الأربعاء، 21 جمادى الأولى 1447هـ| 2025/11/12م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • كٌن أول من يعلق!

بسم الله الرحمن الرحيم

 

Al Raya sahafa

 

2025-11-12

 

جريدة الراية: هل يشتعل الصراع مجددا في ليبيا؟

 

 

في قلب الصحراء الكبرى تمتد خطوط خفية تربط دارفور السودانية بجنوب ليبيا ليس فقط عبر الرمال والطرق القديمة بل عبر القبائل والمصالح وشبكات النفوذ التي لا تعترف بالحدود.

 

ومنذ سقوط القذافي عام 2011 انطلق صراع دولي حول ليبيا بين أمريكا وبريطانيا حيث احتدم الصراع حتى حصلت السلطة التنفيذية الجديدة المنتخبة على 132 صوتاً من أصل 188 في مجلس النواب الليبي في 10 آذار 2021، وبذلك منحت الثقة لحكومة عبد الحميد الدبيبة - المرشح من المبعوثة الأمريكية ستيفاني وليامز - وبعدها انهزمت حكومة فايز السراج وسلمت السلطة بسهولة.

 

وبعدها انطلق صراع سياسي وحاولت بعض الدول استخدام المال السياسي الفاسد كرشوة ولشراء الأصوات والذمم، وقد أشير بذلك إلى دولة الإمارات ومحاولتها التأثير في اختيار أعضاء منتدى الحوار الليبي (الجزيرة نت، 16/11/2020)، وبعدها قل اعتماد أمريكا على حفتر وانسحب بشكل مؤقت من المشهد السياسي، وتحول المشهد السياسي برمته في ليبيا لصالح أمريكا، مع وجود محاولات لا تنقطع من بريطانيا ودول أوروبية بحكم وجود وسط سياسي ومصالح لدول مثل فرنسا وإيطاليا.

 

وخلال هذه الفترة من غياب الدولة نشأت في جنوب ليبيا مليشيات محلية قبلية تسيطر على التهريب والطرق ولها علاقات وثيقة مع جماعات من دارفور خاصة من حركتي العدالة والمساواة وتحرير السودان، حيث استخدم الجنوب الليبي كملاذ آمن لتلقي التمويل أو التدريب أو تجارة الذهب والسلاح، وقد حدث هذا بين عامي 2012 و2015، وبعدها جاء حفتر ووسع نفوذه من الشرق الليبي نحو الجنوب مستفيدا من دعم مصر، وبقوة السلاح تمت السيطرة النسبية لحفتر. وفي تلك الفترة كان هناك مقاتلون من دارفور في ليبيا يعملون كمرتزقة وكانت حكومة البشير تستفيد من ذلك، وبعد سقوط البشير عام 2019 تغيرت جذور العلاقة بين السودان وليبيا.

 

وبعد اتفاقية وقف إطلاق النار الليبية برعاية أممية عام 2020 انطلقت دعوات لخروج المقاتلين الأجانب من ليبيا بمن فيهم المرتزقة السودانيون، ولكن بقي منهم كثير في سبها ومرزق والكفرة، حتى عام 2022. وبعد اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع عام 2023 لجأت بعض الفصائل إلى جنوب ليبيا، ومع انتصار حميدتي الآن في دارفور بعد المجزرة التي ارتكبها في آخر معاقل دارفور في مدينة الفاشر قد تبدأ مؤشرات على تحرك قبائل موالية لحميدتي في جنوب ليبيا خاصة من التبو والمحاميد، وهذا سوف يشعل الصراع في ليبيا من جديد وخاصة في فزان وسط توترات بين قوات حفتر والوجود الروسي، وقد نشهد تدخلا تركيا مقابل تحركات حميدتي. وهذا قد يدفع حميدتي بأوامر أمريكية طبعا للدخول إلى جنوب ليبيا وخلق صراع قبلي حسب التمدد القبلي المؤيد له، ما سيدعم انفصال الجنوب الليبي عن ليبيا أو تقاسمه مع القوى المتصارعة ويكون مخرج حميدتي.

 

إن الجنوب الليبي هو المنطقة الأكثر هشاشة في ليبيا وغالبا خارج السيطرة الكاملة لأي طرف، ولحميدتي أطماع هناك. قد لا يهدف حميدتي إلى احتلال جنوب ليبيا بشكل كامل ولكن قد يستخدمه كورقة ضغط لتحقيق كثير من الأهداف نذكر منها:

 

* ورقة ضغط عالية على حفتر من خلال وجود قبائل تؤيده يستطيع من خلالها فرض توازن ميداني حول قضايا تجارة الذهب والوقود، بل حتى الوضع الروسي في فزان.

 

* الجنوب يتقاطع مع حدود تشاد والنيجر والسودان، وهي منطقة حيوية لتجارة الذهب واليورانيوم. وبالسيطرة على هذا المثلث تزيد قدرة حميدتي على إدارة تجارة المعادن العابرة للحدود، وقد يوقع صفقات دولية مع أمريكا فيخرج باقي الأطراف.

 

* قد يجعلها ورقة تفاوض في ملفات الهجرة والطاقة والأمن الحدودي وبذلك يجعل من نفسه طرفا لا يمكن تجاهله.

 

* وباعتبار دارفور امتدادا طبيعيا للجنوب الليبي من الناحية القبلية والجغرافية سوف يمنح حميدتي عمقا دفاعيا ضد أي تهديد من الجيش السوداني أو أي قوة معادية له من شرق السودان ويعزز حالة الانفصال عن السودان.

 

وعليه تبدو احتمالية تدخل حميدتي في الساحة الليبية أكثر واقعيّة لما سوف يجنيه منها وضمن التحولات الجارية في السودان حيث إنه رسخ نفوذه غرب السودان ويسعى إلى توسيع مجال حركته نحو جنوب ليبيا حيث تتقاطع المصالح القبلية ويكون الفصل القبلي، وطبعا هذا يوافق نظرة أمريكا للمنطقة لنقل الحدود الحالية إلى حدود قبلية، وأيضا هشاشة الوضع للدولة الليبية يتيح له التفكير بهكذا خطوة، وطبعا هكذا أمر لا يكون بسهولة الكلمات بل له ثمن سوف يدفعه الشعبان السوداني والليبي وبحار من دماء المسلمين، وهذا كله مرتبط بمدى قدرة ليبيا على تحصين حدودها الجنوبية ومدى تقبل أمريكا لهذا المخطط.

 

إن المحزن والمؤلم أن نرى بلاد المسلمين ساحات للصراع بين أهلها لتنفيذ مخططات الغرب لتمزيق ما تبقى من تجمعنا، ونهب ثرواتنا ومنع حتى التفكير بفكرة الوحدة لأنه يشغلنا دائما بالصراعات العرقية والقبلية والمذهبية...الخ. حتى يبعد شبح مجرد التفكير في عودتنا دولة واحدة.

 

والحقيقة أننا لن نخرج من هذه الدوامة إلا إذا غذينا السير مع حزب التحرير لاستئناف الحياة الإسلامية وإقامة دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة وعد الله سبحانه وبشرى رسوله ﷺ.

 

 

بقلم: الأستاذ نبيل عبد الكريم

 

المصدر: جريدة الراية

 

 

 

 

 

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع