الجيرغا، وتعيين رؤساء القرى وزعماء القبائل قضاة في قضايا الجرائم البسيطة والنزاعات الزوجية والزّنا والنزاعات على الأراضي أو الماشية. اختار هؤلاء الأعضاء وسجلهم الوكيل السياسي، وكان أي حكم يتجاوز سبع سنوات يتطلب تصديق الوكيل للحاكم العام في المسائل الأخطر - وخاصة تلك المتعلقة بالولاء لبريطانيا - كان يصدر الحكم شاه جيرغا، وهو مجلس كبير من كبار السردار. وهكذا، انحرف تدريجياً نظام صُمم في السابق لتحقيق الوئام الطائفي، وأصبح صنع القرار مدفوعاً بشكل متزايد بالعاطفة والانتقام والتحيز الثقافي. واستُخدم مفهوم الشرف النبيل (الغيرة) كسلاح، وحُوِّل إلى تبرير لأعمال عنف لا تشبه العدالة التي كان من المفترض أن تدعمها هذه الأنظمة. تشير الإدانة الصادرة عن المسؤولين إلى أنها تتعارض مع دستور باكستان، لكن السبب الحقيقي للمشكلة هو الدستور غير الإسلامي وغياب تطبيق الإسلام.

 

يقول الله تعالى في سورة فاطر: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً﴾.

 

إن الشرف الوحيد الذي يستحق القتل أو القتل من أجله هو شرع الله. سيتضمن دستور دولة الخلافة نظاماً قضائياً يُصاغ وفقاً للقرآن والسنة، ولن يكون القائمون عليه عبيداً لأهوائهم. إنّ إقامة الخلافة على منهاج النبوة هي السبيل الوحيد لحماية أمة النبي ﷺ من الظلم أو ارتكاب المعصية. قال الخليفة الأول الراشد أبو بكر الصديق: "وَالضّعِيفُ فِيكُمْ قَوِيّ عِنْدِي حَتّى أُرجع عليه حقّه إنْ شَاءَ اللهُ، وَالقَوِيّ فِيكُمْ ضَعِيفٌ عِنْدِي حَتّى آخُذَ الحَقَّ مِنْهُ إنْ شَاءَ اللهُ". رواه الطبري وابن هشام.

 

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

إخلاق جيهان

 

 

وسائط

Template Design © Joomla Templates | GavickPro. All rights reserved.