الأربعاء، 21 جمادى الأولى 1447هـ| 2025/11/12م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • كٌن أول من يعلق!

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

Al Raya sahafa

 

2025-11-12

 

جريدة الراية: مفرزات لقاء الرئيس الأمريكي

بنظيره الصيني في كوريا الجنوبية

 

 

عقد الرئيسان الأمريكي ترامب والصيني شي اجتماعا استمر 100 دقيقة في كوريا الجنوبية يوم 30/10/2025 على هامش أعمال الاجتماع الثاني والثلاثين لمنتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ (أبيك)، فأفرز اتفاقات حول أمور أعلنا عنها في تصريحاتهما.

 

وصف ترامب الاجتماع بأنه "رائع"، وقال: "اتفقنا بالفعل على الكثير من الأمور وسنتفق على المزيد الآن.. أعتقد أننا سنمتلك علاقة رائعة لفترة طويلة من الزمن". وقال بعد الاجتماع على متن طائرته: "سيتم خفض الرسوم الجمركية التي تفرضها أمريكا على الصين من 57% إلى 47%.. جميع القضايا المتعلقة بالمعادن النادرة تم حلها، والاتفاق حولها سيستمر سنة واحدة على أن يتم تمديده لاحقا.. وافقت الصين على البدء بشراء منتجات الطاقة الأمريكية.. وإن الرئيس الصيني منح الإذن باستئناف شراء فول الصويا الأمريكي والذرة البيضاء ومنتجات زراعية أخرى.. وقد تقوم الصين بشراء كميات واسعة من النفط والغاز من ولاية ألاسكا.. وسيزور الصين في نيسان المقبل، وشي سيزور أمريكا في تاريخ لاحق".

 

وقال شي: "التنمية الصينية تتماشى مع رؤية ترامب لجعل أمريكا عظيمة مجددا.. قلت علنا إن الصين وأمريكا يجب أن يكونا شريكين وصديقين، وهذا هو ما يحتاجه العالم"، وطالب نظيره الأمريكي "بإبقاء قنوات التواصل بين البلدين مفتوحة". وخاطبه قائلا: "أنا جاهز للعمل معك اليوم لبناء أساس متين للعلاقات بين الصين وأمريكا".

 

يظهر من هذه التصريحات أنه حصل تفاهم بينهما في المواضيع التي أعلنا عنها وهي تتعلق بالناحية الاقتصادية. ومع أنها مهمة اقتصاديا لأمريكا، ولكنها مهمة لها في محاولتها لجذب الصين إليها وإبعادها عن روسيا وفي سياسة الاحتواء التي تعمل لتحقيقها، فتعتبر هذه التفاهمات إغراءات للصين من أجل ذلك.

 

وحاول ترامب أن يعطي انطباعا كأنه لم يعد هناك أي خلاف مع الصين وقد اتفق معها على كل شيء، وذلك ضمن طريقته التي يتبعها في أنه يحقق انتصارات ونجاحات سريعة ليظهر عظمته وهدفه بجعل أمريكا عظيمة مجددا.

 

فهناك أمور سياسية مهمة جدا لم يعلن أنه جرى التطرق إليها في اجتماعهما، مثل العلاقات الروسية الصينية وحرب أوكرانيا ومسألة تايوان وسباق التسلح وتطوير الصواريخ النووية ومسألة التكنولوجيا المتطورة والذكاء الصناعي. وهذه أمور لا تحل في 100 دقيقة ولا في 100 يوم.

 

فأمريكا تريد عقد اتفاقية ثلاثية مع روسيا والصين لمنعهما من تطوير أسلحتهما الاستراتيجية وخاصة الصواريخ النووية الفرط صوتية، فذلك لم تحصل عليه حتى الآن، ولهذا سوف تعمل على تقديم إغراءات للصين كما تقدم إغراءات لروسيا فيما يتعلق بأوكرانيا لعلها تحصل على ذلك.

 

فالصين لا يظهر أنها تريد التنازل عن علاقاتها الوطيدة مع روسيا لحساب أمريكا التي تعمل على ضرب هذه العلاقة وتقرّب الصين إليها، لأنها تدرك أن أمريكا ستغدر بها في المستقبل عندما تتفرد بها، فتبدأ بالضغط عليها في مجالات عديدة. فعلاقات الصين مع روسيا تعتبر سلاحا وورقة رابحة لديها تجاه الضغوطات والتهديدات الأمريكية، ويجبر أمريكا على التفاهم معها على ما تريد.

 

ولا تريد أن تدعم أمريكا في أوكرانيا ضد روسيا، لأن لها مشكلة مشابهة وهي ضم تايوان التي تعمل أمريكا على تعقيدها للحيلولة دون تحقيقه، وقد قبلت بالصين الواحدة منذ عام 1979، والذي يعني ضم تايوان إلى الصين.

 

ولا تريد أن تتنازل في موضوع تطوير الأسلحة الاستراتيجية وخاصة الصواريخ النووية. فهذا الذي يعزز موقفها تجاه أمريكا ولو لم يكن ذلك موجودا لسهل على أمريكا التسلط عليها حتى تدخل عقر دارها وتضرب كيانها وتفكك وحدتها. فأية دولة تريد الاستقلالية التامة في موقفها والمحافظة على كيانها ووحدتها يجب أن تكون لديها أسلحة ترهب العدو.

 

وتلك الاتفاقات الاقتصادية غير مضمونة سرعان ما تنقلب أمريكا عليها، لأن هذا هو طبعها؛ تعلن عن اتفاق في أي مجال، ولكنها سرعان ما تتراجع عنه أو تخرقه وتبرر لنفسها خرقه ونكثه إذا رأت أنه لم يعد يحقق مصالحها أو أنه يمس سيادتها؛ لأن محور سياستها هو مصالحها وسيادتها. ولهذا تسعى لبسط نفوذها في كل مكان وضرب نفوذ الدول الأخرى صديقة كانت أم عدوة.

 

ولهذا تراها تحرض الدول الأخرى على الصين وتعمل على عقد تحالفات ضدها وتعزز قواعدها العسكرية حولها. وخطاب رئيسها ترامب على متن حاملة الطائرات جورج واشنطن وأمام جنوده في اليابان يوم 28/10/2025 قبل قمته مع شي يؤكد ذلك، فيتفاخر منتفخا "لدينا أسلحة لا يملك أحد أدنى فكرة عنها. إنها الأقوى في العالم وأكثر تطورا حتى مما يمتلكه أي طرف آخر". ويهدد بغرور "أية قوة في العالم تريد أن تسبقنا سندمرها". فبعث برسائل تهديد إلى الصين قبل لقاء رئيسها.

 

فمن يتخلى عن أسلحته ويثق بوعود عدوه فهو يسلم نفسه له. فبعد سقوط الاتحاد السوفيتي تخلت كازاخستان عن 1000 صاروخ نووي بسبب وثوق حكامها بروسيا لحمايتهم، وأوكرانيا تخلت عن 1200 صاروخ نووي واثقة بتعهدات أمريكية وروسية للحفاظ على أمنها، فوقعتا فيما وقعتا فيه.

 

ومن هنا يتبين لنا أن ترامب اتجه نحو التفاهم مع الصين، وإظهار أنه نجح في ذلك، جاء بعد فشله في التفاهم مع روسيا. فبعد اجتماعه التمهيدي مع رئيسها بوتين في ألاسكا يوم 16/8/2025 لحل المشاكل العالقة بينهما وعلى رأسها الحرب الأوكرانية، فأراد أن يجتمع معه في المجر الشهر الماضي قبل اجتماعه بالرئيس الصيني في كوريا الجنوبية، ولكنه ألغى هذا الاجتماع لأنه علم عن طريق دبلوماسييه الذين يحضّرون للاجتماع وعلى رأسهم وزير خارجيته الذي أجرى اتصالا هاتفيا متوترا مع نظيره الروسي، أنه لن يحقق مطالبه.

 

وكأن ترامب أراد أن يبعث برسالة إلى روسيا ها نحن اتفقنا مع الصين، وسنتمكن من كسبها وإبعادها عنكم، فما عليكم إلا التفاهم معنا وإلا ستخسرون.

 

ولكن المسائل الخلافية الأصلية بين أمريكا والصين ما زالت عالقة، ولهذا سوف يزور ترامب الصين في نيسان القادم في محاولة للتوصل إلى اتفاق حولها أمام انسداد أفق الحل مع روسيا حاليا، والتي يجب أن تكون فهمت ألاعيب ترامب، إلا إذا رأت من الصين تحركات تشير إلى تباعدها عنها وهذا لم يلاحظ حتى الآن.

 

وهكذا تقوم هذه القوى الشريرة بالتآمر بعضها على بعض وعلى غيرها وخاصة على الأمة الإسلامية، وهذا يتطلب من الأمة أن تقيم دولة الخير دولة الخلافة على منهاج النبوة لتقف في وجهها وتخلص العالم من شرورها.

 

 

بقلم: الأستاذ أسعد منصور

 

المصدر: جريدة الراية

 

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع