المكتب الإعــلامي
أمريكا
| التاريخ الهجري | 8 من رجب 1447هـ | رقم الإصدار: 1447 / 08 |
| التاريخ الميلادي | الأحد, 28 كانون الأول/ديسمبر 2025 م |
بيان صحفي
حظر السّفر وسياسة الخوف
(مترجم)
أعلنت إدارة ترامب في 15 كانون الأول/ديسمبر 2025 عن توسيعٍ كبيرٍ لسياسة حظر السفر، على أن يدخل حيّز التنفيذ في 1 كانون الثاني/يناير 2026. ووفقاً للبيت الأبيض، لن يكون رعايا ستّ دول إضافية، هي بوركينا فاسو ومالي والنيجر وجنوب السودان وسوريا، وحاملو وثائق سفر السلطة الفلسطينية، مؤهلين لدخول الولايات المتحدة. وبهذا الإعلان، لن تُمنح تأشيرات دخول لرعايا 19 دولة إجمالاً، بالإضافة إلى حاملي وثائق سفر السلطة الفلسطينية، باستثناءاتٍ قليلة، تشمل الأفراد الذين يُعتبر دخولهم "يخدم المصالح الوطنية الأمريكية".
وبرّرت الإدارة هذا التوسّع بمخاوف تتعلق بالأمن القومي، بما في ذلك أوجه قصور مزعومة في إجراءات فحص المهاجرين والتدقيق في خلفياتهم، وضعف ممارسات تبادل المعلومات لدى الحكومات الأجنبية، وارتفاع معدلات تجاوز مدة الإقامة المسموح بها، وعدم توافق أهداف مكافحة الإرهاب الأمريكية مع سياسات الدول المعنية.
وبعيداً عن التفسيرات الأمنية، تزعم الإدارة أنّ توسيع حظر السفر يخدم أهدافاً سياسية أوسع. مع انخفاض شعبية ترامب إلى أدنى مستوى تاريخي، حيث بلغت 39% وفقاً لاستطلاع رأي أجرته رويترز/إيبسوس، تهدف هذه الخطوة إلى تنشيط القاعدة السياسية المتضائلة. وتشير استطلاعات رأي إضافية أجرتها شبكة إيه بي سي إلى تراجع الحماس بين أنصار الحزب الجمهوري وحركة "لنجعل أمريكا عظيمة مجدداً"، ويعزى ذلك إلى حد كبير إلى تدهور الاقتصاد.
ومن خلال توسيع القيود على الهجرة، يبدو أنّ الإدارة تُعزّز وعودها الانتخابية التي تركز على حماية الوظائف، وإنفاذ قوانين الحدود، والترحيل. وقد تم تصوير المهاجرين، وخاصةً القادمين من مناطق مستهدفة، مراراً وتكراراً على أنهم يساهمون في البطالة والجريمة وتهريب المخدرات والضغط على الموارد العامة. وتؤكّد هذه الروايات على التخويف، وتعزّز الشكوك العامة تجاه المهاجرين من خلال تصويرهم كمصدر رئيسي لعدم الاستقرار الداخلي.
وإلى جانب تهدئة المشاكل الداخلية، تُستخدم هذه القيود على السفر كأدوات لممارسة النفوذ والقوة على الصعيد العالمي. ويُعيق تحالف الساحل الذي تمّ تشكيله مؤخراً بين بوركينا فاسو ومالي والنيجر، والذي يهدف إلى الاستقلال الإقليمي وتعزيز العلاقات الاقتصادية والسياسية، يعيق جهود أمريكا لانتزاع النفوذ الأوروبي من أفريقيا. حتى القصف الأخير لنيجيريا، الذي يُزعم أنه لحماية النصارى والتهديدات المباشرة السابقة، يُمكن اعتباره جزءاً من خطة أمريكا لبسط نفوذها في المنطقة. وبالمثل، فإنّ إدراج سوريا والسلطة الفلسطينية يعكس اعتبارات جيوسياسية راسخة مرتبطة بمصالح أمريكا في الشرق الأوسط، ولا سيما تحالفها الاستراتيجي مع كيان يهود.
من الواضح أن سياسات الإدارة تستهدف المسلمين بشكل غير متناسب، إذ إن 12 دولة من أصل 19 دولة مدرجة هي دول ذات أغلبية مسلمة. ويُعدّ هذا الحظر جزءاً من نمط أوسع من الإجراءات المعادية للإسلام، بما في ذلك الجهود الأخيرة لتصنيف بعض الجماعات الإسلامية منظمات إرهابية واحتجاز نشطاء مسلمين.
تاريخياً، استوعبت أمريكا موجات من المهاجرين من خلفيات عرقية ودينية متنوعة، ما ساهم في تشكيل هوية وطنية مشتركة تُوصف غالباً بأنها "بوتقة انصهار أمريكية". وبينما اندمجت العديد من الجاليات المهاجرة تدريجياً، استُهدف المسلمون بشكل خاص لتمسكهم بهويات دينية وثقافية متميزة. فعلى الرغم من أنهم يمثلون نسبة ضئيلة من سكان أمريكا، إلا أنّهم معروفون بتمسكهم الشديد بالقيم الدينية، وتماسك أسرهم، وارتفاع مستويات تعليمهم، والتزامهم بالقانون. وقد عرّض هذا التمسك بالمبادئ الدينية الجاليات المسلمة لمزيد من التدقيق والريبة على يد الإدارات الجمهورية والديمقراطية على حد سواء.
ومع تغير الديناميكيات العالمية، تواجه الولايات المتحدة تحديات متزايدة لهيمنتها الراسخة. فمثل هذه السياسات المتجذرة في الخوف والإقصاء تُهدد بتقويض مكانتها العالمية ومبادئها الأساسية. إنّ توسيع نطاق حظر السفر لا يُمثل مجرد قرار سياسي بشأن الهجرة، بل يعكس تقارباً بين الاستراتيجية السياسية، وفرض النفوذ العالمي، والسياسة الداخلية، والصراع المبدئي مع الإسلام. إن تصوير المهاجرين، وخاصة المسلمين، كتهديدات يُمكّن الإدارة من صرف انتباه الرأي العام عن التحديات الداخلية كعدم الاستقرار الاقتصادي، والتضخم، وتدهور البنية التحتية، وإخفاقات السياسات.
في المقابل، ينظر الإسلام إلى الهجرة من منظور مختلف جذرياً. فبدل الاعتماد على الهوية القومية أو العرقية، كما هو الحال في الدول القومية المعاصرة، كان الإسلام، بتطبيقه من خلال الخلافة، بمثابة نظام قانوني وديني قائم على رعاية جميع الناس بغض النظر عن عرقهم أو أصلهم أو لونهم أو دينهم. وكان يُسمح لغير المسلمين بالدخول والإقامة بموجب عهد شرعي (الذمة) يضمن حماية النفس والمال، وحق العبادة، واللجوء إلى القضاء. وكانت قيود الدخول موجودة لأسباب أمنية في المقام الأول، ولم تكن قائمة على أساس العرق أو الأصل. وخلافاً لأنظمة الهجرة الحديثة التي تركز على أسواق العمل، أو الإدارة الديموغرافية، أو الهوية الوطنية، كانت حرية تنقل الأفراد في الخلافة مشروطة أساساً بالالتزام بالقانون.
كما أكدت الخلافة على الشمولية العرقية والاكتفاء الاقتصادي كمبادئ أساسية. يرفض الإسلام صراحةً التراتبية العرقية أو الإثنية. تاريخياً، حكمت الخلافة شعوباً متنوعة، من بينهم العرب والأفارقة والفرس والأتراك والقوقاز واليهود والنصارى وغيرهم، وقد شغل العديد منهم مناصب إدارية وعلمية رفيعة. وحافظت الخلافة على التماسك المجتمعي بين هذه الشعوب المتنوعة لفترات طويلة، وغابت الخطابات الحالية المعادية للمهاجرين، والمتجذرة في النزعة القومية والتهديد الديموغرافي.
ثمة حاجة ماسة إلى نموذج جديد للحكم، يقدم النموذج الإسلامي للحكم، أي الخلافة، نظاماً مسترشداً بالدين، قائماً على العدل والمسؤولية الجماعية، يضمن الرعاية والكرامة لجميع الناس بغض النظر عن العرق أو الإثنية أو اللون أو الدين أو وضع الهجرة.
المكتب الإعلامي لحزب التحرير
في أمريكا
| المكتب الإعلامي لحزب التحرير أمريكا |
عنوان المراسلة و عنوان الزيارة https://www.facebook.com/HTAmerica تلفون: https://hizb-america.org/ |